منتدى نور الحياة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

شكرا
منتدى نور الحياة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

شكرا
منتدى نور الحياة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى نور الحياة

اخبار . رياضة . فن .فيديو. طب. برامج. موضة. طفل. حوادث. بحث. فيس .بوك . تويتر. يوتيوب. جوجل . ادنس. ربح .نت .افلام . ترانيم . مسرحيات. عظات
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رد على شيخ مسؤول في السعودية حول بعض العقائد المختلف عليها

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3, 4  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
مريم بنت العدرا
نائبة المدير
نائبة المدير
مريم بنت العدرا


عدد المساهمات : 4605
نقاط : 10955
السٌّمعَة : 65
تاريخ التسجيل : 02/08/2012
العمر : 33
الدولة : مصر

رد على شيخ مسؤول في السعودية حول بعض العقائد المختلف عليها Empty
مُساهمةموضوع: رد على شيخ مسؤول في السعودية حول بعض العقائد المختلف عليها   رد على شيخ مسؤول في السعودية حول بعض العقائد المختلف عليها I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 28, 2016 2:43 pm

الأسئلة والرد عليها:


١ - قال القديس أغسطينوس: «أنا مؤمن، لأن ذلك لا يتفق مع العقل، فأي فرق بين المجنون وبين من يلغي عقله»؟


لم تذكر المرجع الذي اقتطعت منه كلمة أغسطينوس، لمراجعتها في ضوء قرائنها. لأنه من السهل على المرء أن يفسر آية عبارة مقتطفة وفقاً لغرضه. وعلى أي حال فالكلمة «إيمان» تفرض على الإنسان قبول الغيبيات، التي لا يستطيع إدراكها بالعقل، وقد جاء في كتاب الله: «وَأَمَّا ٱلإِيمَانُ فَهُوَ ٱلثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَٱلإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى» (عبرانيين ١١: ١). وهذا القول لا يختلف عن تعريف العلماء للإيمان. فقد قالوا أنه التصديق المبني على الشهادة، لا على الحواس. لأن الإيمان هو الثقة بما يرجوه المؤمن، وهو لا يراه فخرج بهذا القيد على ما كان الإنسان حاصلاً عليه، أو ما كان يراه. ولما كان موضوع الإيمان ما يُرجى وما لا يُرى، عرف أنه مبني على شهادة الغير لنا. لا على شهادة حواسنا. وعلى ذلك يكون الإيمان بالله مثلاً، الإيقان بوجود الله، بناء على شهادة أعماله. والإيمان بقيامة الموتى، هو اليقين المبني على هادة الله في كتابه. والإيمان بالسماء التي نرجوها ولا نراها، هو الإيقان بوجودها بناء على شهادة الكتب الموحى بها.
١ - إننا نؤمن بحوادث تاريخية بناء على شهادة المؤرخين وبالحقائق العلمية بناء على شهادة العلماء. وبخبر الخلق والسقوط والفداء، بناء على شهادة الوحي، وفقاً لنص الكتاب المقدس القائل: «بِٱلإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ ٱلْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ» (عبرانيين ١١: ٣). وكذلك كل التعاليم عن الحياة الأبدية، والتجديد والتبرير والتقديس، والاتحاد بالمسيح، والقيامة والدينونة في اليوم الأخير، فإن هذه كلها قبلت بناء على شهادة الله.
٢ - إن الكتاب المقدس يعرف الإيمان كذلك. فالعهد الجديد سمي شهادة يسوع، ويسوع في الواقع لم يأت فيلسوفاً، بل شاهداً، بدليل قوله للرئيس اليهودي نيقوديموس: «اَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّنَا إِنَّمَا نَتَكَلَّمُ بِمَا نَعْلَمُ وَنَشْهَدُ بِمَا رَأَيْنَا، وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَ شَهَادَتَنَا» (يوحنا ٣: ١١). وقول يوحنا المعمدان لليهود: «اَلَّذِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ ٱلْجَمِيعِ، وَمَا رَآهُ وَسَمِعَهُ بِهِ يَشْهَدُ، وَشَهَادَتُهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْبَلُهَا. وَمَنْ قَبِلَ شَهَادَتَهُ فَقَدْ خَتَمَ أَنَّ ٱللّٰهَ صَادِقٌ» (يوحنا ٣: ٣١ - ٣٣).
وكذلك رسل المسيح كانوا شهوداً، إذ عينهم المسيح للشهادة، حين قال لهم: «لٰكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُّوَةً مَتَى حَلَّ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَٱلسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى ٱلأَرْضِ» (أعمال الرسل ١: ٨).
وكان أعظم ما اعترض به على الرسل في بلاد اليونان، أنهم لم ينادوا بتعاليم كقضايا تقبل البرهان، ولا بينوا الأسس الفلسفية لتعاليمهم، ولا ثبتوها ببراهين عقلية. وقد أجاب رسول الجهاد العظيم بولس على هذا الاعتراض، فقال: إن الفلسفة التي هي حكمة البشر، لا تبلغ القضايا العظمى المتعلقة بالله وبأعماله، وبالخطية والفداء، وهي جهالة بالنسبة لأمور الله. وقال أيضاً إن الحقائق التي علمها لم تكن من حقائق العقل. بل من الإعلان، ويجب أن نصدقها، لا بناء على المبادئ العقلية أو الفلسفية، بل شهوداً. وأنهم لم يبرهنوا الأمور الروحية بكلام الحكمة الإنسانية، وإنما نادوا بمشورات الله. وأن الإيمان بالتعاليم الموحى بها، يجب أن يكون مبنيّاً على شهادة الله الصادقة، لا على حكمة الإنسان.
ومن الأدلة على تعليم الكتاب في الإيمان أنه التصديق بناء على الشهادة، أمره لنا بأن نؤمن بخبر الوحي بأمور الفداء إذ يقول: «مَنْ لاَ يُصَدِّقُ ٱللّٰهَ فَقَدْ جَعَلَهُ كَاذِباً، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِٱلشَّهَادَةِ ٱلَّتِي قَدْ شَهِدَ بِهَا ٱللّٰهُ عَنِ ٱبْنِهِ. وَهٰذِهِ هِيَ ٱلشَّهَادَةُ: أَنَّ ٱللّٰهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ هِيَ فِي ٱبْنِهِ» (١ يوحنا ٥: ١٠ - ١١). ولا يمكن أن يعبر عن تعليم الكتاب بشأن حقيقة الإيمان، بكلام أوضح من هذه الأقوال.
والخلاصة أن موضوع الإيمان، هو إعلان الله، وأساسه شهادة الله. فمن قبل هذه الشهادة فقد ختم أن الله صادق. ومن يرفضها يجعله كاذباً، وهذا أشهر أنواع الكفر.
فإذا قبلنا شهادة الناس فشهادة الله أعظم. هذا تعليم الكتاب المستمر، والأساس الذي نبني عليه إيماننا، ليس هو موافقة الحق المعلن لعقولنا وحسب، ولا تأثيره في حواسنا، ولا كفايته للقيام بحاجات طبيعتنا وأحوالنا، بل مجرد كونه كلام الله. وله هذا الختم: «هكذا قال الرب».
ويتضح كذلك تعريف الكتاب المقدس للإيمان، من أمثلة الإيمان فيه، فإن الله وعد أبوينا الأولين على أثر السقوط بأن نسل المرأة (يسوع) يسحق رأس الحية (إبليس) والإيمان بهذا الوعد مبني على شهادة الله.
ولما أنذر نوح بمجيء الطوفان وأمره الله بأن يبني ويعد الفلك، آمن ليس لأنه رأى علامات بمجيء الطوفان، لا لأن عقله برهن له أن الإله العادل مزمع على أن ينتقم لشريعته من الناس على هذا الأسلوب، بل بناء على شهادة الله فقط.
وكذلك وعد الله إبراهيم بأن امرأته العقيم سارة ستلد له وارثاً إذ نقرأ في الكتاب العزيز: «بِٱلإِيمَانِ سَارَةُ نَفْسُهَا أَيْضاً أَخَذَتْ قُدْرَةً عَلَى إِنْشَاءِ نَسْلٍ، وَبَعْدَ وَقْتِ ٱلسِّنِّ وَلَدَتْ، إِذْ حَسِبَتِ ٱلَّذِي وَعَدَ صَادِقاً» (عبرانيين ١١: ١١) فبحسب الظاهر، هذا القول مخالف للعقل كما نرى في الخبر، حيث قيل: «وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ شَيْخَيْنِ مُتَقَدِّمَيْنِ فِي ٱلأَيَّامِ، وَقَدِ ٱنْقَطَعَ أَنْ يَكُونَ لِسَارَةَ عَادَةٌ كَٱلنِّسَاءِ» (تكوين ١٨: ١١). أي إن سارة كانت قد تجاوزت التسعين عاماً من العمر، وفات الزمان الذي فيه تحمل النساء وتلد. ومع أن الأمر غير معقول حسب الطبيعة، إلا أن سارة آمنت، وبالنظر إلى كونها شريكة إبراهيم في إيمانه، ولدت بقدرة الله اسحق في شيخوختها.
وبناء على ذلك يصح تعريف الإيمان بأنه تصديق الحق، بناء على الشهادات. وإيمان المسيحيين، بما فيهم أغسطينوس هو الاقتناع بصدق الحوادث والتعاليم المدوّنة في الكتاب المقدس بناء على شهادة الله.

