لمسات يسوع ..1- لمسة مطهرة

لمسات يسوع (1) لمسة مطهرة
بقلم : عماد حنا
"وَفِي ذَهَابِهِ إلى أورشليم اجْتَازَ فِي وَسْطِ السَّامِرَةِ وَالْجَلِيلِ"
لوقا 17: 11
من هو هذا الشخص الذي سوف يجتاز السَّامِرَةِ؟ هو يسوع. ولماذا يجتازها؟ بحسب عرف اليهود هذا لا يليق بمسيح ينتمي إلى اليهود الذين لا يتعاملوا مع السامريين.. لماذا ينجس المسيح نفسه بهذا العبور؟! ولماذا لم يذهب من الطريق الآخر بحسب عادة الجليليين؟!
أعتقد أن يسوع أراد أن يجتاز السَّامِرَةِ لكي يقدم رسالة ما.. فماذا أراد أن يقول في اجتيازه منها؟ وماذا أراد أن يوضح في عبوره السامرة على الرغم من العداء الواضح بين الشعبين؟
أراد أن يوضح إنه
1-   لا يوجد فرقا كبيرا بين أهل الجليل واليهودية وبين أرض السامرة
2-   الجميع زاغوا وفسدوا معا
3-   الجميع في حاجة إلى لمسة واحدة.. لمسة مطهرة
4-   الجميع في حاجة إليه.. إلى يسوع
وكأن يسوع أراد أن يقارن بين اليهود والسامريين, فمن هو الأفضل؟ .. وعلى الرغم من أن اليهودي يؤكد أنه الأفضل حيث هو الذي يحفظ السبت ويقدم عبادة لله .. فهو الأفضل في عيني نفسه والسامري هو الرجل النجس ولا ينبغي حتى مصافحته لئلا يتنجس.. إلا أن يسوع لم يكن هذا رأيه, بل هو خرج من الجليل ليجتاز وسط السَّامِرَةِ معلناً أن الكل في نظره واحد.. وكلاهما يقدم العبادة الزائفة، تلك العبادة التي تكرم الله بالشفتين والقلب مبتعد عنه .. لا فرق بين يهودي وسامري، اليهودي يحافظ على العبادة الشكلية والسامري ابتعد بالكامل فالاثنان بحاجة إلى تلك اللمسة التي تطهر القلب من الداخل.
***
وَفِيمَا هُوَ دَاخِلٌ إلى قَرْيَةٍ اسْتَقْبَلَهُ عَشَرَةُ رِجَال بُرْصٍ، فَوَقَفُوا مِنْ بَعِيدٍ" لوقا 17: 12
سار يسوع وسط الحدود ليجتاز وسط السامرة والجليل، وهناك على الحدود يقف عشرة رجال.. هل تستطيع أن تقترب منهم؟ كلا .. بالطبع لا تستطيع، سواء كنت يهودياً أو سامرياً، بل وأنهم أيضاً لن يسمحوا لك بذلك، لأنه هكذا أمرت الشريعة اليهودية، ونفذها أيضاً السامريون بدورهم، إذ عندما تقترب منهم سوف يصرخون بصوت عال كما تأمر الشريعة اليهودية "نجس..نجس.. نجس" (راجع لاويين 14)
عشرة رجال لا يستطيع أن يقترب منهم أحد يقفون على الحدود بين السَّامِرَةِ والجليل، لفظهم كلا الشعبين, وبذا لا كرامة ولا أمل ولا مستقبل فقد فقدوا كرامة الحصول على احتياجاتهم دون تسول أو انتظار ما قد يجود به الآخرون .. عشرة رجال نجسون ويعرفون إنهم نجسون وكل حياتهم يصرخون لمن يعبر بهم مصرحين بنجاستهم.. ففضلاً عن قسوة المصاب.. وعدم وجود الأمل في الشفاء، إذ أنه برغم وجود شريعة الشفاء الا أن التاريخ لم يحدثنا عن أحدٍ شُفي من هذا المرض إلا نعمان السرياني (ملوك الثاني 5) وبمعجزة صنعها النبي أليشع، ولم يكن هذا الرجل من جنس اليهود أصلاً.
