[size=32]فَٱسْتَعِدَّ لِلِقَاءِ إِلَهِكَ [/size]
[size=32]كل يوم[/size]
"الموت ومكان الأموات"
١ - الموت الجسدي
في يوم السقوط قال الله للإنسان: «بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزاً حَتَّى تَعُودَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا» (تكوين ٣: ١٩).
وقد عقّب الرسول بولس على هذا الحكم بقوله: «مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ ٱلْخَطِيَّةُ إِلَى ٱلْعَالَمِ، وَبِٱلْخَطِيَّةِ ٱلْمَوْتُ، وَهٰكَذَا ٱجْتَازَ ٱلْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ ٱلْجَمِيعُ» (رومية ٥: ١٢).
ومعنى هذا أنه منذ سقوط آدم صار ناموس الموت متسلطاً على البشر ولا يستطيع أحد الإفلات منه، لأن الجميع أخطأوا وصار القبر من نصيبهم، وتبعاً لذلك صار اللحد ملك المخاوف والرعب. وصارت الكلمة الأخيرة لدقات الحزن التي تعلن:
وأخيراً مات فلان (تكوين ٥: ٥، ٨، ١١، ١٤، الخ).
فالموت إذن سيدركك ذات يوم. لذلك يجب أن يكون أهم ما يشغلك في الحياة أن [size=32]تموت حسناً. لأنه «وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذٰلِكَ ٱلدَّيْنُونَةُ» (عبرانيين ٩: ٢٧). [/size]
تمثل برجل الله داود الذي بعد تأمله العميق في حال الإنسان قال: «إِنَّمَا نَفْخَةً كُلُّ إِنْسَانٍ قَدْ جُعِلَ. إِنَّمَا كَخَيَالٍ يَتَمَشَّى ٱلإِنْسَانُ. إِنَّمَا بَاطِلاً يَضِجُّونَ. يَذْخَرُ ذَخَائِرَ وَلاَ يَدْرِي مَنْ يَضُمُّهَا. وَٱلآنَ مَاذَا ٱنْتَظَرْتُ يَا رَبُّ؟ رَجَائِي فِيكَ هُوَ» (مزمور ٣٩: ٥ - ٧).
أما عاموس النبي فحين تأمل في مصير الإنسان حذّر قائلاً: «فَمِنْ أَجْلِ أَنِّي أَصْنَعُ بِكَ هَذَا فَٱسْتَعِدَّ لِلِقَاءِ إِلَهِكَ» (عاموس ٤: ١٢).
بيد أن الموت الجسدي، لا يضع حداً للرجاء، لأن نصوص العهد القديم والجديد، تؤكد لنا أن جميع الأموات سيقومون يوماً ما من القبر. وسيكون للمؤمنين قيامة مجيدة، على صورة يسوع المسيح. أما الأشرار فسيقومون للدينونة كما هو مكتوب: «وَكَثِيرُونَ مِنَ ٱلرَّاقِدِينَ فِي تُرَابِ ٱلأَرْضِ يَسْتَيْقِظُونَ، هَؤُلاَءِ إِلَى ٱلْحَيَاةِ ٱلأَبَدِيَّةِ وَهَؤُلاَءِ إِلَى ٱلْعَارِ لِلٱِزْدِرَاءِ ٱلأَبَدِيِّ»
(دانيال ١٢: ٢).
وكما قال المسيح:
«لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هٰذَا، فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ ٱلَّذِينَ فَعَلُوا ٱلصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ ٱلْحَيَاةِ وَٱلَّذِينَ عَمِلُوا ٱلسَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ ٱلدَّيْنُونَةِ» (يوحنا ٥: ٢٨ و٢٩).
وكما قال الرسول بولس:
«وَلِي رَجَاءٌ بِٱللّٰهِ فِي مَا هُمْ أَيْضاً يَنْتَظِرُونَهُ: أَنَّهُ سَوْفَ تَكُونُ قِيَامَةٌ لِلأَمْوَاتِ، ٱلأَبْرَارِ وَٱلأَثَمَةِ» (أعمال ٢٤: ١٥).
وقال أيضاً:
«فَإِنَّ سِيرَتَنَا نَحْنُ هِيَ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ، ٱلَّتِي مِنْهَا أَيْضاً نَنْتَظِرُ مُخَلِّصاً هُوَ ٱلرَّبُّ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ، ٱلَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ» (فيلبي ٣: ٢٠ و٢١).
