لماذا صعد السيد المسيح؟
قد يتساءل البعض، لماذا صعد السيد المسيح إلى السماء بعد أربعين يومًا من قيامته من الأموات؟ ولماذا لم يبقَ في وسط تلاميذه على الأرض يشجعهم ويقويهم ويرشدهم ويقودهم إلى حين نهاية العالم؟
1 -: لأن السيد المسيح قد جاء من السماء، كان ينبغي أن يصعد إلى السماء.
بمعنى أن الصعود هو إثبات على ألوهية السيد المسيح وولادته من الآب قبل كل الدهور بحسب ألوهيته، وأنه هو نفسه الله الكلمة الذي صار جسدًا في ملء الزمان من أجل خلاصنا.
"خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم وأيضًا أترك العالم وأذهب إلى الآب" (يو16: 28).
لهذا قال المزمور "صعد الله بتهليل، والرب بصوت البوق" (مز46: 5).
"أنتم من أسفل أما أنا فمن فوق. أنتم من هذا العالم أما أنا فلست من هذا العالم" (يو8: 23).
2 -: أراد السيد المسيح أن يرُدْ إلى الإنسان كرامته بعد طرده من الفردوس حينما أخطأ الإنسان الأول.
لقد طُرِد الإنسان الأول من الفردوس حينما خالف الوصية الإلهية، وجاء السيد المسيح - باعتباره آدم الثاني أو آدم الجديد- وقدّم طاعة كاملة لله الآب. وبهذا استحقت البشرية أن تسترد كرامتها المفقودة في شخص الرب المتجسد يسوع المسيح باعتباره رأس الكنيسة. لقد رفع الله الآب رأسنا حينما استقبل رئيس خلاصنا بكل الفرح في الأمجاد السمائية.
"أقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح" (أف2: 6).
3 - : صار السيد المسيح باكورة الداخلين إلى الأمجاد السمائية، كما كان باكورة للراقدين بقيامته المجيدة من الأموات.
لقد صار السيد المسيح بجسده الخاص باكورة ومتقدمًا في كل شيء بالنسبة للكنيسة التي هي جسده الاعتباري.
صار سابقًا لنا في قيامته التي لا يقوى عليها الموت وعربونًا للحياة الأبدية التالية.
ولهذا صار أيضًا سابقًا لنا في صعوده إلى أعلى السماوات وفي دخوله إلى الأقداس التي نصبها الرب لا إنسان
"دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوَجَد فداءً أبديًا" (عب9: 12).
لهذا قال لتلاميذه: "أنا أمضى لأعد لكم مكانًا وإن مضيت وأعددت لكم مكانًا آتى أيضًا وآخذكم إلىّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا" (يو14: 2، 3).
4 -: أراد السيد المسيح أن يؤكد فكرة الملكوت السمائي.
أي أن الحياة الأبدية بعد القيامة هي في السماء وليست على الأرض. ولكي نُدرك أن "ليس لنا هنا مدينة باقية، لكننا نطلب العتيدة" (عب13: 14).
أراد أن يجعلنا نشتاق إلى السماء.. إلى حياة الوجود مع الآب السماوي وأن نشعر بغربتنا هنا على الأرض، متذكرين قوله المبارك: "حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا" (مت 6: 21).
5 -: كان في صعود السيد المسيح إلى السماء جسديًا إثبات أن التقدمة التي قدّمها على الصليب نيابة عن البشرية قد قُبلت أمام الآب السماوي.
أي أن الصعيدة التي قُدمت على الصليب كان ينبغي أن تصعد إلى الآب، ليكون ذلك علامة منظورة على قبول الآب وسروره بها.
6 -: أراد السيد المسيح أن يوجّه تلاميذه إلى أحضان الآب السماوي. أي إلى إيجاد علاقة حب ودالة وصلاة بينهم وبين الآب.
كانت كل طلبات التلاميذ منحصرة في السيد المسيح أثناء وجوده وسطهم. وأراد بصعوده إلى السماء أن يجعلهم يطلبون من الآب مباشرة باسم المسيح.
"في ذلك اليوم تطلبون باسمي ولست أقول لكم إني أنا أسأل الآب من أجلكم لأن الآب نفسه يحبكم لأنكم قد أحببتموني، وآمنتم أنى من عند الله خرجت" (يو16: 26، 27).
7 - : أراد السيد المسيح أن يربط تلاميذه بعلاقة وثيقة مع الروح القدس ليتذوّقوا محبته ومواهبه وينقادوا به
"لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله" (رو8: 14).
أعطاهم السيد المسيح وعدًا بأن يرسل لهم الروح القدس الذي هو روح الحق .
وقال: "ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم" (أع 1: . وقال لهم: "متى جاء المعزى.. روح الحق.. فهو يشهد لي وتشهدون أنتم أيضًا لأنكم معي من الابتداء" (يو15: 26، 27).
8- : كان من الضروري أن يصعد السيد المسيح ليأتي لنا الروح القدس المعزى ومكث معنا إلى الأبد
قال السيد المسيح لهم: "أنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيًا آخر ليمكث معكم إلى الأبد" (يو14: 16).
"خير لكم أن أنطلق (أي أصعد) لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى" (يو16: 7).
9 - : كان من الضروري أن يصعد السيد المسيح ويمارس خدمته الشفاعية الكفارية
كرئيس كهنة في المقادس السمائية لكي يشفع كل حين فينا أمام الآب ولكي يرسل الآب موعد روحه القدوس الذي يعمل في الكنيسة بالأسرار الإلهية لننال الخلاص والمغفرة.
10- : كان من الضروري أن يصعد السيد المسيح ليعد لنا مكاناً فى السماء
وقال: "أنا أمضى لأعد لكم مكانًا" (يو14: 2).