منتدى نور الحياة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

شكرا
منتدى نور الحياة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

شكرا
منتدى نور الحياة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى نور الحياة

اخبار . رياضة . فن .فيديو. طب. برامج. موضة. طفل. حوادث. بحث. فيس .بوك . تويتر. يوتيوب. جوجل . ادنس. ربح .نت .افلام . ترانيم . مسرحيات. عظات
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  هل المسيح هو الله-11

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
ابن المسيح المخلص
مشرف عام
مشرف عام
ابن المسيح المخلص


عدد المساهمات : 2362
نقاط : 8199
السٌّمعَة : 20
تاريخ التسجيل : 24/12/2012
العمر : 43

	هل المسيح هو الله-11 - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: هل المسيح هو الله-11   	هل المسيح هو الله-11 - صفحة 2 I_icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 07, 2016 5:20 pm

٥ - الآب أعطى الابن

نقرأ في إنجيل يوحنا الكلمات: «لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ ٱلآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذٰلِكَ أَعْطَى ٱلابْنَ أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ» (يو ٥: ٢٦).
وهنا يقول أحد المعترضين: انظر.. إن الآب هو الذي أعطى الابن أن تكون له حياة في ذاته، وبما أن المعطي هو الآب والمعطَى هو الابن، لذا لا بد أن يكون الآب خالقاً للابن، وواهباً إياه الحياة، وعلى هذا فلا مساواة بين الآب والابن.
ويبدو هذا الاعتراض وجيهأً أمام النظرة السطحية، ولكنه يدل على جهل بالكتاب المقدس وقوانين تفسيره. ففي الأصحاح الأول من إنجيل يوحنا نقرأ عن المسيح «فِيهِ كَانَتِ ٱلْحَيَاةُ» (يو ١: ٤). وهذه الكلمات بارتباطها بما سبقها تعلن أن الحياة كانت في المسيح منذ الأزل.
إذاً ما معنى الكلمات: «لأنه كما أن الآب له حياة في ذاته كذلك أعطى الابن أيضاً أن تكون له حياة في ذاته».
هنا لا بد أن نعود لقوانين التفسير الصحيح فنربط الآية بالقرينة، ثم بالأصحاح كله، والسفر كله.
وأول ما نراه في الآية ذاتها أن هناك مساواة بين الآب والابن فالآب له «حياة في ذاته» والابن له «حياة في ذاته» ثم إذ نبدأ في قراءة الأصحاح نرى أن المسيح يقول لليهود: «أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى ٱلآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ» (يو ٥: ١٧).
وقد فهم اليهود من هذا القول أن المسيح يعادل نفسه بالله «فَمِنْ أَجْلِ هٰذَا كَانَ ٱلْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ ٱلسَّبْتَ فَقَطْ، بَلْ قَالَ أَيْضاً إِنَّ ٱللّٰهَ أَبُوهُ، مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِٱللّٰهِ» (يو ٥: ١٨) وإذ نستمر في قراءة الأصحاح نرى فيه.

  1. أن المسيح له نفس قدرة الآب في إحياء من يشاء (يو ٥: ٢١).
  2. أن المسيح له نفس الكرامة التي للآب (يو ٥: ٢٢ و٢٣).
  3. أن المسيح له القدرة على إقامة الأموات بالخطايا (يو ٥: ٢٥).
  4. أن المسيح سيقيم الأموات من قبورهم (يو ٢٥: ٢٨ و٢٩).

ولكننا نرى فيه أيضاً أن الآب قد «أعطى كل الدينونة للابن. وأعطى الابن أن تكون له حياة في ذاته».
ونسأل بأي اعتبار أعطى الآب «كل الدينونة للابن» وأعطى الابن أن تكون له حياة في ذاته؟ فنجد الجواب في كلمات المسيح «وَأَعْطَاهُ سُلْطَاناً أَنْ يَدِينَ أَيْضاً، لأَنَّهُ ٱبْنُ ٱلإِنْسَانِ» (يو ٥: ٢٧).
فعطايا الآب للابن ليست في اعتباره «الأزلي» بل في اعتباره الزمني حين «أخذ صورة عبد وصار في شبه الناس ووجد في الهيئة كإنسان» فالمسيح في اعتباره الأزلي هو «ابن الله» ولكنه في اعتباره الزمني «ابن الإنسان»، وفي هذا الاعتبار ميزه الآب عن البشر جميعاً بأن أعطاه حياة في ذاته، معلناً لنا بهذه الكلمات أن «ابن الإنسان» هو ذاته «ابن الله» وأنه في إنسانيته «له حياة في ذاته» وهذا ما أوضحه المسيح بكلماته: «لِهٰذَا يُحِبُّنِي ٱلآبُ، لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضاً. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضاً. هٰذِهِ ٱلْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي» (يو ١٠: ١٧ و١٨). وما أوضحه أيضاً حين قال لليهود «ٱنْقُضُوا هٰذَا ٱلْهَيْكَلَ وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ. فَقَالَ ٱلْيَهُودُ: فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً بُنِيَ هٰذَا ٱلْهَيْكَلُ، أَفَأَنْتَ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ تُقِيمُهُ؟ وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَقُولُ عَنْ هَيْكَلِ جَسَدِهِ» (يو ٢: ١٩ - ٢١). ولو لم يكن له حياة في ذاته ما استطاع أن يقول هذه الكلمات.. فالإعطاء المذكور في آيتنا، يعني إظهار حياة الله الذاتية في الإنسان يسوع المسيح عندما تجسد في الزمان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابن المسيح المخلص
مشرف عام
مشرف عام
ابن المسيح المخلص


