الفصل الخامس
إشراقة النعمة
* برهان الروح
* تخبّط في الظلام
* نعمة الإعلان
* جاذبية حنان
* نور الإيمان
* أعظم برهان
برهان الروح
قد تمشّيت معك يا عزيزي القارئ خلال هذا البحث إلى الآن مظهراً صحّة إيماننا في الثالوث والوحدانيّة بأدلّة عقليّة ومنطقيّة، أو بمعنى آخر بالحكمة الإنسانيّة. ولكن بولس الرسول يُرينا أنّ الإيمان لا يأتي بحكمة بشريّة، بل ببرهان الروح والقوّة فيقول «وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلاَمِ ٱلْحِكْمَةِ ٱلإِنْسَانِيَّةِ ٱلْمُقْنِعِ، بَلْ بِبُرْهَانِ ٱلرُّوحِ وَٱلْقُوَّةِ، لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ ٱلنَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ ٱللّٰهِ» (١ كورنثوس ٢: ٤ - ٥) فدعني أتكلّم عن برهان الروح والقوّة.
برهان الروح يكون في القلب لا في العقل وحده: «لأَنَّ ٱلْقَلْبَ يُؤْمَنُ بِهِ لِلْبِرِّ، وَٱلْفَمَ يُعْتَرَفُ بِهِ لِلْخَلاَصِ» (رومية ١٠: ١٠). ويأتي الإيمان القلبيّ نتيجة إشراقة النعمة داخل الإنسان لتُظهر له سرّ الإيمان وتكشف له عن محبّة الله وعمله العجيب من أجله، حتّى ارتضى أن يظهر في صورة إنسان ويسير في طريق الجلجثة حاملاً صليب العار ليفدي إنساناً خاطئاً نظيري.
واعلم يا أخي أنّ الربّ مستعدّ أن يشرق في قلبك لإنارة معرفة مجده، لأنّه يحبّك شخصيّاً برغم خطاياك وشرورك وتجاديفك التي جدّفت بها عليه. وهو مستعدّ أن يغفر ويصفح وينسى آثامك، إن أقبلت إليه في ندامة وفي خضوع وسلّمت حياتك وقلبك له. وثق تماماً أنّه لا يرفضك، فقد قال «مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجاً» (يوحنّا ٦: ٣٧).
فأقبِل إليه الآن، وألقِ بخطاياك أمامه، وهو بكفّارته يطهّرك من كلّ خطيّة «ودَمُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱبْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ» (١يوحنّا ١: ٧). قُلْ له «بدّد يا ربّ ظلمة قلبي. أشرق بنورك أمامي. عرّفني طريقك. احفظني من الشرّ حتّى لا يتعبني».تخبّط في الظلام
ما من شكّ أنّ الاعتماد على العقل وحده لإدراك الحقائق الإيمانيّة أمر محال، فالوحي الإلهيّ يقول «أَإِلَى عُمْقِ ٱللّٰهِ تَتَّصِلُ، أَمْ إِلَى نِهَايَةِ ٱلْقَدِيرِ تَنْتَهِي؟ هُوَ أَعْلَى مِنَ ٱلسَّمَاوَاتِ، فَمَاذَا عَسَاكَ أَنْ تَفْعَلَ؟ أَعْمَقُ مِنَ ٱلْهَاوِيَةِ، فَمَاذَا تَدْرِي؟» (أيّوب ١١: ٧ - ٨).
فكيف إذاً الإله غير المحدود يدركه عقل محدود؟
فإذا لم ينتبه البعض لهذه الحقيقة ضلّوا عن الإيمان وتخبّطوا في دياجير الظلام وإليك بعض الأمثلة:
[list=orderedlist]
[*]مجال الفلسفة: تعتمد الفلسفة في تفكيرها على العقل المجرّد، لذلك وجدنا تضارباً واختلافاً بين الفلاسفة على مرّ العصور. فمنهم الملحدون ومنهم المؤمنون. ويعطينا الفيلسوف الإنجليزي «كارليل» (١٧٩٥-١٨٨١) مثلاً واضحاً على مدى التخبّط في ظلام الفكر البشريّ.
