ميلاد المسيح وتغيير الثقافات

مواضع كثيرة في الكتاب المقدس نري انه لبعض المواليد التي ستغير التاريخ يموت في ولادتهم عدد كثير من النفوس الموجودة في زمنهم ، فعندما ولد المسيح قام هيرودس وقتل جميع الصبيان " متى 2:‏16 حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ غَضِبَ جِدًّا. فَأَرْسَلَ وَ‍قَتَلَ جَمِيع الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ، بِحَسَب الزَّمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ." لكي يضمن قتل صبي لا يعرف ملامحه ولا مكان سكنه ، قتل جميع الاطفال المحيطين حوله ليضمن موت الصبي مع جميع الصبيان ، انها سياسة حب الامتلاك ومحبة النفس ، فلن يبالي بحزن أسر هؤلاء الصبيان ، بل ما يهمه هو نفسه والحفاظ علي كرسيه .

ميلاد في بهجة وصرخة أحزان :
ولد المسيح في اجواء من الخوف والقتل والموت والصراخ والهروب من دكتاتورية حاكم ، ولكن لآن المولود له مستقبل مرتبط بمشيئة الرب ، تم انقاذه بطريقه معجزية ، ليتم مجد الله ومشيئته في هذا المولود العظيم ، الذي سيغير تاريخ العالم في معالمها الجغرافية والحضارية ، فكل من يؤمن بالمسيح تتغير حياته وتتبدل ثقافته ، بل استطيع القول بأنه تتغير بيئته .

ولد المسيح فهتفت السماء قائلةً : " لوقا 2:‏14 "‍الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ " فالسماء فرحت والأرض تهللت والناس بهجت ، ولكن بيت لحم صرخ " متى 2:‏18 "صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ، نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. ‍رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَلاَ تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ". إرميا 31:‏15 " ياله من وقت صعب ، لآنه في الوقت الذي يجب علي الناس المسرة ، هو نفس الوقت الذي وجد فيه نوح وبكاء وعويل كثير ، ولكن هل سيدوم هذا النوح والبكاء ، ام سيتبخر مع مرور الزمن ومضي الأيام ؟ انه سؤال اجابته صعبه جدا لآنه مع مرور الزمن التاريخ يذكر ما حدث ، وكلمة الله دونت لنا هذا الصراخ والبكاء والعويل ، لذلك سنراه دائما ، وسيظل محفورا في كل مؤمن وكل قارئ لكلمة الله في كل جيل ، ولكن يبقي السؤال : لماذا مع ولادة عظيم يحدث هذا النوح ؟ فعندما ولد موسي قام فرعون وقتل جميع أطفال العبرانيين " الخروج 1:‏22 ثُمَّ ‍أَمَرَ فِرْعَوْنُ جَمِيعَ شَعْبِهِ قَائِلاً: "كُلُّ ابْنٍ يُولَدُ تَطْرَحُونَهُ فِي النَّهْرِ، لكِنَّ كُلَّ بِنْتٍ تَسْتَحْيُونَهَا". " كي يقل عدد الرجال ويزيد عدد النساء حتي لا تصير دولة داخل دولة ، هذه خطط وسياسات حكومات ، ولكن للرب خطة اخري ، انه يولد ولد ويربي في بيت فرعون ليخرج منه الي البرية ويعود مهيأ ليخرج شعب الله من العبودية .