٢ - من أعطى المجامع حق ترشيح عيسى ومريم وروح القدس للألوهية؟ وإن كان لها هذا الحق في ذلك، أفلا يكون لها حق عزلهم من الألوهية وترشيح غيرهم؟ وحق إصدار القرارات بعصمة البابا، وبمنح الكنيسة حق الغفران والحرمان؟



قبل الرد على السؤال، أذكرك بقول القرآن: «وَلاَ تَجَادِلُوا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» (سورة العنكبوت ٢٩: ٤٦). فأنت في طرح سؤالك على هذه الصورة، خرجت على مبدأ الكياسة التي ألزم القرآن بها كل مسلم أما الرد على السؤال فهو:
أ - إن المسيحية لا تؤله مريم، والآن اسمح لي بأن أهمس في أذنك بأنك بسؤالك هذا لم تكتشف أمراً مهماً، فقد ورد هذا السؤال في القرآن هكذا: «وَإِذْ قَالَ ٱللَّهُ يَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ ٱللَّهِ» (سورة المائدة ٥: ١١٦). وقد نشأ هذا السؤال من وجود أهل بدعة عند ظهور الإسلام. وهم أناس وثنيون، حاولوا الالتصاق بالكنيسة، فنادوا ببدعة مفادها أن مريم العذراء آلهة. ويقول المؤرخون أنهم استعاضوا بها عن الزهرة، التي كانوا يعبدونها قبلاً. وقد أطلقوا على أنفسهم اسم المريميين. وأشار إليهم العلامة أحمد المقريزي في كتابه «القول الإبريزي» صفحة ٢٦. وذكرهم ابن حزم في كتابه «الملل والأهواء والنحل» صفحة ٤٨. ولكن هذه البدعة بعيدة كل البعد عن المسيحية، وليس من مسيحي واحد يؤمن بها. وقد انبرى العلماء المسيحيون زمنئذ لمقاومة هذه الضلالة بكل الحجج الكتابية والعقلية. ولم ينته القرن السابع، حتى كانت قد تلاشت تماماً.
وبالمناسبة أود أن أذكّر الصديق السائل بأن الإسلام لم يخل من أهل بدع التصقوا به، وعددهم يبلغ العشرات، أذكر منهم:

  • السبانية: أتباع عبد الله بن سبأ، وهم يعتقدون بأن علي بن أبي طالب إله. ولما عاقبهم حرقاً بالنار، قالوا الآن علمنا أنك إله. لأن الإله هو الذي يعذب بالنار.
  • الشيطانية: أتباع محمد بن نعمان الملقب بشيطان الطاق. ومن ممارساتهم الدينية، أنهم يكرمون الشيطان.
  • الجناحية: أصحاب عبد الله بن معاوية ويعتقدون بأن الأئمة الاثني عشر آلهة، وبأن روح الله كانت في آدم ثم تناسخت حتى صارت في صاحبهم عبد الله المذكور الملقب بذي الجناحين.
  • البزيغة: أصحاب بزيغ بن موسى، وكانوا يقولون بأن جعفر الصادق هو الله وإنما تشبه للناس بصورة إنسان.
  • الحائطية: وهم أتباع أحمد بن حائط. ومن تعاليمهم أن للخلق إلهين، أحدهما خالق والآخر مخلوق.
  • المزدارية: وهم أتباع عيسى بن صبح، الملقب بالمزدار. ومن أقوالهم: أن الله قادر على أن يكذب ويظلم وقالوا أن القرآن مخلوق، وأن بلاغته وفصاحته لا تعجزان الناس، بل يقدرون على الإتيان بمثله. وفرق أخرى متعددة لا يتسع مجال هذه الرسالة لذكرها كلها. فهل الإسلام مسؤول عن وجود هذه الفرق المبتدعة، وبالتالي هل وجودها يشكل طعناً في الديانة الإسلامية؟

ب - إن كلمة «ترشيح» لا تصح على يسوع المسيح لأن الألوهية منزهة عن الترشيح، ولو كره الصديق الناقد، الخارج على كياسة الإسلام. فالمسيح إله حق من إله حق. وهو أعلن ذلك، وقد سمعته الجماهير، وقرأ شهادته الملايين من البشر على اختلاف درجاتهم وعقلياتهم، حكماء وفلاسفة وبسطاء، وعلماء كبار وصغار، فاشرأبت أعناقهم وفتحوا قلوبهم وعيونهم، قبل آذانهم، لاستيعاب ما يفيض من أقوال مجيدة عن نفسه، يستمعونه بإعجاب وتعظيم.
وقال أحد الكتاب الكبار الألمان: لو كان المسيح مجرد معلم، لكان كلامه عن نفسه وتوجيه أنظار الناس إليه والإيمان به ثالباً لصفاته... ولكن بما أنه مخلّص العالم، كان من الضروري والواجب المحتوم، أن يشدد المسيح في الكلام عن نفسه، والإشارة إلى شخصيته العجيبة، لكي يؤمن الناس به. لأن الذي يؤمن به، يخلص.
قال القمص سرجيوس: ومن عجب المسيح ودلالة تفرده عن البشر قاطبة، إننا حين نطالع الإنجيل نجد أن المسيح، أينما ذهب وأينما حل تقوم الأسئلة الكثيرة وتدور حوله. وكان موقف الناس بإزائه عبارة عن علامة استفهام. فكان كلما تكلم، وكلما عمل يكون موضوع سؤال الناس.
قالوا عندما سمعوه يتكلم ورأوه يعمل: «مِنْ أَيْنَ لِهٰذَا هٰذِهِ ٱلْحِكْمَةُ وَٱلْقُّوَاتُ؟ أَلَيْسَ هٰذَا ٱبْنَ ٱلنَّجَّارِ؟... مَا هٰذَا؟ مَا هُوَ هٰذَا ٱلتَّعْلِيمُ ٱلْجَدِيدُ؟ لأَنَّهُ بِسُلْطَانٍ يَأْمُرُ حَتَّى ٱلأَرْوَاحَ ٱلنَّجِسَةَ فَتُطِيعُهُ!» (متّى ١٣: ٥٤ و٥٥ ومرقس ١: ٢٧). وكثير وكثير من الأسئلة قامت عليه.
فما هذه الأسئلة حوله؟ أليست دليلاً على أن المسيح شخص عجيب، لم يكن كغيره من البشر، وأن هناك فارقاً عظيماً بينه وبين الناس، يشعر به كل من يراه ويسمعه؟
إن شهادة المسيح لنفسه، ما كانت لتقوم لولا أنه إله وليس مجرد بشر لأن الله وحده هو الذي يشهد لنفسه، أما كون المسيح خارقاً للطبيعة، فهذا واضح من تصريحاته:
[list=orderedlist]
[*]السلطان: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي ٱلسَّمَاءِ وَعَلَى ٱلأَرْضِ» (متّى ٢٨: ١٨).
[*]الوحدة الإلهية: «أَنَا وَٱلآبُ وَاحِدٌ» (يوحنا ١٠: ٣٠). «أَنِّي فِي ٱلآبِ وَٱلآبَ فِيَّ» (يوحنا ١٤: ١١). «اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى ٱلآبَ» (يوحنا ١٤: ٩).
[*]الأزلية: «قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ» (يوحنا ٨: ٥٨). وهذا الإعلان أخطر ما صرح به المسيح لأن الكلمة «أنا كائن» هي ذات اللفظة التي عبر بها الله الآب عن نفسه، حين سأله موسى: بماذا أجيب الشعب إذ سألني من أرسلك إلينا (خروج ٣: ١٢ - ١٤)، وهذا الإعلان يفيد أن المسيح يرى في شخصه ذات الإله القديم، الذي ظهر في العليقة لموسى، على جبل حوريب - قال المسيح للرسول يوحنا، حين ظهر له في جزيرة بطمس: «أَنَا هُوَ ٱلأَلِفُ وَٱلْيَاءُ، ٱلْبَدَايَةُ وَٱلنِّهَايَةُ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ ٱلْكَائِنُ وَٱلَّذِي كَانَ وَٱلَّذِي يَأْتِي، ٱلْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» (رؤيا ١: ٨).
- الألف والياء هما الحرفان الأول والآخر من حروف الهجاء. وهما في الأصل اليوناني الذي كتب به الإنجيل «ألفا وأميغا» وهما يعبران عن أزلية المسيح وأبديته الإله الذي ليس قبله شيء.
الكائن والذي كان والذي يأتي، هذا تصريح بسرمدية المسيح وقوته غير المحدودة.
[*]الله يتكلم في المسيح: قال له المجد: «ٱلْكَلاَمُ ٱلَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي، لٰكِنَّ ٱلآبَ ٱلْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ ٱلأَعْمَالَ» (يوحنا ١٤: ١٠).
[*]وجوده في السماء وعلى الأرض، في حديثه مع الرئيس اليهودي نيقوديموس قال المسيح: «وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ إِلاَّ ٱلَّذِي نَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ، ٱبْنُ ٱلإِنْسَانِ ٱلَّذِي هُوَ فِي ٱلسَّمَاءِ» (يوحنا ٣: ١٣). فهنا نلاحظ أن المسيح يتحدث ليس فقط عن مجيئه من السماء، بل أيضاً عن وجوده الدائم في السماء.
[*]إنه ديان الأحياء والأموات: «وَمَتَى جَاءَ ٱبْنُ ٱلإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ ٱلْمَلاَئِكَةِ ٱلْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ ٱلشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ ٱلرَّاعِي ٱلْخِرَافَ مِنَ ٱلْجِدَاءِ، فَيُقِيمُ ٱلْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَٱلْجِدَاءَ عَنِ ٱلْيَسَارِ. ثُمَّ يَقُولُ ٱلْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا ٱلْمَلَكُوتَ ٱلْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ ٱلْعَالَمِ. لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيباً فَآوَيْتُمُونِي. عُرْيَاناً فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضاً فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوساً فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. فَيُجِيبُهُ ٱلأَبْرَارُ حِينَئِذٍ: يَارَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَاناً فَسَقَيْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيباً فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَاناً فَكَسَوْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ فَيُجِيبُ ٱلْمَلِكُ: ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هٰؤُلاَءِ ٱلأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ. ثُمَّ يَقُولُ أَيْضاً لِلَّذِينَ عَنِ ٱلْيَسَارِ: ٱذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى ٱلنَّارِ ٱلأَبَدِيَّةِ ٱلْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ» (متّى ٢٥: ٣١ - ٤١).
فالمسيح بتصريحه هذا أبان أنه ديان الجميع العادل، وأنه سيأتي بمجد عظيم مع ملائكته، وتكون دينونته قاطعة ونهائية. وقد أصر على هذا التصريح في أثناء محاكمته أمام قيافا رئيس الكهنة لما سأله إن كان هو المسيح ابن الله الحي، فأجاب: «أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضاً أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ ٱلآنَ تُبْصِرُونَ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ ٱلْقُّوَةِ، وَآتِياً عَلَى سَحَابِ ٱلسَّمَاءِ» (متّى ٢٦: ٦٣ - ٦٤).
فلو كان المسيح مجرد إنسان كاذب، لكان حين رأى حكم الموت الذي صدر عليه بسبب هذا الادعاء، تراجع عن تصريحه لينجو من حكم الموت. فكيف يكون إذن مجرد إنسان ويدين كل العالم، حسب عمل كل واحد، خيراً كان أم شراً.
[*]حضوره في كل زمان ومكان: قال لتلاميذه: «وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ ٱلأَيَّامِ إِلَى ٱنْقِضَاءِ ٱلدَّهْرِ» (متّى ٢٨: ٢٠). «لأَنَّهُ حَيْثُمَا ٱجْتَمَعَ ٱثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِٱسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ» (متّى ١٨: ٢٠).
[*]إنه واضع الناموس ومكمله: فقد قال: «قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ ٱلْحُكْمِ... قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى ٱمْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا ٱلشَّرَّ، سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُّوَكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ» (متّى ٥:
[/list]