هم على الحدود، بين قريتين.. قرية جليلية وأخرى سامرية.. هم تسعة من اليهود والعاشر من السامرة, كيف؟ كيف يجتمع اليهودي مع السامري.. هل وجدوا نقاط إتفاق يتفقون عليها‍‍‍‍؟ .. نعم .. فكلا الفريقين نجس! وبذا وحدت المصيبة بينهما، وأيضاً وحد الاحتياج بينهما، لقد كانوا كلهم يحتاجون إلى أن يتخلصوا من نجاستهم
.. لا فرق، في هذه الحالة بالذات لا فرق بين يهودي وسامري, فالعشرة مطرودين من قراهم والعشرة منبوذين من أهلهم، والعشرة من أصحاب الأحلام الضائعة والآمال الميتة على حطام ذلك التحذير الكريه الذي يترنمون به كل يوم على رتم واحد " نجس .. نجس .. نجس" العشرة ليس فيهم واحداً مميزاً، فالعشرة لهم نفس الاحتياج .. أن يطهروا.. فالجليلي لم تعد تنفعه تلك العبادة الشكلية الظاهرة والتدين.. والأخلاق الحميدة.. والسامري لم ينفعه اصراره على العبادة على قمة جبل جرزيم والبعد عن الإله الواجد الحقيقي.
الطرفان يحتاجان إلى لمسة واحدة .. لمسة مطهرة
وكلما كان العشرة ينطقون بهذه الكلمات " نجس .. نجس.. نجس" يصرخون في أعماقهم من يقدر؟ .. من يقدر أن يطهر؟ .. هل من شخص يعيد الينا كرامتنا وآدميتنا وحياتنا المفقودة؟
***
"وَرَفَعوُا صَوْتًا قَائِلِينَ:«يَا يَسُوعُ، يَا مُعَلِّمُ، ارْحَمْنَا! "
لوقا 17: 13
هو يسوع الشخص الوحيد القادر أن يُطهر من نجاسة البرص والخطية, والبرص هو رمز الخطية في العهد القديم، ويسوع هو المعلم الذي جاء إلى الأرض خصيصاً لكي يطهرنا من نجاسة الخطية، نعم فهذه صرخة الإنسان منذ القديم.. ألم يصرخ داود إلى الله مستغيثا برحمة الله طالباً أن يطهر "طَهِّرْنِي بِالزُّوفَا فَأَطْهُرَ. اغْسِلْنِي فَأَبْيَضَّ أَكْثَرَ مِنَ الثَّلْجِ " (مزمور 7:51) هذه هي طلبة وحاجة الإنسان منذ القديم.
نعم لم تعد المشكلة مشكلة جليلي وسامري، المشكلة أكبر، إنها مشكلة المرض الذي يتغلغل داخل الجسم ويكبله بالقيود، ويعزل صاحبه عن العالم ليقف خارج المحلة، مشكلة مريض لا أمل في شفائه من هذا المرض الخبيث لذلك وقفوا جميعهم بعضهم بجانب البعض, الجليلي بجوار السامري.. والصرخة واحدة .. والطلبة واحدة، "ارحمنا"، ولسان حالهم يقول "نحن نعترف بنجاستنا .. إنها واضحة على خلقتنا البشعة .. لقد شوه المرض من صورتنا ونحتاج إليك يا معلم.. جميعنا يريد أن يطهر: اليهودي منا والسامري, كلنا يريد أن يتخلص من نجاسته .. لم تعد هناك حاجة إلى مباحثات عقائدية وأبحاث لاهوتية.. والجدل في كيفية العبادة.. ليس المهم أين نعبد، في هيكل أورشليم أم على جبل جرزيم، ليس المهم الآن من أنا.. يهودي أم سامري؟ .. فالمرض لم يميز بين هذا وذاك".
