(١١)
أنا أومن أن المسيح هو الله على أساس قيامته الفريدة من بين الأموات: لقد أقام الرب يسوع المسيح أثناء وجوده بالجسد على الأرض ثلاثة أشخاص.
أقام ابنة «يايرس» أحد رؤساء المجمع، ذلك الرجل الذي جاء «وَلَمَّا رَآهُ خَرَّ عِنْدَ قَدَمَيْهِ، وَطَلَبَ إِلَيْهِ كَثِيراً قَائِلاً: ٱبْنَتِي ٱلصَّغِيرَةُ عَلَى آخِرِ نَسَمَةٍ. لَيْتَكَ تَأْتِي وَتَضَعُ يَدَكَ عَلَيْهَا لِتُشْفَى فَتَحْيَا» (مر ٥: ٢٢ و٢٣). ولما وصل المسيح إلى بيت يايرس كانت الفتاة قد فارقت الحياة لكن الرب «أَمْسَكَ بِيَدِ ٱلصَّبِيَّةِ وَقَالَ لَهَا: طَلِيثَا، قُومِي. (ٱلَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا صَبِيَّةُ، لَكِ أَقُولُ قُومِي). وَلِلْوَقْتِ قَامَتِ ٱلصَّبِيَّةُ وَمَشَتْ، لأَنَّهَا كَانَتِ ٱبْنَةَ ٱثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. فَبُهِتُوا بَهَتاً عَظِيماً» (مر ٥: ٤١ و٤٢).
وأقام شاباً وحيداً لأمه الأرملة في مدينة نايين نقرأ عنه الكلمات: «وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي ذَهَبَ إِلَى مَدِينَةٍ تُدْعَى نَايِينَ، وَذَهَبَ مَعَهُ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ وَجَمْعٌ كَثِيرٌ. فَلَمَّا ٱقْتَرَبَ إِلَى بَابِ ٱلْمَدِينَةِ، إِذَا مَيْتٌ مَحْمُولٌ ٱبْنٌ وَحِيدٌ لأُمِّهِ، وَهِيَ أَرْمَلَةٌ وَمَعَهَا جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ. فَلَمَّا رَآهَا ٱلرَّبُّ تَحَنَّنَ عَلَيْهَا وَقَالَ لَهَا: لاَ تَبْكِي. ثُمَّ تَقَدَّمَ وَلَمَسَ ٱلنَّعْشَ، فَوَقَفَ ٱلْحَامِلُونَ. فَقَالَ: أَيُّهَا ٱلشَّابُّ، لَكَ أَقُولُ قُمْ. فَجَلَسَ ٱلْمَيْتُ وَٱبْتَدَأَ يَتَكَلَّمُ، فَدَفَعَهُ إِلَى أُمِّهِ. فَأَخَذَ ٱلْجَمِيعَ خَوْفٌ، وَمَجَّدُوا ٱللّٰهَ قَائِلِينَ: قَدْ قَامَ فِينَا نَبِيٌّ عَظِيمٌ، وَٱفْتَقَدَ ٱللّٰهُ شَعْبَهُ» (لو ٧: ١١ - ١٦).
وأقام لعازر من بيت عنيا بعد أن أنتن (يو ١١).
وفي هذه الصور الثلاث نتلقى أثمن الدروس، فالصبية ابنة يايرس أقامها الرب بعد موتها مباشرة والشاب ابن الأرملة كان قد مات منذ وقت وكانوا في طريقهم لدفنه، والرجل لعازر كان قد دفن منذ أربعة أيام ودب الفساد في جسده.
ثلاث صور للموت: فتاة صغيرة.. وشاب.. ورجل كامل الرجولة.
والموت هو صورة مجسمة للخطية، وهؤلاء الموتى هم نماذج للخطاة.
- فالفتاة كانت قد ماتت في تلك اللحظة ولم تظهر عليها بعد أية علامة من علامات التعفن والفساد. كان جسدها ما زال حاراً، ولم تجف بعد قطرات العرق من فوق جبينها. إنها ترينا صورة للخاطئ المؤدب المتدين.. فهذا الشخص لا تظهر عليه أية آثار خارجية للموت الذي يكمن داخله. وإذا أخذنا بالمظهر الخارجي وحده خيل إلينا أن هذا الخاطئ ليس ميتاً، لأن حياته الأدبية والدينية تبدو في صورة حسنة، تماماً كصورة الذين يعترفون بأنهم أحياء في المسيح وأحياناً أفضل.. ولكن الفتاة كانت ميتة رغم كل مظهر.. وكانت تحتاج إلى المسيح ليقيمها من الموت.