عدل سابقا من قبل مريم بنت العدرا في الإثنين نوفمبر 28, 2016 2:47 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مريم بنت العدرا
نائبة المدير
نائبة المدير
مريم بنت العدرا


عدد المساهمات : 4605
نقاط : 10955
السٌّمعَة : 65
تاريخ التسجيل : 02/08/2012
العمر : 33
الدولة : مصر

رد على شيخ مسؤول في السعودية حول بعض العقائد المختلف عليها Empty
مُساهمةموضوع: رد: رد على شيخ مسؤول في السعودية حول بعض العقائد المختلف عليها   رد على شيخ مسؤول في السعودية حول بعض العقائد المختلف عليها I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 28, 2016 2:44 pm

أعمال المسيح تشهد بألوهيته:

[list=orderedlist]
[*]إقامة الأموات (لوقا ٧: ١٣ - ١٥، مرقس ٥: ٢٢، يوحنا ١١: ١ - ٢٧).
[*]غفران الخطايا (مرقس ٢: ٥ - ١٢) لأن غافر الخطايا هو الله.
[*]العلم بالخفيات (لوقا ٢٢: ١ - ١٢).
[*]سلطانه على عناصر الطبيعة (لوقا ٨: ٢٢ - ٢٥).
[*]إرساله الروح القدس (يوحنا ١٥: ٢٦).
[*]كونه خالق الكل (كولوسي ١: ١٦).
[/list]

شهادة الآب بألوهيته:

لقد أعلن الآب ذلك بوحيه إلى الأنبياء الذين كتبوا الأسفار المقدسة:
«لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ٱبْناً، وَتَكُونُ ٱلرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى ٱسْمُهُ عَجِيباً، مُشِيراً، إِلَهاً قَدِيراً، أَباً أَبَدِيّاً، رَئِيسَ ٱلسَّلاَمِ» (إشعياء ٩: ٦).
«وَلَكِنْ يُعْطِيكُمُ ٱلسَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا ٱلْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ٱبْناً وَتَدْعُو ٱسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ» (ٱلَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللّٰهُ مَعَنَا)»(إشعياء ٧: ١٤، متّى ١: ٢٣).

شهادة الرسل بألوهيته:

إن شهادة الرسل الذين درسوا الديانة اليهودية، التي تُعلّم التوحيد ذات أهمية كبرى وقد جاءت شهادتهم عن طريق الأثر القوي الفعال الذي انطبع في عقولهم وقلوبهم وضمائرهم من حياة يسوع الفائقة الطبيعة وتعاليمه السماوية وأعماله العجيبة، حتى آمنوا بألوهيته. وفي كل ما كتبوه عن لاهوته وتركوا كل شيء وتبعوه، لم يشعروا بأنهم أتوا أمراً غير عاد أو مخالف لعقيدتهم التوحيدية ففي الأناجيل التي دونوها والرسائل التي كتبوها، نسبوا إليه كل الصفات التي اعتادوا أن يعزوها إلى الله. ذلك لأنهم وجدوا في المسيح ينبوعاً لحياتهم الروحية وفي كرازاتهم المدونة تكلموا عنه كقوة قديرة حاضرة وقد تأكدوا من أزليته ومجده الإلهي قبل أن يتجسد. وخلاصة القول أن أكبر مكابر لا يستطيع أن ينكر أن الرسل والمسيحيين الأوائل عبدوا يسوع كرب. وها هي عينات من شهاداتهم:
مرقس الإنجيلي: هذا التلميذ افتتح إنجيله بالقول «بَدْءُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱبْنِ ٱللّٰهِ» (مرقس ١: ١). وختمه بالقول: «ثُمَّ إِنَّ ٱلرَّبَّ بَعْدَمَا كَلَّمَهُمُ ٱرْتَفَعَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ، وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ ٱللّٰهِ. وَأَمَّا هُمْ فَخَرَجُوا وَكَرَزُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَٱلرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيُثَبِّتُ ٱلْكَلاَمَ بِٱلآيَاتِ ٱلتَّابِعَةِ» (مرقس ١٦: ١٩ - ٢٠).
يوحنا الإنجيلي: افتتح هذا البشير إنجيله بالقول: «فِي ٱلْبَدْءِ كَانَ ٱلْكَلِمَةُ، وَٱلْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ ٱللّٰهِ، وَكَانَ ٱلْكَلِمَةُ ٱللّٰهَ. هٰذَا كَانَ فِي ٱلْبَدْءِ عِنْدَ ٱللّٰهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ» (يوحنا ١: ١ - ٣).
ولقد وردت «الكلمة» في اليونانية - التي هي لغة الإنجيل الأصلية - بلفظة «لوغوس» ومعناها النظام الذي يسود الكون، أو الوسيط بين الله والكون. والذي به خلق الله الكون.
لذلك ألهم يوحنا أن يبين لليهود واليونانيين معنى الكلمة، فقال: في البدء كان الكلمة كلمة البدء هنا تعني الأزل أي أن وجود الكلمة، كان سابقاً لكل وجود.
ولكي يقضي على فكرة القائلين بأن الله لا يمكن أن يتصل بالمادة، قال: «وَٱلْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ ٱلآبِ، مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً» (يوحنا ١: ١٤).
بطرس الرسول: قال هذا الرسول في شهادته أمام جمهور اليهود: «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلإِسْرَائِيلِيُّونَ ٱسْمَعُوا هٰذِهِ ٱلأَقْوَالَ: يَسُوعُ ٱلنَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ ٱللّٰهِ بِقُّوَاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا ٱللّٰهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ، كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ. هٰذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّماً بِمَشُورَةِ ٱللّٰهِ ٱلْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ ٱلسَّابِقِ، وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ. اَلَّذِي أَقَامَهُ ٱللّٰهُ نَاقِضاً أَوْجَاعَ ٱلْمَوْتِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِناً أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ... فَلْيَعْلَمْ يَقِيناً جَمِيعُ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ أَنَّ ٱللّٰهَ جَعَلَ يَسُوعَ هٰذَا، ٱلَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمْ، رَبّاً وَمَسِيحاً» (أعمال ٢: ٢٢ - ٣٦).
بولس الرسول: قال هذا الرسول بإلهام الروح القدس: «لٰكِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةٍ بَيْنَ ٱلْكَامِلِينَ، وَلٰكِنْ بِحِكْمَةٍ لَيْسَتْ مِنْ هٰذَا ٱلدَّهْرِ، وَلاَ مِنْ عُظَمَاءِ هٰذَا ٱلدَّهْرِ، ٱلَّذِينَ يُبْطَلُونَ. بَلْ نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةِ ٱللّٰهِ فِي سِرٍّ: ٱلْحِكْمَةِ ٱلْمَكْتُومَةِ، ٱلَّتِي سَبَقَ ٱللّٰهُ فَعَيَّنَهَا قَبْلَ ٱلدُّهُورِ لِمَجْدِنَا، ٱلَّتِي لَمْ يَعْلَمْهَا أَحَدٌ مِنْ عُظَمَاءِ هٰذَا ٱلدَّهْرِ - لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ ٱلْمَجْدِ» (١كورنثوس ٢: ٦ - ٨).
فيسوع صار في صورة إنسان حين تجسد، وفي الوقت نفسه كان إلهاً لم يعرفه أبناء هذا الدهر. ولو أنهم عرفوا أنه رب المجد لامتنعوا عن صلبه.
وقال في مكان آخر: «لٰكِنْ لَنَا إِلٰهٌ وَاحِدٌ: ٱلآبُ ٱلَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ ٱلأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ، ٱلَّذِي بِهِ جَمِيعُ ٱلأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ بِهِ» (١ كورنثوس ٨: ٦).
وقال في رسالته إلى أهل كولوسي: «شَاكِرِينَ ٱلآبَ ٱلَّذِي أَهَّلَنَا لِشَرِكَةِ مِيرَاثِ ٱلْقِدِّيسِينَ فِي ٱلنُّورِ، ٱلَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ ٱلظُّلْمَةِ وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ٱبْنِ مَحَبَّتِهِ، ٱلَّذِي لَنَا فِيهِ ٱلْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ ٱلْخَطَايَا، ٱلَّذِي هُوَ صُورَةُ ٱللّٰهِ غَيْرِ ٱلْمَنْظُورِ... فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ ٱلْكُلُّ: مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى ٱلأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشاً أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاَطِينَ. ٱلْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ. اَلَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِيهِ يَقُومُ ٱلْكُلُّ» (كولوسي ١: ١٢ - ١٧).
وقال أيضاً: «اُنْظُرُوا أَنْ لاَ يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِٱلْفَلْسَفَةِ وَبِغُرُورٍ بَاطِلٍ، حَسَبَ تَقْلِيدِ ٱلنَّاسِ، حَسَبَ أَرْكَانِ ٱلْعَالَمِ، وَلَيْسَ حَسَبَ ٱلْمَسِيحِ. فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ ٱللاَّهُوتِ جَسَدِيّاً. وَأَنْتُمْ مَمْلُوؤُونَ فِيهِ، ٱلَّذِي هُوَ رَأْسُ كُلِّ رِيَاسَةٍ وَسُلْطَانٍ» (كولوسي ٢: ٨ - ١٠).
قال رجل الله ستانلي جونس: إني أعرف أن لا شيء أسمى وأجدر بالله وبالإنسان من مشابهة يسوع المسيح لأني أعتقد إن كان الله مثل المسيح فهو إله صالح، يمكن الاتكال عليه والثقة فيه، لأن شكوك العالم ليست عن المسيح، بل هي عن الله لأن الناس حين يرون الزلازل تبيد الأبرار والأثمة على السواء. وحين يرون الأطفال يقاسون ألوان العذاب من أمراض مختلفة يتحيرون ويتساءلون أيوجد إله صالح في هذا الكون؟ ولكن الفكر المضعضع المرتاب يلتفت إلى يسوع المسيح بطمأنينة ويقول: إن كان الله مثل هذا فهو إله حق. ونحن كمسيحيين نقول أن الله كذلك فهو كالمسيح في سجيته ونعتقد أن الله هو يسوع المسيح في كل مكان وأن يسوع المسيح هو الله معنا. إنه حياة البشرية.
ولو اجتمع أكبر أصحاب العقول والنفوس بين الناس وشحذوا قرائحهم ليتوصلوا إلى معرفة صفات الإله الذي يودون أن تكون له سيادة الكون، لوجدوا أن صفاته الأدبية والروحية تتخذ صورة شبيهة بصورة يسوع، ومما لا ريب فيه إن أعظم بشارة أعلنت للجنس البشري، هو القول الموحى به من الله: «عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ ٱلتَّقْوَى: ٱللّٰهُ ظَهَرَ فِي ٱلْجَسَدِ» (١ تيموثاوس ٣: ١٦) وإن أعظم ما نستطيع إذاعته على العالم غير المسيحي، هو أن الله الذي تعرفون عنه شيئاً غير جلي، ولم تعرفوا حقيقة صفاته لهو مثل يسوع المسيح وفي يقيني إن كان الله يعطف على الأطفال كما كان المسيح يعطف عليهم ويهتم بالأبرص والمنبوذ والأعمى والمشلول كما كان يسوع يهتم بهم وإن كان قلبه يشبه ذلك القلب الذي انكسر على صليب الجلجثة، فإني لن أحجم عن أن أقدم له قلبي بلا تحفظ».
ج - كلمة ترشيح: لا تنطبق على الروح القدس لأن الروح القدس هو الله وإليك النصوص التي تثبت ذلك:
قال الرب يسوع في حواره مع المرأة السامرية: «وَلٰكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ، وَهِيَ ٱلآنَ، حِينَ ٱلسَّاجِدُونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِٱلرُّوحِ وَٱلْحَقِّ، لأَنَّ ٱلآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هٰؤُلاَءِ ٱلسَّاجِدِينَ لَهُ. اَللّٰهُ رُوحٌ. وَٱلَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَٱلْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا» (يوحنا ٤: ٢٣ - ٢٤).
وقال الرسول بطرس لحنانيا الغاش: «يَا حَنَانِيَّا، لِمَاذَا مَلأَ ٱلشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وَتَخْتَلِسَ مِنْ ثَمَنِ ٱلْحَقْلِ؟ أَلَيْسَ وَهُوَ بَاقٍ كَانَ يَبْقَى لَكَ؟ وَلَمَّا بِيعَ، أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ؟ فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي قَلْبِكَ هٰذَا ٱلأَمْرَ؟ أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى ٱلنَّاسِ بَلْ عَلَى ٱللّٰهِ» (أعمال ٥: ٣ - ٤).
لعل اعتراضك مبني على تعاليم الإسلام، القائلة بأن الروح القدس هو الملاك جبرائيل، الأمر الذي لا تقره المسيحية لأن جبرائيل ملاك مخلوق، بينما الروح القدس إله خالق، بدليل قول الكتاب المقدس:
«رُوحُ ٱللّٰهِ صَنَعَنِي وَنَسَمَةُ ٱلْقَدِيرِ أَحْيَتْنِي» (أيوب ٣٣: ٤).
«تُرْسِلُ رُوحَكَ فَتُخْلَقُ. وَتُجَدِّدُ وَجْهَ ٱلأَرْضِ» (مزمور ١٠٤: ٣٠).
ومن ألقاب الروح القدس الواردة في الكتاب المقدس روح الرب - روح المسيح - روح الله القدوس - الروح القدس - روح الحق - روح القداسة وكلها تدل على أنه الله نفسه.
د - عصمة البابا: نحن رعايا الكنائس الإنجيلية المصلحة، خارج سلطة البابا. لذلك فالأصلح لك أن تطرح سؤالك على أحد أتباعه.
هـ - حق الكنيسة في الحرمان والغفران: ليس في تعليم الإنجيل ما يُسمى بالحرمان، بل هنالك تعليم يقضي بعزل الخاطي عن شركة المؤمنين إلى أن يتوب. فإذا تاب ورجع إلى الله، تعلن الكنيسة قبوله مجدداً في الشركة. وهذا التعليم مبني على الوصايا الرسولية التالية:
«وَأَمَّا ٱلآنَ فَكَتَبْتُ إِلَيْكُمْ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ مَدْعُّوٌ أَخاً زَانِياً أَوْ طَمَّاعاً أَوْ عَابِدَ وَثَنٍ أَوْ شَتَّاماً أَوْ سِكِّيراً أَوْ خَاطِفاً، أَنْ لاَ تُخَالِطُوا وَلاَ تُؤَاكِلُوا مِثْلَ هٰذَا... فَٱعْزِلُوا ٱلْخَبِيثَ مِنْ بَيْنِكُمْ» (كورنثوس الأولى ٥: ١١ - ١٣).
«ثُمَّ نُوصِيكُمْ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ، بِٱسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، أَنْ تَتَجَنَّبُوا كُلَّ أَخٍ يَسْلُكُ بِلاَ تَرْتِيبٍ، وَلَيْسَ حَسَبَ ٱلتَّعْلِيمِ ٱلَّذِي أَخَذَهُ مِنَّا» (٢ تسالونيكي ٣: ٦).
أما تعليم الغفران فمبني على وصايا الرب يسوع نفسه، إذ قال:
«اِحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ. وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَوَبِّخْهُ، وَإِنْ تَابَ فَٱغْفِرْ لَهُ. وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي ٱلْيَوْمِ وَرَجَعَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي ٱلْيَوْمِ قَائِلاً: أَنَا تَائِبٌ فَٱغْفِرْ لَهُ» (لوقا ١٧: ٣ - ٤).
«وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَٱذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا. إِنْ سَمِعَ مِنْكَ فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ، فَخُذْ مَعَكَ أَيْضاً وَاحِداً أَوِ ٱثْنَيْنِ، لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ٱلْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَٱلْوَثَنِيِّ وَٱلْعَشَّارِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى ٱلأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطاً فِي ٱلسَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى ٱلأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي ٱلسَّمَاءِ» (متّى ١٨: ١٥ - ١٨).
وقال الرسول يعقوب معقباً على هذا التعليم: «أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ، إِنْ ضَلَّ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ عَنِ ٱلْحَقِّ فَرَدَّهُ أَحَدٌ، فَلْيَعْلَمْ أَنَّ مَنْ رَدَّ خَاطِئاً عَنْ ضَلاَلِ طَرِيقِهِ يُخَلِّصُ نَفْساً مِنَ ٱلْمَوْتِ، وَيَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ ٱلْخَطَايَا» (يعقوب ٥: ١٩ - ٢٠).
و - وإذا كان لها الحق في ذلك أفلا يكون لها حق عزل من ألهتهم وترشيح آلهة أخرى؟
هذا القسم من السؤال يحمل معنى الاستهزاء، ونحن لا نتعامل مع المستهزئين وفقاً للتعليم النبوي القائل: «طُوبَى لِلرَّجُلِ ٱلَّذِي لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ ٱلأَشْرَارِ، وَفِي طَرِيقِ ٱلْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ، وَفِي مَجْلِسِ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ» (مزمور ١: ١).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مريم بنت العدرا
نائبة المدير
نائبة المدير
مريم بنت العدرا


