أحد التجربة (مت 1:4-11)
ثلاث تجارب
1- تجربة الخبز أو الطعام أي لقمة العيش : وتعنى التشكيك في أبوة ورعاية الله ويكون السؤال: هل حياتي هي من الله أم من الطعام؟!
2- تجربة العالم أو مجد العالم : وتعنى الوقوع في شهوة العيون والمجد الباطل واستعراض الإمكانيات والتباهي بما نملك.
3- تجربة الغنى أو الطريق السهل : وهي الخضوع لجنون الغنى والطمع وحب المال، وهذا ما نسميه "تعظم المعيشة" وحب حياة الراحة الرخوة بلا تعب ولا اجتهاد..
فى هذا الإسبوع تقودنا الكنيسة لندرك مفاهيم التجربة وأعماقها، هدفها تنقيتنا، ووسيلتها روح القضاء والإحراق، ونتيجتها مجد الداخل المغطى.. وبالتربة التي هي روح القضاء ودينونة النفس، وبالجهاد ضد الخطية الذي هو روح الإحراق، تتحول النفس إلى مجد العروس التي جاهدت وتعطرت وتزينت وإغتنت بأسرار الكنيسة والأنجيل وعمل الروح القدس.
فلا ندع التجارب تفقدنا بركة الصوم والتوبة، وتعطل رحلة الصوم، لأن الصوم هو ميعاد طلب الثمر الجيد والعنب الصالح..
إنه وقت الصراحة في الإيمان، فعندما يوجد صراع متزايد من المجرب يلزمنا أن نصوم حتى يقوم الجسد بالواجب المسيحى في حربه ضد شهوات العالم بالتوبة وحث النفس على النصرة في إتضاع
. لذلك نقول في المديح (لأنه مخادع ولعين والساهرين لا سلطة له فيهم، بل في ذرى اللهو المتغافلين وسط أشواكه يرميهم).
ولأن البرية (برية سيناء) كانت برية تجارب إنتصر فيها الشيطان، لذا ففى العهد الجديد أخذ المسيح إلهنا شعبه (كنيسته التي هي جسده) وجاز به غالبا الشيطان محطما قوته، وصار ذليلا مطرودا.
الشيطان الأفعوان المتمرد جلب علينا الخطية وجعل الموت والفساد يسودان الأرض. وأما المسيح فقد جاء لكي يجعلنا به وفيه نربح الغلبة ونفوز بالنصرة من حيث إنهزمنا وسقطنا في آدم، لقد تقابل على الجبل رئيس الخطية مع رب المجد يسوع فلنتهلل ولنسبح مرنمين لإلهنا ومخلصنا المسيح ابن الله، ولنطأ الشيطان والحية تحت أقدامنا رافعين صوت الهتاف والنصرة لأنه الآن قد طرح وسقط، لنتهلل فرحين لان الثعبان الماكر والحية المختالة قد أمسكت في فخ لا فلات منه لان النصرة لحسابنا وحقا كان لائقا بذاك الذي جاء ليحل موتنا بموته، ان يغلب ايضا تجاربنا بتجاربه .
ويقول القديس انبا مقار (ان أول العصيان كان من آدم في الفردوس بسبب شهوة الطعام، وأول الجهاد من سيدنا المسيح في البرية في الصوم..
فصوموا مع المخلص لتتمجدوا معه وتغلبوا الشيطان).
ويقول الانبا يوساب الأبح (أتانا الابن الوحيد وأول درس عمله وعلمه لإنارة طريق الخلاص ليعتقنا من السقوط الذي لآدم بشهوة الاكل، هو إنفراده في البرية أربعين يوما).
(أما يسوع فرجع من الاردن ممتلئا من الروح القدس).
إمتلاؤنا من الروح القدس هو قوتنا في مواجهة تجارب الشيطان، لقد انعم علينا سيدنا بإمتياز البنوة وصرنا شركاء الطبيعة الإلهية، لسنا بعد اولادا للحم والدم بل ندعوه بالحرى أبانا السماوى وصار هو بكرا لنا بين إخوة كثيرين نحن الذين قد شابهناه، وهو قبل على نفسه فقرنا وقبل ان يتقدس بالروح القدس مع أنه هو مقدس كل الخليقة ولم يرفض ان يصير إنسانا من أجل خلاص وحياة الكل، بل قد صار شبيها لنا في كل شيء ما خلا الخطية.