كاتدرائية القديس بطرس ( روما )
أو بازليك القديس بطرس وتعرف رسميًا باسم بازليك القديس بطرس البابوية (باللاتينية: Basilica Sancti Petri)، كنيسة كبيرة بنيت في أواخر عصر النهضة في القسم الشمالي من روما وتقع اليوم داخل دولة الفاتيكان رسميًا. كاتدرائية القديس بطرس تعتبر أكبر كنيسة داخلية من حيث المساحة،[1] وواحدة من أكثر المواقع قداسةً وتبجيلاً في الكنيسة الكاثوليكية، وقد وصفها عدد من النقاد بأنها "تحتل مكانة بارزة في العالم المسيحي"، وبأنها "أعظم من جميع الكنائس المسيحية الأخرى".[1] بالإضافة إلى وصفها بكونها من الجمال وتناسق الخطوط في الذروة".[2] سبب التبجيل يعود، لأن الكاتدرائية وبحسب التقليد الكاثوليكي تحوي ضريح القديس بطرس، ويقع الضريح مباشرة تحت المذبح الرئيسي للكاتدرائية والذي يسمى "مذبح الاعتراف" أو "المذبح البابوي" أو "مذبح القديس بطرس".[3] القديس بطرس هو أحد التلاميذ الاثني عشر ومن المقربين ليسوع، وبحسب العقائد الكاثوليكية فإن يسوع قد سلّمه زمام إدارة الكنيسة من بعده، وبالتالي كان بطرس البابا الأول للكنيسة الكاثوليكية وكذلك أول أسقف لمدينة روما. تشير البحوث المستقلة التي أجريت بين عامي 1940 و1964 خلال حبريات بيوس الثاني عشر ويوحنا الثالث والعشرون وبولس السادس إلى صحة التقاليد الكاثوليكية بشأن مدفن القديس بطرس؛[3] ومنذ تشييدها في القرن السابع عشر دفن أغلب البابوات في أضرحة منفصلة على امتداد الكنيسة أو في الصالة التي تقع تحتها، وذلك كإشارة رمزية بوصفهم خلفاء القديس بطرس.
الموقع الذي تشغله الكنيسة، كان محط تبجيل من قبل مسيحيي روما منذ القرون الأولى، وقد ذكر المؤرخ الروماني غايوس في بداية القرن الثاني عن "الضريح المجيد" الذي يبجله المسيحيون في المدينة؛ وبعد إعلان المسيحية كدين رسمي للإمبراطورية الرومانية عمد الإمبراطور قسطنطين إلى تشييد كنيسة فوق المدفن الأصلي سميت "الكنيسة القسطنطينية" نسبة إلى بانيها الإمبراطور. بنيت الكنيسة الأولى بدءًا من العام 320 وبداعي التقادم الزمني من ناحية والثورة الثقافية في عصر النهضة عمد البابوات منذ يوليوس الثاني إلى ترميم ومن ثم بناء الكاتدرائية بشكلها الحالي، وقد أدت الظروف السياسية والاقتصادية من ناحية وبعض العقد الهندسية كطريقة تشييد القبة الكبرى من ناحية ثانية، إلى تأخر إتمام عمليات البناء لما يربو القرن من الزمن. إذ بدأ العمل يوم 18 أبريل 1506 وانتهى في 18 نوفمبر 1626.
تحوي الكاتدرائية على عدد كبير من القطع الفنية التي تعود لفترة عصر النهضة والفترات اللاحقة لها، ولعل من أهمها أعمال مايكل آنجلو،[4] كما أنها مدرجة كجزء من الفاتيكان على لائحة التراث العالمي، ومنذ العام 1960 مدرجة في "السجل الدولي للأعمال الثقافية تحت الحماية الخاصة في حالة الصدام المسلح".[5] في الواقع فعلى الرغم من شيوع لفظ كاتدرائية في توصيفها، فإن هذه التسمية ليست دقيقة؛ إذ كلمة كاتدرائية وهي مشتقة من الفعل اليوناني كاتدرا (باليونانية: καθέδρα) بمعنى "كرسي"، نظرًا لكون الكاتدرائية تحوي الكرسي أو المقر الرسمي للأسقف؛ غير أن المقر الرسمي لأسقف روما هو كاتدرائية القديس يوحنا اللاتراني، إحدى الكاتدرائيات الثلاث التي تقع في روما وتتبع سيادة الفاتيكان، ولذلك يعمد البعض إلى وصفها بعبارة بازليك القديس بطرس، أي كنيسة كبيرة دون أن تكون مقرًا أسقفيًا لتنال توصيف كاتدرائية بشكل رسمي. وعلى الرغم من ذلك فإن عبارة كاتدرائية القديس بطرس تعتبر أكثر شيوعًا. وعلى العموم، فإنه قبل بناء البازليك بالشكل الحالي وكذلك القصر الرسولي بقربه، فإن البابا كان يقيم في القصر اللاتراني في روما.
تحوي الكاتدرائية على 777 عمودًا و44 مذبحًا و395 تمثالاً، إلى جانب عدد من الأضرحة والأيقونات الأخرى، وقد ألحق بها متحف خاص للآواني المقدسة والثياب الكهنوتية المستعملة بها