عدد المساهمات : 4605
نقاط : 10955
السٌّمعَة : 65
تاريخ التسجيل : 02/08/2012
العمر : 33
الدولة : مصر

رد على شيخ مسؤول في السعودية حول بعض العقائد المختلف عليها Empty
مُساهمةموضوع: رد: رد على شيخ مسؤول في السعودية حول بعض العقائد المختلف عليها   رد على شيخ مسؤول في السعودية حول بعض العقائد المختلف عليها I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 28, 2016 2:45 pm

٣ - هل وقع الصلب على أقنوم واحد دون بقية الأقانيم؟

إنه لمما يدعو للعجب أن يتقدم مسلم يتلو القرآن بسؤال كهذا، لأن القرآن نفسه نقل إلينا رواية اليهود عن صلب يسوع المسيح. إذ يقول: «وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ» (سورة النساء ٤: ١٥٧).
فالصلب وقع على الأقنوم الثاني لله، بناء على عهد الفداء بين الآب والابن. لأجل خلاص البشر. وهو من الأمور الخارجة عن إدراكنا وبما أن تعليم الفداء وارد في الكتاب المقدس وجب علينا قبوله. بدون الظن إننا قادرون أن نصل إلى ما يحيط به من أسرار الله. نعم، إننا نؤمن بإله واحد، أي كائن واحد له جميع الصفات الإلهية ولكن في اللاهوت ثلاثة أقانيم. هم جوهر واحد، ومتساوون في القدرة والمجد. ومن المحتملات التابعة شخصية كل من الأقانيم الثلاثة إمكان عقد عهد، بين أقنوم وآخر من الأقانيم، وإرسال أقنوم لغاية ما واتضاع أقنوم واحد تحت سلطان أقنوم ويمكن الواحد أن يحب الآخر، ويخاطبه ويرسله فيمكن الآب مثلاً أن يرسل الابن. ويعطيه عملاً ليعمله غير أن تحليل هذا الموضوع فوق إدراكنا. ولكن بما أن الكتاب المقدس علمه، وجب أن يكون قسماً من الإيمان المسيحي.
ويذكر الرسول بولس، أن عهد الفداء بين الآب والابن. كان مكتوماً منذ الأزمنة الأزلية في العقل الإلهي (رومية ١٦: ٢٥). وقال الرسول المغبوط في هذا الصدد: «وَأُنِيرَ ٱلْجَمِيعَ فِي مَا هُوَ شَرِكَةُ ٱلسِّرِّ ٱلْمَكْتُومِ مُنْذُ ٱلدُّهُورِ فِي ٱللّٰهِ خَالِقِ ٱلْجَمِيعِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ» (أفسس ٣: ٩، كولوسي ١: ٢٦).
والمسيح نفسه ذكر أن المواعيد بالفداء كانت قبل تجسده وأنه أتى إلى العالم لإجراء ما فوض له. وكل هذا يصدق على ما جرى بين الآب والابن. وأن تعبير الكتاب المقدس عن ذلك، هو أن الآب عين للابن عمل الفداء وأرسله إلى العالم. لكي يعمله وهذا العمل العظيم لزم المسيح:
[list=orderedlist]
[*]أن يتخذ طبيعتنا ويولد من امرأة ويوجد في الهيئة كإنسان، بحيث يكون عظماً من عظمنا ولحماً من لحمنا. أو كما قال الكتاب: «مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ رَحِيماً، وَرَئِيسَ كَهَنَةٍ أَمِيناً فِي مَا لِلّٰهِ حَتَّى يُكَفِّرَ خَطَايَا ٱلشَّعْبِ. لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّباً يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ ٱلْمُجَرَّبِينَ» (عبرانيين ٢: ١٧ - ١٨). «لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ. فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ ٱلنِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْناً فِي حِينِهِ» (عبرانيين ٤: ١٥ - ١٦).
[*]أن يولد تحت الناموس (غلاطية ٤: ٣)، وأن يتعهد باختياره أن يكمل كل بر بطاعته للناموس طاعة كاملة، في جميع صوره، التي فرضت على الإنسان (متّى ٥: ١٧ - ١٨).
[*]أن يقدم كفّارة كافية لأجل خطايا العالم، مقدماً نفسه ذبيحة عن خطايا العالم (إشعياء ٥٣: ١ - ١٢، ٢ كورنثوس ٥: ٢١، غلاطية ٣: ١٣، أفسس ٥: ٢) ولكي يتم ذلك التزم أن يعيش على الأرض، وأن يحتمل ما احتمله من الحزن والألم، والعار بالموت على الصليب.
[/list]
أما من جهة الآب، فقد وعد بأن يهيء له جسداً، أي يعد له مسكناً كجسد آدم، لكنه منزه عن الفساد ولا عيب فيه (عبرانيين ١٠: ٥). وأن يعطيه الروح القدس مسانداً، وأن يملأ كل طبيعته البشرية من النعمة والقوة، وأن يكون دائماً عن يمينه لكي يعضده في ساعات جهاده ضد قوات الظلمة، وأن يسحق الشيطان تحت قدميه، وأن يدفع إليه كل سلطان في السماء وعلى الأرض (متّى ٢٨: ١٨، فيلبي ٢: ٦ - ١٨، يوحنا ٥: ٢٢). وأن يفوض إليه إرسال الروح القدس، لأجل تجديد المؤمنين وتنويرهم وإرشادهم وتعزيتهم وتقديسهم (يوحنا ١٥: ٢٦، ١٦: ١٣، ١٧: ٢، ٧: ٣٩، أعمال ٢: ٣٣). وأن يتمجد الآب نفسه به، ويظهر بواسطته وفيه وفي كنيسته الصفات الإلهية الكاملة أمام أعين جميع الناس والخلائق العاقلة فيرى من تعب نفسه ويشبع (أفسس ١: ١٢، إشعياء ٥٣: ١١).