نعم، نحن لن نحتاج إلا إلى واحد.. إليك أنت, يسوع .. الراحم القدير المحب.. نريد أن نطهر
***
"فَنَظَرَ وَقَالَ لَهُمُ:«اذْهَبُوا وَأَرُوا أَنْفُسَكُمْ لِلْكَهَنَةِ». وَفِيمَا هُمْ مُنْطَلِقُونَ طَهَرُوا."   لو 14:7
نظر يسوع إلى طلبة القلب وراء إيمان صغير لم يتجاوز حجم حبة الخردل ينمو في داخل العشرة، ومع صرخة اللسان.. لهفة القلب .. مع عيون مليئة بالرجاء كانت هناك أقدام محصنة بالثقة واليقين.. لذلك أمرهم أن يذهبوا ليروا أنفسهم للكهنة.. كان هذا الأمر امتحاناً لايمإنهم, فإذا أطاعوا نالوا المكافأة .. ولماذا يذهبون إلى الكهنة بالذات؟ ألكي يحافظوا على الشريعة والناموس؟ أم ليرى الكهنة غير المؤمنين مجد الله وهو يعود إلى الأرض في شخص يسوع بعد أن فارق إلهيكل منذ قرون؟ .. ثم كيف ذهبوا؟ .. هل ذهبوا معاً.. اليهودي بجانب السامري؟ .. هل اتفقوا أخيرا؟!
نعم، ذهب العشرة معا، فلم تعد تلك المسائل الجدلية تثيرهم، فهم رفقاء مرض واحد ولسانهم نطق بطلبة واحدة.. والقلب تعلق بأمل واحد.. وأحبهم السيد محبة واحدة.. ولمسهم لمسة واحدة.. نعم ليس هناك معنى للافتراق لانهم طهروا معاً.. نعم ليس هناك تفسير لقول السيد "أحبوا أعداءكم" أفضل من هذه القصة .. الجميع سواء.. نجسون .. يحتاجون إلى واحد قادر أن يطهر وينقذ .. فلم العداء إذن
.. وَفِيمَا هُمْ مُنْطَلِقُونَ طَهَرُوا
***
صلاة يا مليكي وإلهي
أعرف أنك تريد سماع هذه الكلمة
إن أردت تقدر أن تطهرني
.. لكي ما تعلن لي عن محبتك
وتقول " أريد .. فأطهر"
فهذه هي غايتك وإرادتك
أن أطهر
وأنا أحتاج إليك
إلى تلك اللمسة المطهرة لي من نجاستي وخطيتي
فكما صار جلد الأبرص كجلد صبي صغير
فيصير قلبي كقلب ولد لا يعرف خطية
مثلك يا سيدي

يا مليكي وإلهي
أنت تريد أن أطهر
أعرف ذلك
وقد دفعت أنت ثمناً لنجاستي وأخطائي
وكان الثمن غالياً
وأنت دفعته على الصليب
لكي أطهر
ها أنا أضع نفسي بين يديك سيدي
فقد عرفت أن التدين ليس هو حل المشكلة
ولا المجادلات
ولا المهاترات
فقط .. عليَّ أن أضع نفسي بين يديك
فهذا هو الحل الوحيد لكي أطهر
لذلك دعني أقلها من جديد
أنت تريد .. وأنا أريد أن أطهر
طهرني سيدي

موضوع اكتر من ممتاز اختى الغالية ربنا يبارك تعب محبتك

موضوع غاية فى الجمال والروووووووووووعة

نورتوا الموضوع شكرا ليكم

رائعة فى اختيار مواضيعك ربنا يباركك

» لمسات يسوع .. 2- لمسة فهم
» لمسة يسوع المسيح
» ***لمسات***
» من هو يسوع؟
» لمسة شافية