[b][center]
4- المعمودية βάπτισμα
(أ) كلمة معمودية (βάπτισμα ) لم ترد
كثيراً في رسائل القديس بولس الرسول ، فقد وردت حوالي ثلاثة مرات ، ولكنه
يستعمل أكثر منها كلمة ( βαπτίζειν) وهي صيغة التكثير من كلمة يغطس في
الماء (βάπτειν ) تُفيد : " غُطس عدة مرات "
وهذا المعنى بالطبع هو هو نفس المعنى سواء في معمودية يوحنا أو في معمودية المسيح رب المجد ، أو في الطقس الكنسي وهي ثلاثة مرات .
وكلمة يغطس (βάπτειν ) وردت كثيراً في العهد القديم ، بعكس كلمة " يُعمد "
بمعنى " غطَّس كثيراً " التي لم تَرِد في كل العهد القديم سواء مرتين فقط
:
+ " فنزل وغّطَسَ سبع مرات (βαπτίζειν) في الأردن " (2مل5: 14)
+ " تاه قلبي وفي الخطية غَطِسْتُ مرات (βαπτίζειν) ، وغَشِيَتْ الرعبه نفسي " (إش21: 4 حسب الترجمة السبعينية )
* " المعمودية " وردت في رسائل القديس بولس الرسول – كما سبق وقلنا –
ثلاثة مرات : اثنان منها وردت بمعنى الدفن السري ، والثالثة بمعنى وحدة
الكنيسة :
(1) " فدفنا معه بالمعمودية للموت ... " (رو6: 4 )
(2) " مدفونين معه في المعمودية التي فيها أُقِمْتُم أيضاً معه بإيمان عمل الله الذي أقامه من الأموات " (كو2: 12)
(3) "رب واحد ، إيمان واحد ، معمودية واحدة " (أف4: 5 )
أما كلمة " يعمَّد " ( βαπτίζειν) فقد وردت في رسائل القديس بولس 13 مرة : وهي يا أما تأتي :
بصيغة يعمَّد في المسيح
أو يُعمَّد في موت المسيح
أو يُعمَّد في جسد واحد
أو يعمد في اسم
وبحسب القديس بولس الرسول وشرحه المتقن ، يكون التعميد إما في المسيح أو في موته أو في جسده أو اسم المسيح
(ب) الأصل أو الأساس في المعمودية
هو صليب ربنا يسوع المسيح . فموت المسيح على الصليب هو في تعبير المسيح
السري " صبغة المسيح βάπτισμα " أي معموديته ، كما جاءت في إنجيل القديس
مرقس الرسول وإنجيل القديس لوقا الرسول :
" فقال لهما يسوع لستما تعلمان ما تطلبان ، أتستطيعا أن تشربا الكأس التي
اشربها أنا وأن تصطبغا بالصبغة (βάπτισμα) التي اصطبغ (βαπτίζομαι) بها
أنا " ( مر10: 38 )
" لي صبغة (βάπτισμα) اصطبغها وكيف أنحصر حتى نُكمَل " (لو12: 50)
(جـ) قد عبرت الكنيسة عن هذا السرّ بعدة مصطلحات هامة للغاية :
1- حميم مقدس : وهو يرمز إلى التطهير الداخلي بالروح القدس .
ويقول القديس غريغوريوس الثيئولوغس (النزينزي) :
[ نعمة المعمودية تنقي الإنسان من خطيئته، وتغسله بالكامل من الأوساخ
والأقذار اللاحقة به من الرذيلة ... وهي من حيث أنها نجدة للولادة الأولى
تجعلنا جدداً من عتق ، وإلهيين بدلاً مما نحن عليه ] (كتاب الروح القدس
للقمص تادرس يعقوب صفحة 56 )
2- الاستنارة : وهو يرمز إلى انفتاح الوعي الروحي على الحق الإلهي في المسيح النور الحقيقي ، بعد العمى الروحي في ظلمة العالم .
ويقول القديس يوستين الشهيد :
[ يُسمى هذا الاغتسال – أي المعمودية – استنارة ، لأن الذين يتعلمون هذه الأمور تستنير أفهامهم ]
ويقول القديس أكليمنضس السكندري :
[ إذ نعتمد نستنير ، وإذ نستنير نُتبنى (الله يتبنانا) ، وإذ نُتبنى
نَكمُل ... يُدعى هذا الفعل بأسماء كثيرة أعني نعمة واستنارة وكمالاً
وحميماً ... فهو استنارة إذ به نرى النور القدوس الخلاصي ، أعني أننا به
نشخُص إلى الله بوضوح ] ( أنظر الروح القدس للقمص تادرس يعقوب صفحة 82و83 )
3- الدفن السري : وهو يرمز إلى الموت للإنسان العتيق والإتحاد بموت الرب .
4- القيامة السرية : وهي ترمز إلى تجديد الخليقة والحياة الجديدة :
" أم تجهلون أننا كل مَنْ إعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته ،
فدفنا معهُ بالمعمودية للموت ،
حتى كما أُقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جدة الحياة ،
لأنه إن كنا صرنا متحدين معه بشبه موته ، نصير أيضاً بقيامته ،
عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صُلب معه ،
ليُبطلّ جسد الخطية كي لا نعود نُستعبد أيضاً للخطية ،
لأن الذي مات قد تبرأ من الخطية " ( رو6: 3-7 )
باختصار :
المعمودية غسل للخطايا ، ختان روحي ، ولادة جديدة من الله ، خلع العتيق
بكل أعماله ولبس المسيح ، هي سرّ العضوية في الكنيسة كاهل بيت الله
وأبنائه ، وهي سرّ الاستنارة الروحية