عبور المسيحية الى السودان
أشرق نور الإيمان المسيحي في القرون الأولى للمسيحية في بلاد السودان وخاصة في القسم الجنوبي منه، وتجذرت المسيحية في أكثرية المناطق المسيحية فكانت قوة يحسب لها حساباً عند الممالك والأمبراطوريات القوية في ذلك الزمان...لم تكن المسيحية قوية بأسلحتها الحربية ولا بجيوشها الجرارة، بل بتأصلها في قلوب وعقول معتنقي الإيمان المسيحي، هذا الإيمان الذي كان السلاح الأول والأقوى والأمضى الذي حارب فيه المسيحيون ثابتين في مواجهة شتى أنواع الإضطهادات التي واجهتم من قبل أعداء المسيح...
العبور إلى السودان
ماضياً
عبرت المسيحية إلى السودان منذ السنوات الأولى لنشأتها وذلك من خلال الرجل عبد وزيرة الحبشة الذي آمن بالمسيح واعتمد على يد فيليبس (أعمال
...يعتبر المؤرخون ان الحبشة المقصودة هي منطقة النوبة التي كانت معروفة بمملكة النوبة وعاصمتها مروى...وبعد انتشار المسيحية في السودان على يد المؤمنين الذين تشتت قسم منهم فوصلوا الى السودان حاملين رسالة الإنجيل فارتدت أعداد كبيرة من الناس من عبادة الآلهة المتعددة الكاذبة إلى عبادة الإله الواحد الحي...فهدمت الحجر والشجر (الأصنام) وبنت مكانها الكنائس...لقد تفعّلت البشارة بقوة مع مساندة وتأييد الأمبراطور ثيودورا العمل الكرازي على يد قس يدعى جوليان عام 543م. الذي نجح في التبشير بالمسيح وساهم في انتشار المسيحية في أوساط المجتمعات الوثنية في منطقة النوبة...حتى صارت المملكة تحت سلطة وحكم المسيحيين لقرون عدة...ومنذ ذلك الزمان والمسيحية أصيلة في أرض السودان وليست دخيلة كما يظن قوم من الناس...وبنعمة الله ستبقة جذور الإيمان راسخة متأصلة متجذرة في هذه المنطقة من العالم...
حاضراً
بالرغم من الشدائد والمصائب والمتاعب التي قاساها المؤمنون المسيحيون السودانيون على مر العصور وحتى يومنا هذا، فلم يقدر أحدٌ على إسدال الستارة على الوجود المسيحي من هذه المنطقة من القارة السوداء فبقيت شعاعاً ينير ظلام الإضطهاد مرفوع الهامة يزرع السلام والمحبة فيحصد كثيرون الخلاص الأبدي...
لم تنته فصول معاناة المسيحيين في السودان حتى يومنا الحاضر...لقد شُنّت عليهم الحروب فتشردوا وجاعوا واستشهدوا من أجل إيمانهم، وحوصروا في الجبال والغابات الكثيفة في منطقة النوبا ولكنهم لم ييأسوا...هدمت وحرقت الكنائس التي وقعت تحت يد مضطهديهم، لكنهم عادوا فبنوها بسواعدهم متكلين على قوة إيمانهم بالمسيح رأس الكنيسة الحيّة اي جماعة المؤمنين باسمه كما يخبرنا الانجيل المقدس (......).
في الوقت الحاضر يشكل المسيحيون حوالي 10 بالمئة من السكان الأصليين...وبالرغم من تواجدهم في مناطق سودانية كثيرة إلا أن الغالبية الساحقة منهم موجودة في جنوب السودان وخاصة في منطقة النوبة...ففي هذه المنطقة كان لهم شبه استقلال ذاتي خلال الحرب التي كانت دائرة بين الحكومة وبين قوات حرّة تسيطر على قسم كبير من جنوب السودان...لكنهم في الوقت عينه كانوا يعانون من الفقر والتشرد فاتخذوا من المغاور والكهوف منازل لهم اتقاءً لقصف المدافع والطائرات...انتهت تلك الحرب ولكن أسبابها الفعلية لم تنته ومن يدري إن كانت ستشتعل من جديد...أخبرني أحد الإخوة المؤمنين السودانيين، وهو من خلفية غير مسيحية، أنه خلال الحرب تهدمت أكثر من 700 كنيسة في الجنوب، واليوم يعاد بناؤها أو ترميمها بالإضافة إلى بناء كنائس جديدة ذلك من خلال دعم وجهد إرساليات مسيحية التي أيضاً تعمل على إنشاء كليات لاهوت لتعليم وتدريب وتخريج خدام للمسيح يرعون الكنيسة والمؤمنين ويبشرون بالمسيح...وأيضاً أخبرني هذا الأخ المؤمن بالمسيح، أن أفواجاً كبيرة من غير المسيحيين تؤمن بالمسيح لأن نور المسيح لم يزل يشع ويسطع في أرجاء السودان...
مستقبلاً
كما في الماضي والحاضر، سيبقى الإيمان المسيحي مصدر شمساً تضيء وتشتت ظلماتٍ وإن بقي الظلم يتربص بهم فهم سيقابلونه بالمحبة ويواجهونه بسلاح الإيمان وترس الحق متمسكين بأرضهم راسخين في إيمانهم بالمسيح رافعين راية الإنجيل بكل فخر وانتصار حتى ظهور ربنا يسوع المسيح آتياً على سحاب السماء بمجد عظيم...