عدد المساهمات : 2362
نقاط : 8199
السٌّمعَة : 20
تاريخ التسجيل : 24/12/2012
العمر : 43

	هل المسيح هو الله-11 - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: هل المسيح هو الله-11   	هل المسيح هو الله-11 - صفحة 2 I_icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 07, 2016 5:21 pm

٦ - أنا قلت إنكم آلهة

قال المسيح في إنجيل يوحنا «أَنَا وَٱلآبُ وَاحِدٌ. فَتَنَاوَلَ ٱلْيَهُودُ أَيْضاً حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. فَقَالَ يَسُوعُ: أَعْمَالاً كَثِيرَةً حَسَنَةً أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي - بِسَبَبِ أَيِّ عَمَلٍ مِنْهَا تَرْجُمُونَنِي؟ أَجَابَهُ ٱلْيَهُودُ: لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَلٍ حَسَنٍ، بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ، فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلٰهاً أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: أَلَيْسَ مَكْتُوباً فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟ إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لأُولٰئِكَ ٱلَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ ٱللّٰهِ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ ٱلْمَكْتُوبُ، فَٱلَّذِي قَدَّسَهُ ٱلآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى ٱلْعَالَمِ، أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ إِنِّي ٱبْنُ ٱللّٰهِ» (يو ١٠: ٣٠ - ٣٦).
ويقول غير المؤمنين بلاهوت المسيح إن هذا النص يرينا أن المسيح شخص إلهي بنفس المركز الذي يقال فيه عن البشر إنهم «آلهة» وذلك بناء على ما قاله بنفسه.
ولكن التأمل في النص يدحض الإدعاء، فالنص يبدأ بالكلمات: «أنا والآب واحد» وهنا تظهر وحدانية الآب والابن، الأمر الذي فهمه اليهود وتناولوا بسببه حجارة ليرجموا المسيح، فلما سألهم لماذا يريدون رجمه قالوا: لأجل تجديف «فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهاً».
وقد دفع المسيح تهمة التجديف بكلماته «أليس مكتوباً في ناموسكم أنا قلت إنكم آلهة. إن قال آلهة لأولئك الذين صارت إليهم كلمة الله. ولا يمكن أن ينقض المكتوب. فالذي قدسه الآب وأرسله إلى العالم أتقولون له أنك تجدف لأني قلت أني ابن الله».
وكلمات المسيح مأخوذة من مزمور ٨٢: ٦، وهناك نرى أن الله يتحدث بها إلى القضاة قائلاً لهم اقضوا الذليل واليتيم، والقضاة آلهة باعتبار أنهم يحكمون بين الناس بحسب ناموس الله، ولكن مع مركزهم العظيم فالله يقول لهم «مِثْلَ ٱلنَّاسِ تَمُوتُونَ» (مز ٨٢: ٧).
وقديماً قال الرب لموسى «أَلَيْسَ هَارُونُ ٱللاَّوِيُّ أَخَاكَ؟ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ هُوَ يَتَكَلَّمُ، وَأَيْضاً هَا هُوَ خَارِجٌ لاسْتِقْبَالِكَ. فَحِينَمَا يَرَاكَ يَفْرَحُ بِقَلْبِهِ، فَتُكَلِّمُهُ وَتَضَعُ ٱلْكَلِمَاتِ فِي فَمِهِ، وَأَنَا أَكُونُ مَعَ فَمِكَ وَمَعَ فَمِهِ، وَأُعْلِمُكُمَا مَاذَا تَصْنَعَانِ. وَهُوَ يُكَلِّمُ ٱلشَّعْبَ عَنْكَ. وَهُوَ يَكُونُ لَكَ فَماً، وَأَنْتَ تَكُونُ لَهُ إِلٰهاً» (خر ٤: ١٤ - ١٦). فإلهية موسى هنا بالنسبة لهارون، هي باعتبار أنه مصدر كلمة الله إلى هارون، فموسى هنا كان يتلقى من الله القوة، والكلام، وكان بالنسبة لهارون «إلهاً» يعطيه الكلام الذي ينطق به «هو يكون لك فماً وأنت تكون له إلهاً».
هذه هي «الإلهية» التي يمكن أن يصل إليها الإنسان.
أما المسيح فهو «الله الابن» ولذا فهو يقول لليهود إذا كان كتابكم المقدس قد قال عن قضاتكم، وهم بشر يموتون ويسقطون إنهم آلهة، وهذا كلام الله الثابت المتين، وأنتم لم تتهموا آساف كاتب هذا الكلام بالتجديف «فالذي قدسه الآب وارسله إلى العالم أتقولون له إنك تجدف لأني قلت إني ابن الله» وكأن المسيح يقول: «أتقولون لي أنا المسيح، الذي كرسني الآب ومسحني لعمل الفداء إني أجدف لأني قلت إني ابن الله».
إذا جاز أن يقال عن قضاتكم وهم خطاة، يناديهم الله قائلاً: «حَتَّى مَتَى تَقْضُونَ جَوْراً وَتَرْفَعُونَ وُجُوهَ ٱلأَشْرَارِ؟» (مز ٨٢: ٢) «إنهم آلهة» فالابن الوحيد المعصوم عن الخطأ، الذي مسحه الآب من الأزل، أتقولون له إنك تجدف لأني قلت أنا «أبن الله»؟؟
وأخيراً يأتي بهم المسيح إلى فصل الخطاب قائلاً: «إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي فَلاَ تُؤْمِنُوا بِي. وَلٰكِنْ إِنْ كُنْتُ أَعْمَلُ، فَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِي فَآمِنُوا بِٱلأَعْمَالِ، لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا أَنَّ ٱلآبَ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ» (يو ١٠: ٣٧ و٣٨). وهو بهذه الكلمات يفرق بين إلهية القضاة، وألوهيته هو، فالقضاة وموسى «آلهة» من جانب واحد، أما المسيح فهو «ابن الله الوحيد» الذي قال عنه بولس الرسول «فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ ٱللاَّهُوتِ جَسَدِيّاً» (كو ٢: ٩) هنا لا فرق بين الإلهية والألوهية «Divinity and Deity» بين البشر مهما سما مركزهم سواء كانوا قضاة أو أنبياء. وبين المسيح «ابن الله» فكلمات النص إذاً تؤكد لاهوت المسيح ولا تلقي الشبهة عليه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابن المسيح المخلص
مشرف عام
مشرف عام
ابن المسيح المخلص