الفداء مشورة إلهية:

يثبت الكتاب المقدس أن عمل الخلاص بالفداء، جرى بمقتضى قصد سابق أو مشورة في ذهن الخالق. وهو يدعوه نظراً إلى إعلانه التام في وقت مجيء المسيح «تَدْبِيرِ مِلْءِ ٱلأَزْمِنَةِ (وتدبير الله) «لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي ٱلْمَسِيحِ» (أفسس ١: ١٠) والسر المكتوم في الله خالق الجميع بيسوع المسيح الذي غاية الإنجيل العظيمة إعلانه. والذي قصد به إعلان حكمة الله المتنوعة بواسطة الكنيسة للرؤساء والسلاطين (أفسس ٣: ٩ - ١١).
ومقتضيات الخلاص الإلهي بالفداء ثلاثة:
[list=orderedlist]
[*]اختيار أو تعيين الغاية التي قصد إتمامها.
[*]إعداد الوسائط الموافقة لذلك الإتمام.
[*]استعمال الوسائط أو إجراؤها فعلاً لنوال الغاية المقصودة ولا ريب في أن هذه المقتضيات تمت عند إنفاذ الله لعمل الفداء بموجب مشورته السابقة ومما يؤيد ثقتنا في قضاء الله الأزلي في الخلاص وإجرائه فعلاً بحكم النظام. ما نراه في دائرة المخلوقات الطبيعية من احكام النظام لأن كل من له إلمام بالعلوم الطبيعية، يرى علامات الترتيب والإتقان في كل دائرة الطبيعة. فإن أجرام السماوات مثلاً، تظهر لعين الجاهل خليط نجوم لا نظام لها لكنها تظهر لعين الفلكي ذات منهاج سام وترتيب عجيب أي أن لكل الكواكب المنيرة الشاسعة أماكن معينة ومحاور ثابتة على أحسن إتقان. لا يعارض أحدها الآخر، بل يُساق بموجب الأنظمة، التي وضعت بحكمة الباري فالخالق له المجد، رب نظام وقضاء سابق في كل أعمال خليقته. فإذا كان الله يأتي ذلك في أعماله في الطبيعة فبالأولى جداً أن يأتيه في ما هو أسمى منها، أي في العلم الروحي الخاص بنصيب البشر بحيث لا يترك فيه شيئاً للاتفاق لذلك أوضح الكتاب المقدس نظام الله في أعمال النعمة، ولم يقتصر على القول بأنه عز وجل يرى الغاية من البداءة، بل زاد على ذلك بعمل كل شيء حسب رأي مشيئته كما هو مكتوب في أفسس ١: ١١.
[/list]
ولا يخفى أنه إذا كان فداء الإنسان هو بحسب قضاء سابق يحيط بتدبير معين ورسم خاص، وجب أن يهمنا إدراك ذلك إدراكاً صحيحاً بواسطة مطالعة الكتاب المقدس والوقوف على كل تعاليمه في هذا الشأن، والبحث في اختيار البشر في الأمور الروحية، والتوصل إلى شهادة ذلك الاختبار بحقيقة عمل الفداء، كما هو جار في خلاص المؤمنين في كل الأزمنة.
وما من شك في أن الحاجة إلى الخلاص حاجة عامة لدى جميع الناس قال العالِم كويني سمسون لا شيء أسهل من إثبات تهمة الخطية على الجنس البشري. وقال الرسول بولس: «ٱلْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ ٱللّٰهِ» (رومية ٣: ٢٣). وقبله قال داود النبي: «ٱلْكُلُّ قَدْ زَاغُوا مَعاً، فَسَدُوا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً، لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ» (مزمور ١٤: ٣). وقال إشعياء النبي: «كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ» (إشعياء ٥٣: ٦).
فإن كان للخلاص هذا الأثر وهذه الخطورة في حياة الإنسان وأبديته، فمن اللازم أن نسأل عن طبيعته ومعناه ومدلوله المحدد والمنضبط وفي كلمة، من الواجب أن نسأل ما هو الخلاص؟ مما ينبغي أن نخلص؟ ومن الواضح تماماً، أن المسيحية هي دين الخلاص، أولاً وأخيراً ومؤسسها وبانيها، لقبه الأول والأشهر «يسوع المسيح مخلّص العالم». وأن الخلاص كما هو واضح من رسالة الإنجيل، هو خلاص الإنسان من الخطية فقد قال ملاك الله عن مريم العذراء: «فَسَتَلِدُ ٱبْناً وَتَدْعُو ٱسْمَهُ يَسُوعَ، لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ» (متى ١: ٢١). ووصف يوحنا المعمدان يسوع بالقول: «هُوَذَا حَمَلُ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ ٱلْعَالَمِ» (يوحنا ١: ٢٩). ويسوع قال عن نفسه: «لأَنَّ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» (لوقا ١٩: ١٠). وجاء في الكلمة الرسولية بفم بولس: «صَادِقَةٌ هِيَ ٱلْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُولٍ: أَنَّ ٱلْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى ٱلْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ ٱلْخُطَاةَ ٱلَّذِينَ أَّوَلُهُمْ أَنَا» (١ تيموثاوس ١: ١٥).
ويعلّم الكتاب المقدس أن خلاص الإنسان يقوم أساساً على الفداء. إذن الخلاص ليس مجرد فلسفة، بل هو حقيقة لا محيض عنها لرفع الخطية وكل نظرية لا تقوم على تصحيح هذا الوضع، تعتبر نظرية باطلة وغير سليمة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مريم بنت العدرا
نائبة المدير
نائبة المدير
مريم بنت العدرا


عدد المساهمات : 4605
نقاط : 10955
السٌّمعَة : 65
تاريخ التسجيل : 02/08/2012
العمر : 33
الدولة : مصر

رد على شيخ مسؤول في السعودية حول بعض العقائد المختلف عليها Empty
مُساهمةموضوع: رد: رد على شيخ مسؤول في السعودية حول بعض العقائد المختلف عليها   رد على شيخ مسؤول في السعودية حول بعض العقائد المختلف عليها I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 28, 2016 2:49 pm

