مريم العذراء سيدة مصر

" لأنك قد وجدتي نعمة عند الله" (لوا :30)

بقلم : الأخت ماري فرانسواز هنري

في شهر أغسطس نعيش مع مريم العذراء، في صومها هذا العام مقدم من أجل بلدنا، فنطلب منها أن تظلل بحمايتها شعبها، وجيشها، وكل المسؤولينالأمناء فيها. فمريم العذراء جاءت مصر، واحتمت فيها، هي وابنها يسوع مع القديس يوسف خطيبها العفيف، فلا نخاف، ولكننا نثق أن مريم لديها نعمة عند الله ففي البشارة من الملاك قال لها " لا تخافي يا مريم، نلت حظوة عند الله" (لوا: 30) لذا تتشفع القديسة مريم لنا فهي تحب مصر، ولنا كاتدرائية تحمل اسم " مريم العذراء سيدة مصر" فلا يمكن أن تتخلى عنا ابد.

فكما تشفعت لدى ابنها يسوع في عرس قانا الجليل ولاحظت دون أن يطلب منها أحد من أصحاب الفرح، بشعورها وإحساسها بالناس قالت:" ما بقي عندهم خمر" (يو2: 3) فمريم تثق بيسوع أنه لا يرفض لها طلب حتى وأن لم تكن ساعته جاءت، فدور مريم وسيطه للشعب، كما أيضا في هذه المعجزة تدفع يسوع لبدء العمل الرسولي، وحياته العلانية، وإظهار مجده ليؤمن به تلاميذه. لكن علينا نحن أن ننتبه ماذا تطلب مريم من الخدم "اعملوا ما يأمركم به" (يو2: 5) فعلينا أن نصغي لشخص ابنها ماذا يريد منا؟ وما يجب علينا أن نفعل في كل حدث، وكل موقف؟ وكيف نتصرف مع الناس؟ بالرحمة والحب أم بالقسوة والعنف.

" فما من شئ غير ممكن عند الله" فقالت مريم:" أنا خادمة الرب: فليكن لي كما تقول" (لو1: 37 –38) نعم ما اختبرناه في حياتنا من تدخلات الله يفوق تصورنا البشري و كل شخص فينا على مستوى حياته الشخصية يختبر كل يوم قدره التي تعمل في ضعفه، وأيضا الله يعمل في تاريخ الشعوب، والأوطان. فمعجزة المعجزات أن حكم مستبد يزول من أول عام تم هذا بقدرة الله التي فينا عندما عملنا دورنا حتى النهاية تدخل الله بقوة.

فمن مريم نتعلم التسليم لله، عندما نكون بين يديه بمرونة، وطاعة لينه نستقبل منه رسالة منفتحة فنذهب لأبعد لخدمة الآخرين كما فعلت مريم العذراء مع أليصابات يقول الإنجيل عنها " أسرعت" هذه صفه هامة في الخدمة بمبادرة، وبهمة، ونشاط، وسخاء، وببساطة، وتواضع مريم تخدم إمراة عجوز، ونحن عن خدمتنا هل تكون على مثال صفات مريم وخدمتها، فتستغربأليصابات وتقول:" من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إليَّ" (لو1: 43) فثمار الخدمة ترجع ببركة للخادم والمخدوم، " فلما سمعت أليصابات سلام مريم، تحرك الجنين في بطنها، وامتلأت أليصابات من الروح القدس، فهتفت بأعلى صوتها: " مباركة أنت في النساء ومبارك ابنك ثمرة بطنك!... هنيئا لكِ يا من آمنت بأن ما جاءها من عند الرب سيتم" (لو1: 41- 45) ففي هذا الحدث العظيم تمتلئ أليصابات وطفلها يوحنا المعمدان من الروح القدس، وتستحق مريم أن تعترف أليصابات بها وتعلن أنها مباركة ومختارة من بين النساء وقالت لها أنها" أم ربي" وتهنئ أليصابات مريم على إيمانها بالمستحيل من قبل الله عذراء تحمل بدون تدخل بشر هذا الغير ممكن في نظر الناس، قادر الله أن يفعله من أجلنا، ومن خلاصنا.

هذا الأعجاز من الله ترد عليه مريم بالترنيم، والتهليل، والتسبيح له من عمق كيانها الداخلي فتقول:" تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي"(لو1: 47) إذن علاقة مريم بالله إرشاده بحمد، وشكر نفسها على عمل العظائم من قبل الله فيها، لذلك النفس البشرية المنفتحة لعمل الله تستحق بتواضع أن" جميع الأجيال ستهنئني"(لو1: 48) فنحن اليوم نشيد بعظمة مريم كما الأجيال السابق وأيضا اللاحقة لماذا؟ لأن مريم بموافقتها على دعوة الله الصعبة، وقبولها هذه الرسالة، جعلت الله الذي في السماء ينزل على الأرض ويعيش معنا وبيننا. جعلت الله الأكبر، المتعالي في الأعالي يصبح أصغر، وطفل صغير نحمله بين أيدينا، وفي قلوبنا.