- وشاب نايين يصور لنا درجة مختلفة لمظاهر الموت الخارجية فهذا الشاب مات ربما منذ يوم أو يومين. لقد تقلص جلده، وغارت عيناه، وسرت البرودة في جسده.. إن كل علامات الموت قد ظهرت عليه، بعكس صورة الفتاة الصغيرة التي ماتت قبل أن يصل المسيح بدقائق.. ولكن الحقيقة: أن هذه الفتاة الصغيرة كانت ميتة تماماً كذلك الشاب، مع أن مظهرها لم يكن يدل على ذلك.. فهل لاحظت الدرس هنا.. إن الشاب يرينا صورة الخاطئ الذي لفظه المجتمع وبدأ في إخراجه بعيداً عنه كشخص غير جدير بالحياة فيه.
- ولكن الميت الثالث هو لعازر، لقد دفن وأنتن. صارت رائحته كريهة، وها هو في قلب الأرض ينهشه الدود، وهذه صورة للخاطئ الذي حطم كل القيود والقوانين والمثل العليا، وتدهور حتى وصل إلى الجريمة والانحلال الخلقي الظاهر، حتى اضطر المجتمع إلى عزله وسجنه، وتقييد حريته لأنه خطر عليه.
ولكن التفت إلى هذه الحقيقة، فمع أن هناك اختلافاً كبيراً في مظهر الموت في هذه الحالات الثلاث، ولكننا لا نجد فرقاً في درجة الموت فيها. فالفرق موجود في المظهر فقط، ولكن الثلاثة كانوا أمواتاً كل واحد كالآخر، وبعد شهور قليلة لن يكون بإمكانك التفريق بينهم من حيث المظهر كذلك.
وهذا ما قاله الله عن البشر، «لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. إِذِ ٱلْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ ٱللّٰهِ» (رو ٣: ٢٢ و٢٣). والناس قد يختلفون في درجات مظاهر الخطية والشر من الخارج، ولكن الناس جميعاً بدون المسيح أموات على مستوى واحد، المؤدب والمتدين.. كالخليع والخائن.. كما يقول بولس الرسول «وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتاً بِٱلذُّنُوبِ وَٱلْخَطَايَا» (أف ٢: ١) الكل يحتاجون أن يعودوا إلى الحياة بالمسيح.
وفي كل حالة من حالات الموت هذه، لم يكن هناك سوى واحد فقط هو الذي في قدرته الإنقاذ من الموت هو المسيح الرب.
وفي كل حالة قام الميت من الموت بكلمة الرب.
فقد قال للفتاة الصغيرة: «طَلِيثَا، قُومِي» (مر ٥: ٤١).
وقال للشاب في نايين: «أيها الشاب لك أقول قم» (لو ٧: ١٤).
وقال للعازر: «لعازر هلم خارجاً» (يو ١١: ٤٣).
وفي كل حالة حدثت القيامة بكلمة الله، لأن الذي تكلم هو «ابن الله» و «الله الابن» لقد قام هؤلاء الثلاثة بقوة رب الحياة، ومعطي الحياة، ولكنهم ماتوا ثانية بحكم فساد طبيعتهم وابتلعهم القبر من جديد.
تماماً كما عاد إلى الموت ابن الأرملة الذي أقامه إيليا بالصراخ للرب، وابن المرأة الشونمية الذي أقامه إليشع بالصلاة للرب.
أما الرب يسوع المسيح فقد قام من الأموات بصورة فريدة لم يسبقه إليها غيره، وهو لن يموت أيضاً ولن يسود عليه الموت بعد كما قال بولس الرسول: «عَالِمِينَ أَنَّ ٱلْمَسِيحَ بَعْدَمَا أُقِيمَ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ لاَ يَمُوتُ أَيْضاً. لاَ يَسُودُ عَلَيْهِ ٱلْمَوْتُ بَعْدُ» (رو ٦: ٩).
وهناك عدة حقائق تتعلق بقيامة المسيح الفريدة:
وأول حقيقة هي أن جسد المسيح لم يتعفن بعد موته:
وهذه الحقيقة يقررها بطرس الرسول في كلماته: «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلإِسْرَائِيلِيُّونَ ٱسْمَعُوا هٰذِهِ ٱلأَقْوَالَ: يَسُوعُ ٱلنَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ ٱللّٰهِ بِقُّوَاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا ٱللّٰهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ، كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ. هٰذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّماً بِمَشُورَةِ ٱللّٰهِ ٱلْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ ٱلسَّابِقِ، وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ. اَلَّذِي أَقَامَهُ ٱللّٰهُ نَاقِضاً أَوْجَاعَ ٱلْمَوْتِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِناً أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ. لأَنَّ دَاوُدَ يَقُولُ فِيهِ: كُنْتُ أَرَى ٱلرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، أَنَّهُ عَنْ يَمِينِي، لِكَيْ لاَ أَتَزَعْزَعَ. لِذٰلِكَ سُرَّ قَلْبِي وَتَهَلَّلَ لِسَانِي. حَتَّى جَسَدِي أَيْضاً سَيَسْكُنُ عَلَى رَجَاءٍ. لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي ٱلْهَاوِيَةِ وَلاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَاداً. عَرَّفْتَنِي سُبُلَ ٱلْحَيَاةِ وَسَتَمْلأُنِي سُرُوراً مَعَ وَجْهِكَ» (أع ٢: ٢٢ - ٢٨).