٤ - لماذا كان عيسى مسؤولاً عن خطية آدم حسب زعمكم، ومطالباً بالتكفير عنها؟

من المسلم به أن أحداً لا يستطيع خدمة الحقيقة إلا إذا سمى الأشياء بأسمائها الحقيقية. وعلى هذا الأساس أراني ملزماً بأن أذكرك بأن اسم المسيح هو يسوع وليس عيسى هكذا قال ملاك الرب جبرائيل لأمه مريم العذراء: «وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ٱبْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هٰذَا يَكُونُ عَظِيماً، وَٱبْنَ ٱلْعَلِيِّ يُدْعَى» (لوقا ١: ٣١ - ٣٢).
يعلّم الكتاب العزيز أن الله خلق الإنسان على صورته في البر وقداسة الحق. وعاهده عهد الحياة على شرط الطاعة الكاملة لوصاياه. وهاك النص كما ورد في سفر التكوين «فَخَلَقَ ٱللّٰهُ ٱلإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ ٱللّٰهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. وَبَارَكَهُمُ... وَأَخَذَ ٱلرَّبُّ ٱلإِلٰهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا. وَأَوْصَى ٱلرَّبُّ ٱلإِلٰهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ ٱلْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتاً تَمُوتُ» (تكوين ١: ٢٧ - ٢٨، ٢: ١٥ - ١٧).
وعاش آدم ردحاً من الزمن في فردوس الله في حالة من الطهر. متمتعاً بشركة روحية مع الرب الإله. وهذه الشركة الروحية كانت تملأ قلب آدم وفكره بالسعادة.
كان آدم بسيطاً وفي البساطة قرب من قلب الله. وكان وديعاً وفي الوداعة مسحة من روح الله وكان مؤمناً والإيمان هو اليد التي تتناول بركات الله وكان باراً وفي البر قبس من نور الله. ومع ذلك فقد سمح الله بأن يمتحن آدم. وكان موضوع الامتحان، هل يحتفظ آدم بمكانه من الطاعة والولاء لله؟ كان هناك وصية والوصية حداً بين ما يحق لآدم وبين ما يمنعه عليه. وبكلمة أخرى كان قصد الله من السماح بامتحانه أن يتعلم أبو البشر بأن هناك فاصلاً بين الحلال والحرام وأنه لإثم أن يتعدى هذا الفاصل وقد جعل كل هذا بأسلوب رمزي ميسور في ثمر الشجرة الممتنعة على آدم.
وسهولة الامتحان ظهرت في التجربة التي جاءت من الشيطان فهذا الغاوي تقدم من حواء في ناصح تهمه مصلحة الأبوين الأولين. وقد بادر حوار بسؤال بسيط في ظاهره، ولكنه مبطن بالخداع.
«أَحَقّاً قَالَ ٱللّٰهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ ٱلْجَنَّةِ؟» (تكوين ٣: ١).
وكأن الماكر يقول هل من المعقول أن الله الذي خصكما بكل هذا الحب، وأحاطكما بكل هذه العناية، ووفر لكما كل هذه السعادة يمنعكما من أن تأكلا من كل أشجار الجنة الموهوبة لكما..
أُخذت حواء بالكلام الماكر، الذي صاغ به الشيطان سؤاله. فغشيها شيء من الشك في صلاح وصية الله وفي ظل الشك أجابت:
«مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ ٱلْجَنَّةِ نَأْكُلُ، وَأَمَّا ثَمَرُ ٱلشَّجَرَةِ ٱلَّتِي فِي وَسَطِ ٱلْجَنَّةِ فَقَالَ ٱللّٰهُ: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ لِئَلاَّ تَمُوتَا» (تكوين ٣: ٢ - ٣).
لاحظ كيف أن حواء لما اعتراها الشك، زورت كلام الله بأن زادت عليه كلمة «لا تمساه» وهذه الزيادة أوقعتها في مخالفة فظيعة، وهي تقويل الله ما لم يقله. ولكي يزيدها الشرير شكاً في صلاح الله وحق وصيته أردف قائلاً:
«لَنْ تَمُوتَا! بَلِ ٱللّٰهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَٱللّٰهِ عَارِفَيْنِ ٱلْخَيْرَ وَٱلشَّرَّ» (تكوين ٣: ٤ و٥).
كان لكلام الغاوي لون المنطق المقنع بأن الله لأجل منعها ورجلها من مساواته في المعرفة، قيدهما بتحذير يبدو أنه غير صادق. فاجتاح الشك قلب حواء. ولم تلبث أن استجابت لغواية عدو الخير وللمرة الأولى رأت حواء «أَنَّ ٱلشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ، وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ، وَأَنَّ ٱلشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ، وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضاً مَعَهَا فَأَكَلَ» (تكوين ٣: ٦).
وهكذا سقط الأبوان الأولان. سقطت المرأة لأنها شكت في أمانة الله وصلاح وصيته، ولأنها أرادت أن تماثل الله بالمعرفة. ولم تكتف بكسر الوصية الإلهية، بل أشركت رجلها معها، فنقض عهده مع الله، وتعدى حدوده، والخطية هي التعدي (١ يوحنا ٣: ٤). ولما كانت أجرة الخطية هي موت (رومية ٦: ٣٣)، وقع المخالفان تحت قصاص الله، وفقاً لإنذاره تعالى يوم تأكل منها موتاً تموت (تكوين ٢: ١٧). ومعنى الموت هنا ليس انحلال الجسد في القبر، بل هو موت النفس بخلودها في العذاب الأبدي.
سقط آدم فوقع تحت طائلة الدينونة، فقال الله له «مَلْعُونَةٌ ٱلأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِٱلتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكاً وَحَسَكاً تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ ٱلْحَقْلِ. بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزاً حَتَّى تَعُودَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ» (تكوين ٣: ١٧ - ١٩).
بعد هذا طرده الرب الإله من جنة عدن مع امرأته، فهاما على وجههما يضربان في الأرض بأتعاب وآلام ثم أنجبا نسلاً وكان نسلهما بالطبع مطروداً فاقداً ميراثه بالفردوس وبديهي أن يأتي نسلهما ضعيفاً رازحاً تحت ثقل العصيان الموروث. على أرض لعنت بسبب الإنسان.
في الواقع إنّ الأبوين الأولين لم يصبحا بعد سقوطهما خاطئين وحسب، بل مورثين للخطية أيضاً، كما هو مكتوب: «بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ ٱلْخَطِيَّةُ إِلَى ٱلْعَالَمِ، وَبِٱلْخَطِيَّةِ ٱلْمَوْتُ، وَهٰكَذَا ٱجْتَازَ ٱلْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ ٱلْجَمِيعُ» (رومية ٥: ١٢). وإنه لمن العبث أن يُقال إن خطية آدم لم تنحدر إلينا. وأن كل إنسان يولد بقدرة كاملة على اختيار الخير والشر. إذ لا أثر لخطية أبويه فيه. وأنا لا أدري كيف جاز لأصحاب هذا الرأي أن يجزموا بهذا الأمر هكذا بينما حقيقة كتاب الله تناقضهم، وتسد عليهم الطريق وعملياً ألم يكن آدم نائباً عن الجنس البشري حين تعاهد مع الله عهد الحياة؟ بلى. لأن كل الوعود التي أعطاها الله له، كانت له ولنسله وعندما لفظ الحكم عليه، لعنت الأرض لهم كما لعنت له وكتب لهم أن يأكلوا خبزهم بعرق وجههم كما كتب له وتسلط الموت عليهم، كما تسلط عليه. وأيضاً أوجاع الولادة التي كتبت على حواء قصاصاً ما زالت تعانيها كل بنت من بناتها وقد أدرك الفيلسوف الكبير أبو العلاء المعري هذه الحقائق فقال:

هذا جناه أبي عليّوما جنيت على أحد

وكيف يجوز أن نسلم بآثار الوراثة العميقة في الحياة، في شتى وجوهها، ولا نسلم بالميراث الآتي إلى الإنسان من خطية أبويه الأولين؟ إن اختبارات البشر في كل جيل وعصر لتصرح في فزع مستمر مع داود النبي: «هَئَنَذَا بِٱلإِثْمِ صُّوِرْتُ وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي» (مزمور ٥١: ٥).
قال العالم الانكليزي الشهير هاكسلي: لا أعلم أن هناك دراسة انتهت إلى نتيجة تعسة للنفس كدراسة تطور الإنسانية فمن وراء ظلام التاريخ تبين أن الإنسان خاضع لوضع فيه يسيطر عليه بقوة هائلة إنه فريسة واهنة عمياء لدوافع تقوده إلى الخراب، وضحية لأوهام لا نهائية، جعلت كيانه العقلي هماً ثقيلاً، وأفنت جسده بالغموم والمتاعب ومنذ آلاف السنين لا يزال هو هو، يقاتل ويضطهد ويعود ليبكي ضحاياه، ويبني قبورهم. وهل يحتاج أحد إلى هذه الشهادات الصارخة الآتية عبر التاريخ لكي يلمس هذه الحقيقة؟ ألا يكفي أن ينظر الإنسان إلى أعماق نفسه، ويتحسس ميوله ونزواته ليعلم أن ناموس الخطية ساكن فيه.
يكفي أن نلقي نظرة على المجتمع البشري، لنلمس هذه الحقيقة عند كل إنسان وهي أن الجميع «فَسَدُوا وَرَجِسُوا بِأَفْعَالِهِمْ. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً» (مزمور ١٤: ١). وقد وصفهم إشعياء النبي بالقول: «أَعْمَالُهُمْ أَعْمَالُ إِثْمٍ، وَفِعْلُ ٱلظُّلْمِ فِي أَيْدِيهِمْ. أَرْجُلُهُمْ إِلَى ٱلشَّرِّ تَجْرِي وَتُسْرِعُ إِلَى سَفْكِ ٱلدَّمِ ٱلّزَكِيِّ. أَفْكَارُهُمْ أَفْكَارُ إِثْمٍ. فِي طُرُقِهِمِ ٱغْتِصَابٌ وَسَحْقٌ. طَرِيقُ ٱلسَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ، وَلَيْسَ فِي مَسَالِكِهِمْ عَدْلٌ» (إشعياء ٥٩: ٦ - ٨). ووصف إرميا النبي القلب البشري بأنه «اَلْقَلْبُ أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ» (إرميا ١٧: ٩).
في الواقع إنّ وجود الخطية في حياة كل إنسان أمر لا يجهله أحد لأن فساد الطبيعة البشرية ظاهر للحس في عجز الإنسان عن حفظ الناموس الأدبي من تلقاء نفسه، حتى بتوبته الذاتية. فهذه عرضة للفشل، إن كانت لا تلقى معرفة الروح القدس، مما يؤكد خلو النفس البشرية من البر الأصلي الذي كان لآدم قبل السقوط.
يكفي أن نلقي نظرة عابرة على تاريخ الجريمة عبر الأجيال لكي نجد الدليل الحاسم على فقدان الإنسان طبيعة الصلاح وأخذه طبيعة الفساد وأول ما ظهرت طبيعة الفساد الموروثة كان في جريمة القتل الأولى، التي اقترفها قايين بن آدم بحق أخيه هابيل. ولماذا قتله؟ أليس لأنه كان شريراً؟ ولماذا يخاصم أحدنا الآخر، أليس لأن طبيعة الشر متأصلة فينا؟ ولماذا تحارب أمة أمة أخرى، أليس بفعل شر الأفراد حينما يتكتلون؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مريم بنت العدرا
نائبة المدير
نائبة المدير
مريم بنت العدرا


عدد المساهمات : 4605
نقاط : 10955
السٌّمعَة : 65
تاريخ التسجيل : 02/08/2012
العمر : 33
الدولة : مصر

رد على شيخ مسؤول في السعودية حول بعض العقائد المختلف عليها Empty
مُساهمةموضوع: رد: رد على شيخ مسؤول في السعودية حول بعض العقائد المختلف عليها   رد على شيخ مسؤول في السعودية حول بعض العقائد المختلف عليها I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 28, 2016 2:51 pm

أجرة الخطية:

