[size=32]الغدة الدرقية من أهم الغدد الموجودة في الجسم، توجد في الجهة الأمامية من منطقة الرقبة، تتمثل وظيفتها الأساسية في إفراز الهرمونات التي تتحكم في عمليات أيض الخلايا، لذلك فعند حدوث أي اضطراب في وظيفة الغدة الدرقية يحدث خلل في جميع وظائف الجسم، وهذا الخلل يظهر إما بزيادة إفراز الغدة، أو بنقصانه.
أمَا مرض "جريفز" موضوع حديثنا اليوم فهو أحد الأمراض المناعية التي تسبب تضخما للغدة الدرقية؛ حيث تسبب الإصابة به فرط إنتاج الغدة الدرقية للهرمونين الدرقيين (t4 وt3) وبالتالي ترتفع نسب هذه الهرمونات في الجسم، مما يؤدي إلى زيادة معدل عمليات الاستقلاب في الجسم؛ ويعرف الاستقلاب على أنه مجموعة من التفاعلات الكيميائية التي تحدث في الكائنات الحية بواسطة العوامل الانزيمية بغرض الحصول على الطاقة أو بناء الأنسجة، وزيادة عمليات الاستقلاب في الجسم يحفز جميع الأنشطة التي تحدث في هذا الجسم، وعادة ما يرافق هذه الحالة تضخم واضح في حجم الغدة الدرقية، وينسب مرض جريفز إلى العالم جريف الذي كان أول من وصف هذه الحالة المرضية.
تعريف مرض جريفز
يمكن تعريف مرض جريفز على أنه أحد أمراض المناعة الذاتية، حيث تتكون بروتينات غير طبيعية تسمى الأجسام المضادة المحفزة للغدة الدرقية تحفز الغدة على إفراز الكثير جدا من هرمون الغدة الدرقية، وهي الحالة التي تعرف بفرط نشاط الغدة الدرقية وتؤدي إلى زيادة معدل الاستقلاب في جسم المريض وزيادة عمليات الأيض (عملية البناء والهدم في الأنسجة). ويرافق حدوث فرط نشاط الغدة الدرقية تضخم في حجم الغدة الدرقية
انتشار المرض
يتم تشخيص مرض جريفز في شخص واحد من كل ألف شخص كل عام، ويصيب النساء أكثر مما يصيب الرجال بسبعة أضعاف تقريبا، وتزداد نسبة الإصابة به في الأشخاص الذين تقع أعمارهم ما بين سن 20 إلى 30 سنة.
آلية حدوث مرض "جريفز"
يحصل مرض جريفز عندما يزداد إنتاج الغدة الدرقية للهرمونين الدرقيين ( t4 وt3)، وينتج ذلك بسبب وجود أجسام مضادة في مجرى الدم؛ مثل الجلوبين المناعي المنشط الدرقي الذي يحفز نشاط الغدة الدرقية لإفراز كميات زائدة من الهرمونات، ويسرع التفاعلات الكيميائية في الجسم، وهذا يؤدي إلى زيادة حجم الغدة الدرقية، ولا يوجد سبب معروف لإنتاج هذا الجسم المضاد، لكن قد يكون للجينات دور في ذلك، حيث إنه يصيب عدة أفراد من عائلة واحدة.
الأعراض المصاحبة للإصابة بـ"جريفز"
من أهم أعراض مرض جريفز ما يلي:
• زيادة معدل ضربات القلب أكثر من الطبيعي وعدم انتظامها، والشعور بضيق التنفس خاصة عندما يبذل المريض مجهودا حتى وإن كان عاديا.
• زيادة معدل النبض إلى أكثر من 90 ضربة في الدقيقة مع حدوث تغيير في ضغط الدم.
• نقص الوزن نتيجة حرق السعرات الحرارية بشكل سريع، رغم شهية المريض الزائدة لتناول الطعام.
• عدم تحمل المريض للحرارة المرتفعة، والعرق الغزير بسبب الحرارة الزائدة التي يساعد العرق على التخلص منها.
• وجود رعشة وارتجاف في اليدين، وتكون اليدان دافئتين ورطبتين.
• تغيرات في حركة الأمعاء.
• سقوط الشعر.
• ورم أظافر اليد وسهولة تقصفها.
• مشاكل وألم وورم في العينين وتشمل إنتاج كمية زائدة من الدموع.
• الشعور بوجود حبيبات رمل في العينين، وازدواج في الرؤية.
• جحوظ العينين وظهور انتفاخ تحتهما.
• الإصابة بالإسهال في بعض الأحيان.
• تكون الدورة الشهرية عند النساء غالبا غير منتظمة أو خفيفة وربما معدومة، وقد يكون الحمل صعبا.
• الإصابة بالتوتر والعصبية والغضب لأتفه الأسباب وخاصة عند النساء.
• في حالات نادرة قد يحدث هبوط حاد في الدورة الدموية وصدمة وغيبوبة.