ويتابع بطرس الرسول كلماته مقرراً أن هذه النبوة ليست عن داود شخصياً، وإنما عن المسيح الذي جاء من نسل داود فيقول: «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلإِخْوَةُ، يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ لَكُمْ جِهَاراً عَنْ رَئِيسِ ٱلآبَاءِ دَاوُدَ إِنَّهُ مَاتَ وَدُفِنَ، وَقَبْرُهُ عِنْدَنَا حَتَّى هٰذَا ٱلْيَوْمِ. فَإِذْ كَانَ نَبِيّاً، وَعَلِمَ أَنَّ ٱللّٰهَ حَلَفَ لَهُ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ صُلْبِهِ يُقِيمُ ٱلْمَسِيحَ حَسَبَ ٱلْجَسَدِ لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ ٱلْمَسِيحِ أَنَّهُ لَمْ تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي ٱلْهَاوِيَةِ وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ فَسَاداً. فَيَسُوعُ هٰذَا أَقَامَهُ ٱللّٰهُ، وَنَحْنُ جَمِيعاً شُهُودٌ لِذٰلِكَ. وَإِذِ ٱرْتَفَعَ بِيَمِينِ ٱللّٰهِ، وَأَخَذَ مَوْعِدَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ مِنَ ٱلآبِ، سَكَبَ هٰذَا ٱلَّذِي أَنْتُمُ ٱلآنَ تُبْصِرُونَهُ وَتَسْمَعُونَهُ. لأَنَّ دَاوُدَ لَمْ يَصْعَدْ إِلَى ٱلسَّمَاوَاتِ. وَهُوَ نَفْسُهُ يَقُولُ: قَالَ ٱلرَّبُّ لِرَبِّي، ٱجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ. فَلْيَعْلَمْ يَقِيناً جَمِيعُ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ أَنَّ ٱللّٰهَ جَعَلَ يَسُوعَ هٰذَا، ٱلَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمْ، رَبّاً وَمَسِيحاً» (أع ٢: ٢٩ - ٣٦).
إن هذه العبارات تؤكد في وضوح لا غموض فيه أن جسد المسيح لم ير فساداً، لم يتعفن كما تتعفن أجساد البشر أجمعين. لقد بقي في كل بهائه وجماله. لأنه خلا من كل عناصر الخطية.
الحقيقة الثانية هي أن الثالوث الأقدس قد اشترك في قيامة المسيح.
- فالآب قد أقام المسيح كما قال بطرس الرسول: «فيسوع هذا أقامه الله» (أع ٢: ٢٤).
- والمسيح قد أقام نفسه، وهذا الحق واضح في كلماته: «فَسَأَلَهُ ٱلْيَهُودُ: «أَيَّةَ آيَةٍ تُرِينَا حَتَّى تَفْعَلَ هٰذَا؟» أَجَابَ يَسُوعُ: «ٱنْقُضُوا هٰذَا ٱلْهَيْكَلَ وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ». فَقَالَ ٱلْيَهُودُ: «فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً بُنِيَ هٰذَا ٱلْهَيْكَلُ، أَفَأَنْتَ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ تُقِيمُهُ؟» وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَقُولُ عَنْ هَيْكَلِ جَسَدِهِ. فَلَمَّا قَامَ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ، تَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ قَالَ هٰذَا، فَآمَنُوا بِٱلْكِتَابِ وَٱلْكَلاَمِ ٱلَّذِي قَالَهُ يَسُوعُ» (يو ٢: ١٨ - ٢٢).
لقد أعلن المسيح عن قدرته في إقامه جسده من بين الأموات، وأكد هذا بكلماته «لِهٰذَا يُحِبُّنِي ٱلآبُ، لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضاً. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضاً» (يو ١٠: ١٧ و١٨).