عدد المساهمات : 2362
نقاط : 8199
السٌّمعَة : 20
تاريخ التسجيل : 24/12/2012
العمر : 43

	هل المسيح هو الله-11 - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: هل المسيح هو الله-11   	هل المسيح هو الله-11 - صفحة 2 I_icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 07, 2016 5:21 pm

٧ - أبي أعظم مني

نقرأ في إنجيل يوحنا الكلمات «سَمِعْتُمْ أَنِّي قُلْتُ لَكُمْ أَنَا أَذْهَبُ ثُمَّ آتِي إِلَيْكُمْ. لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لَكُنْتُمْ تَفْرَحُونَ لأَنِّي قُلْتُ أَمْضِي إِلَى ٱلآبِ، لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي» (يو ١٤: ٢٨) و «شهود يهوه» يقولون: كيف يمكن أن تنادوا بمساواة الابن بالآب وها هو الابن يقول بلسانه «لأن أبي أعظم مني؟».
وهنا نعود إلى قرينة الكلام مستخدمين قوانين التفسير الصحيح، وسنرى أننا لا يمكن أن نفهم آية من الكتاب المقدس فهماً سليماً بعيداً عن قرينتها، ومقارنتها بالآيات المشابهة لها.
والآن ماذا قال المسيح في حديثه قبل أن يذكر الآية التي نحن بصددها؟ إنه قال «ٱلْكَلاَمُ ٱلَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي» (يو ١٤: ٢٤). والعبارة التي يجب أن ننتبه إليها هي «الآب الذي أرسلني» لأننا نتبين منها أن الصلة الموجودة هنا بين «الآب والابن» هي صلة «المرسِل والمرسَل منه» أي أننا نرى الآب مرسلاً الابن، فمركز الابن هنا هو مركز «الرسول» بالنسبة لمن أرسله، وقد قال المسيح بفمه المبارك: «اَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ» (يو ١٣: ١٦) فالعظمة المنسوبة إلى الآب هنا بالنسبة للابن، هي عظمة «المرسل» بالنسبة «للمرسَل» فالآب هنا يوصف بأنه أعظم من الابن، لأنه هو الذي ارسل الابن (يو ٣: ١٧) والآب لم يتجسد، لكن الابن تجسد، وفي تجسده صار ليس فقط أقل من الآب بل أقل من الملائكة كما قال كاتب الرسالة إلى العبرانيين: «وَلٰكِنَّ ٱلَّذِي وُضِعَ قَلِيلاً عَنِ ٱلْمَلاَئِكَةِ، يَسُوعَ، نَرَاهُ مُكَلَّلاً بِٱلْمَجْدِ وَٱلْكَرَامَةِ» (عب ٢: ٩).
فالمسيح بتجسده أصبح أقل من الآب، بل أقل من الملائكة، وباعتباره «مرسلاً» والآب هو الذي أرسله، وباعتباره قد صار إنساناً وأصبح أقل من الملائكة قال: «لأن أبي أعظم مني».
وهذا لا يمس لاهوته إطلاقاً ولا يمس مساواته بالآب لأنه في ذات الأصحاح يقول: « اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى ٱلآبَ» (يو ١٤: ٩). ويؤكد وحدانية الثالوث بكلماته: «إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً» (يو ١٤: ٢٣) وفي سفر رؤيا يوحنا نرى أن «كُلُّ خَلِيقَةٍ مِمَّا فِي ٱلسَّمَاءِ وَعَلَى ٱلأَرْضِ وَتَحْتَ ٱلأَرْضِ، وَمَا عَلَى ٱلْبَحْرِ، كُلُّ مَا فِيهَا، سَمِعْتُهَا قَائِلَةً: لِلْجَالِسِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَلِلْحَمَلِ ٱلْبَرَكَةُ وَٱلْكَرَامَةُ وَٱلْمَجْدُ وَٱلسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ ٱلآبِدِينَ» (رؤ ٥: ١٣). ومن هذه الكلمات نتأكد مساواة الآب بالابن في الكرامة والمجد والسلطان إلى أبد الآبدين.
وهكذا إذ نعود إلى إنجيل يوحنا نسمع كلمات المسيح: «أنا والآب واحد» (يو ١٠: ٣٠). ونراه يقدم نفسه عن الآب، دون أن يكون في هذا اختلاساً أو غضاضة فهما واحد في الجوهر، واحد منذ الأزل وإلى الأبد.