جاء في الكلمة الرسولية أن «أُجْرَةَ ٱلْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ» (رومية ٦: ٢٣). وجاء في الكلمة النبوية أن «اَلنَّفْسُ ٱلَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ» (حزقيال ١٨: ٢٠).
فآدم وحواء حين سقطا ماتا الموت الروحي، الذي هو الانفصال عن حياة الله. قال العالم كلونيوس: إن نوع الموت المشار إليه هنا يعرف من نقيضه، أي نوع الحياة التي سقط منها. والواقع أن آدم وحواء، انفصلا عن الله بنتيجة سقوطهما وفقدا الشركة الروحية الجميلة الحلوة المقدسة مع خالقهما المحب. وكذلك في الانفصال عن حياة الله، فقدا ذلك الشوق المقدس للمثول في حضرة الله «عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ ٱلنَّهَارِ، فَٱخْتَبَأَ آدَمُ وَٱمْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ ٱلرَّبِّ ٱلإِلٰهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ ٱلْجَنَّةِ» (تكوين ٣: ٨). اختبئا لأن أول عواقب السقوط الخجل، وهما قبل كل شيء اجتهدا لستر جسديهما وأن ثانيهما الخوف، وهما هربا واختبئا. هكذا نقرأ في الكتاب العزيز «آثَامُكُمْ صَارَتْ فَاصِلَةً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِلَهِكُمْ، وَخَطَايَاكُمْ سَتَرَتْ وَجْهَهُ عَنْكُمْ» (إشعياء ٥٩: ٢).
رهيب هو هذا الحكم «لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت». ولكن هل ضاع الأمل، هل مات الرجاء بعودة الإنسان إلى فردوسه الضائع، وبرجوع طهارته المفقودة؟ كلا إن الرجاء لم يمت، لأن الله محب كما هو عادل، وبالحب وهب للأبوين الأولين الشفاء وبعث في قلبهما الرجاء. فبينما هما مختبئان نادى الرب الإله آدم، وقال له «أين أنت» (تكوين ٣: ٩). الاستفهام هنا للتوبيخ، فكأنه تعالى قال يا آدم لماذا هربت مني، بعد أن كنت تسرع إليّ مسروراً بلقائي؟
فأين كنت وإلى أين صرت؟ نعم. هكذا فتشت محبة الله الغنية بالرحمة عن الإنسان، الذي خلقه الله على صورته كشبهه، ودبرت أمر خلاصه فكانت فكرة الفداء.

محبة الله تتدخل:

