لم يكن تجسد ابن الله هدفًا في ذاته بل كان وسيلة لتحقيق أهداف عظمى وهي:فداء الإنسان
إذ بذل أقنوم الابن جسده فداءً عن الإنسان الساقط.
تجديد خلقة الإنسان
إذ جاء ابن الله الكلمة المتجسد ليتحد بطبيعتنا الساقطة، ويقيمها من ضعفها ويجددها.. بل ويُعيد خلقتها لتصير طبيعة مُقدسة.
تعليم الإنسان الفضيلة والكمال وتقديم المثل الأعلى.
إذ أتى أقنوم الابن وعلّم الإنسان الفضيلة والكمال، ليس بكلامه فقط بل بشخصيته أيضًا، فعاش كاملاً، مقدمًا مثلاً وقدوة يسير عليها المؤمنون.
لأن الله غير قابل للموت بلاهوته.. أخذ جسدًا قابلاً للموت فيه ذاق الموت من أجل الجميع.
لماذا يفدينا؟
- خلق الله الإنسان على صورته ومثاله.. "وقالَ اللهُ: "نَعمَلُ الإنسانَ علَى صورَتِنا كشَبَهِنا، فيَتَسَلَّطونَ علَى سمَكِ البحرِ وعلَى طَيرِ السماءِ وعلَى البَهائمِ، وعلَى كُل الأرضِ، وعلَى جميعِ الدَّبّاباتِ التي تدِبُّ علَى الأرضِ" (تك1: 26).
- وبدأ الله يفكر في هذا المخلوق الذي يريد أن يعمله على صورته وشبهه.. "وجَبَلَ الرَّبُّ الإلهُ آدَمَ تُرابًا مِنَ الأرضِ، ونَفَخَ في أنفِهِ نَسَمَةَ حياةٍ. فصارَ آدَمُ نَفسًا حَيَّةً" (تك2: 7). بهذه النفخة التي نفخها الله لتعطي الحياة للإنسان طبع الله صورته فينا وسكن فينا بروحه الذي يحبنا ويجعلنا ننمو كل يوم في القداسة على صورة الله.
- "ليس جَيدًا أنْ يكونَ آدَمُ وحدَهُ، فأصنَعَ لهُ مُعينًا نَظيرَهُ" (تك2: 18).. استيقظ آدم فوجد حواء بجانبه وشعر بمحبة عظيمة نحوها.
- "هذِهِ الآنَ عَظمٌ مِنْ عِظامي ولَحمٌ مِنْ لَحمي" (تك2: 23).. أعطى الله آدم السلطان على كل الخليقة.. ثم سقط آدم بمخالفته الوصية.
آدم أيها المحبوب..
إنك مخلوق من تراب،
وكان يمكن أن تظل ترابًا،
لكنني أردت أن أخلقك لأمتعك بالوجود معي.
لقد خلقت الحيوانات يا آدم بلا عقل أو حرية،
ولكنني أحبك لذلك أعطيتك من عقلي ومن حريتي ومن إرادتي،
لأني خلقتك رجلاً محبوبًا.
- بعد سقوط آدم و حواء.. صنع لهم الله أقمصة من الجلد "ذبح حيوان" "الدم".. فكرة الذبيحة النائبة عن المخطئ وضعت من ذلك الوقت.
- فكر الله في خلاص الإنسان الذي أخطأ وطُرد من الجنة.. كيف ومتى.. لقد أخذ العدل الإلهي مجراه فطُرد آدم من حضرة الله القدوس وسرى عليه حكم الموت الأبدي.
ما هو قدر خطية آدم؟
إنها غير محدودة.. لماذا؟ لأن الخطية تقدر بشخصية المخطئ إليه.
فمثلاً: لو أخطأ إنسان في حق ابنه، يكون الخطأ بسيطًا فيمكن إصلاحه بالاعتذار.
بينما نفس الخطأ لو حدث مع صديق فيكون الصلح أصعب.
ولو حدث مع الرئيس في العمل يكون أصعب وأصعب وقد يحتاج تدخل الآخرين.
ولكن ما رأيك لو حدث نفس الخطأ مع رئيس الدولة؟ بلا شك ستكون هذه الإهانة موجهة للدولة ككل.
وقد يقع مرتكب هذا الخطأ تحت حكم السجن مدى الحياة.
هنا نتأمل خطية أبونا آدم..
كم هي معقدة وغير محدودة!! لأنها موجهة ضد الله الغير محدود. هذه الخطية توارثها جميع أبناء آدم ولم يفلت منها أحد.. وبما أن خطية آدم وجهت لله الغير محدود أصبحت خطية غير محدودة.. لذلك وجب أن الذي يفي العدل الإلهي ويخلص آدم يكون كائن غير محدود.
ولأن الخطية التي وجهت لله كان المخطئ فيها إنسان له جسد.. أصبح الذي يفي عدل الله لأبد أن يكون له جسد.
ولأن الإنسان بطبيعته التي أفسدها أصبح طبيعة خاطئة يحمل الخطية في كل شيء، ولأن فاقد الشيء لا يعطيه.. فكيف يفي الإنسان الخاطئ أو يفدي الإنسان الخاطئ إنسانًا آخر خاطئ مثله.. فلابد الذي يفديه يكون بلا خطية..
لذا وجب شروط للفادي الذي يفدى الإنسان:
شروط الفادي
- كائن ذو طبيعة بشرية... له جسد.
- كائن غير محدود.
- بلا خطية.
مَنْ يفدي آدم؟
- رئيس ملائكة!!
- نبي أو رئيس أنبياء!!
- إنسان!!
اللاهوت لا يموت..
لذلك لازم يأخذ جسد قابل للموت..
لذلك وجب تجسد الابن الوحيد.
لذلك لزم أن يكون كائنًا غير محدود بلا خطية، ذو طبيعة بشرية وطبيعة قابلة للموت.
مَنْ هذا الكائن غير.. الإله المتجسد.. السيد المسيح!
لذلك وجب نزول الأقنوم الثاني، وحلوله في بطن السيدة العذراء، وتكوين جسد له بحلول الروح القدس فى بطنها، وخروجه من بطنها..
إلهًا متجسدًا..
إلهًا آخذًا صورة إنسان.
الراهب القس بطرس البراموسي