٨ - الإله الحقيقي ويسوع المسيح

نجد في إنجيل يوحنا الكلمات: «وَهٰذِهِ هِيَ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ ٱلإِلٰهَ ٱلْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ ٱلَّذِي أَرْسَلْتَهُ» (يو ١٧: ٣).
ويقول شهود يهوه إن هذه الآية تدل على أن الله هو الإله الحقيقي وحده وأن يسوع المسيح مرسل منه ولذا فليس هو «الله الابن».
وإذ نعود إلى الأصحاح التي وردت فيه هذه الآية نجد أن المسيح يخاطب الله بقوله: أيها الآب، ويؤكد في نفس الأصحاح أنه كان موجوداً مع الآب قبل كون العالم «وَٱلآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا ٱلآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِٱلْمَجْدِ ٱلَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ ٱلْعَالَمِ» (يو ١٧: ٥)، ويؤكد أيضاً وحدانيته مع الآب «لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا نَحْنُ» (يو ١٧: ١١) «لِيَكُونَ ٱلْجَمِيعُ وَاحِداً، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا ٱلآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ» (يو ١٧: ٢١) بل ويؤكد أن الآب أحبه قبل إنشاء العالم «لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ ٱلْعَالَمِ» (يو ١٧: ٢٤).
كل هذه الآيات تؤكد لنا أزلية المسيح ووحدانيته مع الآب، وفي الآية التي نحن بصددها يعلن لنا المسيح بكلماته أن الحياة الأبدية تتوقف على «معرفة الإله الحقيقي الذي أظهر محبته بإرسال ابنه يسوع المسيح لعمل الفداء العظيم»، وكون الحياة الأبدية شرطها معرفة الإله الحقيقي ويسوع المسيح فهذا برهان على لاهوت المسيح، لأن معرفة الإله المسيح مساوية لمعرفة الإله الحقيقي، فالمسيح هنا موضوع المعرفة بنفس الدرجة التي فيها الآب موضوع هذه المعرفة مما يؤكد لاهوت المسيح بكيفية قاطعة.
وبغير شك أن أحداً لا يمكنه أن يعرف الآب «الإله الحقيقي» إلى عن طريق معرفته لابنه يسوع المسيح «اَللّٰهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ ٱلْوَحِيدُ ٱلَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ ٱلآبِ هُوَ خَبَّرَ» (يو ١: ١٨).
وتترجم هذه الآية في اللغة الإنكليزية في الترجمة المعروفة باسم «The Amplified New Testamen» هكذا:
«No man has ever seen God at any time, the only unique Son, WHo is in the bosom of the father He has declared Him, He has revealed Him, brought Him out where He can be seen»
وتعني كلمة «خبّر» في هذه الترجمة أظهر، أعلن، أحضره إلى حيث يمكن أن يُرى فالمسيح هو «الطريق» لمعرفة الإله الحقيقي، كما قال لليهود بفمه المبارك: «لَوْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضاً» (يو ٨: ١٩). وكما قال لتوما: «أَنَا هُوَ ٱلطَّرِيقُ وَٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى ٱلآبِ إِلاَّ بِي. لَوْ كُنْتُمْ قَدْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضاً. وَمِنَ ٱلآنَ تَعْرِفُونَهُ وَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ. قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: يَا سَيِّدُ، أَرِنَا ٱلآبَ وَكَفَانَا. قَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنَا مَعَكُمْ زَمَاناً هٰذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى ٱلآبَ» (يو ١٤: ٦ - ٩).
فنوال الحياة الأبدية يتوقف على معرفة الله الحقيقي الذي أعلن ذاته في ابنه يسوع المسيح كما قال يوحنا الرسول: «وَهٰذِهِ هِيَ ٱلشَّهَادَةُ: أَنَّ ٱللّٰهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ هِيَ فِي ٱبْنِهِ. مَنْ لَهُ ٱلابْنُ فَلَهُ ٱلْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ فَلَيْسَتْ لَهُ ٱلْحَيَاةُ» (١ يو ٥: ١١ و١٢). وهذه المعرفة لا يمكن الوصول إليها بدون المسيح.
فالآية إذاً لا تتعارض مع مساواة الابن بالآب. وبالتالي لا تمس لاهوت المسيح.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابن المسيح المخلص
مشرف عام
مشرف عام
ابن المسيح المخلص


عدد المساهمات : 2362
نقاط : 8199
السٌّمعَة : 20
تاريخ التسجيل : 24/12/2012
العمر : 43

	هل المسيح هو الله-11 - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: هل المسيح هو الله-11   	هل المسيح هو الله-11 - صفحة 2 I_icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 07, 2016 5:22 pm