ولادة جيل ومحاولة قتل مع سبق الإصرار والترصد :
عندما يريد الله ان يولد جيل ليعمل مشيئة الله ، لا يهدأ ابليس ، لآن اثار ومعالم الحمل تظهر انه سيولد ولد يعمل مشيئة الرب ، لذلك يحاول بكل جهده ان يقتل هذا المولود كي لا يكون للرب ذكر في الأرض ، ولكن هيهات لآن : " المزامير 24:‏1 ‍لِلرَّبِّ الأَرْضُ وَمِلْؤُهَا. الْمَسْكُونَةُ، وَكُلُّ السَّاكِنِينَ فِيهَا. " فالرب قادر علي ابطال مشورة العدو ومخطوطاته ، حتي لو كان حسب الظاهر ابليس منتصر ، ولكنه لوقت قصير ، وسينمو الولد كما كان ينمو موسي وكما كان ينمو يوحنا المعمدان ، وكما كان ينمو المسيح " لوقا 2:‏40 وَكَانَ الصَّبِيُّ ‍يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ، مُمْتَلِئًا حِكْمَةً، وَكَانَتْ نِعْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ. " وجاء الوقت الذي قام المسيح ليهدم كل اسوار بناها العدو ، ويرفع اسم الأب عاليا معلنا للناس اسمه ، حتي انه قال للاب في صلاته : " يوحنا 17:‏26 وَ‍عَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ، لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ، وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ". "

لذلك احبائي لا تخافوا عندما يشتد الظلام ويقتل الكثيرين الأبرياء كما قتل الاطفال أيام المسيح وأيام موسي ، فقد يظهر ان للظلم سيادة ، وللظلام قوة ، وللباطل أسوار ، ولكن الفجر قريب ، سيشرق شمس البر ، سيولد المولود وينمو الصبي ويعمل مشيئة الرب ويعلن كما اعلن المسيح ان : "... ‍أَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا .متى 16:‏18 " .

في ولادة المسيح تغيير للثقافات :
ولد المسيح وجاء زمن التبشير ، فقد بدأت السماء بالكرازة السارة " أَنَّهُ ‍وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. لوقا 2:‏11" فالتبشير ثقافة جديدة بدأتها السماء واتمها المسيح في حياته وتنقلاته من قرية الي قرية ومن حي الي حي ، فكان ينادي قائلاً : " مِنْ ذلِكَ الزَّمَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَكْرِزُ وَيَقُولُ:"‍تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ". متى 4:‏17" فقد بدأ المسيح ينشر ثقافة جديدة هي الكرازة والتبشير ، وهذا لم يكن من قبل لا في زمن ابراهيم ولا موسي ومع الانبياء مثل ايليا واليشع وغيرهم ، اما في زمن ولادة المسيح ونموه في القامة والنعمة والحكمة رغم كل المعوقات التي كادت تقضي علي حياته ولكن الاب ابقاه لعمل عظيم ، فأسس اول عمل رسولي للمناداة بالخبر السار الذي هو ميلاد المسيح وخلاص البشرية بالفداء ، لذلك اوصي تلاميذه قائلاً : " وَقَالَ لَهُمُ:"‍اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا.

مرقس 16:‏15 " فلم ينشر ثقافة السيف والقتل والأخذ بالثأر ، وتغيير المنكر بالسيف ، لكنه اسس مدرسة المحبة التي هي رباط الكمال " وَعَلَى جَمِيعِ هذِهِ الْبَسُوا الْمَحَبَّةَ الَّتِي هِيَ ‍رِبَاطُ الْكَمَالِ. كولوسى 3:‏14 " وعندما قال " يوحنا 13:‏34 ‍وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. " المسيح له كل المجد غير المفاهيم ، وعمق مستوي الادراك ، فكل من يأتي اليه يستطيع ان يغير داخله ، فيصير انسان جديد " كورنثوس الثانية 5:‏17 إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ ‍فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا. " فمن يقبل الي المسيح يعطي له امكانية التغير الداخلي فيستطيع ان يترك قديمه ، ويستطيع ان يحمل ارسالية المسيح علي عاتقه ، ويمتلئ بالمحبة وخدمة الاخرين .

شكرا حبيبتى على موضوعك القيم

» معجزة ميلاد المسيح
» مغارة ميلاد السيد يسوع المسيح رموزها ومعانيها
» ميلاد ربنا يسوع المسيح
» صور قبر السيد المسيح و الأماكن التي مر بها السيد المسيح
» ماذا نتعلم من ميلاد السيد المسيح