فقد بدأ كارليل حياته مؤمناً، ثمّ قرأ فلسفة «هيوم» وغيره من الفلاسفة المتشكّكين فاقتنع بآرائهم وتبدّد إيمانه... وبينما هو عاكف على البحث والاستقصاء قرأ فلسفة «شيلر» و «جوته» و «فخته» فتأثَّر بآرائهم وتغيّر موقفه، وأخيراً عاد إلى الإيمان.
وبهذا تحقّق الفيلسوف كارليل من هذه الحقيقة الخالدة التي قرّرها بعد طول بحث ودراسة وهي «أنّ العقل لم يعد هو مصدر المعرفة الحقّة، بل صار القلب هو ذلك المصدر» (تاريخ الفلسفة الحديثة ليوسف كرم ص ٣٢٢).
[*]مجال المسيحيّة: كم من هراطقة (الهراطقة أناس خرجوا عن الإيمان) أرادوا أن يخضعوا حقائق الإيمان لمقاييس العقل البشريّ فألقوا بأنفسهم في التهلكة أمثال «أريوس» و «مقدونيوس» و «نسطور». فأريوس لم يقبل عقله إمكانيّة ظهور الله في جسد إنسان فنفى لاهوت المسيح، واجتمع بطاركة الكنيسة وأساقفتها في العالم كلّه وناقشوا هذا الموضوع وفقاً لتعاليم الكتاب المقدّس وحكموا بفرز أريوس ونفيه ودحض تعاليمه المنافية للإيمان.
[*]مجال الإسلام: (مذكّرة التوحيد والفرق مقرّر للسنة الخامسة بالأزهر للشيخ حسن متولّي ص ١٠٥-١١٨) وكم من فرقة مختلفة ظهرت في الإسلام وتضاربت معتقداتها، فمثلاً: الخوارج وغلاة الشيعة والنصيريّة يغالون في نعت عليّ بن أبي طالب.
والجبريّة والمعتزلة والقدريّة (زالت وبقي تأثيرها) أنكروا صفات الله.
والأشاعرة المتريديّة والزيديّة والأماميّة والإسماعيليّة يقولون إنّ للعالم مديرين، الأوّل هو الله والثاني هو النفس ويبيحون المحرّمات.
والبهائيّة، يغالون في وصف زعيمهم بهاء الله.
والدروز يغالون أيضاً في نعت الحاكم بأمر الله الفاطميّ.
[/list]
ألا يدلّ هذا كلّه على تخبّط العقل في ظلام الفكر القاصر، وعلى احتياج العقل لإشراقة النعمة ونور الإيمان.نعمة الإعلان
ما من إنسان يستطيع بعقله أو بحكمته المجرّدة أن يصل إلى معرفة الله، إنّما يحتاج الأمر إلى إعلان إلهيّ، حتّى يستطيع الإنسان في ظلام فكره أن يعرف السرّ المخفيّ عن العقول البشريّة القاصرة. وقد عرف بعض الفلاسفة أهمّيّة هذه النعمة وأطلقوا عليها نظريّة الإشراق «فلا يمكن معرفة الله (كما قال أحد الفلاسفة) إلاّ بفضل إشراقٍ من الله، فالله هو المعلّم الباطن» (تاريخ الفلسفة الأوروبّيّة في العصر الوسيط ليوسف كرم ص ٣٢) «هو النور الحقيقيّ الذي ينير كلّ إنسان في هذا العالم».
وقد تكلّم الكتاب المقدّس عن هذين الموضوعين: عجز الإنسان وضرورة الإعلان.
عجز الإنسان:
يوضح الكتاب المقدّس عجز العقل البشريّ عن إدراك الأمور الإلهيّة، فيقول في سفر أيّوب «أَإِلَى عُمْقِ ٱللّٰهِ تَتَّصِلُ، أَمْ إِلَى نِهَايَةِ ٱلْقَدِيرِ تَنْتَهِي؟ هُوَ أَعْلَى مِنَ ٱلسَّمَاوَاتِ، فَمَاذَا عَسَاكَ أَنْ تَفْعَلَ؟ أَعْمَقُ مِنَ ٱلْهَاوِيَةِ، فَمَاذَا تَدْرِي؟ أَطْوَلُ مِنَ ٱلأَرْضِ طُولُهُ وَأَعْرَضُ مِنَ ٱلْبَحْرِ» (أيّوب ١١: ٧ - ٨).
وقال أحد الحكماء «ابحثوا عن الربّ الضابط الكلّ وأنتم لا تدركون سرّ حكمته... كيف إذاً تبحثون عن الله وتعرفون عقله وتدركون أفكاره؟».
وقال بولس الرسول «يَا لَعُمْقِ غِنَى ٱللّٰهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ ٱلْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ ٱلٱسْتِقْصَاءِ! لأَنْ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ ٱلرَّبِّ، أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيراً؟» (رومية ١١: ٣٣ - ٣٤).
من هذا يتّضح عجز الإنسان عن معرفة الأمور المختصّة بالله.
ضرورة الإعلان:
يحتاج الأمر إذاً إلى نعمة الإعلان أو «إشراق الله» ليعرّفنا بسرّ حكمته كما قيل في الكتاب «يَا لَيْتَ ٱللّٰهَ يَتَكَلَّمُ وَيَفْتَحُ شَفَتَيْهِ مَعَكَ وَيُعْلِنُ لَكَ خَفِيَّاتِ ٱلْحِكْمَةِ!» (أيّوب ١١: ٥-٦).
إنّ الله مستعدّ أن يعلن لك عن نفسه، فمن صلاة السيّد المسيح ترى هذه الحقيقة إذ يقول «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا ٱلآبُ رَبُّ ٱلسَّمَاءِ وَٱلأَرْضِ، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هٰذِهِ عَنِ ٱلْحُكَمَاءِ وَٱلْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ» (متّى ١١: ٢٥) ولعلّك تدرك من هذا الكلام أنّ إشراقة النعمة في القلب تعلن للبسطاء المشبَّهين هنا بالأطفال. أمّا الذين يريدون أن يدركوا بالعقل والحكمة وحدهما تلك الأسرار فلن يبلغوا إليها. لقد أعلن الله الآب سرّ الإيمان لبطرس الرسول فقال «أَنْتَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْماً وَدَماً لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لٰكِنَّ أَبِي ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ» (متّى ١٦: ١٦-١٧).
إنّ يسوع المسيح نفسه أيضاً مستعدّ أن يعلن لك عن ذاته وعن سرّ الإيمان إذ يقول: «لَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ ٱلٱبْنَ إِلاَّ ٱلآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ ٱلآبَ إِلاَّ ٱلٱبْنُ وَمَنْ أَرَادَ ٱلٱبْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ» (متّى ١١: ٢٧).
لقد تكرّم الابن فأعلن لبولس الرسول سرّه فقال «لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ» (غلاطية ١: ١٢).
والروح القدس في ملء نعمته يعمل الآن في العالم معلناً لكلّ إنسان طريق الإيمان ليتمتّع بشركة النعمة ويعرف الربّ حقّ المعرفة. هذا ما وضّحه بولس الرسول في قوله: «لٰكِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةٍ بَيْنَ ٱلْكَامِلِينَ، وَلٰكِنْ بِحِكْمَةٍ لَيْسَتْ مِنْ هٰذَا ٱلدَّهْرِ، وَلاَ مِنْ عُظَمَاءِ هٰذَا ٱلدَّهْرِ، ٱلَّذِينَ يُبْطَلُونَ. بَلْ نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةِ ٱللّٰهِ فِي سِرٍّ: ٱلْحِكْمَةِ ٱلْمَكْتُومَةِ، ٱلَّتِي سَبَقَ ٱللّٰهُ فَعَيَّنَهَا قَبْلَ ٱلدُّهُورِ لِمَجْدِنَا، ٱلَّتِي لَمْ يَعْلَمْهَا أَحَدٌ مِنْ عُظَمَاءِ هٰذَا ٱلدَّهْرِ - لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ ٱلْمَجْدِ. بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ ٱللّٰهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ. فَأَعْلَنَهُ ٱللّٰهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ. لأَنَّ ٱلرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ ٱللّٰهِ. لأَنْ مَنْ مِنَ ٱلنَّاسِ يَعْرِفُ أُمُورَ ٱلإِنْسَانِ إِلاَّ رُوحُ ٱلإِنْسَانِ ٱلَّذِي فِيهِ؟ هٰكَذَا أَيْضاً أُمُورُ ٱللّٰهِ لاَ يَعْرِفُهَا أَحَدٌ إِلاَّ رُوحُ ٱللّٰهِ. وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ ٱلْعَالَمِ، بَلِ ٱلرُّوحَ ٱلَّذِي مِنَ ٱللّٰهِ، لِنَعْرِفَ ٱلأَشْيَاءَ ٱلْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ ٱللّٰهِ، ٱلَّتِي نَتَكَلَّمُ بِهَا أَيْضاً، لاَ بِأَقْوَالٍ تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ (أي الفلسفة)، بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ، قَارِنِينَ ٱلرُّوحِيَّاتِ بِٱلرُّوحِيَّاتِ. وَلٰكِنَّ ٱلإِنْسَانَ ٱلطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ ٱللّٰهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ، وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ رُوحِيّاً. وَأَمَّا ٱلرُّوحِيُّ فَيَحْكُمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ» (١ كورنثوس ٢: ٦ - ١٥).
يتّضح لك من هذا الكلام نقطة جوهريّة في غاية الأهمّيّة وهي ضرورة تحوّل الإنسان الطبيعيّ إلى إنسان روحيّ حتّى يستطيع أن يقبل ويعرف الأمور الخاصّة بالله. فاطلب من الربّ أن يغيّرك ويعلن لك عن ذاته. ولا بدّ أن يستجيب لأنّه «يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ ٱلنَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإِلَى مَعْرِفَةِ ٱلْحَقِّ يُقْبِلُون» (١ تيموثاوس ٢: ٤).جاذبيّة حنان
قال فيلسوف مشهور: «إنّ الإنسان لا يملك أن يبلغ بقوّته الطبيعيّة إلى طبيعة الله، ولكنّ الله هو الذي يجذب إليه الإنسان ويرفعه إلى بهاءٍ لا يدركه عقل» (تاريخ الفلسفة الأوروبّيّة في العصر الوسيط ص ٥٤).
حقيقة لا يمكن أن يُقبل أحد إلى الله إن لم يجتذبه هو، كما قال السيّد المسيح له المجد: «لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُقْبِلَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يَجْتَذِبْهُ ٱلآبُ» (يوحنّا ٦: ٤٤). وإذ عرفت عروس النشيد هذا السرّ صرخت قائلة «اُجْذُبْنِي وَرَاءَكَ فَنَجْرِيَ» (نشيد الأنشاد ١: ٤).
والربّ يجذبنا إليه بحبّه وحنانه. فإذ تذكر النفس البشريّة مقدار محبّة الله لها تُسبَى في محبّته. ويقول الرسول «نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلاً» (١ يوحنّا ٤: ١٩).
ألا تدري ما فعلته محبّة الله من أجلك؟ يقول بولس الرسول «ٱللّٰهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ ٱلْمَسِيحُ لأَجْلِنَا» (رومية ٥: ٨). لقد دفعته المحبّة أن يتّخذ جسداً بشريّاً ويسير في طريق الجلجثة حاملاً الصليب ليوفي عنّي وعنك قصاص الخطيّة الذي نستحقّه وهو الموت... وبسرّ عجيب يدخل القبر الرهيب، ويطفئ نار اللهيب، ويفتح لنا باب الرجاء وطريق المجد، وحطّم بقيامته سلطان الموت وأغلال الخطيّة، وذهب في حبّ عجيب ليعدّ لنا مكاناً في ملكوته الذي سرّ أن يعطيه لنا (لوقا ١٢: ٣٢). وعن قريب يأتي المسيح ليأخذنا، حتّى حيث يكون نكون نحن أيضاً معه في مجده (يوحنّا ١٤: ٢ و٣).
إيه أيّتها المحبّة الإلهيّة! أيّ امتياز أعطيتنا، وأيّة كرامة وهبت لنا، وبأيّ حنان جذبتِنا!
عن غير طريق الحبّ لن تعرف الله. فالعبادة ليست مجرّد تعاليم وعقائد ونظريّات وفرائض، وإنّما هي قمّة الحبّ وأسمى درجاته. وليس الله «صورة» لكائن قد صنعتها عقول البشر وتخيّلتها أفكار الناس وحدّدتها تعاريف رجال الدين وحلّلتها نظريّات الفلاسفة واللاهوتيّين بحسب ما يتناسب مع عقولهم من آراء ومفاهيم، بل كما قال الرسول: «اَللّٰهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي ٱلْمَحَبَّةِ يَثْبُتْ فِي ٱللّٰهِ وَٱللّٰهُ فِيهِ» (١ يوحنّا ٤: ١٦).
فهل ارتبط قلبك بمحبّة الله؟ لا ترتبك بالنظريّات والمناقشات، ولكن يكفي أن تتأمل في الله المحب وستتطهر نفسك من أنانيتك.نور الإيمان
عندما تشرق النعمة في قلب الإنسان يستضيء بنور الإيمان ولا يمكن للمرء أن يصل إلى الإيمان الحقيقيّ بدون إشراقة النعمة كما يوضح الكتاب قائلاً «قَدْ جَاءَ نُورُكِ وَمَجْدُ ٱلرَّبِّ أَشْرَقَ عَلَيْكِ. لأَنَّهُ هَا هِيَ ٱلظُّلْمَةُ تُغَطِّي ٱلأَرْضَ وَٱلظَّلاَمُ ٱلدَّامِسُ ٱلأُمَمَ. أَمَّا عَلَيْكِ فَيُشْرِقُ ٱلرَّبُّ، وَمَجْدُهُ عَلَيْكِ يُرَى. فَتَسِيرُ ٱلأُمَمُ فِي نُورِكِ، وَٱلْمُلُوكُ فِي ضِيَاءِ إِشْرَاقِكِ» (إشعياء ٦٠: ١ - ٣).
وقال بولس الرسول: «لأَنَّ ٱللّٰهَ ٱلَّذِي قَالَ أَنْ يُشْرِقَ نُورٌ مِنْ ظُلْمَةٍ، هُوَ ٱلَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ ٱللّٰهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ» (٢ كورنثوس ٤: ٦).
وقد أشرقت النعمة في حياة كثيرين نذكر منهم:
شاول الطرسوسيّ: وهو رجل يهوديّ متعصّب كان يضطهد المسيحيّين ويجرّهم إلى السجون، ويحكي هو عن نفسه قائلاً «فَأَنَا ٱرْتَأَيْتُ فِي نَفْسِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَصْنَعَ أُمُوراً كَثِيرَةً مُضَادَّةً لٱسْمِ يَسُوعَ ٱلنَّاصِرِيِّ. وَفَعَلْتُ ذٰلِكَ أَيْضاً فِي أُورُشَلِيمَ، فَحَبَسْتُ فِي سُجُونٍ كَثِيرِينَ مِنَ ٱلْقِدِّيسِينَ... وَلَمَّا كَانُوا يُقْتَلُونَ أَلْقَيْتُ قُرْعَةً بِذٰلِكَ. وَفِي كُلِّ ٱلْمَجَامِعِ كُنْتُ أُعَاقِبُهُمْ مِرَاراً كَثِيرَةً، وَأَضْطَرُّهُمْ إِلَى ٱلتَّجْدِيفِ. وَإِذْ أَفْرَطَ حَنَقِي عَلَيْهِمْ كُنْتُ أَطْرُدُهُمْ إِلَى ٱلْمُدُنِ ٱلَّتِي فِي ٱلْخَارِجِ. وَلَمَّا كُنْتُ ذَاهِباً فِي ذٰلِكَ إِلَى دِمَشْقَ، بِسُلْطَانٍ وَوَصِيَّةٍ مِنْ رُؤَسَاءِ ٱلْكَهَنَةِ، رَأَيْتُ فِي نِصْفِ ٱلنَّهَارِ فِي ٱلطَّرِيقِ، أَيُّهَا ٱلْمَلِكُ، نُوراً مِنَ ٱلسَّمَاءِ أَفْضَلَ مِنْ لَمَعَانِ ٱلشَّمْسِ قَدْ أَبْرَقَ حَوْلِي... سَمِعْتُ صَوْتاً يُكَلِّمُنِي بِٱللُّغَةِ ٱلْعِبْرَانِيَّةِ: شَاوُلُ شَاوُلُ، لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي... فَقُلْتُ أَنَا: مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟ فَقَالَ: أَنَا يَسُوعُ ٱلَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. وَلٰكِنْ قُمْ وَقِفْ عَلَى رِجْلَيْكَ لأَنِّي لِهٰذَا ظَهَرْتُ لَكَ، لأَنْتَخِبَكَ خَادِماً وَشَاهِداً بِمَا رَأَيْتَ وَبِمَا سَأَظْهَرُ لَكَ بِهِ، مُنْقِذاً إِيَّاكَ مِنَ ٱلشَّعْبِ وَمِنَ ٱلأُمَمِ ٱلَّذِينَ أَنَا ٱلآنَ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِمْ، لِتَفْتَحَ عُيُونَهُمْ كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ، وَمِنْ سُلْطَانِ ٱلشَّيْطَانِ إِلَى ٱللّٰهِ، حَتَّى يَنَالُوا بِٱلإِيمَانِ بِي غُفْرَانَ ٱلْخَطَايَا وَنَصِيباً مَعَ ٱلْمُقَدَّسِينَ» (أعمال الرسل ٢٦: ٩ - ١٨).
وهكذا أشرقت النعمة واستنار شاول بنور الإيمان وأصبح فيما بعد بولس الرسول فيلسوف المسيحيّة.
الشيخ ميخائيل منصور (عن كتاب باسمه طُبع بمطبعة المحيط بالفجّالة، تأليف أخيه الشيخ كامل منصور ص ٩ - ٤١): هذا الرجل أيضاً أشرقت النعمة في حياته، ونلخّص لك ما كتبه عنه أخوه الشيخ كامل منصور قال هو م. بن م. بن منصور، وُلد بمدينة سوهاج في شهر مارس سنة ١٨٧١. تلقّى علوم الدين على أيدي كبار رجال الدين. وبعد أن أتمّ علومه كان يصرف في العبادة أكثر ليله غارقاً في بحار البحث وراء الأسرار الإلهيّة. وفي سنة ١٨٩٣ قام في ذهنه أن يبحث في أمر الدين المسيحيّ، واستأذن أستاذه في مجادلة المسيحيّين، فلم يوافقه على ذلك خوفاً على تلميذه من أن يقع في الخيلاء والكبرياء.
ولكنّه ابتدأ يناقش ويجادل رجال الدين. وكثيراً ما كانت تطول المناقشات على غير طائل، وفي ذات يوم قال له أحدهم «كلّ امرءٍ يطلب من ربّه الهداية، وأنا أنصحك أن تطلب من الله الإرشاد إلى الحقّ». فقابل هذا الكلام بنوع من الاستهزاء قائلاً له «وهل أنا أشكّ في عقيدتي؟ معاذ الله». إلاّ أنّه بعد مفارقته له دار في خلده ما طلبه منه هذا الرجل «أنا أنصحك أن تطلب من الله الإرشاد إلى الحقّ» وأخذت نعمة الروح القدس تعمل عملها في قلبه... وابتدأت مرحلة الشكّ حتّى لقد ظننا أنّه قد أُصيب بمرض عقليّ، فكان يبدو شاحب اللون ولقد عكف على قراءة الكتاب المقدّس مفتّشاً عن الحقّ الإلهيّ...
وبعد مدّة ظهرت على وجهه علامات السرور والبهجة. وما ذلك إلاّ لأنّ أنوار الفادي شملته وأشرقت على نفسه شمس البرّ.
لقد تجلّى له المسيح بمحبّته الفائقة وسموّ مبادئه وجمال تعليمه، فعرف أنّه وحده الطريق والحقّ والحياة، وأنّ الإنسان خاطئ وجاهل وعبد لا يخلّصه غير المسيح. وإن نسيت ذاكرتي أموراً كثيرة فلم أنسَ ولن أنسى الفرح العظيم الذي ملأ قلبه والبِشر الجليل الذي تلألأ به مُحيّاه، ثمّ الدموع التي بلّلت ملابسه من شدّة سروره عندما طلبتُ منه الإنجيل أوّل مرّة. والحقّ يُقال إنّي كنت في أوّل الأمر خجلاً به، وكنت طوراً أدعو الله من أجله ليرجع، وتارة كنت أبحث عن المشهورين بالعلم والذكاء لآخذهم إليه حتّى يُرجعوه، وأحياناً كنت ألجأ إلى بعض الأشرار ليهدّدوه. ولكنّي وجدته ثابتاً كالطود الشامخ في المسيح يسوع، مستعذباً في حبّه له كلّ عذاب. فكّرت طويلاً في ما هو سرّ ذلك؟ إنّي أعلم بيقين تامّ بأنّه لم تكن له غاية عالميّة، فقد بدا لعينيَّ واضحاً. فقابلني هذه المقابلة البهجة، ونشكر الله لأنّه كان سبباً في هداية كثيرين أولهم أنا إلى مجد الفادي.أعظم برهان
إذ ينجذب الإنسان بعمل النعمة إلى حظيرة الإيمان لا يحتاج فيما بعد إلى دليل أو برهان منطقيّ لتثبيت حقائق الإيمان، إذ أصبح الدليل والبرهان في قلبه من داخل، ويرى الربّ في داخله وقد حوّله إلى رجل آخر، ولا يعود فيما بعد يبحث عنه خارج كيانه! فقد قال الفيلسوف الشهير أوغسطينس بعد أن قبل الإيمان «ها إنّي قد وجدتك وأدركتك. فيا لسعدي، ما أعظمه! ويا لحظّي، ما أسعده! كنت أفتّش عليك في أشياء خارجيّة ولكن هذا التفتيش لم ينفعني إذ وجدتك في نفسي وفي قلبي، وها أنا أمسكك وها أنا أراك» (إعترافات القدّيس أوغسطينس).
فالمؤمن يرى ويلمس الربّ في حياته التي غيّرها بالتمام، فحوّله من إنسان شهوانيّ عبد الخطيئة إلى إنسان روحانيّ محبّ للقداسة.. المؤمن يرى الربّ في قلبه الذي تطهّر من أدران الخطيّة «طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ ٱلْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ ٱللّٰهَ» (متّى ٥: ٨).
إنّ الإيمان بعد عمل النعمة لا يصبح فيما بعد إيماناً عقليّاً بأمور غيبيّة يفتقر إلى أدلّة وبراهين، بل إيماناً اختباريّاً يجعل الذئب حملاً. وهذا هو أكبر دليل وأعظم برهان على صحّة الإيمان.
اختبار القدّيس موسى الإفريقيّ:
كان رجلاً وحشيّاً قاتلاً ورئيس عصابة وثنيّاً، ولكنّ النعمة بدأت ترسل أشعّتها إلى قلبه فذهب إلى شيخ قدّيس وقال له «قد سمعت أنّك عبد الله الصالح ومن أجل هذا هربت وأتيت إليك ليخلّصني الإله الذي خلّصك، فاخبرني وعرّفني عن الله». فسأله القدّيس «وماذا كان معبودك؟» أجابه «إنّي لا أعرف سوى الشمس إلهاً، لأنّي لمّا تطلّعت إليها وجدت أنّها أنارت المسكونة بضيائها، وكذلك إلى القمر والنجوم التي فيها أسرار عجيبة، وكذلك إلى البحر وقوّته. ولكن كلّ هذه جميعاً لم تشبع نفسي. وعرفت أنّ هناك إلهاً آخر لا أعرفه أعظم من كلّ هذه وقلت له: أيّها الربّ الإله الساكن في السماء، هادي الخليقة كلّها، اهدني إليك الآن، وعرّفني ما يُرضيك. لذلك أتيت إليك لتخبرني وتسأل الله عنّي حتّى لا يغضب عليّ لأجل شرّ أعمالي». (عن مخطوط المتحف القبطيّ ص ٤٩٦).
فابتدأ الشيخ يعظه بكلام الله، وحدّثه عن الدينونة والخلاص ومحبّة الله للخطاة. وتكامل عمل النعمة في قلبه فأشرق الربّ في قلبه وسالت دموع التوبة ولمع وجهه بنور الإيمان، وأصبح موسى المتوحّش قدّيساً من أعظم رجال الإيمان.
من الذي غيّر هذا الذئب إلى حمل؟ إنّه عمل النعمة العجيب! ومَن الذي أفهمه الإيمان؟ لقد رأى الربّ في حياته ولمس يده الخالقة تغيّره بالتمام!
اختبار جبران:
نشأ جبران في بيت متعصّب، وأشرف الأب على تلقين ابنه أصول الدين. وما أن مات الأب حتّى تحلّل الشابّ من قيود الأخلاق وتوغّل في الإجرام، حتّى فكّر أهله في حلّ للمشكلة فأودعوه مدرسة داخليّة. وكان بالمدرسة طالب يدعى ميشيل وذاق ميشيل من جبران ألوان العذاب حتّى جاء يوم احتفال بالمدرسة وفكّر جبران إمعاناً في مضايقة ميشيل أن يكلّفه بحمل جميع الكراسي اللازمة، واستصدر بذلك أمراً من إدارة المدرسة. وذهب ليبحث عن ميشيل فلمحه يقفز من فوق سور المدرسة ويتوغّل في غابة بالقرب من السور، فظنّه هارباً من المسؤوليّة فتتبّعه، وإذ به يراه يدلف إلى موضع جعلت منه الأغصان المتشابكة شبه كوخ صغير، ومن خلف إحدى الأشجار وقف جبران متخفّياً ليستقصي سرّ هذا الكوخ!! وإذ به يرى ميشيل يوقد شمعة صغيرة ثمّ يركع على ركبتيه ويسمع صوته الخافت يغنّي (على حدّ تعبيره قبل أن يعرف معنى ذلك) ثمّ يراه يخرج مفكّرة (على حدّ تعبيره من جيبه ويقرأ فيها) وبعد أن انتهى من القراءة رآه يرفع وجهه إلى أعلى، ولاحظ انسكاب الدموع من عينيه وصوته مختنقاً بالبكاء... وبعد أن انتهى من ذلك أطفأ الشمعة وعاد إلى المدرسة، وجبران يتبعه من بعيد. وما أن دخل ميشيل المدرسة حتّى لحق به جبران وأمسك بكتفه وسأله «أين كنت؟» فأجاب: «كنت أعبد ربّي». قال له «كذبت، فقد رأيتك وتتبّعتك منذ أن قفزت من السور حتّى دخلت الكوخ، وأخذت تغنّي وتقرأ في نوتة ثمّ تبكي.. فإنّ هذا من علامات الجنون». فأجاب بهدوء «لست مجنوناً، فما كنت أغنّي، ولكنّي كنت أرنّم للربّ. وما كنت أقرأ من نوتة، بل في الإنجيل. وأخيراً صلّيت لربّي ليغفر إثمي ويعينني في حياتي».
فقال له «هل أستطيع أن أرى الإنجيل؟» فأخرجه له، ولكنّ جبران كان قد سمع من أبيه أنّ من يمسك إنجيل النصارى لا بدّ أن يصاب بشلل في يده أو خبل في عقله. ولكنّ المنظر الذي رآه جبران جذبه إلى معرفة سرّ هذه العبادة التي تحدو بالإنسان أن يدخل الغابة ليتعبّد. فأمسك الإنجيل بأطراف أصابعه حتّى إذا شعر بالشلل ألقاه ونجا من الخطر!! ولكنّه لم يشعر بشيء ممّا قيل له، فأخذ الإنجيل واستأذن من ميشيل أن يقرأه.
وانفرد جبران يقرأ الإنجيل طيلة الليل... ولكنّه لم يستطع أن يفهم شيئاً. وفي الفجر ذهب إلى ميشيل وأيقظه، وبدأ يسأل عمّا لم يفهمه. وابتدأ ميشيل يشرح له ولكن دون جدوى. فأغلق ميشيل الكتاب وقال له «سأذكر لك محتويات الإنجيل باختصار».
فالحقيقة الأولى هي أنّ الإنسان خاطئ، وأنا وأنت خطاة.
والحقيقة الثانية أنّ عقوبة خطايانا هي عذاب جهنّم الأبديّة.
والحقيقة الثالثة هي أنّ الله في محبّته أرسل المسيح ليفدينا من عقوبة الخطيّة، فصُلِب عوضاً عنّا.
والحقيقة الرابعة إن أنت آمنت بهذا وندمت على خطاياك يقبلك الربّ ويخلّصك من نار جهنّم الأبديّة.
كانت كلمات بسيطة ولكنّها ممسوحة بالنعمة وخارجة عن اختبار. وفي ذات اللحظة كانت يد الله تعمل في قلب جبران.. وكانت المعجزة، وأشرق وجه الفتى وقال «أنا أؤمن». وصلّيا معاً. وتوالت الأحداث والاختبارات في حياة جبران الشرس الأخلاق إلى جبران الحمل الوديع والخادم المبارك في كرم الربّ، وصار سبب بركة لنفوس كثيرة من أبناء الإيمان وغيرهم.
هذا هو عمل النعمة العجيب والبرهان الأعظم على صحّة إيماننا الأقدس. ليت الربّ يعمل فيك يا عزيزي القارئ لتصير ابناً للعليّ، وشاهداً أميناً للسيّد الذي أحبّنا وفدانا بدمه.
انتظروا اسئلة الموضوع ومنتظرين الاجابة منكم