٩ - رأس المسيح هو الله

كتب بولس في رسالته إلى كورنثوس: «وَلٰكِنْ أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَأْسَ كُلِّ رَجُلٍ هُوَ ٱلْمَسِيحُ. وَأَمَّا رَأْسُ ٱلْمَرْأَةِ فَهُوَ ٱلرَّجُلُ. وَرَأْسُ ٱلْمَسِيحِ هُوَ ٱللّٰهُ» (١ كو ١١: ٣)
ويقول شهود يهوه وهم يستخدمون هذه الآية : لو كان الله والمسيح واحداً فكيف يكون رأس المسيح هو الله؟
وهنا أنبه إلى ضرورة استخدام قوانين التفسير الصحيح، فنعود إلى القرينة، ونقارن الروحيات بالروحيات.
وبولس الرسول يقول هنا: «إن رأس كل رجل هو المسيح» وهو يعني يقيناً أن الرجل الذي قبل المسيح مخلصاً أصبح المسيح رأسه - أما الرجل الملحد، الشرير، الفاسد، النجس، فالمسيح ليس رأساً له.
ويتابع بولس كلماته قائلاً: «وأما رأس المرأة فهو الرجل» وليس معنى هذا أن كل رجل هو رأس لكل امرأة، ولكن الرجل هو رأس امرأته.. رأس زوجته.. بمعنى أن علاقة الزواج هي التي جعلت الرجل رأساً لزوجته، وهذا واضح من كلمات بولس القائلة «أَيُّهَا ٱلنِّسَاءُ ٱخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ، لأَنَّ ٱلرَّجُلَ هُوَ رَأْسُ ٱلْمَرْأَةِ كَمَا أَنَّ ٱلْمَسِيحَ أَيْضاً رَأْسُ ٱلْكَنِيسَةِ» (أف ٥: ٢٢ و٢٣).
وهذا يعني أن المرأة التي قبلت رجلاً ما زوجاً لها، رضيت به في ذات الوقت رأساً لها، وقبلت الخضوع له.
ويستطرد الرسول بولس قائلاً: «ورأس المسيح هو الله» وهذا معناه أن المسيح بقبوله الاختياري أن يكون نائباً عن الإنسان، وأن يخضع لإرادة الله الهادفة إلى موته على الصليب بديلاً عن الإنسان، وأصبح الله هو رأسه كإنسان. كما ترينا الكلمات: «ٱلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ ٱلابْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً إِلاَّ مَا يَنْظُرُ ٱلآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهٰذَا يَعْمَلُهُ ٱلابْنُ كَذٰلِكَ» (يو ٥: ١٩). وكما نرى في خضوع المسيح لإرادة الآب في كلماته: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هٰذِهِ ٱلْكَأْسَ. وَلٰكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ» (لو ٢٢: ٤٢).
ولكن كون الله «هو» رأس المسيح المتجسد، لا يعني أن المسيح ليس واحداً معه، فالعلاقة التي تجعل الرجل رأساً للمرأة هي علاقة الزواج، ويقول الرب عن علاقة الزوجين: «يَكُونُ ٱلاثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً. إِذاً لَيْسَا بَعْدُ ٱثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ» (مت ١٩: ٥ و٦).
فمع أن الرجل هو رأس المرأة، لكنهما واحد وليسا بعد اثنين بشهادة الرب نفسه «إذا ليسا بعد اثنين بل جسد واحد».
ومع أن الله هو رأس المسيح، لكنهما واحد كذلك بنفس القياس، قياس قبول المسيح الخضوع لإرادة الآب بالتجسد والطاعة حتى الموت موت الصليب، والقياس هنا مع الفارق العظيم بين الجسديات والإلهيات.
إذاً الآية موضع التفسير صارت واضحة. لأنها ترينا أن العلاقة التي بين الرجل والمرأة في الزواج تجعل الرجل رأساً للمرأة لكنها لا تنفي وحدتهما، والعلاقة بين المسيح المتجسد والله الآب، تجعل الآب رأساً للمسيح ولا تنفي الوحدانية الأزلية بينهما.
إن الوحدة في الزواج لا تنفي رآسة الزوج لزوجته، ورآسة الزوج لزوجته لا تنفي وحدتهما لأن علاقتهما مزدوجة التركيب، فيها وحدة وفيها رآسة، وهكذا عندما تجسد المسيح صارت بينه وبين الآب علاقة مزدوجة فباعتباره «الابن الأزلي» هو واحد مع الآب وباعتباره «ابن الإنسان» صار الله رأسه، وليس في هذه العلاقة ما يلقي شبهة على لاهوت المسح.