"الموت ومكان الأموات"
٢ - الموت الروحي
لم يصرع الموت الجسدي آدم وحواء في يوم خطيتهما الأولى، كما هو حاصل معنا تماماً. ولكن في اليوم الذي أخطأ فيه الأبوان الأولان ضُربا بالموت الروحي، أي بالطرد من حضرة الله، إلى الأرض التي لُعنت بسببهما (تكوين ٣: ٢٣ و٢٤) لأن الموت الروحي الذي يصيب النفس ليس هو الفناء، بل هو الحرمان من الشركة مع الله. قال الرب يسوع في صلاته الشفاعية: «وَهٰذِهِ هِيَ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ ٱلإِلٰهَ ٱلْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ ٱلَّذِي أَرْسَلْتَهُ» (يوحنا ١٧: ٣).
وتخبرنا الكتابات المقدسة، أن الخطاة منذ سقوط آدم، يوجدون ويتحركون ويتمتعون بالعيش على الأرض، ولهم ديانات ويقيمون عبادات. ومع ذلك فهم غاطسون في الموت الروحي. قال الرسول بولس للأفسسيين: «وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتاً بِٱلذُّنُوبِ وَٱلْخَطَايَا، ٱلَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً... ٱذْكُرُوا أَنَّكُمْ أَنْتُمُ ٱلأُمَمُ قَبْلاً فِي ٱلْجَسَدِ... أَنَّكُمْ كُنْتُمْ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ بِدُونِ مَسِيحٍ... غُرَبَاءَ عَنْ عُهُودِ ٱلْمَوْعِدِ، لاَ رَجَاءَ لَكُمْ وَبِلاَ إِلٰهٍ فِي ٱلْعَالَمِ» (أفسس ٢: ١ - ١٢). وفي كلامه إلى تيموثاوس عن الأرامل اللواتي كان سلوكهن ملوماً، قال: «وَأَمَّا (الأرملة) ٱلْمُتَنَعِّمَةُ فَقَدْ مَاتَتْ وَهِيَ حَيَّةٌ» (١ تيموثاوس ٥: ٦).
هذا هو وضع جميع الناس، وهو وضع مخيف جداً بالنسبة للذين لم يولدوا روحياً من الله. أنهم أموات، رغم أنهم أحياء. أموات في أنفسهم ولكن أجسادهم تحيا وتتحرك بانتظار القبر! هل هذه هي حالك يا قارئي العزيز؟
أتمنى أن لا يكون الأمر كذلك!
هذا الوضع «الموت الحي» كان وضع الابن الضال في الكورة البعيدة. حيث كان ينفق أمواله في فوضى الفساد الأخلاقي. ولكن حين ثاب إلى نفسه وعاد إلى البيت كان الوالد في انتظاره. «وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ، فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ... فَقَالَ ٱلأَبُ لِعَبِيدِهِ: أَخْرِجُوا ٱلْحُلَّةَ ٱلأُولَى وَأَلْبِسُوهُ، وَٱجْعَلُوا خَاتَماً فِي يَدِهِ، وَحِذَاءً فِي رِجْلَيْهِ، وَقَدِّمُوا ٱلْعِجْلَ ٱلْمُسَمَّنَ وَٱذْبَحُوهُ فَنَأْكُلَ وَنَفْرَحَ، لأَنَّ ٱبْنِي هٰذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ» (لوقا ١٥: ٢٠، ٢٢ - ٢٤).
فالموت هنا يعني أن الإنسان مع أنّه يكون حياً، إلا أنه يحسب ميتاً حين يتوغل في الشر بعيداً عن الله.
والواقع أنه لكي يخلص الإنسان من ناموس الخطية والموت يلزمه أن يولد ثانية من الله. بمعنى أن نفسه تقوم مع المسيح وتجد بالإيمان الاتصال الحيوي مع الله. لذلك قال المسيح لنيقوديموس حين زاره ليلاً:
«اَلْمَوْلُودُ مِنَ ٱلْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَٱلْمَوْلُودُ مِنَ ٱلرُّوحِ هُوَ رُوحٌ. لاَ تَتَعَجَّبْ أَنِّي قُلْتُ لَكَ: يَنْبَغِي أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْقُ» (يوحنا ٣: ٦ و٧). وقال أيضاً: «اَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ ٱنْتَقَلَ مِنَ ٱلْمَوْتِ إِلَى ٱلْحَيَاةِ» (يوحنا ٥: ٢٤).
ويفهم من كلمة المسيح هذه أن نفس الخاطي التائب، بما أنها قامت بالإيمان، فلها حياة أبدية. ولن تنفصل عن الله أبداً، حتى ولو مات الجسد. وقال المسيح لمرثا أخت لعازر:
«أَنَا هُوَ ٱلْقِيَامَةُ وَٱلْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيّاً وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى ٱلأَبَدِ» (يوحنا ١١: ٢٥ و٢٦).
شكراً لك...وقريباً سيكون الحديث عن موت النفس؟
والبقايا تتبعها لأن للحديث بقية... وكلام كثير
أشكرك أحبك كثيراً
يسوع المسيح ينبوع الحياة
يحبكم جميعاً