تعيشين في جحيم
دائماً ما يكون وقع الخيانة الزوجية كالصدمة الكهربائية على الطرف المخدوع. يصف عالم الاجتماع باسكال ديوريه، الذي نشر مسحاً شاملاً حول الحياة الزوجية، يصف الخيانة على أنها "أكثر من مجرد ألم نرجسي، بل هي اختبار للهوية. يمكن للخيانة، في بعض الحالات، أن تعطل معرفة الشخص بذاته".
فالطريقة التي نواجه بها هذا الحدث تفصح عن الكثير، حيث يصفها البعض ب "نزيف يمتص الحياة من الجسم، وليست هناك طريقة لوقفه"، بينما يراها البعض الآخر على أنها انهيار نفسي "شبيه للانهيار المباني وتحولها لمجرد ركام"، أو أنها توصف بالوقوع "في منحدر شديد نحو القاع". تقوم الخيانة بضرب ذاك الشعور بالتفرد عن الباقين، حيث أن الرجل أو المرأة المخدوعة لن تعود قادرة على التفكير بأنها المختارة الوحيدة من ضمن الكثيرين.
في حين أن هذا الاعتقاد لا يمكن فصله عن مبدأ الزواج، لاسيما بعد النطق بوعود الزواج. لا عجب إذن في الإحساس بضيق شديد عند اكتشاف الأمر لدرجة أن الشخص المعني قد يطلب الموت.
هل يمكن نسيان الأمر؟
يعتمد ذلك غالباً على طول فترة العلاقة الغير شرعية وأهميتها, فإن كانت هذه الأخيرة قصيرة وعابرة، يمكن أحياناً تقبلها مع بذل بعض المجهود. مع ذلك، فالبعض لا يتمكن من فعل ذلك، حتى بعد مرور سنوات على الحادثة، في المقابل، فالعلاقات غير الشرعية الكثيرة وطويلة المدى عند أحد الشريكين، تجعل الغفران أمراً والنسيان مستحيلاً عملياً.
أولئك الذين يستمرون في العلاقة الزوجية بالرغم من ذلك يدفعون الثمن غالياً، فهم يساهمون خاصة بتخريب صورتهم لأنفسهم؛ حيث يضاف لألم الخيانة المستمرة شعور بالإهانة لعدم القدرة على قطع العلاقة بالزوج الخائن. وبالتالي، يصبح الصفح مستحيلاً نظراً لكون الخيانة المتكررة لا تفتأ تفتح الجرح الذي كان بالكاد قد شفى.
الرحيل أم البقاء؟
على المدى الطويل، تتبسط معادلة نجاة العلاقة الزوجية: إما أن يتغير الزوج الخائن وأن يفسح الطريق لمعالجة الأمور، وإما أن يجد الشريك الثاني طريقاً للثقة في النفس وإنهاء العلاقة، لأن ذلك في أغلب الأحيان يكون الحل الوحيد.
ويبقى مشكل التغلب على العقبات المادية بعد الطلاق، حيث أن النساء غالباً ما تفتقرن للموارد المالية الكافية للاستمرار في العيش الكريم خاصة وان كان لديهن أطفال.
وهنا نطرح عليك هذا السؤال: هل فكرتي أو تفكرين بالاستمرار في العلاقة من أجل الأطفال؟ اذ كان نعم، تلك ادعاءات كاذبة وسيئة في حق أطفالك، فأي نموذج تقدمين لهم بقبولك لهذا الوضع؟ وأي احترام لأنفسهم سيتعلمون منك؟ تأمليها جيداً لإجاد الحل والطريق الصحيح.
أسوء ما في الأمر هو الاستسلام
هل أفقدك الوضع صوابك وأدخلك في نوبة غضب وهيجان؟ ربما هي علامات جيدة. يشرح باسكال ديوريه : " أن تتعلمي كيف تتحكمين بمعاناتك لا يعني إنهاءها، لكن القدرة على منحها معنى. فكما تنتج المعاناة عن رفض إنهاء العلاقة، فذلك يعني أن ذاك الشخص متمسك جيداً بشريكه ولا يزال يؤمن بحظوظ علاقته".
لكن أسوء ما يمكن أن يحدث في مواجهة هذا الموقف المهين هو الاستسلام والإيمان بأن ما حدث هو وضع مقدر ولا مفر منه، مما يجعل المرء يفقد أي معنى لحياته، وهذه ليست كما يتصور الكثيرون وسيلة لتحسين الوضع. يعرضك الاستسلام لمخاطر الوقوع في حالة لامبالاة عدائية ومستفزة للطرف الآخر، بطريقة مدمرة لك ولأطفالك.