١٠ - الابن نفسه أيضاً سيخضع

كتب بولس الرسول هذه الكلمات: «وَبَعْدَ ذٰلِكَ ٱلنِّهَايَةُ، مَتَى سَلَّمَ ٱلْمُلْكَ لِلّٰهِ ٱلآبِ، مَتَى أَبْطَلَ كُلَّ رِيَاسَةٍ وَكُلَّ سُلْطَانٍ وَكُلَّ قُّوَةٍ. لأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَمْلِكَ حَتَّى يَضَعَ جَمِيعَ ٱلأَعْدَاءِ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. آخِرُ عَدُّوٍ يُبْطَلُ هُوَ ٱلْمَوْتُ. لأَنَّهُ أَخْضَعَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. وَلٰكِنْ حِينَمَا يَقُولُ إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُخْضِعَ فَوَاضِحٌ أَنَّهُ غَيْرُ ٱلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ ٱلْكُلَّ. وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ ٱلْكُلُّ، فَحِينَئِذٍ ٱلابْنُ نَفْسُهُ أَيْضاً سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ ٱلْكُلَّ، كَيْ يَكُونَ ٱللّٰهُ ٱلْكُلَّ فِي ٱلْكُلِّ» (١ كو ١٥: ٢٤ - ٢٨).
والعصريون من أضداد المسيح يقولون: انظروا «الابن نفسه أيضاً سيخضع للذي أخضع له الكل كي يكون الله الكل في الكل» وهذا يرينا عدم مساواة الابن بالآب، وبالتالي يرينا أن المسيح ليس هو «الله الابن».
ولكي نفهم هذه الآيات يجب أن نطبق قانون التفسير الصحيح «قارنين الروحيات بالروحيات». فمن أين جاءت هذه الآيات؟
إننا نجدها في المزمور الثامن، ولا بد أن نعود إليه لنفهم معناها، فالكتاب المقدس يفسر بالكتاب المقدس، فمن يجهل الكتاب ككل يجهل تفسير آياته، ومن يعرفه في وحدته يستطيع فهم صعوباته.
فتعال معي لنقرأ كلمات المزمور الثامن: «إِذَا أَرَى سَمَاوَاتِكَ عَمَلَ أَصَابِعِكَ، ٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ ٱلَّتِي كَّوَنْتَهَا، فَمَنْ هُوَ ٱلإِنْسَانُ حَتَّى تَذْكُرَهُ وَٱبْنُ آدَمَ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ! وَتَنْقُصَهُ قَلِيلاً عَنِ ٱلْمَلاَئِكَةِ، وَبِمَجْدٍ وَبَهَاءٍ تُكَلِّلُهُ. تُسَلِّطُهُ عَلَى أَعْمَالِ يَدَيْكَ. جَعَلْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ» (مز ٨: ٣ - ٦).
هنا نجد داود يتأمل عظمة السموات، ويتساءل أمام روعة تكوينها «من هو الإنسان حتى تذكره وابن آدم حتى تفتقده. وتنقصه قليلاً عن الملائكة وبمجد وبهاء تكلله. جعلت كل شيء تحت قدميه».
لكن هل حقاً كل شيء تحت قدمي الإنسان؟
لقد كان هذا هو غرض الله حين خلق الإنسان كما نقرأ: «فَخَلَقَ ٱللّٰهُ ٱلإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ ٱللّٰهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. وَبَارَكَهُمُ ٱللّٰهُ وَقَالَ لَهُمْ: أَثْمِرُوا وَٱكْثُرُوا وَٱمْلأُوا ٱلأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ ٱلْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ ٱلسَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى ٱلأَرْضِ» (تك ١: ٢٧ و٢٨).
لكن الإنسان فشل في إتمام غرض الله.. ولم يستطع أن يخضع كل ما في الأرض، لقد سلبته الخطية الكثير من سلطانه، ولذا نجده يهرب من الأسد، والحية، والثعبان.. ويصرخ من الفزع حين يرى عقرباً.. بل أن المرأة تصرخ حين ترى فأراً.
لقد فشل الإنسان بسقوطه في إخضاع كل ما على الأرض.
وجاء الرب يسوع.. وأخذ صورة الإنسان.. ليس فقط ليفدي الإنسان، بل لكي يتمم قصد الله في الإنسان، وهو إخضاع كل شيء تحت قدمي الإنسان.
ولنعد الآن إلى الأصحاح الذي أخذنا منه الآيات موضوع تفسيرنا، فهناك نقرأ: «فَإِنَّهُ إِذِ ٱلْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ، بِإِنْسَانٍ أَيْضاً قِيَامَةُ ٱلأَمْوَاتِ» (١ كو ١٥: ٢١).
وهذه الكلمات تتحدث عن «إنسانية» المسيح.. إذ الموت بإنسان هو آدم الأول.. بإنسان أيضاً - وهو آدم الأخير - قيامة الأموات، ثم قرب ختام الأصحاح نقرأ «ٱلإِنْسَانُ ٱلأَوَّلُ مِنَ ٱلأَرْضِ تُرَابِيٌّ. ٱلإِنْسَانُ ٱلثَّانِي ٱلرَّبُّ مِنَ ٱلسَّمَاءِ» (١ كو ١٥: ٤٧).
فالأصحاح كله يتحدث عن «ناسوت» الرب يسوع، وفي ذات الوقت يؤكد «لاهوته» فهو الإنسان الثاني وهو الرب من السماء.
الإنسان البشري فقد سيادته بسقوطه، ولكننا نرى داود في المزمور الثامن يؤكد سيادة الإنسان، وهو بهذا التأكيد يشير إلى «ابن الله» الذي سيأخذ صورة الإنسان، ليتمم غرض الله الذي أراده من البداية للإنسان كما نرى ذلك واضحاً في الرسالة إلى العبرانيين (عب ٢: ٥ - ٩).
