ليس بيدك شيء...سوى ان تصمت مندحرا...او ان تدمع حزنا...او ان تلوذ بحسرة عميقة..تثقب رقة روحك..وتشعرك بالهزيمة والعار...
هكذا..كلما راودك العالم...بكل صداماته وكراهيته...ينفتح سبيل واحد امام قدميك...الا وهو طريق:الاستقالة...
تستقيل من كل الافعال والاقوال البغيضة...حتى لاتجد بدا من ان تستقيل من الانسان برمته...
لكنك لاتعرف الى اين تذهب...الى اين يمكنك ان تمضي...فلقد ضاعت من بين يديك بوصلة العالم...وفقدت ذاكرة لغة الناس...لتعود مرة اخرى مثل طفل رضيع ينظر الى العالم بأنذهال...وتعجب...وبعينين غير مستقرتين على شكل ما...تدور وتعود الى نفس ما كنت ترصده....فلاتجد ما يعنيك...لانك بكلك لاتعني العالم كله بشيء.
القليل من الصبر في قنينة تحملك...وبضعة قطرات من التأمل لازالت تقتفي عزلتك..ولاعزاء لك سوى ينبوع محبة صغير مدسوس في اديم كينونتك...مرة تكشفه ليرى الرائي روعة ما يمكن ان يملك...ومرة تستره خوفا من ان تلطخه دماء الحقد وسواد الاحزان وسوداوية الظلم.
لاتعرف الى اين تمضي...لاتريد ان تنهزم..ولا تريد الهروب المخزي...ولا حتى تريد ان تنعم بقية ايام عمرك بالسكينة والطمئنية...انما كل جهادك السلمي..منصب في انك تريد ان لا تنهشك مخالب التعصب..او تجرح نقائك البسيط قذارات العنف او ان تلوث مياه روحك قطرة واحدة من سم الانتماء.
لاتعرف الى اين تمضي...وهل عاد لك مكان في هذا العالم؟ ايها المنقرض قبل الولادة...اوحسبت ان تحتكر السعادة في روحك...او ظننت ان تشاركها الاخرين...دون ان يلعنوك في كل لحظة عيشهم وتنفسهم لنفحة من سعادتك الرقيقة...لا خيار لك...في ان تبقى او ان تمضي...
بات التكالب النهش الذي يخربش جدار حلمك ومحبتك...اصبح يستقوي على فكرك النزيه وخلقك الاصيل وشخصك البسيط...فكل يوم يسقيه اقرب الناس لك :صحنا من عرقية مقيتة...او ساندويجا طائفيا نتنا...او قدحا من الحقد الايدلوجي المسرطن.
وانت كما انت...تصحو صباحا بأيتسامة تتفائل بها حتى اتربة المقبرة...وتتراقص على دماثتها خرق العزاء...متسلحا بفكرة مغموسة بشعور روحي قديم...رافعا كلمة وكتاب...في وجه الشعب الزومبي.
اوتضحك على من بربك؟ فكل سجائرك الغجرية...وسهراتك السحرية...وكلماتك الالهية ومحبتك الخرافية...وقراءاتك الاسطورية...واحلامك السماوية...ليست اهلا ان تواجه جيوشا جرارة من التطرف والجهل يتقدمها اطفال ممسوخين بأغتصاب برائتهم تعقبهم نساء متحجرات القلب والروح يقبع ورائهم شباب متفننين بالتمثيل بالجثث..يدفعهم رجال مربوطين بالخوف والعجرفة وانعدام المخيلة....وكل هذا الجمع يسير بأسم كل آلهة الكون تجاهك...تجاهك انت...انت لوحدك....وانت لاتعرف الى أين تمضي؟
لا تملك الا الها ضعيفا...لايمد يديه لمعونتك...لانه بلا يدين...لايضع قدمه امام مخاطرك...لانه بلا قدمين...لايشن حروبا لانه بلا جيوش...لايغضب ولا يحقد...لايقتل ولايملك لنفسه نفعا ولا ضرا....فقط كل ما يمكنه انه يدلك على الطريق...ليس لخصوصية لك عنده...انما لانه مجرد نور...نور لطيف...خفيف ...وفي اكثر الاحيان ظريف...لايرى الجيوش الا مشاريع لك...كي تغسلها من جهلها العفن...لايرى اراوحهم الا ضحايا للالهة البشرية...وفيما انت فيه من حيرة...في البحث عن ملاذ للدفاع عن طفولتك...امام السيل العرم من اسراب الحقد والضغينة...ارى الهك...يدفع الى يديك براية المحبة والصبر كل مرة تفلت من يديك على ارض المعركة....وارى الهك...يراهن عليك كلما ازادات جحافل الرعب والخوف...وارى الهك لايمدك الا بفانوس اخجل من ذكر شدة ضوءه...ويدعوك-فوق ذلك- للمقاومة.
لا وارء وراءك... وتعرف ما امامك...في وضع لايحسدك فيه الاموات....لكنه لايملك غيرك كي يراهن عليه...وانت لا تراهن حتى عليه...اي بائس انت ؟...أي يائس انت....
وفوق كل ذاك..تبتسم...وتفوح من فانوسك بصيصات ضوء خجولة...تحاكي ملامح ابتسامتك...فتنفجر الارض فجأة...ويهز العالم زلزال عظيم....وتتلاطم السحب السوداء بأمواج البحار العميقة...ويصرخ الكون كله بلحظة واحدة...وبكلمة واحدة يتلاشى كل شيء سواك...ويمحو كل شيء الاك....وينطفأ كل شيء الا نورك....وتنفتح الاجواء...ويرفع الحضر...وتتموج الغابات...وينزل المطر مثل سابق عهده..رذاذا ملطفا لارصفة الحياة....وتلتفت حينها مصدوما بالفرحة...ومشلولا بالبهجة....متوجها الى الهك اعترافا منك بفضله في كل ما جرى...فلا ترى سوى ..مرآة كبيرة...تعكس صورتك البسيطة.
موضوع: الله العظيم 
الخميس مايو 08, 2014 8:42 am