- والروح القدس قد أقام المسيح كما قال بولس الرسول: «بُولُسُ، عَبْدٌ لِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱلْمَدْعُّوُ رَسُولاً، ٱلْمُفْرَزُ لإِنْجِيلِ ٱللّٰهِ، ٱلَّذِي سَبَقَ فَوَعَدَ بِهِ بِأَنْبِيَائِهِ فِي ٱلْكُتُبِ ٱلْمُقَدَّسَةِ، عَنِ ٱبْنِهِ. ٱلَّذِي صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ ٱلْجَسَدِ، وَتَعَيَّنَ ٱبْنَ ٱللّٰهِ بِقُّوَةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ ٱلْقَدَاسَةِ، بِٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ» (رو ١: ١ - ٤). وكلمة «تعين» معناها «ظهر بالدليل الواضح» دليل القيامة من الأموات أنه «ابن الله» كما ظهر أن روح القداسة أو الروح القدوس قد اشترك في قيامته.
فالثالوث الأقدس «الآب والابن والروح القدس» قد اشترك في قيامة المسيح من بين الأموات.
الحقيقة الثالثة أن المسيح عندما قام خرج من قبره وهو مغلق: إن كثيرين يتصورون أن ملاك السماء جاء ودحرج الحجر عن باب القبر ليساعد المسيح على الخروج منه، وهذا تصور خاطئ، لقد قام المسيح وخرج من القبر وهو مغلق، ثم جاء الملاك ودحرج الحجر وقال للمرأتين - مريم المجدلية ومريم الأخرى - «لَيْسَ هُوَ هٰهُنَا، لأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ. هَلُمَّا ٱنْظُرَا ٱلْمَوْضِعَ ٱلَّذِي كَانَ ٱلرَّبُّ مُضْطَجِعاً فِيهِ» (مت ٢٨: ٦). لقد خرج الرب من القبر وهو مغلق. خرج متحدياً أختام الأمبراطورية الرومانية وقوتها العسكرية. تماماً كما دخل إلى العلية التي في أورشليم والأبواب مغلقة (يو ٢٠: ١٩ - ٢٩). ولقد كانت قيامة المسيح هي الدليل الساطع على نصرة الحق على الباطل، والنور على الظلام وإله السلام على إله هذا العالم الأثيم.
الحقيقة الرابعة أن قيامة المسيح هي الدليل المؤكد لقيامة المؤمنين به: وهذه حقيقة يؤكدها بولس الرسول في كلماته: «لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ، فَكَذٰلِكَ ٱلرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ سَيُحْضِرُهُمُ ٱللّٰهُ أَيْضاً مَعَهُ» (١ تس ٤: ١٤).
وهنا يخطر على الذهن سؤالاً لا بد أن نجيب عنه في هذا المقام وهو: كيف يُقام الأموات وبأي جسم يأتون؟ كيف يمكن أن يعيد الله إلى الوجود أجساد الذين أكلتهم الأسماك في البحار، وأحرقتهم النار، وتحللوا وصاروا جزءاً من أديم الأرض؟
ولو أدركنا أن الله يحتفظ في سجلات السماء بصورة فوتوغرافية لكل واحد من سكان الأرض، وبصورة بالأشعة للعظام والأحشاء، لعرفنا كيف سيعود كل واحد بنفس ملامحه إلى الوجود.
وليس هذا الكلام خيال كاتب، وإنما هو حقيقة كتابية صريحة تؤكدها كلمات داود القائلة «لأَنَّكَ أَنْتَ ٱقْتَنَيْتَ كُلْيَتَيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي. أَحْمَدُكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي قَدِ ٱمْتَزْتُ عَجَباً. عَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ، وَنَفْسِي تَعْرِفُ ذٰلِكَ يَقِيناً. لَمْ تَخْتَفِ عَنْكَ عِظَامِي حِينَمَا صُنِعْتُ فِي ٱلْخَفَاءِ وَرُقِمْتُ فِي أَعْمَاقِ ٱلأَرْضِ. رَأَتْ عَيْنَاكَ أَعْضَائِي، وَفِي سِفْرِكَ كُلُّهَا كُتِبَتْ يَوْمَ تَصَّوَرَتْ، إِذْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهَا»
مز ١٣٩: ١٣ - ١٦) فصورتنا، وملامحنا، وتفاصيل عظامنا وأحشائنا موجودة في سجلات السماء، ومن السهل أن تستخرج صورة طبق الأصل عند أي مصور إذا كانت لديك الصورة الأصلية.
وعلى هذا فإن قيامة المسيح تؤكد قيامة المفديين في القيامة الأولى، ثم قيامة الأشرار للدينونة بعد ملك الألف السنة كل واحد بذات الملامح والقامة والصورة التي عاش بها.
وعلى أساس قيامة المسيح الفريدة أنا أومن بأن المسيح هو الله.