وصلت المسيحية الى المغرب منذ العصور الاولى لانتشارها على يد مبشرين عبروا اليها من فلسطين والدول المجاورة فاعتنق الكثيرون من المغاربة الايمان المسيحي وخاصة من البربر وقد بنيت الكنائس على مساحة المملكة، ولكن بدأ الانتشار المسيحي بالانحسار وعدد المسيحيين ينخفض مع وصول الفتوحات الاسلامية الى المغرب بقيادة عقبة بن نافع حوالي سنة 681م.
كان يوجد في المغرب في زمن القديس اغوسطينوس وهو من اصل امازيغي (13 تشرين الثاني- نوفمبر 354 - 28 آب - أغسطس 430)، حوالي ثلاثين مجم كنسي يرعاهم حوالي 600 أسقفا. وكغيرهم من المسيحيين في غالبية الدول العربية ، تعرض المسيحيون للتهديد والتنكيل والقتل والتهجير حتى فرغت الممكلة من الوجود المسيحي الفعلي حتى القرن التاسع عشر حين وصلت الجيوش الفرنسية والاسبانية واحتلت واستعمرت المغرب ، وهذا ساهم في إعادة انتشار المسيحية بشكل ملحوظ ، وتجديد بناء الكنائس في مدن مغربية عدة. ومنذ ذلك التاريخ بدأت جاليات اوروبية بالتوجه للاقامة فيها، وقد قدّر عدد الواصلين اليها بحوالي عشرة آلاف اوروبي عام 1910م. توزعوا في مختلف ارجاء المغرب وخاصة في مدينة طنجة.
الوجود المسيحي في المغرب حديثاً
بغض النظر عن وجود مسيحيين من اصل مغربي في المملكة اليوم، لا بد من الإشارة الى انه يسكن في المغرب مئات الآلاف من المسيحيين الأجانب يمعملون في مجالات مختلفة، وهم ينحدرون من دول أوروبية واميركية وآسيوية وافريقية. وبحسب احصائيات غير رسمية فهم يشكلون حوالي 5 بالمئة من السكان، موزعين على مختلف المناطق في المملكة وبشكل خاص في المدن الرئيسية والكبرى، كالدار البيضاء وطنجة. كذلك تنتشر في المغرب كنائس ومراكز خدماتية مسيحية مثل كاتدرائية الدار البيضاء وكنيسة القديس اندرو في مدينة طنجة. هذا بالإضافة الى كنائس أخرى غير معلن عنها رسمياً يقوم بالخدمة فيها
مسيحيون أجانب ومغاربة.
مسيحيون مغاربة قد يستغرب البعض هذا العنوان ويتساءلون بتعجب او باستغراب او باستنكار: هل حقا يوجد مغاربة مسيحيون؟ والجواب: نعم، يوجد مؤمنون مسيحيون من اصل مغربي ومن مختلف الطبقات الاجتماعية في المملكة، وهؤلاء طبعا يتحدرون من خلفيات غير مسيحية، لكنهم آمنوا بالمسيح. وهؤلاء الإخوة والأخوات المسيحيون المغاربة موجودون على أراضي المملكة كافة، فمنهم من يجاهر بإيمانه ومنهم من يتستر عنه خوفاً من الاضطهاد. كما أن الكثيرين منهم اضطروا الى العيش في دول اوروبية أو في اميركا من أجل ممارسة ايمانهم وشعائرهم الدينية بحرية تامة.
إضطهاد وثبات المسيحيين المغاربة
تبعاً للتحريض عليهم بحجج مختلفة، تقوم السلطات المغربية من حين الى آخر، بعمليات دهم واعتقال لمسيحيين مغاربة وسجنهم وتهديدهم والاساءة اليهم موجهين اليهم تهماً مزورة وملفقة كتعريض أمن البلاد للخطر أو اجبار مغاربة على "التنصر" بوسائل ترغيبية ووعود مادية، بالإضافة الى تهمة توزيع منشورات مسيحية ونسخ من الكتاب المقدس مما يؤدي الى الفتنة، وهذه كلها يعاقب عليها القانون بعقوبات مختلفة، أقلها السجن لسنوات والطرد من البلاد والحرمان من الحقوق المدنية. ومع ذلك، فإن آلاف من المغاربة يتحدون كل هذا بثباتهم في إيمانهم بالمسيح حاسبين أن آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد ان يستعلن فيهم (رسالة رومية8: 18).