حولت مريم مفاهيم الله من العهد القديم الذي لا أحد يراه ويعيش، أصبح ساكن بيننا ومعنا، وفينا. فالله الجبار اصبح رحيم، محب للبشر يعرف طبيعتهم الضعيفة، ويغفر لهم، شاركهم في كل شئ ما عدا الخطيئة، ووصل به الحب في النهاية أن يعطي لهم جسده ودمه يتغذوا به. إذن عظمة مريم تكمن في عطائها لذاتها لله فسكن في جسدها، وتربي بين أحضانها، وتعلم في مدرستها، فأصبحت مريم أول بيت قربان في العالم.

هذه العظمة ممزوجة بالألم "وأما أنت، فسيف الأحزان سينفذ في قلبك" (لو2: 35) قال هذا سمعان الشيخ لمريم العذراء في تقدمة يسوع للهيكل بوحي من الروح القدس. لم تستوعب مريم في نفس التوقيت ما هو سيف الأحزان الذي ينتظرها. فعندما تفقد ابنها المرة الأولى وتبحث عنه لمده ثلاث أيام في أورشليم " يا ابني، لماذا فعلت بنا هكذا؟ فأبوك وأنا تعذبنا كثيرًا ونحن نبحث عنك"( لو2: 48). تتألم لما تري أبنها يقدم الشفاء للمرضى، ويجول يصنع الخير ويقابل هذا من قبل بعض الناس، والرؤساء بالرفض والتآمر.عندما تسمع الناس الذي علمهم وأشبعهم يصرخون أصلبه، أصلبه. تحزن مريم عندما تشاهد ابنها يمر بمراحل درب الصليب للجلجثة. وفي وسط الألم تسمع أبنها يسلمها ليوحنا الحبيب"يا يوحنا هذه أمك" (يو19: 27) " فتشعر أن العالم يفرح لقبول الخلاص أما أحشائي فتلتهب عندي نظري إلى صلبوتك الذي أنت صابر عليه من الكل يا أبني والهي". فيقول القديس اغناطيوس دي لويولا فمن المؤكد أن يسوع ظهر لأمه كأول شخص يفرحها بقيامته من بين الأموات حتى وإن لم يذكر في الأناجيل. نعم الإنجيل يُقرأ ويفهمه الأذكياء.

"كانت مريم تحفظ كل هذه الأمور وتتأملها في قلبها" (لو2: 19). لتكمل المشوار مع تلاميذ ابنها في العلية" وكانوا يواظبون كلهم على الصلاة بقلب واحد مع بعض النساء ومريم أم يسوع وأخوته" (أع1: 14)، وترافقهم درب الرسالة وانتشارها بعد حلول الروح القدس عليهم." فامتلئوا كلهم من الروح القدس، وأخذوا يتكلمون بلغات غير لغتهم" (أع2: 4) مريم رفيقة الطريق، تساند وتشجع تلاميذ ابنها، وهي ما زالت تقوم بنفس الدور معنا اليوم وفي كل لحظة، فلنأخذها أم لنا، وشفيعة لكل ما نحتاج إليه.
صلاة

يا أم الله، يا مريم الطاهرة، أنت أمنا، ونحن نرغب أن نبقى لك أبناء مخلصين، وما أشد رغبتنا في أن نحظى بعطفك، وأن تمتلكينا. نكرس لك أروحنا، وأجسادنا، كل صلواتنا، وأعمالنا أفرحنا، وآلمنا، وكل ما نحن عليه، وكل ما نملك. نسلم لك ذواتنا بكليتها بقلب مبتهج، ورسالتنا من أجل خلاص اخوتنا البشر. نقدم لك قلوبنا فاملئيها بيسوع ابنك، واجعليها حنونة على كل إنسان فقير، ومحتاج. من الآن رغبتنا الوحيدة أن نفعل كل شئ معك، من خلالك، ومن أجلك فامنحينا نعمة نستطيع بها أن ننشر نور يسوع، وفرحه، وسلامه، وغفرانه. يا معونة المؤمنين لتحظي نفوسنا وكنائسنا وبلادنا بحق المملكة التي تملكين عليها بالحضور المجيد، الحضور الحي والفعال لله الأب، الله الابن، الله الروح القدس إلى دهر الدهور آمين

ربنا يباركك اختنا الغالية

موضوع ممتاز جدا

كما تعودنا منك في كل جديد
نجد اعذب الكلمات واجمل تعبير ..
تحياتي لك

» رموز السيدة العذراء مريم في العهد القديمصشئ1ذ111111111111ذ
» القديسة مريم العذراء والزنار المقدس
» انتقال مريم العذراء في كتابات الآباء
» حد يعرف يقرا ايقونة العذراء مريم
» خلفيات بمناسبة صيام العذراء مريم