لما كان الله فائق الكمال في كل صفاته، ومن كمالاته الفائقة العدل والصدق. وبما أن عدله وصدقه لا ينكفئان، حكم على تعدي الإنسان بالموت الأَبدي قصاصاً. ولكن كما أن لله عدلاً وصدقاً لا ينكفئان، له أيضاً محبة لا تنكفئ محبة عجيبة، لا تعرف الحدود في الغفران. وهذه المحبة العجيبة شملت الإنسان بغناها في الرحمة، وفقاً لقوله له المجد «مَحَبَّةً أَبَدِيَّةً أَحْبَبْتُكِ، مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ أَدَمْتُ لَكِ ٱلرَّحْمَةَ» (إرميا ٣١: ٣). هذه المحبة المتفاضلة جداً، دبرت خلاص الإنسان الضعيف بالفداء ليحيا وفقاً لقوله له المجد «حَيٌّ أَنَا يَقُولُ ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ، إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ ٱلشِّرِّيرِ، بَلْ بِأَنْ يَرْجِعَ ٱلشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا» (حزقيال ٣٣: ١١).
وبكلمة أخرى أن الكتاب المقدس يعلّم بأن الله عادل وفضله الأدبي يحمله على معاقبة كل خطية. فإيفاء المسيح الذي يحصل المغفرة للخطيئة قدم للعدل الإلهي الترضية وغايته الأصلية الجوهرية، ليس التأثير الأدبي في المذنبين أنفسهم. ولا العمل التعليمي في غيرهم من الخلائق العاقلة بلا الإيفاء لما يطلبه العدل. حتى يكون الله عادلاً إذا برّر الخاطئ.
قال المحامي الشهير سيرجنت برنتس في ختام دفاعه عن أحد المتهمين قرأت في كتاب ما أن الله في مشورته الأزلية سأل العدالة والحق هل أخلق الإنسان؟ فأجابت العدالة كلا، لأنه سيدوس جميع شرائعك وسننك ونظمك. وقال الحق لا تخلقه لأنه سيكون قبيحاً وسيسعى دائماً وراء الباطل متكلماً بالكذب. حينئذ قالت المحبة أنا أعلم أن هذا سيكون ولكني مع شر الإنسان وفساده. سأتولى أمره وسأسير به خلال الطرق المظلمة إلى أن آتي به إليك.
أجل يا صديقي إنّ الله في البدء خلق الإنسان على أحسن تقويم ولكن الإنسان لم يثبت في كماله، بل سقط واندفع وراء الباطل ولكن محبة الله تأنت عليه، ولم تشأ أن يهلك. فدبرت له خلاصاً كاملاً شاملاً أبدياً بيسوع المسيح. وقد دعانا سؤالك إلى التأمل في هذا الخلاص الكامل الشامل الأبدي، لنرى حاجة الإنسان إليه بل لنرى ضرورته وحتميته عند الله. ونعرف السبيل إليه، وما هي آثاره في حياة الإنسان الحاضرة والأبدية. لعلنا ندرك نظرة المسيحية الكاملة للفداء.
حين نتلو رواية التكوين التي أوحي بها إلى رجل الله موسى، ونتأمل في ما صنعه الله لستر عري آدم وحواء نلمس الحقيقة بقول الكتاب العزيز: «وَصَنَعَ ٱلرَّبُّ ٱلإِلٰهُ لآدَمَ وَٱمْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا» (تكوين ٣: ٢١). هذا يدل على أن الحيوانات ذبحت في الفردوس ولم يتحقق نصاً أن الإنسان كان يتخذ لحوم البهائم طعاماً. إلا بعد الطوفان ولم يكن طعامه قبلاً سوى البقول والأثمار وسائر الأطعمة النباتية. ولم يكن بكر من ذبيحة، قبل أن تدخل الخطية الأرض فإن كانت تلك الجلود من جلود البهائم، ثبت أن الله علم آدم على أثر سقوطه في الخطية أن لا مغفرة بدون سفك دم وبهذا رسم عهد الذبائح الكفّارية، التي مورست في ما بعد في العهد القديم، وكانت رمزاً إلى حمل الله يسوع، الذي بذبيحة نفسه يرفع خطية العالم.
وإننا لنعلم من الكتاب المقدس أن ذبيحة الدم التي قدمها هابيل، لم تكن إلا ظلاً للفداء العتيد، وعملاً يتفق مع فكر الله بل أنها من وحيه وإلهامه (تكوين ٤: ٤). وكذلك الكبش الذي أعطاه الله لإبراهيم ليفدي به ابنه اسحق، لم يكن إلا رمزاً للفداء العظيم الذي أعده الله منذ الأزل بذبيحة المسيح العتيدة (تكوين ٢٢: ١ - ١٤). وأيضاً خروف الفصح الذي أمر الله موسى وشعبه أن يقدموه في مصر، لم يكن إلا رمزاً بارزاً لفصح عهد النعمة الجديد، الذي فيه ذُبح يسوع المسيح (تكوين ١٢: ١ - ٤٢) بدليل قول رسول الأمم بولس «لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضاً ٱلْمَسِيحَ قَدْ ذُبِحَ لأَجْلِنَا» (١ كورنثوس ٥: ٧).
وإذا راجعنا التاريخ نرى أن أتقياء العهد القديم، عاشوا آلاف السنين في ظل الناموس، الذي أعطي لموسى وهذا الناموس أتاح لهم التكفير عن خطاياهم، بواسطة قرابين من الذبائح الحيوانية وثمار الأرض. إلا أن أحكامه الصارمة كانت توقع العقوبات على كل متعد.
حين خرج نوح من الفلك، نهاه الله عن أكل الدم (تكوين ٩: ٤). وسبب هذا النهي ظاهر من آية ناموس موسى، بها تتبين طريقة القرابين الدموية والقصد منها. وهي «وَكُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمِنَ ٱلْغُرَبَاءِ ٱلنَّازِلِينَ فِي وَسَطِكُمْ يَأْكُلُ دَماً، أَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّ ٱلنَّفْسِ ٱلآكِلَةِ ٱلدَّمَ وَأَقْطَعُهَا مِنْ شَعْبِهَا، لأَنَّ نَفْسَ ٱلْجَسَدِ هِيَ فِي ٱلدَّمِ، فَأَنَا أَعْطَيْتُكُمْ إِيَّاهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ لِلتَّكْفِيرِ عَنْ نُفُوسِكُمْ، لأَنَّ ٱلدَّمَ يُكَفِّرُ عَنِ ٱلنَّفْسِ» (لاويين ١٧: ١٠ - ١١).
فقصد الكتاب المقدس من الذبيحة هو تقديم نفس لله عن نفس أخرى مدنسة بالخطايا، كتقديم حياة حيوان بريء عن حياة الإنسان المذنب الذي يقدمه. وهذا ظاهر من قول الله لأليفاز التيماني: «قَدِ ٱحْتَمَى غَضَبِي عَلَيْكَ وَعَلَى كِلاَ صَاحِبَيْكَ، لأَنَّكُمْ لَمْ تَقُولُوا فِيَّ ٱلصَّوَابَ كَعَبْدِي أَيُّوبَ. وَٱلآنَ فَخُذُوا لأَنْفُسِكُمْ سَبْعَةَ ثِيرَانٍ وَسَبْعَةَ كِبَاشٍ وَٱذْهَبُوا إِلَى عَبْدِي أَيُّوبَ وَأَصْعِدُوا مُحْرَقَةً لأَجْلِ أَنْفُسِكُمْ، وَعَبْدِي أَيُّوبُ يُصَلِّي مِنْ أَجْلِكُمْ لأَنِّي أَرْفَعُ وَجْهَهُ لِئَلاَّ أَصْنَعَ مَعَكُمْ حَسَبَ حَمَاقَتِكُمْ» (أيوب ٤٢: ٧ - ٨).
والذبائح التي يأمر بها ناموس موسى على أنواع مختلفة غير أنها كلها لا تخلو من التكفير بالدم، الذي هو المقصود من وضعها بدليل قول الرسول: «وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيباً يَتَطَهَّرُ حَسَبَ ٱلنَّامُوسِ بِٱلدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ» (عبرانيين ٩: ٢٢). وقد قال ذلك في شرح الرمز العملي في سفر الخروج حيث يقول: «فَكَتَبَ مُوسَى جَمِيعَ أَقْوَالِ ٱلرَّبِّ. وَبَكَّرَ فِي ٱلصَّبَاحِ وَبَنَى مَذْبَحاً فِي أَسْفَلِ ٱلْجَبَلِ، وَٱثْنَيْ عَشَرَ عَمُوداً لأَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ ٱلٱثْنَيْ عَشَرَ. وَأَرْسَلَ فِتْيَانَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَصْعَدُوا مُحْرَقَاتٍ وَذَبَحُوا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ لِلرَّبِّ مِنَ ٱلثِّيرَانِ. فَأَخَذَ مُوسَى نِصْفَ ٱلدَّمِ وَوَضَعَهُ فِي ٱلطُّسُوسِ. وَنِصْفَ ٱلدَّمِ رَشَّهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ. وَأَخَذَ كِتَابَ ٱلْعَهْدِ وَقَرَأَ فِي مَسَامِعِ ٱلشَّعْبِ. فَقَالُوا: كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ ٱلرَّبُّ نَفْعَلُ وَنَسْمَعُ لَهُ. وَأَخَذَ مُوسَى ٱلدَّمَ وَرَشَّ عَلَى ٱلشَّعْبِ وَقَالَ: هُوَذَا دَمُ ٱلْعَهْدِ ٱلَّذِي قَطَعَهُ ٱلرَّبُّ مَعَكُمْ عَلَى جَمِيعِ هٰذِهِ ٱلأَقْوَالِ» (خروج ٢٤: ٤ - ٨).
وحين نتأمل في تاريخ الذبيحة عبر كتاب الله، يتضح لنا أن كل الذبائح ترمز إلى المسيح ويلزم عن كون الكهنة الأولين رمزاً إلى ذبيحته عن خطايا العالم. بدليل قول الرسول «لأَنَّ كُلَّ رَئِيسِ كَهَنَةٍ يُقَامُ لِكَيْ يُقَدِّمَ قَرَابِينَ وَذَبَائِحَ. فَمِنْ ثَمَّ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِهٰذَا أَيْضاً شَيْءٌ يُقَدِّمُهُ» (عبرانيين ٨: ٣). وقال أيضاً عن الكهنة اللاويين «وَكُلُّ كَاهِنٍ يَقُومُ كُلَّ يَوْمٍ يَخْدِمُ وَيُقَدِّمُ مِرَاراً كَثِيرَةً تِلْكَ ٱلذَّبَائِحَ عَيْنَهَا، ٱلَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ ٱلْبَتَّةَ أَنْ تَنْزِعَ ٱلْخَطِيَّةَ» (عبرانيين ١٠: ١١). أي أن تلك الذبائح، لا تستطيع ملاشاتها من العالم، وذلك لأن ذبائحهم كانت فقط رمزاً إلى الكفّارة العتيدة بذبيحة المسيح فيجب إذ ذاك مداومتها إلى حين ظهور المرموز إليه المنتظر. وأما ذبيحة المسيح، فلا يلزم أن تعاد. لأنها دمه، وبها نال لنا الفداء الأبدي بدليل قول الرسول: «وَأَمَّا ٱلْمَسِيحُ، وَهُوَ قَدْ جَاءَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ لِلْخَيْرَاتِ ٱلْعَتِيدَةِ، فَبِٱلْمَسْكَنِ ٱلأَعْظَمِ وَٱلأَكْمَلِ، غَيْرِ ٱلْمَصْنُوعِ بِيَدٍ، أَيِ ٱلَّذِي لَيْسَ مِنْ هٰذِهِ ٱلْخَلِيقَةِ. وَلَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُولٍ، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى ٱلأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيّاً. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ دَمُ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ وَرَمَادُ عِجْلَةٍ مَرْشُوشٌ عَلَى ٱلْمُنَجَّسِينَ يُقَدِّسُ إِلَى طَهَارَةِ ٱلْجَسَدِ، فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ لِلّٰهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَالٍ مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا ٱللّٰهَ ٱلْحَيَّ! لأَنَّ ٱلْمَسِيحَ لَمْ يَدْخُلْ إِلَى أَقْدَاسٍ مَصْنُوعَةٍ بِيَدٍ أَشْبَاهِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ، بَلْ إِلَى ٱلسَّمَاءِ عَيْنِهَا، لِيَظْهَرَ ٱلآنَ أَمَامَ وَجْهِ ٱللّٰهِ لأَجْلِنَا. وَلاَ لِيُقَدِّمَ نَفْسَهُ مِرَاراً كَثِيرَةً، كَمَا يَدْخُلُ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ إِلَى ٱلأَقْدَاسِ كُلَّ سَنَةٍ بِدَمِ آخَرَ. فَإِذْ ذَاكَ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَتَأَلَّمَ مِرَاراً كَثِيرَةً مُنْذُ تَأْسِيسِ ٱلْعَالَمِ، وَلٰكِنَّهُ ٱلآنَ قَدْ أُظْهِرَ مَرَّةً عِنْدَ ٱنْقِضَاءِ ٱلدُّهُورِ لِيُبْطِلَ ٱلْخَطِيَّةَ بِذَبِيحَةِ نَفْسِهِ» (عبرانيين ٩: ١١ - ١٤ و٢٤ - ٢٦).
وهذه الحقيقة ظاهرة في الإنجيل فقد قال يوحنا المعمدان حين رأى يسوع: «هُوَذَا حَمَلُ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ ٱلْعَالَمِ» (يوحنا ١: ٢٩). مشيراً بذلك إلى ذبيحة الكفّارة التي بها يكفر المسيح عن خطايانا أمام الرب ويرفعها عنا هكذا قال الرسول يوحنا «وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ ٱلْعَالَمِ أَيْضاً» (١ يوحنا ٢: ٢).
ولئلا يتوهم أحد أن يسوع مات موت شهيد، فقد دفع هو نفسه ذلك الوهم بقوله له المجد: «أَنَّ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ» (متى ٢٠: ٢٨).
هذه الحقيقة أعلنها الله لإشعياء النبي فقال قبل تجسد المسيح بعدة قرون: «وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَٱلرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ، كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى ٱلذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَاّزِيهَا» (إشعياء ٥٣: ٥ - ٧).
وأقوال رسول الأمم بولس في هذا الصدد كثيرة لا يتسع مجال هذه الرسالة لذكرها كلها. منها قوله:
«ٱلَّذِي فِيهِ لَنَا ٱلْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ ٱلْخَطَايَا» (أفسس ١: ٧). ومعنى هذا أنه ليس بتعاليمه وقدوته ننال الفداء والغفران بل بدمه.
«اَلْمَسِيحُ ٱفْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ ٱلنَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ. لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِٱلإِيمَانِ مَوْعِدَ ٱلرُّوحِ» (غلاطية ٣: ١٣ - ١٤). ومعنى هذا أن المسيح بموته على خشبة الصليب اعتبر في نظر الناموس حاملاً اللعنة نيابة عن الإنسان الذي لم يثبت في ما هو مكتوب في كتاب الناموس ليعمل به (غلاطية ٣: ١٠).
«لأَنَّهُ جَعَلَ ٱلَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ ٱللّٰهِ فِيهِ» (٢ كورنثوس ٥: ٢١).
ولا يمكن أن يعبر بعد بأفصح من هذه الآيات، التي تفيد أن المسيح خلصنا من عقاب الناموس باحتماله ذلك العقاب عندما علق على خشبة الصليب ومات عليها. وهذا الموت هو فدية عنا، وتكفير عن خطايانا، إذ به خلصنا من لعنة الناموس. فهذا هو المقصود من ذبيحة الكفّارة.
ولكي يبين الرسول المغبوط بأكثر إيضاح أن فاعلية موت المسيح ليست مجرد فعله في قلوب البشر فعلاً أدبياً في إخضاعها له، وجعلها قلوباً لينة وطيعة، عوضاً عن قساوتها وتكبرها. قال: «ٱلَّذِي قَدَّمَهُ ٱللّٰهُ كَفَّارَةً بِٱلإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ ٱلصَّفْحِ عَنِ ٱلْخَطَايَا ٱلسَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ ٱللّٰهِ. لإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي ٱلّزَمَانِ ٱلْحَاضِرِ، لِيَكُونَ بَارّاً وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ ٱلإِيمَانِ بِيَسُوعَ» (رومية ٣: ٢٥ - ٢٦).
فكل كلمة من هذه الآية، تستدعي إمعان النظر، إذ تعلمنا:
[list=orderedlist]
[*]أنّ الله قدم يسوع المسيح ذبيحة كفّارة للجميع.
[*]أنّ هذه الكفّارة، ينالها كل فرد من أفراد البشر بإيمانه الشخصي فقط، فهي تضع أساساً للجميع للتبرير، إذا آمنوا بالمسيح يسوع.
[*]أنّ الله يظهر برّه بذبيحة الكفّارة. فإظهار الرحمة للخطاة والبر المشار إليه هنا من الصفات الحُسنى الخاصة بالله، وليس هو بمعنى التبرير الذي يهبه الله للمؤمن، كما يظهر من القرينة، وهي «لِيَكُونَ بَارّاً وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ ٱلإِيمَانِ بِيَسُوعَ» فإن هذه العبارة تنفي احتمال ذلك المعنى وتثبت إرادة العدل بالبر للزومه عند اعتباره إله الناموس وديان العالم.
[*]أنّ ذبيحة الكفّارة ضرورية لإظهار رحمة الله، مع عدم مخالفة مقتضيات عدله فلو أظهر الله رحمته للخطاة بلا ذبيحة الكفّارة، لم يكن باراً، بدليل قول الرسول أن الله قدّم يسوع كفّارة ليكون باراً ويبرر من هو من الإيمان بيسوع ولم تكن ضرورية لجعل الله رحيماً بتغيير طبيعته لأنه لا يتغير بل هو هو، أمس واليوم وإلى الأبد. وما استفدناه من شهادته تعالى، التي هي أساس الكتاب المقدس. هو أن المسيح قدم نفسه للآب، ليحمل لعنة الناموس الإلهي عن الخطاة وهو لابس طبيعة البشر، وأن الله قبل تقدمه حاسباً إياها كفؤاً لعدله. فيغفر لجميع الذين يؤمنون بيسوع المسيح بدون أن يشين جلاله الأقدس أو يثلم ناموسه الأدبي بشيء.
[/list]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رد على شيخ مسؤول في السعودية حول بعض العقائد المختلف عليها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 4انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3, 4  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» بشرة صحية!! كيف تحصلين عليها؟
» 99 صفة يحبها الرجل في زوجته اتعرفى عليها
» تساقط الرموش ونصائح للحفاظ عليها
» مشاكل قصر النظر وطرق التغلب عليها
» أسئلة يسألها المسلمين والرد المسيحي عليها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى نور الحياة  :: المنتديات المسيحية العامة - Christian public forums :: معلومات دينية-
انتقل الى: