لو كان المراد من إشباع الشبق الجنسي هو الجماع بذاته وحده لما شرع الاستمتاع بما دون الفرج من الحائض أثناء حيضها, لأن جماعها حينئذ حرام, والقرب منها لا يؤدي الغرض المقصود, وربما أوقع في الحرام.
ولكن الشخصية السوية المستقيمة تتطلب إشباعا آخر غير الإشباع الناشئ من اللقاء الجنسي, هو ما أشرت إليه في الموضوع السابق ( حقيقة الشبق الجنسي), وهو ما شرعه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وفعله بنفسه تشريعا للأمة في كل زمان ومكان, وحفظا للعفاف بين الرجال والنساء على درجة قوية تتحدى نزعات الشيطان, وزيغ العيون, وميل القلوب إلى ألوان الجمال التي اختلفت باختلاف الأذواق واختلاف البصمات في البنان.وقد بين رسول الله – صلى الله عليه وسلم- سلوك الزوجين بعضهما مع البعض أثناء حيض الزوجة فقال في حديث أنس أخرجه مسم وأبو داوود:”… واصنعوا كل شيء إلا النكاح”. أي إلا الجماع.
وأخرج الشيخان عن عائشة أنه قالت:” كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يأمر إحدانا إذا كانت حائضا أن تتزر, ثم يضاجعها. وقالت مرة: يباشرها”.
والمراد بالمباشرة هنا كما جاء في ” النهاية ” لابن الأثير الملامسة, أي لمس بشرة الرجل بشرة المرأة. أي يستمتع بجسدها على أي وجه غير الجماع.
ولم يكن الرجال وحدهم هم المتطلعون إلى هذا الشيء, بل كان النساء يسألن عنه, وقد ذكر ابن سعد أن الصهباء بنت كريم سألت عائشة: ما للرجل من امرأته إذا كانت حائضا؟ قالت:” كل شيء إلا الجماع”.
من هذه النصوص تظهر لنا حقيقتان:
1/ أن العلاقة الجنسية بين الزوجين لا تقتصر على مجرد اللقاء الجنسي وهو الجماع, ولا يكون الشبق الجنسي قاصرا على الرغبة في الجماع, بل أن العلاقة الجنسية والشبق الجنسي هو مجموع أعمال من أعمال الاستمتاع المشتركة بين الذكورة والأنوثة ومنها الجماع. أي هو جوع الذكر إلى الأنثى وجوع الأنثى إلى الذكر بكل مقوماتهما.