أكدت دراسة علمية أن الإنسان الكريم الذى يداوم على مساعدة الأخرين أقل عرضه لمخاطر الموت و أن صفة الكرم تحمى الإنسان من كثير من الأمراض و بذلك تجعله يتمتع بصحة جسميه وعقلية قوية و بالتالى يتمتع بعمر أطول. و كجزء أساسى من هذه الدراسة قام الباحثون بطرح عدة أسئلة على المتطوعين لمعرفة كم من الوقت يكرسونه فى مساعدة الأخرين و إذا ما قد مروا بضغوط نفسية فى حياتهم حديثأً.
ومن المدهش أن نتائج الدراسة أظهرت أن من عانوا من ضغوط نفسية و عصبية هم أكثر عرضه لمخاطر الموت بينما هؤلاء الذين مروا بضغوط نفسية و عصبية لكن كانوا يمضوا بعض الوقت فى مساعدة الأخرين هم أقل عرضه لمخاطر الموت.
ما معنى هذا؟ عند ترجمة هذه النتائج يتضح أن مساعدة الأخرين تعتبر نوع من أنواع المقاومة الطبيعية الفعالة ضد الأثار السلبية للضغوط النفسية. إذن مساعدة الأخرين هى وسيلة فعالة لتحسين قدرتنا العقلية و الجسمية و بالتالى تقلل من مواجهتنا لمخاطر الموت.
و بالنسبة للباحثين فهم يؤكدون أن هذه الدراسة مفيدة لأنها تلقى الضوء على العلاقات الإجتماعية المفيد و الفعالة لكل من الصحة النفسية والعقلية. و يؤكد الباحثون و العاملون على هذه الدراسة أن كون الدراسة وصفية و ليست تجريبية فيمكن أن يكون هناك التباس فى تققيم المتغيرات التى تفسر العلاقة بين مساعدة الآخرين، والإجهاد والوفيات. و أكد هؤلاء الباحثون أنهم قد و ضعوا فى الاعتبار بعض المتغيرات المحتملة مثل العلاقة بين الصحة و الأداء، و الصحة و السلوك،و الصحة النفسية ،و سمات الشخصية، والمشاركة الاجتماعية، وتلقى الدعم الاجتماعى.وقد خَلُصَ الباحثون إلى أن قيمة مساعدة الأخرين على وجه التحديد ذات علاقة وطيدة بانخفاض نسبة الوفيات لأنها تعتبر مخزن لتعويض السلبيات التى تنتج عن التوتر و الضغط النفسى و بذلك تقاوم مخاطر الموت و تقلل نسبة لوفيات فى المجتمع.
ما مدى صحة هذه الدراسة و ما هى نقاط الضعف؟
إن تقديم المساعدات للأخرين يعتبروسيلة فعالة فى دراسة العلاقة بين الترابط الاجتماعي ، والصحة وطول العمر، كذلك مدى خطورة سمة البخل على الأشخاص.
ومع ذلك، فإن هذه الدراسة لديها العديد من نقاط الضعف التي ينبغي النظر فيها. العيب الرئيسي هو أن تم قياس المتغيرات مثل الصحة والأداء، والمشاركة الاجتماعية والصحة النفسية على أساس شخصي و ذاتى.
لا أحد يستطيع أن ينكر أهمية أن تشمل الدراسة الأسئلة المتعلقة بالصحة والعافية، ولكن هناك قصور لأن الناحية الشخصية لا تفي تماماً عند تحديد المتغيرات المطلوبة بدقة. ولكن مازال هناك علاقة ملحوظة بين تقديم المساعدات المادية وبين كون الإنسان قادرًا على بذل هذا المجهود المطلوب مثل التسوق، ونقل هذه المساعدات، و الأعمال المنزلية أو رعاية الأطفال.
و لذلك احتمال تقديم المساعدة للأخرين يقل بشكل ملحوظ مع قضايا التنقل أوالمشاكل الصحية. و هذا لا يعني بالضرورة أن هؤلاء من يواجهون مشاكل فى التنقل أو مشاكل صحية لا يستطيعون المشاركة فى أى مشروع دعم اجتماعى و لكن مواجهة مثل هذه المشاكل قد تُحِد من مدى المشاركة الفعالة فى تقديم المساعدات و العون للأخرين.
ومن ناحية أخرى أكد الباحثون على أن التركيز على المساعدات المادية دون المساعدات المعنوية هو نقطة ضعف، لأن من الممكن أن التعبير عن الدفء و الحب عن طريق مكالمة هاتفية أو رسالة بريد إلكتروني ودية على سبيل المثال، مفيد أيضا.
وهناك أيضاً نقطة ضعف فى هذه الدراسة التى أخذت فى الاعتبارفقط تقديم المساعدات للأشخاص التى لا تعيش مع المشاركين ولم تأخذ فى الاعتبار أي مساعدة ممنوحة للأزواج أو الأقارب الذين يعيشون في المنزل نفسه.
من المهم أيضا أن نلاحظ أن هذه الدراسة أجريت بين مجموعة سكانية محددة جدا: الأزواج كبار السن المتزوجين. ولذلك ينبغي لنا أن نفترض أن نتمكن من تطبيق النتائج على الناس من جميع الأعمار، وأنها أيضا قد لا تكون قابلة للتطبيق لغير المتزوجين.
على الرغم من نقاط ضعف هذه الدراسة إلا أنها دراسة مثيرة للاهتمام لأنها تقدم نظرة ثاقبة وفكرًا جميلاً، و تلقى الضوء على سلوك وعلاقات اجتماعية غالباً ما تهملها البحوث - و بالفعل فإن سلوك الإيثار وحب الغير و الحرص على تقديم العون للآخرين يجلب أيضا منافع فردية و خاصة المنافع النفسية و الجسدية.