طرق التشخيص
يتم تشخيص المرض بأخذ عينة دم تقاس فيها الهرمونات الدرقية التالية؛
( tsh وt4 وt3)، أو يتم عمل صورة موجات صوتية u.s وصورة أشعة نووية، وقبل عمل الفحص يتم إعطاء جرعة صغيرة من اليود أو التكنيثيوم المشعين بالفم أو الوريد.
خطوات فحص تضخم
الغدة الدرقية:
1. يقف الفاحص بشكل مواجه ومقابل للمريض.
2. ينظر الفاحص إلى المنطقة السفلى من عنق المريض، ويبحث عن تضخم للغدة الدرقيّة يمكن ملاحظته بالعين المجردة.
3. يطلب الفاحص من المريض أن يبلع ريقه، وعندها إذا لاحظ الفاحص أنّ كتلة أو تضخماً في المنطقة يتحرك للأعلى وللأسفل فمعناه أنّ المريض يعاني من تضخم للغدة الدرقيّة يمكن رؤيته بالعين المجردة.
4. في الخطوة الرابعة من الفحص على الفاحص أن يقف خلف المريض.
5. ومن ثمّ على الفاحص أن يضع أطراف أصابعه جميعها باستثناء الإبهام حول عنق المريض بشكل يتحسس فيه المنطقة السفلى والأماميّة من العنق.
6. وفي الوضع السابق يتلمس الفاحص الحلقات الأفقيّة للقصبة الهوائيّة وعليه هنا أن يبحث عن نسيج الغدة الدرقية المقسوم إلى قسمين محيطين بالقصبة الهوائيّة.
يسأل الفاحص المريض هنا أن يبلع ريقه مرة أخرى بينما ما تزال أطراف أصابعه تلامس الغدة الدرقيّة وإذا كان المريض يعاني من تضخم في الغدة الدرقيّة فإنّ الفاحص حينها سوف يشعر بكتلة تصعد وتنزل عندما يبلع المريض ريقه
طرق العلاج المتاحة
تركز وسائل العلاج على خفض نسبة هرمون الغدة الدرقية إلى النسبة الطبيعية، وبالتالي تخفيف حدة الأعراض، ويقوم الطبيب، طبعا بالإضافة إلى العلاج الخاص بالغدة الدرقية، بوصف أدوية تعالج الأعراض والمشاكل الناتجة عن ارتفاع هرمون الغدة الدرقية، وفي حال فشلت الأدوية في تحقيق نتائج جيدة يقوم الطبيب بجراحة يتم فيها استئصال الغدة الدرقية.
وهناك ثلاثة أشكال من العلاج لفرط إنتاج الدرقية الناتج عن داء جريفز وهي كالتالي:
1.العلاج بالأدوية: تستعمل عدة أنواع من الأدوية لتخفيض كمية الهرمونين (t4 وt3) ومن أهمها دواء؛ الكاربيمازول أو النيوميركازول، إذ تعطى في البداية جرعات كبيرة من الأدوية (حوالي 45 ملم يوميا)، ويستمر العلاج بالأدوية بين 6 إلى 18 شهرا، ويشفى بعد هذه المدة من العلاج نصف المرضى تقريبا، كما يكرر العلاج كل أربعة شهور مع التخفيض التدريجي لكمية الجرعة.
2. العلاج الجراحي: بعد علاج المريض باستخدام الدواء لمدة طويلة فإن نصف المرضى تقريبا يصابون من جديد بفرط الدرقية، وبالتالي يلجأ الطبيب المختص إلى العلاج الجراحي واستئصال ثلاثة أرباع الغدة تقريبا، وقبل البدء بإجراء الجراحة يجب إعادة مستويات الهرمونات الدرقية في دم المريض إلى المعدل الطبيعي بإعطاء النيوميركازول، ويتم إجراء العملية بعمل شق عرضي فوق الغدة الدرقية بطول 8 إلى 10 سم فوق عظم القص بأربعة سم تقريبا وتستأصل الغدة الدرقية، ويقوم الطبيب بعد اليوم الأول من إجراء العملية بعمل تحليل للدم للتأكد من نتيجة العملية.
3.استخدام اليود المشع: يستخدم اليود المشع في حالات محددة فقط؛ مثل حالات المرضى الذين تجاوزوا سن الأربعين أو الخامسة والأربعين من العمر، أو السيدات اللواتي تجاوزن سن الحمل، أو المرضى الشباب الذين يخشى إصابتهم بالعقم، ولا يوصف أبدا للنساء الحوامل أو المرضعات أو الأطفال؛ وذلك لتأثيراته السلبية على نمو الطفل وأعضائه.
ويعطى اليود المشع على شكل كبسولة أو شراب، فيعمل على إتلاف بعض الخلايا الدرقية، ويحول دون انقسام خلايا أخرى، ويأخذ العلاج فترة تستمر ما بين 6 إلى 8 أسابيع، وبعد مرور شهرين أو ثلاثة تتم معاينة المريض لمعرفة مدى فعالية هذا العلاج، وإذا استمر الإفراز المفرط للغدة الدرقية لدى المريض، فإنه بالإمكان أخذ جرعة ثانية من اليود المشع بعد فترة.[/size]