فالحديث في آيات موضوعنا هو عن «الرب يسوع المسيح» باعتباره ممثلاً للإنسان وبهذا الاعتبار سيُخضع الله الآب كل شيء تحت قدميه.
وتقول الكلمات.. ومتى أخضع له الكل.. من الذي سيخضع له الكل؟ الله الآب سيُخضع للمسيح الإنسان كل شيء.. حتى الموت نفسه لأن «آخر عدو يبطل هو الموت» ومتى أخضع الله الآب كل شيء للمسيح باعتباره رأساً وممثلاً للإنسانية، يأتي المسيح بهذا الاعتبار فيسلم الملك لله الآب، ويخضع له معترفاً بأن القوة التي فيه لم تكن قوة إنسانية بل كانت قوة الله القادر على كل شيء، وكأنه يقول «الآن قد انتهت مهمتي تماماً كإنسان».
فأنا أخذت صورة الإنسان لأفدي الإنسان، وفوق الجلجثة فديت الإنسان.
وأنا أخذت صورة الإنسان لكي تُخضع لي كل شيء على الأرض حتى الوحوش والشيطان، وفي الملك الألفي أخضعت كل شيء تحت قدمي.
وأنا أخذت صورة الإنسان لأبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس. وأنهي سيادة الموت على الإنسان، وقد أنهيت سيادة الموت.
والآن لا ضرورة لبقاء السلطان المعطى لي كإنسان.. لذا فأنا أسلم لك الملك الذي أخضعته تحت قدمي حتى يرى المفديون الثالوث العظيم الآب والابن والروح القدس، الله الأزلي في ملكه الأبدي، ودون توسط المسيح الإنسان.
وهذا الفسير يصبح أكثر وضوحاً حين نعود إلى الرسالة إلى العبرانيين ونقرأ هناك الكلمات: «فَإِنَّهُ لِمَلاَئِكَةٍ لَمْ يُخْضِعِ «ٱلْعَالَمَ ٱلْعَتِيدَ» ٱلَّذِي نَتَكَلَّمُ عَنْهُ. لٰكِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ فِي مَوْضِعٍ قَائِلاً: مَا هُوَ ٱلإِنْسَانُ حَتَّى تَذْكُرَهُ، أَوِ ٱبْنُ ٱلإِنْسَانِ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ؟ وَضَعْتَهُ قَلِيلاً عَنِ ٱلْمَلاَئِكَةِ. بِمَجْدٍ وَكَرَامَةٍ كَلَّلْتَهُ، وَأَقَمْتَهُ عَلَى أَعْمَالِ يَدَيْكَ. أَخْضَعْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. لأَنَّهُ إِذْ أَخْضَعَ ٱلْكُلَّ لَهُ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئاً غَيْرَ خَاضِعٍ لَهُ» (عب ٢: ٥ - ٨).
لكن كاتب الرسالة إلى العبرانيين يستمر قائلاً: «عَلَى أَنَّنَا ٱلآنَ لَسْنَا نَرَى ٱلْكُلَّ بَعْدُ مُخْضَعاً لَهُ» (عب ٢: ٨).
أجل فهناك أشياء كثيرة لم تخضع بعد للمسيح الإنسان.
فالوحوش ما زالت في طبيعتها المفترسة، والموت ما زال يختطف البشر، والخطية ما زالت سائدة في عالم اليوم، فأين خضوع كل شيء إذاً؟ «لسنا نرى الكل بعد مخضعاً له» .
ويستمر كاتب الرسالة إلى العبرانيين قائلاً «وَلٰكِنَّ ٱلَّذِي وُضِعَ قَلِيلاً عَنِ ٱلْمَلاَئِكَةِ، يَسُوعَ، نَرَاهُ مُكَلَّلاً بِٱلْمَجْدِ وَٱلْكَرَامَةِ، مِنْ أَجْلِ أَلَمِ ٱلْمَوْتِ، لِكَيْ يَذُوقَ بِنِعْمَةِ ٱللّٰهِ ٱلْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ» (عب ٢: ٩)
فالرب يسوع باعتباره نائباً عن الإنسانية، سيُخضع الله تحت قدميه كل ما في الأرض، ليتمم غرض الله في الإنسان «فَيَسْكُنُ ٱلذِّئْبُ مَعَ ٱلْخَرُوفِ، وَيَرْبُضُ ٱلنَّمِرُ مَعَ ٱلْجَدْيِ، وَٱلْعِجْلُ وَٱلشِّبْلُ وَٱلْمُسَمَّنُ مَعاً، وَصَبِيٌّ صَغِيرٌ يَسُوقُهَا. وَٱلْبَقَرَةُ وَٱلدُّبَّةُ تَرْعَيَانِ. تَرْبُضُ أَوْلاَدُهُمَا مَعاً، وَٱلأَسَدُ كَٱلْبَقَرِ يَأْكُلُ تِبْناً. وَيَلْعَبُ ٱلرَّضِيعُ عَلَى سَرَبِ ٱلصِّلِّ، وَيَمُدُّ ٱلْفَطِيمُ يَدَهُ عَلَى جُحْرِ ٱلأُفْعُوانِ. لاَ يَسُوؤُونَ وَلاَ يُفْسِدُونَ فِي كُلِّ جَبَلِ قُدْسِي، لأَنَّ ٱلأَرْضَ تَمْتَلِئُ مِنْ مَعْرِفَةِ ٱلرَّبِّ كَمَا تُغَطِّي ٱلْمِيَاهُ ٱلْبَحْرَ» (إش ١١: ٦ - ٩).
وبعد أن يخضع «الله الآب» للمسيح الإنسان كل شيء، يسلم المسيح الإنسان الله الآب كل انتصاراته، معترفاً بأن القوة العاملة فيه هي قوة الله الآب وكأنه يقول: «ٱلآبَ ٱلْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ ٱلأَعْمَالَ» (يو ١٤: ١٠) وهكذا يسوع الآب والابن والروح القدس الثالوث العظيم سيادة مطلقة في الأبدية السعيدة دون حاجة لتوسط الإنسان.
فالآيات لا تلقي شبهة على لاهوت المسيح، بل ترينا كمال عمله باعتباره «ابن الإنسان» الذي هو في ذات الوقت «ابن الله».
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابن المسيح المخلص
مشرف عام
مشرف عام
ابن المسيح المخلص


عدد المساهمات : 2362
نقاط : 8199
السٌّمعَة : 20
تاريخ التسجيل : 24/12/2012
العمر : 43

	هل المسيح هو الله-11 - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: هل المسيح هو الله-11   	هل المسيح هو الله-11 - صفحة 2 I_icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 07, 2016 5:23 pm

١١ - إله ربنا يسوع المسيح

نقرأ في الرسالة إلى أهل أفسس الكلمات «كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلٰهُ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، أَبُو ٱلْمَجْدِ، رُوحَ ٱلْحِكْمَةِ وَٱلإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ» (أف ١: ١٧).
ويبدو من ظاهر الكلمات أن الله هو «إله المسيح» وهنا يقول شهود يهوه إنه لا يمكن أن يكون المسيح هو الله الابن.
والقارئ الفطن يرى أن رسالة أفسس تتحدث عن «تدبير ملء الأزمنة» وفي هذا التدبير يجمع الله كل شيء في المسيح ما في السموات وما على الأرض (أفسس ١: ١٠).
والمسيح في هذا التدبير يمثل «الإنسان» الذي أخضع الله تحت قدميه كل شيء (أف ١: ٢٢) وباعتباره «المسيح الإنسان» فالله إلهه كما قاله على الصليب «إلهي إلهي لماذا تركتني؟» وكما قال لمريم المجدلية: «ٱذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلٰهِي وَإِلٰهِكُمْ» (يو ٢٠: ١٧). وكلمات المسيح هنا تعلن بوضوح أن هناك فرقاً بين أبوة الله له، وأبوته للمؤمنين، ولذا قال «أبي» و «أبيكم» ولم يقل إني أصعد إلى «أبينا» فالمسيح هو ابن الآب منذ الأزل بالحق والمحبة، أما المؤمنون فهم أبناء الله بالتبني.
أما قوله إلهي وإلهكم فنستطيع فهمه لو أدركنا أن المسيح يربط نفسه هنا بتلاميذه بقوله لمريم المجدلية «اذهبي إلى إخوتي» وما دام قد ربط بهم وأصبح نائباً عنهم، فالله في هذا الاعتبار هو «إلهه»، كما هو «إلههم» غير أنه «إلهه» باعتباره الإنسان الكامل الذي سدد كل مطاليب عدالة الله، وأشبع رحمته و «إلههم» باعتبارهم «مكملين فيه» فهو بالنسبة إليهم «إله كل نعمة».
وعلى هذا فإن كلمات بولس «إله ربنا يسوع المسيح» لا تلقي شبهة على لاهوت المسيح. بل تؤكده معلنة أن المسيح هو «ربنا» وهكذا تؤكد رسالة أفسس في كل أجزائها هذا الحق فتعلن أن المسيح هو «الرب» (أفسس ١: ٢)، وأنه «ابن الله» أفسس ١: ٣ و٤: ١٣)، وأنه الذي يحل بالإيمان في القلب (أفسس ٣: ١٧)، ولكنها تقدمه) هنا) كمن سيجمع الله في شخصه كل شيء، ولا شك أن دارس الكتاب المقدس يجب أن يميز بين عمل «الآب» وعمل «الابن» و «عمل الروح القدس» في كل تدبير وخاصة في تدبير النعمة، وبهذا يستطيع أن يفهم كلمات بولس القائلة: «لٰكِنْ لَنَا إِلٰهٌ وَاحِدٌ: ٱلآبُ ٱلَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ ٱلأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ لَهُ» (١ كو ٨: ٦). بل ويقدر أن يفهم كذلك معنى كلماته: «فَأَنْوَاعُ مَوَاهِبَ مَوْجُودَةٌ وَلٰكِنَّ ٱلرُّوحَ وَاحِدٌ. وَأَنْوَاعُ خِدَمٍ مَوْجُودَةٌ وَلٰكِنَّ ٱلرَّبَّ وَاحِدٌ. وَأَنْوَاعُ أَعْمَالٍ مَوْجُودَةٌ وَلٰكِنَّ ٱللّٰهَ وَاحِدٌ، ٱلَّذِي يَعْمَلُ ٱلْكُلَّ فِي ٱلْكُلِّ» (١ كو ١٢: ٤ - ٦).
وهي كلمات تعلن في وضوح عن عمل الثالوث العظيم.

١٢ - لم يحسب خلسة

نقرأ في الرسالة إلى أهل فيلبي الكلمات: « ٱلْمَسِيحِ..ٱلَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ ٱللّٰهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلّٰهِ» (في ٢: ٦).
ويقول جماعة شهود يهوه إن المسيح: «لم يحسب نفسه معادلاً لله» ولذا فهو ليس ابن الله.
وقرينة الآية تكذب مزاعمهم، وتؤكد لاهوت المسيح. فالمسيح منذ الأزل كان «في صورة الله» ولذا فلم يحسب أنه اختلس مجد الله حين قال إنه ابن الله معادلاً نفسه بالله (اقرأ يوحنا ٥: ١٨). أي أن إعلان المسيح عن نفسه بأنه معادل لله ليس اختلاساً ولا اعتداء على مجد الله، وتؤكد الكلمات اللاحقة بأن المسيح «أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ ٱلنَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي ٱلْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى ٱلْمَوْتَ مَوْتَ ٱلصَّلِيبِ. لِذٰلِكَ رَفَّعَهُ ٱللّٰهُ أَيْضاً، وَأَعْطَاهُ ٱسْماً فَوْقَ كُلِّ ٱسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِٱسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي ٱلسَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى ٱلأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ ٱلأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ ٱللّٰهِ ٱلآبِ» (في ٢: ٧ - ١١). فالآيات تعلن أن المسيح الذي تجسد في الزمان هو نفسه ابن الله منذ الأزل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
هل المسيح هو الله-11
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 3انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» هل المسيح هو الله-8
» هل المسيح هو الله-7
» هل المسيح هو الله-5
» هل المسيح هو الله-6
» هل المسيح هو الله-4

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى نور الحياة  :: المنتديات المسيحية العامة - Christian public forums :: الطقس والعقيده والاهوت-
انتقل الى: