منتدى نور الحياة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

شكرا
منتدى نور الحياة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

شكرا
منتدى نور الحياة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى نور الحياة

اخبار . رياضة . فن .فيديو. طب. برامج. موضة. طفل. حوادث. بحث. فيس .بوك . تويتر. يوتيوب. جوجل . ادنس. ربح .نت .افلام . ترانيم . مسرحيات. عظات
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 معجزات ربنا يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
الهام بنت المسيحية
مرشح للاشراف
مرشح للاشراف
الهام بنت المسيحية


عدد المساهمات : 1793
نقاط : 7050
السٌّمعَة : 12
تاريخ التسجيل : 10/04/2013
العمر : 30

معجزات ربنا يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة  Empty
مُساهمةموضوع: معجزات ربنا يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة    معجزات ربنا يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 21, 2015 11:09 am

معجزات ربنا يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة
THE MIRACLES OUR LORD
JESUS CHRIST IN THE 4 GOSPELS
مقدمة
1- إن معجزات السيد المسيح لا تدخل تحت حصر، وهي متعددة جداً في أنواعها. لذلك لن نتعرض في هذا البحث إلي:
أ- قراءة السيد المسيح للأفكار، ومعرفته الغيب.
ب- ظهورات السيد المسيح المتعددة بعد القيامة.
2- إنما سنركز حديثنا في:
أولاً: معجزات خاصة بالرب نفسه.
ثانياً : معجزات عامة أجراها الرب:
أ- هي معجزات كثيرة جداً لا تدخل تحت حصر.
ب- هي معجزات عامة ومتعددة وبالجملة وللجميع.


ج- معجزات أجراها السيد المسيح في أرض مصر، وتؤيدها نبوءة في الكتاب المقدس.
ثالثاً : معجزات خاصة أجراها الرب:
أ- معجزات خاصة بإقامة الموتي.
ب- معجزات خاصة بالأرواح وإخراج الشياطين.
ج- معجزات خاصة بالطبيعة.
د- معجزات خاصة بشفاء المرضي، وبالذات من الأمراض المستعصية.







أولاً: معجزات خاصة بالرب نفسه
- ولادة السيد المسيح من عذراء ( متي 1 : 18 - 25 ، لو 1 : 34، 35 ، لو 2 : 7 )، ويمكن أن يضاف إليها:
أ- إرتكاض يوحنا المعمدان - وهو جنين - في بطن أمه، تحية للسيد المسيح ( لو 1 : 44 ).
ب- ولادة يوحنا المعمدان من عاقر ( أليصابات ) : ( لو 1 : 36، 37، 57 )، فهو الملاك الذي يهيئ الطريق قدام السيد المسيح ( ملاخي 3 : 1 ، مت 11 : 10 ، مر 1 : 2 ، لو 7 : 27 ).


2- حادثة العماد، ونذكر فيها:
أ- شهادة الآب وقت العماد ( مت 3 : 17 ، مر 1 : 11 ، لو 3 : 22 ).
ب- حلول الروح القدس مثل حمامة نازلاً عليه ( مت 3 : 16 ، مر 1 : 10 ، لو 3 : 21، 22 ، يو 1: 32، 33).
ج- شهادة يوحنا المعمدان له ( مت 3 : 11، 12 ، مر 1 : 7، 8 ، لو 3 : 2، 15 - 17 ، يو 1 : 19 - 36 ).
3- رؤية السيد المسيح لنثنائيل تحت التينة. حتي أن نثنائيل آمن ( يو 1 : 47 - 50 ).
4- حادثة التجلي : ( مت 17 : 1 - 8 ، مر 9 : 2 - 8 ، لو 9 : 28 - 36 )، وشهادة الآب له وقت التجلي ( مت 17 : 5 ، مر 9 : 7 ، لو 9 : 35 ).



5- شهادة الآب له في ( يوحنا 12 ). " أيها الآب مجد إسمك. فجاء صوت من السماء: مجدت وأمجد أيضاً. فالجمع الذي كان واقفاً وسمع قال: قد حدث رعد، وآخرون قالوا : قد كلمه ملاك، أجاب يسوع وقال: ليس من أجلي صار هذا الصوت بل من أجلكم " - ( يو 12 : 28 - 30 ).
6- خروج دم وماء من جنبه. حينما طعن بالحربة، بعد أن أسلم الروح علي الصليب ( يو 19 : 34، 35 ).
7- قيامته المعجزية من بين الأموات.( مت 28 : 5، 6 ، مر 16 : 5، 6 ، لو 24: 1 - 6 ، يو20: 5 - 9، 12).


8- دخوله العلية - بعد القيامة - والأبواب مغلقة ( مرتين ). حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود ( يو 20 : 19، 26 ). فكما خرج من بطن العذراء وبتوليتها مختومة، كذلك خرج من القبر وهو مغلق، وأيضاً دخل العلية والأبواب مغلقة..
9- صعوده إلي السماء. ( مر 16 : 19 ، لو 24 : 50 - 52 ، أع 1 : 9 - 12 ).
10- جلوسه عن يمين الآب. ( مر 16 : 19 ).







ثانياً: معجزات عامة أجراها الرب
أ- هي معجزات كثيرة جداً لا تدخل تحت حصر
+ سبق أن ذكرنا أن المعجزات التي أجراها السيد المسيح لا يمكن أن تحصي أو أن تعد من كثرتها، إنما ذكرت لنا الأناجيل بعض المعجزات - وليس الكل - علي سبيل المثال وليس الحصر.. بدليل ما ورد في يو 20، 21.
 يو 20 { وآيات أخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه، لم تكتب في هذا الكتاب. وأما هذه قد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح إبن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة} بإسمه - (يو 20 : 30، 31 ). يو 21 { وأشياء أخر كثيرة صنعها يسوع، إن كتبت واحدة واحدة، فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة } ( يو 21 : 25 ).



ب- هي معجزات عامة ومتعددة وبالجملة وللجميع    
1- بعد شفاء حماة سمعان بطرس
متي 8 { ولما صار المساء قدموا إليه مجانين كثيرين. فأخرج الأرواح بكلمة، وجميع المرضي شفاهم } (  متي8 : 16). مر 1 { ولما صار المساء إذ غربت الشمس، قدموا إليه جميع السقماء والمجانين. وكانت المدينة كلها مجتمعة علي الباب. فشفي كثيرين كانوا مرضي بأمراض مختلفة وأخرج شياطين كثيرة، ولم يدع الشياطين يتكلمون لأنهم عرفوه } ( مر 1: 32 - 34 ). لو 4 { وعند غروب الشمس جميع الذين كان عندهم سقماء بأمراض مختلفة قدموهم إليه، فوضع يديه علي كل واحد منهم وشفاهم. وكانت شياطين أيضاً تخرج من كثيرين وهي تصرخ وتقول : أنت المسيح إبن الله.


فإنتهرهم ولم يدعهم يتكلمون لأنهم عرفوه أنه المسيح - لو 4 : 40، 41 ).
2- مر 1 : 39 { فكان يكرز في مجامعهم في كل الجليل ويخرج الشياطين }.
3- متي 4 { وكان يسوع يطوف كل الجليل يعلم في مجامعهم، ويكرز ببشارة الملكوت، ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب. فذاع خبره في جميع سورية. فأحضروا إليه جميع السقماء المصابين بأمراض وأوجاع مختلفة والمجانين والمصروعين والمفلوجين فشفاهم} ( مت 4 : 23، 24 ).
4- مر 3 ( لأنه كان قد شفي كثيرين حتي وقع عليه ليلمسه كل من فيه داء. والأرواح النجسة حينما نظرته خرت له وصرخت قائلة : إنك أنت إبن الله } ( مر 3 : 10، 11 ).



5- لو 6 {.. وجمهور كثير من الشعب من جميع اليهودية وأورشليم وساحل صور وصيداء، الذين جاءوا ليسمعوه ويشفوا من أمراضهم، والمعذبون من أرواح نجسة، وكانوا يبرأون. وكل الجمع طلبوا أن يلمسوه، لأن قوة كانت تخرج منه وتشفي الجميع } ( لو 6 : 17 - 19 ) أنظر أيضاً} ( لو 5 : 15 ). 
6- مت 9 { وكان يسوع يطوف المدن كلها والقري يعلم في مجامعها، ويكرز ببشارة الملكوت، ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب { (مت 9 : 35 ).
7- إذهبا وأخبرا يوحنا:
مت 11 {. إذهبا وأخبرا يوحنا بما تسمعان وتنظران: العمي يبصرون والعرج يمشون، والبرص يطهرون والصم يسمعون، والموتي يقومون والمساكين يبشرون } ( مت 11 :



 4، 5 ). لو 7 { وفي تلك الساعة شفي كثيرين من أمراض وأدواء وأرواح شريرة، ووهب البصر لعميان كثيرين.. وقال.. إذهبا وأخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما: إن العمي يبصرون والعرج يمشون...... إلخ }  ( لو 7 : 21، 22 ).
8- مت 12 : 15 {.. وتبعته جموع كثيرة فشفاهم جميعاً }.
9- ولكنه لما جاء إلي وطنه، لم يصنع هناك قوات كثيرة لعدم إيمانهم!
مت 13 { ولما جاء إلي وطنه كان يعلمهم في مجمعهم حتي بهتوا وقالوا: من أين لهذا هذه الحكمة والقوات ؟! أليس هذا إبن النجار ؟!... فمن أين لهذا هذه كلها ؟! فكانوا يعثرون به. وأما يسوع فقال لهم: ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وفي بيته!


ولم يصنع هناك قوات كثيرة لعدم إيمانهم !! - مت 13 : 54 - 58 ). مر 6 {.. ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة، غير أنه وضع يديه علي مرضي قليلين فشفاهم. وتعجب من عدم إيمانهم !!... } ( مر 6 : 1 - 6 ).
10- لوقا 8 {.. كان يسير في مدينة وقرية يكرز ويبشر بملكوت الله ومعه الإثنا عشر، وبعض النساء كن قد شفين من أرواح شريرة وأمراض.. } ( لو 8 : 1، 2 ).
11- قبل معجزة الخمس خبزات والسمكتين:
مت 14 { فلما خرج يسوع أبصر جمعاً كثيراً، فتحنن عليهم وشفي مرضاهم } ( مت 14 : 14 ). لو 9 ( فالجموع إذ علموا تبعوه. فقبلهم وكلمهم عن ملكوت الله. والمحتاجون إلي الشفاء شفاهم - لو 9 : 11 ). يو 6 { وتبعه جمع كثير لأنهم أبصروا آياته التي كان يصنعها في المرضي - يو 6 : 2 ) أنظر أيضاً} ( يو 2 : 23 ).



12- بعد معجزة المشي علي الماء:
مت 14 { فلما عبروا جاءوا إلي أرض جنيسارت، فعرفه رجال ذلك المكان. فأرسلوا إلي جميع تلك الكورة المحيطة، وأحضروا إليه جميع المرضي، وطلبوا إليه أن يلمسوا هدب ثوبه فقط. فجميع الذين لمسوه نالوا الشفاء } ( مت 14 : 34 - 36 ). مر 6 { ولما خرجوا من السفينة للوقت عرفوه. فطافوا جميع تلك الكورة المحيطة، وإبتدأوا يحملون المرضي علي أسرة إلي حيث سمعوا أنه هناك. وحيثما دخل إلي قري أو مدن أو ضياع، وضعوا المرضي في الأسواق، وطلبوا إليه أن يلمسوا ولو هدب ثوبه؛ وكل من لمسه شفي  مر 6 : 54 - 56 ).


13- قبل معجزة السبع خبزات وقليل من صغار السمك:
مت 15 ( ثم إنتقل يسوع من هناك وجاء إلي جانب بحر الجليل.. فجاء إليه جموع كثيرة معهم عرج وعمي وخرس وشل وآخرون كثيرون، وطرحوهم عند قدمي يسوع فشفاهم، حتي تعجب الجموع إذ رأوا الخرس يتكلمون والشل يصحون والعرج يمشون والعمي يبصرون، ومجدوا إله إسرائيل - مت 15 : 29 - 31 ).
14- في الهيكل في عيد المظال:
يو 7 ( فآمن به كثيرون من الجمع وقالوا: ألعل المسيح متي جاء يعمل آيات أكثر من هذه التي عملها هذا ؟ -يو7 :31).



15- مت 19 ( ولما أكمل يسوع هذا الكلام، إنتقل من الجليل وجاء إلي تخوم اليهودية من عبر الأردن. وتبعته جموع كثيرة فشفاهم هناك - مت 19 : 1، 2 ).
16- بعد معجزة إقامة لعازر:   
يو 11 ( فجمع رؤساء الكهنة والفريسيون مجمعاً وقالوا: ماذا نصنع ؟ فإن هذا الإنسان يعمل آيات كثيرة!!- يو 47:11).
17- صنع عجائب وشفي مرضي في الهيكل، حتي في يوم دخوله أورشليم ( يوم أحد الشعانين ):
مت 21 ( وتقدم إليه عمي وعرج في الهيكل فشفاهم. فلما رأي رؤساء الكنيسة والكتبة العجائب التي صنع والأولاد يصرخون في الهيكل ويقولون: أوصنا لإبن داود، غضبوا !! - مت 21 : 14، 15 ). أنظر أيضاً ( لوقا 19 / 37 ).



18- يو 12 { ومع أنه كان قد صنع أمامهم آيات هذا عددها، لم يؤمنوا به... ولكن مع ذلك آمن به كثيرون من الرؤساء أيضاً غير أنهم - لسبب الفريسيين - لم يعترفوا به، لئلا يصيروا خارج المجمع. لأنهم أحبوا مجد الناس أكثر من مجد الله !! }  (يو 12 : 37، 42، 43 ).
ج- معجزات أجراها السيد المسيح
في أرض مصر، وتؤيدها نبوءة في الكتاب المقدس..
+ أثناء زيارة العائلة المقدسة لأرض مصر، حدثت معجزات كثيرة لم ترد في الكتاب المقدس، لكنها مذكورة في التقليد. وفي التاريخ الخاص بالكنيسة في مصر، حتي أن كثير من الأصنام وقع علي الأرض في أماكن متعددة بمصر أثناء مرور الطفل الإلهي - مع القديسة مريم العذراء والقديس يوسف النجار - في تلك الأماكن، مع معجزات أخري متنوعة


+ لذلك نجد نبوءة عن هذا الأمر في إشعياء 19 : { وحي من جهة مصر. هوذا الرب راكب علي سحابة سريعة وقادم إلي مصر، فترتجف أوثان مصر من وجهه، ويذوب قلب مصر داخلها } ( إش 19 : 1 ) والسحابة هنا تشير إلي السيدة العذراء مريم، وفعلاً إرتجفت وسقطت أوثان مصر - من وجه السيد المسيح - بسبب هيبته في تلك الأماكن.
+ وهكذا نري أن المعجزات التي حدثت في أرض مصر لها أصل كتابي ونبوءة في الكتاب المقدس تؤيدها، لذلك نجد إشعياء النبي يهتف بروح النبؤة في نفس الإصحاح قائلاً. ( في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر، وعمود للرب عند تخمها، فيكون علامة وشهادة لرب الجنود في أرض مصر... فيعرف الرب في مصر، ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم، ويقدمون ذبيحة وتقدمة، وينذرون للرب نذراً ويوفون به - إش 19 : 19 - 21 )، { مبارك شعبي مصر } ( إش 19 : 25 ).







ثالثاً: معجزات أجراها الرب (خاصة بإقامة الموتي)
أ- معجزات خاصة بإقامة الموتي
وفيها يظهر سلطان السيد المسيح علي الموت والحياة.
1- إقامة إبن أرملة نايين ( لو 7 : 11 - 17 )
+ يوضح لنا الإنجيل مدي الحالة التي وصلت إليها المرأة {.. ميت محمول، إبن وحيد لأمه، وهي أرملة } ( لو7 : 12).
+{ فلما رآها الرب تحنن عليها وقال لها، لا تبكي } ( لو 7 : 13 ): يقول القديس أمبروسيوس ( إن الأحشاء الإلهية حركتها دموع أم فقدت وحيدها وهي أرملة، بينما مشاركة الجموع لها في آلامها لم تسد الفراغ الذي تركه موت إبنها، وحرمانها من الأمومة ). فالله لا يتعامل معنا علي مستوي السلطة والسيادة - مع أنه الخالق وسيد الكل - بقدر تعامله مع الإنسان علي مستوي الحب والرحمة.



+ { ثم تقدم ولمس النعش، فوقف الحاملون } ( لو 7 : 14 ): ويتساءل القديس كيرلس الكبير عن سر لمس السيد المسيح للنعش، مع أنه كان قادراً أن يقيم الميت بكلمة، ويجيب قائلاً ( كان ذلك يا أحبائي لتعلموا أن جسد الكلمة هو جسد الحياة المتسربل القوة والسلطان، وكما أن الحديد إذا ما إتحد بالنار بدت فيه مظاهر النار وقام بوظائف النار، كذلك جسد الكلمة المسيح تجلت به الحياة، وكان له السلطان علي محو الموت والفساد ). وهكذا أظهر السيد المسيح ما كان لجسده من قدرات علي إعطاء الحياة، خلال إتحاد اللاهوت به.. وبهذا رفع من شأن الجسد الذي كان موضع إزدراء، مباركاً طبيعتنا فيه.
+ المعجزة تمت بالأمر ( أيها الشاب لك أقول قم - لو 7 : 14 ).
+ {  فجلس الميت وإبتدأ يتكلم فدفعه إلي أمه - لو 7 : 15 ): يقول القديس أمبروسيوس ( إن أخطأت خطيئة مميتة.. إجعل أمك - التي هي الكنيسة - تبكي عليك،



 فإنها تشفع في كل إبن لها كما كانت الأرملة تبكي من أجل إبنها الوحيد. إنها تترك في الألم بالروح، وهذا أمر طبيعي بالنسبة لها حينما تري أولادها يدفعهم الموت في الرذائل المهلكة... حينئذ تقوم أنت من الموت، وتنطق بكلمات الحياة ).
+ وكانت نتيجة المعجزة ( فأخذ الجميع خوف ومجدوا الله قائلين: قد قام فينا نبي عظيم، وإفتقد الله شعبه. وخرج هذا الخبر عنه في كل اليهودية، وفي جميع الكورة المحيطة - لو 7 : 16، 17 ).
+ ويقارن القديس أغسطينوس بين موت الجسد وموت الروح بالخطية فيقول ( إنه لعمل معجزي أعظم أن يقوم اللص ليحيا إلي الأبد، عن أن يقوم ليموت ثانية..



 لقد فرحت الأم الأرملة عند إقامة الشاب، وها هم البشر يقومون كل يوم بالروح، والكنيسة كأم تفرح بهم. ذاك كان ميتاً حقاً بالجسد، أما هؤلاء فهم أموات بالروح. موته المنظور جلب بكاءًمنظوراً، وموتهم غير المنظور لم يكن موضع سؤال الآخرين ولا موضع إدراكهم، فبحث عنهم ذاك الذي يعرف أنهم أموات، هو وحده يعرفهم وقادر أن يهبهم حياة ).
+ ويؤكد القديس كيرلس الكبير ( أولئك الأموات الذين أحياهم المسيح هم أكبر شاهد علي قيامة الأموات... فعند نهاية العالم، الله الآب يهب بإبنه حياة للجميع. لقد جلب الموت علي الناس الشيخوخة والفساد.. أما المسيح فهو المحيي، لأنه هو الحياة )



2- إقامة إبنة يايرس ( مت 9 : 18، 19، 23 - 26 ، مر 5 : 22 - 24، 35 - 43،لو8 :41، 42، 49- 56).
كان يايرس رئيساً للمجمع ( لو 8 : 41 ، مر 5 : 22 )، وقد جاء وخر ووقع عند قدمي السيد وسجد له، وطلب منه أن يأتي إلي بيته، لأنه كانت له بنت وحيدة صغيرة - لها نحو إثنتي عشرة سنة - وقال له ( إبنتي الصغيرة علي آخر نسمة - مر 5 : 23 )، وكانت في حال الموت ( لو 8 : 42 ) بل إنها الآن ماتت ( مت 9 : 18 ). وكان طلب يايرس ( تعال وضع يدك عليها فتحيا - مت 9 : 18 ) أنظر ايضاً ( مر 5 : 23 وطلب إليه كثيراً.. ليتك تأتي وتضع يدك عليها لتشفي فتحيا ).



وبمقارنة إيمان يايرس ( اليهودي ) رئيس المجمع بإيمان قائد المئة ( الأممي )، نجد أنه بينما طلب يايرس إلي السيد أن يدخل بيته ( لو 8 : 41 )، إذ بقائد المئة لا يسأله أن يحضر إلي بيته ولا أن يضع يده علي غلامه قائلاً ( لست مستحقاً أن تدخل تحت سقفي، لكن قل كلمة فقط فيبرأ غلامي - مت 8 : 8 ، لو 7 : 6، 7 ). ولذلك،  فعبارة ( طلب إليه كثيراً - مر 5 : 23 ) تدل علي ضعف إيمان يايرس، فإحتاج هذا الإيمان أن يسنده السيد المسيح بمعجزة شفاء نازفة الدم - فيما هو منطلق إلي بيت يايرس - لعله يطمئن إلي عمله الإلهي ولا يضطرب إيمانه بعد.



+ وبينما السيد يتكلم، جاء واحد من دار رئيس المجمع قائلاً له ( قد ماتت إبنتك، لا تتعب المعلم - لو 8 : 49 ) أنظر أيضاً ( مر 5 : 35 )، وإذ بالسيد المسيح يشدد إيمانه بقوله ( لا تخف، آمن فقط فهي تشفي - لو 8 : 50 ) أنظر أيضاً ( مر 5 : 36 )، فقد قيل عنه ( قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ - مت 12 : 20 ) أنظر أيضاً
( إش 42 : 3 ). وعندما جاء السيد إلي البيت، نظر الجمع يضجون ( مت 9 : 23 )، يبكون ويولولون كثيراً ( مر 5 : 38 )، وكان الجميع يبكون عليها ويلطمون ( لو 8 : 52 ). وإذ به يطمئنهم قائلاً ( لا تبكوا، لم تمت لكنها نائمة - لو 8 : 52 ) أنظر أيضاً ( مت 9 : 24 ، مر 5 : 39 ). ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم ( حقاً، عندما جاء المسيح، صار الموت نوماً ) ! وكان رد الفعل لكلامه أنهم ( ضحكوا عليه عارفين أنها ماتت - لو 8 : 53 ) أنظر أيضاً ( مت 9 : 24 ، مر 5 : 40 ). وصار ضحكهم شهادة حق أنها ماتت.



+ أما هو فأخرج الجميع خارجاً ( لو 8 : 54 )، ( مت 9 : 25 ، مر 5 : 40 ) ولم يدع أحداً يدخل إلا بطرس ويعقوب ويوحنا وأبا الصبية وأمها ( لو 8 : 51 ) ودخل حيث كانت الصبية مضطجعة ( مر 5 : 40 ). وهكذا لم يدخل السيد إلي الصبية ومعه جموع كثيرة، لأنه أراد أن يؤكد أن التمتع بقوة القيامة ليس للجميع، بل للذين يريدونها ويشتاقون إليها.. فلم تكن إقامة الصبية إستعراضاً لعمل معجزي فائق، إنما كشفاً عن السيد المسيح كواهب للقيامة، يختبره من يلتصق به ( أبو الصبية وأمها ) ومن يتتلمذ علي يديه ( بطرس ويعقوب ويوحنا ).



+ {  ثم أمسك بيد الصبية وقال لها: طليثا قومي، الذي تفسيره: يا صبية، لك أقول قومي - مر 5 : 41 ) أنظر أيضاً ( مت 9 : 25 ، لو 8 : 54 ).
+ وكانت نتيجة المعجزة ( رجعت روحها وقامت في الحال.... فبهت والداها - لو 8 : 55، 56 )، ( ومشت... فبهتوا بهتاً عظيماً - مر 5 : 42 ) أنظر أيضاً ( مت 9 : 25 )، (فخرج ذلك الخبر إلي تلك الأرض كلها - مت9: 26).
+ وأمر أن تعطي لتأكل ( لو 8 : 55 ، مر 5 : 43 )، وقد ركز كثير من الآباء علي هذه العبارة، لتأكيد أن إقامتها لم تكن خيالاً بل حقيقة ملموسة. وفي ذلك يقول القديس جيروم {.. أمر بتقديم طعام لها حتي لا يظن أن القيامة وهم }.
3- إقامة لعازر ( يو 11 : 1 - 44 )



+ لقد أرسلت إليه الأختان ( يا سيد هوذا الذي تحبه مريض - يو 11 : 3 ) فإذا بالسيد يعلن ( هذا المرض ليس للموت بل لأجل مجد الله، ليتمجد إبن الله به - يو 11 : 4 ). قارن ( ليتمجد إبن الله به ) مع ( لتظهر أعمال الله فيه - يو 9: 3) في معجزة منح البصر للمولود أعمي.
+ حكمة السيد المسيح في الإبطاء عن الذهاب لا يمكن إدراكها في حينها ( لما سمع أنه مريض، مكث حينئذ في الموضع الذي كان فيه يومين - يو 11 : 6 ) مع أنه ( كان يحب مرثا وأختها ولعازر - يو 11 : 5 )!! - ( ما أبعد أحكامه عن الفحص، وطرقه عن الإستقصاء - رو 11 : 33 ).



+ كان السيد مترفقاً بتلاميذه إذ تدرج معهم في خبر موت لعازر، فقد كانوا هم أيضاً يحبونه ( قال لهم: لعازر حبيبنا قد نام، لكني أذهب لأوقظه، فقال تلاميذه: يا سيد إن كان قد نام فهو يشفي. وكان يسوع يقول عن موته، وهم ظنوا أنه يقول عن رقاد الموت. فقال لهم يسوع حينئذ علانية: لعازر مات... فقال توما.. للتلاميذ رفقائه: لنذهب نحن أيضاً لكي نموت معه - يو 11 : 11 - 14، 16 ).
+ إن عبارة ( لعازر حبيبنا قد نام - يو 11 : 11 ) تشبه إلي حد كبير ما قاله عن إبنة يايرس ( إن الصبية لم تمت لكنها نائمة - مت 9 : 24 ) أنظر أيضاً ( مر 5 : 39 ، لو 8 : 52 ). وكما تعلمنا الكنيسة المقدسة في أوشية الراقدين: " لا يكون موت لعبيدك بل هو إنتقال ). ثم يكشف السيد المسيح مشاعره لتلاميذه ( وأنا أفرح لأجلكم إني لم أكن هناك لتؤمنوا - يو 11 : 15 ).



 ( فلما أتي يسوع، وجد أنه قد صار له أربعة أيام في القبر - يو 11 : 17 )، ( قد أنتن - يو 11 : 39 )، مما زاد في المعجزة! فالمفروض أن جسمه قد بدأ يتحلل، وكأن المعجزة هنا معجزتان:
1- حفظ الجسد سليماً طوال الأربعة أيام التي قضاها في القبر.
2- إقامة الجسد من الموت بإرجاع الروح إليه وإتحادها به.
+ {  يا سيد لو كنت ههنا لم يمت أخي - يو 11 : 21، 32 ): لقد تكررت هذه العبارة مرتين في نفس الإصحاح علي فم كل من مرثا ثم مريم أختها.
+ وتدخل مرثا في حوار سريع مع السيد المسيح، فيعطيها رجاء كانت في أشد الحاجة إليه ( سيقوم أخوك.. أنا أعلم أنه سيقوم في القيامة في اليوم الأخير.. أنا هو القيامة والحياة، من آمن بي ولو مات فسيحيا، وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلي الأبد - يو 11 : 23 - 26 ). وإذ به يٍسألها عن إيمانها به وبما قاله لها ( أتؤمنين بهذا ؟ - يو11: 26)، فقالت له ( نعم يا سيد، أنا قد آمنت أنك أنت المسيح إبن الله الآتي إلي العالم - يو 11 : 27 ).



+ وها هو يشارك طبيعتنا في مشاعرها: فلما رأي مريم تبكي، واليهود الذين جاءوا معها يبكون... بكي يسوع
( يو 11 : 33، 35 ) حتي قال اليهود ( أنظروا كيف كان يحبه ! - يو 11 : 36 )، وقال بعض منهم ( ألم يقدر هذا الذي فتح عيني الأعمي أن يجعل هذا أيضاً لا يموت ؟! - يو 11 : 37 ). ( لقد إنزعج بالروح وإضطرب - يو 11 : 33 ) : فقد رأي الموت في قسوته، والناس في ضعفهم. لقد أمكنهم أن يدفنوا حبيبهم ولم يكن بوسعهم أن يقيموه، إذ إبتلعه الموت ! إنزعج بالروح وإضطرب، إذ رأي البشرية قد وقفت عاجزة أمام سطوة الموت وسلطانه.



+ {  أين وضعتموه ؟ - يو 11 : 34 ): إن الذي يستطيع أن يقيم الميت لا يحتاج أن يدله أحد علي قبره. لكنه قال هذا ليذهبوا معه ويشاهدوا المعجزة.
+ قبل أن يقيم إبن أرملة نايين، تحنن السيد علي أمه وقال لها ( لا تبكي - لو 7 : 13 )، وأيضاً قبل أن يقيم إبنة يايرس قال للجمع ( لا تبكوا - لو 8 : 52 )، أما هنا - عندما لمس الحزن أحباءه وقديسيه - ( في كل ضيقهم تضايق - إش 63 : 9 )، لم يقل لمريم ( لا تبكي ) بل ( بكي يسوع - يو 11 : 35 ). والكلمة المستخدمة في ( بكاء السيد ) في الأصل اليوناني تعمل معني أنه ( أذرف الدموع )، وهي تختلف عن الكلمة التي إستخدمت في ( بكاء مريم ) و ( بكاء اليهود الذين جاءوا معها ) وتحمل معني أنهم ( بكوا أو ناحوا ). إن دموع السيد المسيح هي أسمي صورة للدموع، ولعل الآية ( بكي يسوع ) هي من أعمق الآيات في الكتاب المقدس: إنها دموع أعمق من كل تأملاتنا.. فيها الحب، والتأثر، ورقة القلب وحساسيته، والحنو، وربما الحزن أيضاً...



 وفيها معان أخري لا نعرفها... من هنا يستطيع أن يصل إلي أعماقها ؟!
+ وهكذا نري أن السيد المسيح إنزعج بالروح وإضطرب وبكي، وهذا يدل علي كمال ناسوته، فكإنسان كانت له مشاعر الإنسان. ولو لم تكن له هذه المشاعر، ما كان قد شابهنا في كل شئ، ومشاعر الإنسان تتبعه في كل وقت، وتظهر في تعبيرات. وفي ( المشاعر الإنسانية ) كتب مرة قداسة البابا شنودة الثالث هذه الأبيات الشعرية :
لكنهــــــا مشـــــاعــــرتســـــكن دائمـــــاً معـــــي
تسكــــن فــــي حشــاشتــي فــي مهجتـــي       فــي أضلعــي
تظـــــهر فــي إبتســـامتــي فـــي ضحكتـــي فـــي أدمعـــي
مشــــاعــــر تتبعنــــــي فـــي صحوتـــي فــي مضجعــي



تجـــري دوامــاً فـــي دمـــي كنت أعــــــي أو لا أعـــــــي
كـــم مــــــرة قلت لهـــــاعنـــي بعيـــــــداً وإرجعــــي   
لكنهـــــــــا مشاعــــــرتسكــــــــن دائمــــــاً معـي    
تجـــــري دوامـــاً في دمـــي كنت أعــــــي أو لا أعــــــي   
+ {  إرفعوا الحجر - يو 11 : 39 ) : وهنا ضعف إيمان مرثا ( يا سيد قد أنتن لأن له أربعة أيام - يو 11 : 39 )، وكأنها أرادت أن تقول أنه لا فائدة من المحاولة، فكيف يقوم إنسان قد أنتن وبدأ جسده يتحلل ؟! وهنا أسرع السيد ليشدد إيمانها ويذكرها - بسرعة - بما قاله لها منذ لحظات قائلاً ( ألم أقل لك إن آمنت ترين مجد الله ؟! - يو 11 : 40 ). وفي قوله ( إرفعوا الحجر )


 محبة فائقة من نحوه تجاه البشر، فيشركنا معه في عمله، مع أنه لا يحتاج إلينا، لأن الذي يقدر أن يقيم إنساناً من الموت يقدر أيضاً أن يرفع الحجر عن المغارة، بطريقة أو بأخري. وأيضاً طلب أن يرفعوا الحجر حتي يظهر الإنسان تجاوبه مع العمل الإلهي : فنحن علينا أن نعمل كل ما في وسعنا من عمل بشري نقدر عليه ( بأن نظهر طاعتنا لله وإيماننا به )، وحينئذ يفرح قلوبنا بالعمل الإلهي الذي لا نقدر عليه.
+ وحديثه مع الآب - قبل إتمام المعجزة - كان من أجل الجمع الواقف ( أيها الآب أشكرك لأنك سمعت لي، وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي، ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت، ليؤمنوا إنك أرسلتني - يو 11 : 41، 42 ).


+ المعجزة تمت بالأمر ( صرخ بصوت عظيم : لعازر، هلم خارجاً - يو 11 : 43 ) وقد صرخ ( بصوت عظيم ) لا ليسمعه لعازر - إذ أنه قادر علي إقامته بمجرد مشيئته بدون كلمة - وإنما إعلاناً لسلطانه الإلهي ،من أجل الجمع الواقف.
+ {  حلوه ودعوه يذهب - يو 11 : 44 ) إشارة إلي سر الكهنوت الذي يعطي الحل من الخطايا التي ربطت الإنسان وقيدته.
+ وكانت نتيجة المعجزة ( كثيرون من اليهود الذين جاءوا إلي مريم ونظروا ما فعل يسوع آمنوا به - يو 11 : 45 )، بينما ( قوم منهم مضوا إلي الفريسيين وقالوا لهم عما فعل يسوع. فجمع رؤساء الكهنة والفريسيون مجمعاً وقالوا : ماذا نصنع ؟ فإن هذا الإنسان يعمل آيات كثيرة ! - يو 11 : 46 ، 47 )، ( فمن ذلك اليوم تشاوروا ليقتلوه - يو 11: 53)، ( وكان أيضاً رؤساء الكهنة والفريسيون قد أصدروا أمر أنه إن عرف أحد أين هو، فليدل عليه لكي يمسكوه - يو 11 : 57 ).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهام بنت المسيحية
مرشح للاشراف
مرشح للاشراف
الهام بنت المسيحية


عدد المساهمات : 1793
نقاط : 7050
السٌّمعَة : 12
تاريخ التسجيل : 10/04/2013
العمر : 30

معجزات ربنا يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: معجزات ربنا يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة    معجزات ربنا يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 21, 2015 11:12 am

تعليق علي إقامة إبنة يايرس، وإبن الأرملة، ولعازر
+ إنها تشير إلي إقامة السيد المسيح لنفوس من موت الخطية في مراحلها المختلفة. ويقول القديس أغسطينوس ( هذه الأنواع الثلاثة من الموتي تشير إلي ثلاثة أنواع من الخطاه، لا يزال يقيمهم المسيح إلي اليوم :


 
1- إبنة يايرس، كانت صبية صغيرة، لم ترفع بعد عن سرير الموت في بيت أبيها. تشير إلي النفس التي تتلذذ بالخطية في القلب والفكر الداخلي، ولكنها لم تمارسها بطريقة ظاهرة، بل هي كامنة في بيتها ( القلب والفكر )، فإحتاجت أن يدخل السيد إلي بيتها ( قلبها ) ويمسك بيدها فتقوم.


2- إبن أرملة نايين : كان قد حمل في نعش إلي الطريق، فتقدم السيد ولمس النعش فوقف الحاملون، وأمر الشاب أن يقوم، ثم دفعه إلي أمه. ويشير الشاب إلي النفس التي عاشت في الخطية - ليس خلال القلب والفكر فقط - وإنما إنتقلت أيضاً الخطية من القلب والفكر إلي القول والعمل والسلوك الخارجي، فإحتاجت إلي تدخل الله ليوقف النفس، فلا تستمر وتتمادي في شرورها وخطاياها، حتي لا تتحول الخطية فيها إلي عادة. فيسمع الإنسان الصوت الإلهي يناديه، ليهبه روح القيامة، ويدفعه إلي الكنيسة أمه.


3- لعازر : كان قد دفن في القبر وله أربعة أيام وقد أنتن، حتي بكي السيد المسيح وأمر برفع الحجر، ثم نادي لعازر أن يخرج، وطلب أن يحلوه من الرباطات.
+ ويشير لعازر إلي النفس التي تحولت فيها الخطية إلي عادة ( له أربعة أيام ) وإلي ضياع كامل ( قد أنتن ). مثل هذه النفوس يبكيها السيد نفسه ويذهب إليها، ويأمر برفع حجر القساوة، وبكلمة فمه يقيمها ويخرجها من قبر الخطية، ويطلب من الكهنة أن يحلوها من رباطاتها .


4- قيامة كثير من اجساد القديسين الراقدين،
بعدما أسلم السيد المسيح الروح علي الصليب ( مت 27 )
+ {  والقبور تفتحت، وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين، وخرجوا من القبور بعد قيامته، ودخلوا المدينة المقدسة، وظهروا لكثيرين - مت 27 : 52، 53 ).
+ يمكن أن تضاف هذه المعجزة إلي ( المعجزات الخاصة بالطبيعة )، حيث أن ( القبور تفتحت ).
+ ونلاحظ أن هذه المعجزة لم تحدث بأمر صريح من السيد المسيح، كما فعل مع إبن الأرملة، وإبنة يايرس، ولعازر.
+ إن قيامة كثير من أجساد القديسين الراقدين حملت تأكيداً لقيامتنا في اليوم الأخير، لذلك نقول في قانون الإيمان وننتظر قيامة الأموات، وحياة الدهر الآتي ). ويقول القديس أمبروسيوس ( عندما أسلم الروح، أظهر أنه مات لأجل قيامتنا، إذ عمل في نطاق القيامة ).







معجزات خاصة بالأرواح وإخراج الشياطين
+ فيها يظهر سلطان السيد المسيح علي الشياطين
مقدمة
1- هناك معجزتان خاصتان بالأرواح، ذكرتا في الثلاثة الأناجيل الأولي، وهما :
أ- إخراج الشياطين ( لجئون ) من مجنوني ( مجنون ) كورة الجرجسيين ( الجدريين ) ( مت 8 : 28 - 34 ، مر 5 : 1 - 20 ، لو 8 : 26 - 39 ).
ب- إخراج روح نجس أخرس أصم من الولد المصروع، لم يقدر التلاميذ أن يخرجوه ( مت 17 : 14 - 21 ، مر 9 : 14 - 29 ، لو 9 : 37 - 43 ).
2- كما توجد 3 معجزات أخري، تكرر ذكر كل منها مرتان، وهي :


أ- إخراج روح نجس في مجمع كفرناحوم ( مر 1 : 21 - 28 ، لو 4 : 31 - 37 ).
ب- شفاء إبنة المرأة الكنعانية ( الفينيقية ) ( مت 15 : 21 - 28 ، مر 7 : 24 - 30 ) - لاحظ هنا أن الشفاء تم عن بعد....
جـ- إخراج سبعة شياطين من مريم المجدلية ( مر 16 : 9 ، لو 8 : 2 ).
3- هذا بالإضافة إلي 4 معجزات أخري، وهي :
أ- إخراج شيطان من إنسان أخرس مجنون ( مت 9 : 32 - 34 ).
ب- إبراء مجنون أعمي وأخرس ( مت 12 : 22 - 30 ).
جـ- إخراج شيطان أخرس ( لو 11 : 14 - 26 ).
د- شفاء المرأة المنحنية ( وهذه وهي إبنة إبراهيم، قد ربطها الشيطان ثماني عشرة سنة.. - لو 13 : 10 - 17 ).







ليس كل حالة جنون أو صرع سببها الشياطين
سوف نلاحظ - في بعض معجزات إخراج الشياطين - وصف الحالة بالجنون أو الصرع. ليس معني هذا طبعاً أن كل حالة جنون أو صرع - نقابلها في الحياة - سببها الشياطين، لكن - في بعض معجزات الكتاب - كان الشخص الذي به الروح النجس تظهر عليه أعراض الجنون أو الصرع. وللتوضيح، نذكر الآيات التالية علي سبيل المثال







- المجانين..
أ- مت 8 {.. قدموا إليه مجانين كثيرين، فأخرج الأرواح بكلمة... } مت 8 : 16 ).
ب- شفاء مجنون ( مجنوني ) كورة الجدريين ( الجرجسيين ). في مت 8 { إستقبله مجنونان... فالشياطين طلبوا إليه قائلين : إن كنت تخرجنا، فأذن لنا أن نذهب إلي قطيع الخنازير - مت 8 : 28، 31 )، وأيضاً مر 5 { للوقت إستقبله من القبور إنسان به روح نجس.. فخرجت الأرواح النجسة، ودخلت في الخنازير.. وأما رعاة الخنازير.. جاءوا إلي يسوع، فنظروا المجنون الذي كان فيه اللجئون جالساً ولابساً وعاقلاً، فخافوا - مر 5 : 2، 13 - 15 )، وأيضاً لو 8 { إستقبله رجل من المدينة كان فيه شياطين..


فخرجت الشياطين من الإنسان ودخلت في الخنازير.. فلما رأي الرعاة ما كان.. وجاءوا إلي يسوع، فوجدوا الإنسان الذي كانت الشياطين قد خرجت منه لابساً وعاقلاً.. فخافوا، فأخبرهم أيضاً الذين رأوا كيف خلص المجنون - لو 8 : 27، 33 - 36 ).
جـ- شفاء مجنون أخرس به شيطان، في مت 9 { إنسان أخرس مجنون قدموه إليه، فلما أخرج الشيطان تكلم الأخرس... - مت 9 : 32، 33 ).
د- شفاء إبنة المرأة الكنعانية : وذلك بمقارنة ما قالته المرأة عن إبنتها في مت 15 (.... إبنتي مجنونة جداً.. - مت 15 : 22 ) بما قيل عنها في مر 7 { إمرأة كان بإبنتها روح نجس.. - مر 7 : 25 ).







- المصروعين..
+ كما ورد في شفاء الولد المصروع الذي به روح نجس أخرس أصم، أنظر : مت 17 { يا سيد إرحم إبني فإنه يصرع.. فإنتهره يسوع، فخرج منه الشيطان.. - مت 17 : 15، 18 )، وأيضاً مر 9 { إبني به روح أخرس، وحيثما أدركه يمزقه، فيزبد ويصر بأسنانه وييبس.. - مر 9 : 17، 18 ) وكلها أعراض الصرع، ( فلما رأي يسوع أن الجمع يتراكضون، إنتهر الروح النجس قائلاً له : أيها الروح الأخرس الأصم، أنا آمرك، أخرج منه ولا تدخله أيضاً - مر 9 : 25 )، وأيضاً لو 9 ( وها روح يأخذه فيصرخ بغتة، فيصرعه مزبداً... وبينما هو آت مزقه الشيطان وصرعه، فإنتهر يسوع الروح النجس وشفي الصبي... - لو 9 : 39، 42 ).







معجزتان خاصتان بالأرواح ذكرتا في الثلاثة الأناجيل
1أ- إخراج الشياطين ( لجئون ) من مجنوني ( مجنون ) كورة الجرجسيين ( الجدريين ). ( مت 8 : 28 - 34 ، مر 5 : 1 - 20 ، لو 8 : 26 - 39 )
1ب- إخراج روح نجس أخرس أصم من الولد المصروع، لم يقدر التلاميذ أن يخرجوه. ( مت 17 : 14 - 21 ، مر 9 : 14 - 29 ، لو 9 : 37 - 43 ).







مجنوني ( مجنون ) كورة الجرجسيين ( الجدريين ).
أ- إخراج الشياطين ( لجئون ) من مجنوني ( مجنون ) كورة الجرجسيين ( الجدريين ). ( مت 8 : 28 - 34 ، مر 5 : 1 - 20 ، لو 8 : 26 - 39 )
+ ذكر معلمنا متي أنهما مجنونان ( مت 8 : 28 )، بينما ذكر كل من معلمنا مرقس ومعلمنا لوقا مجنوناً واحداً ( مر 5 : 2 ، لو 8 : 27 ). يعلل القديس أغسطينوس هذا بأن الإنجيليين إكتفيا بذكر الشخص المشهور، والذي كانت المنطقة كلها متألمة لأجله، بينما يري القديس يوحنا ذهبي الفم أنهما ذكرا شخصاً واحداً يعاني أكثر من الآخر، وأن جنونه كان شديداً وبطريقة واضحة، وأن من يشفي شخصاً يشفي الآخر أيضاً، وأن هدف الإنجيليين مرقس ولوقا لم يكن سرد المعجزة كحدث تاريخي، وإنما إعلان إمكانية الشفاء.



+ ذكر أيضاً معلمنا متي أن السيد ذهب إلي كورة الجرجسيين ( مت 8 : 28 )، بينما ذكر كل من معلمنا مرقس ومعلمنا لوقا أنها كورة الجدريين ( مر 5 : 1 ، لو 8 : 26 )، فالقديس متي الإنجيلي - إذ يكتب لليهود الذين يعرفون تلك الأرض جيداً - حدد موضع المعجزة بمدينة صغيرة أو قرية تدعي ( جرجسة ) تقع علي الشاطئ الشرقي لبحر الجليل، بينما الإنجيليان مرقس ولوقا - إذ يكتبان للأمم - لم يهتما بذكر إسم البلدة الصغيرة التي وقعت فيها أو بقربها المعجزة، إنما ذكرا إسم المقاطعة كلها ( كورة الجدريين )، دون الدخول في تفاصيل أكثرعن المكان. و ( جرجسة ) تعرف الآن بإسم كرسة، وهناك موضع بين الوديان فيه تقترب الهضاب إلي البحر، مما يسهل لقطيع من الخنازير أن يندفع مهرولاً إلي بحرالجليل. 



+ وفي وصف حالتيهما {.. إستقبله مجنونان خارجان من القبور، هائجان جداً، حتي لم يكن أحد يقدر أن يجتاز من تلك الطريق } مت 8 : 28 )، {. إستقبله من القبور إنسان به روح نجس، كان مسكنه في القبور، ولم يقدر أحد أن يربطه ولا بسلاسل، لأنه قد ربط كثيراً بقيود وسلاسل، فقطع السلاسل وكسر القيود، فلم يقدر أحد أن يذلله. وكان دائماً ليلاً ونهاراً في الجبال وفي القبور يصيح ويجرح نفسه بالحجارة } مر 5 : 2 - 5 )، {.. إستقبله رجل من المدينة كان فيه شياطين منذ زمان طويل، وكان لا يلبس ثوباً ولا يقيم في بيت بل في القبور.. وقد ربط بسلاسل وقيود محروساً، وكان يقطع الربط ويساق من الشيطان إلي البراري} ( لو 8 : 27، 29 ).


+ لعل المجنونان الخارجان من القبور يشيران إلي الروح والجسد، وقد خضعا لحالة من الموت الروحي بسبب الخطية : فقد ملك الشيطان علي الروح، ففقدت شركتها مع الله، وملك الشيطان علي الجسد ففقد سلامه مع الروح... ويصير الإنسان كما في حالة هياج شديد، لا يعرف السلام له موضع فيه. لقد حرمه الروح النجس من السكني في بيته، وعزله عن حياة الشركة - حتي مع أقربائه - ليعيش في عزلة وسط القبور، مثل وحش ثائر لا يقدر أحد أن يضبطه.
+ إن مجنون كورة الجدريين يمثل البشرية التي بقيت زماناً طويلاً مستعبدة لعدو الخير، صارت خارج المدينة والبيت، أي خارج الفردوس الذي أقيم لأجلها، وتعرت من ثوب النعمة الإلهية، تؤذي نفسها بنفسها !


+ ويعلق القديس أمبروسيوس علي هذا الرجل قائلاً { العريان هو من فقد ثوب طبيعته الأولي وفضيلته... وهو يشير إلي شعب الأمم وقد غطته الرذائل فتعري بجهالاته، وخلعت الآثام عنه ثوبه.. إن مثل هذه النفوس تبدو كأنها ساكنة في قبور، فإن أجساد غير المؤمنين ليست إلا نوعاً من القبور يدفن فيها الأموات - أي النفوس الميتة - حيث لا تسكن فيها كلمة الرب }.
+ لقد ساد الإعتقاد عند اليهود قديماً بأن الشياطين تفضل ثلاثة مناطق لسكناها : البرية ( الأماكن الخربة ) وأعماق المياة والقبور.


 الأولي تشير إلي سعي الشيطان في نزع كل ثمر روحي للإنسان، ليجعل منه برية قاحلة بلا ثمر. والثانية تشير إلي رغبة العدو أن يدخل بالإنسان إلي دوامة الحياة ليلهيه عن أبديته، فيكون كمن في أعماق المياه بلا رجاء. والثالثة تشير إلي طبيعة الشيطان كمقاتل يشتهي هلاك الإنسان وموته.
+ وقد رأينا السيد المسيح ينتصر علي الشيطان في هذه المواقع الثلاثة : فقد إنتصر عليه في البرية حينما جاء ليجربه، وفي مياه نهر الأردن إذ أعطانا البنوة والسلطان أن ندوس كل قوات العدو بالولادة من الماء والروح في مياه المعمودية المقدسة ( يو 3 : 5 )، وها هو يلتقي بساكن القبور ليخلصه من الروح النجس ويرده إلي بيته.



+ { إذا هما قد صرخا قائلين : مالنا ولك يا يسوع إبن الله ؟ أجئت إلي هنا قبل الوقت لتعذبنا ؟ } ( مت 8 : 29 )، ( فلما رأي يسوع من بعيد، ركض وسجد له، وصرخ بصوت عظيم وقال : مالي ولك يا يسوع إبن الله العلي ؟ أستحلفك بالله أن لا تعذبني - مر 5 : 6، 7 ) أنظر أيضاً ( لو 8 : 28 ).
+ لقد شهدت الشياطين أن السيد المسيح هو ( إبن الله )، وهي نفس شهادة بطرس الرسول له في نواحي قيصرية فيلبس ( مت 16 : 16 ). وفي ذلك يقول القديس أغسطينوس { ما قاله بطرس، نطقت به أيضاً الشياطين. الكلمات واحدة، لكن الذهن مختلف... فإن إيمان المسيحي يقوم علي الحب، أما إيمان الشياطين، فبلا حب... بطرس نطق بهذا لكي يحتضن المسيح، أما الشياطين فنطقت بهذا لكي يتركها المسيح }.


+ لقد إعتبرت الشياطين أن طردهم من الإنسان عذاباً لهم، بعد أن وجدوا راحتهم في عذاب الإنسان ! يقول القديس جيروم ( إذ رأت الشياطين السيد المسيح علي الأرض، ظنوا أنه جاء يحاكمهم ! إن وجود المخلص هو عذاب للشياطين ). ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم ( ظنت الشياطين أن عقوبتهم قد إقتربت جداً، فإرتعبوا كمن سيحل بهم العقاب فوراً ). وأيضاً القديس كيرلس الكبير يقول ( تأمل سلطان المسيح غير المنهزم، فقد إرتعب أمامه الشيطان ).
+ {  لأنه قال له : أخرج من الإنسان يا أيها الروح النجس. وسأله : ما إسمك ؟ فأجاب قائلاً : إسمي لجئون، لأننا كثيرون ! - مر 5 : 8، 9 ) أنظر أيضاً ( لو 8 : 29، 30 ).


+ يقول القديس كيرلس الكبير ( إن كلمات المسيح بالنسبة له نار ولهيب ). لكن لماذا سأله عن إسمه ؟ لقد أراد السيد المسيح أن يظهر قسوة عدو الخير، ويعلق علي ذلك الأب ثيؤفلاكتيوس ( حقاً سأله الرب، لا ليعرف شيئاً، وإنما لكي يدرك من هم حوله أن كثيرين يسكنونه ).
+ إن ما حدث مع هذا المسكين، يمثل صورة حية للإنسان حين يخضع لخطية ما : فالخطية تسلمه إلي أخري، وكما يقول القديس يوحنا سابا ( الآلام - أي الخطايا - متشابكة بعضها ببعض، إن خضعت لألم ما - أي لخطية ما - فبالضرورة تصير عبداً لبقية رفقائه ).


+ لاحظ أن الشياطين - في البداية - كانت تتحدث بصيغة المفرد ( مر 5 : 6، 7 ، لو 8 : 28 )، إذ لم تكن ترد أن تكشف عن نفسها، ولكن لما سأل السيد عن الإسم، صارت تتحدث بصيغة الجمع ( إسمي لجئون، لأننا كثيرون ! -
مر 5 : 9 ). ويقول القديس أمبروسيوس {. لم يعذبه شيطان واحد، بل هاجمه لجئون ).
+ { وكان بعيداً منهم قطيع خنازير كثيرة ترعي - مت 8 : 30 )، ( وطلب إليه كثيراً أن لا يرسلهم إلي خارج الكورة.. فطلب إليه كل الشياطين قائلين : أرسلنا إلي الخنازير لندخل فيها } ( مر 5 : 10 - 12 ) أنظر أيضاً ( مت 8 : 31 ، لو 8 : 31 )،


 - وكان هناك قطيع خنازير كثيرة ترعي في الجبل، فطلبوا إليه أن يأذن لهم بالدخول فيها.. - لو 8 : 32 ). لعل الشياطين أدركت أن السيد لن يسمح لها بدخول إنسان آخر، فقد جاء لخلاص بني البشر ( يو 3 : 16، 17 )، ولا طلبت منه الدخول في حيوانات طاهرة يمكن أن تستخدم كتقدمة في الهيكل، فإستأذنت أن تدخل الخنازير النجسة ( لا 11 : 7، 8 ، تث 14 : 8 ).
+ ويعلق القديس أمبروسيوس علي طلب الشياطين بقوله ( بدأت الشياطين تتضرع إليه ليأمره حتي تدخل في قطيع الخنازير.. لأنها لم تستطع إحتمال بهاء شعاع النور الإلهي. وكما أن مرضي العيون لا يستطيعون إحتمال التطلع في ضوء الشمس - مفضلين الظلام وهاربين من النور - هكذا تهرب الشياطين مرتعبة قبل حلول الوقت، حيث ينتظرها العذاب ).



+ { فقال لهم : إمضوا، فخرجوا، ومضوا إلي قطيع الخنازير. وإذا قطيع الخنازير كله قد إندفع من علي الجرف إلي البحر، ومات في المياه } ( مت 8 : 32 )، ( فأذن لهم يسوع. فخرجت الأرواح النجسة، ودخلت في الخنازير، فإندفع القطيع من علي الجرف إلي البحر، وكان نحو ألفين، فإختنق في البحر - مر 5 : 13 ) أنظر أيضاً ( لو 8 : 32، 33 ). ربما يتساءل البعض : لماذا سمح الله للشياطين أن تدخل في قطيع الخنازير ؟ ما ذنب هذه الخليقة ؟! وما ذنب أصحابها ؟!
1- لقد أراد أن يعرف الناس أن الشياطين حقيقة وليست وهماً - بدليل ملموس - علي عكس ما يعتقد الصدوقيون ( لأن الصدوقيين يقولون أنه ليس قيامة ولا ملاك ولا روح... - أع 23 : 8 ).


2- أراد أن يوضح للناس عنف الشياطين، وطبيعتهم المحبة للهلاك، حتي بالنسبة للحيوانات غير العاقلة، إذ لم تحتمل الخنازير دخول الشياطين فيها، بل سقط القطيع كله مندفعاً إلي البحر ومات في الحال ! فما حدث للمجنونين كان أقل بكثير مما حدث للخنازير، إذ لم يسمح الله للشياطين أن تؤذي المجنونين إلا في حدود معينة... ويوضح القديس يوحنا ذهبي الفم مدي عنف الشياطين وقسوتهم بقوله { هكذا تفعل الشياطين عندما تسيطر ! مع أن الخنازير بالنسبة للشياطين ليست ذات أهمية، أما نحن - فبالنسبة لهم - توجد بيننا وبينهم حرب بلا هوادة، ومعركة بلا حدود، وكراهية بلا نهاية. فإن كان بالنسبة للخنازير - التي ليس بينهم وبينها شئ - لم تحتمل الشياطين أن تترك ولا واحدة منها، فكم بالأكثر تصنع بنا ونحن أعداء لهم، هؤلاء الذين ننخسهم دائماً ؟!



 ماذا يصنعون بنا لو كنا تحت سيطرتهم ؟! }.
3- أراد أن يظهر للحاضرين قيمة النفس البشرية، فهي عنده أثمن من ألفين من الخنازير، وأنه مستعد - مهما كلفه الثمن - أن يترك قطيع الخنازير يهلك من أجل إنقاذ شخصين. وكما يقول القديس جيروم { ليخز ماني القائل بأن أرواح الناس والبهائم واحدة من نفس العنصر.. إذ كيف يكون خلاص رجل واحد - أو إثنين - علي حساب غرق ألفين من الخنازير ؟! }.


4- أراد أن يظهر عنايت بخليقته، إذ لم تستطع الأرواح الشريرة أن تدخل - حتي في الخنازير - بدون إستئذانه ! فعلي الرغم من عنف الشياطين وقسوتها، فهي أمام السيد المسيح في غاية الضعف { لا تقدر أن تدخل خنزيرة ما لم يسمح لها الرب ) كقول القديس يوحنا ذهبي الفم. ويقول القديس سيرينوس ( إن كان ليس لديهم سلطان أن يدخلوا الحيوانات النجسة إلا بسماح من الله، فكم بالحري يعجزون عن الدخول في الإنسان المخلوق علي صورة الله ؟! ) أنظر ( أي 1 : 12 ).


5- وربما سمح الله بذلك تأديباً لأصحاب الخنازير، إذ قاموا بتربية حيوانات هي نجسة حسب الشريعة ( لا 11 : 7، 8 ، تث 14 : 8 ). وقد قاموا بتربية هذه الخنازير في ( العشر المدن - مر 5 : 20 ) التي أغلب سكانها من اليونانيين، الذين سكنوها أثر هجوم الإسكندر الأكبر علي الشرق.
+ ويعلق القديس أمبروسيوس علي قطيع الخنازير بقوله ( ما هو قطيع الخنازير إلا هؤلاء الذين يشبهون الحيوانات التي بلا نطق ولا فهم، يدنسون حياتهم بالأعمال النجسة.. فيقودهم تصرفم إلي الهاوية، إذ لا يقدرون المكافأة، وبإندفاعهم من فوق إلي أسفل، يختنقون في المياه بين أمواج هذه الحياة ويهلكون.. وهكذا يجلب الإنسان التعاسة لنفسه بنفسه، فإن لم يعش عيشة الخنازير، لا يكون للشيطان سلطان عليه ).



+ {  أما الرعاة فهربوا ومضوا إلي المدينة، وأخبروا عن كل شئ وعن أمر المجنونين، فإذا كل المدينة قد خرجت لملاقاة يسوع، ولما أبصروه طلبوا أن ينصرف عن تخومهم !! - مت 8 : 33، 34 )، أنظر أيضاً مر 5 : 14 - 17 {وجاءوا إلي يسوع فنظروا المجنون الذي كان فيه اللجئون جالساً ولابساً وعاقلاً، فخافوا ! فحدثهم الذين رأوا كيف جري للمجنون وعن الخنازير... )، وأيضاً لو 8 : 34 - 37 ( فوجدوا الإنسان الذي كانت الشياطين قد خرجت منه لابساً وعاقلاً، جالساً عند قدمي يسوع فخافوا ! فأخبرهم أيضاً الذين رأوا كيف خلص المجنون، فطلب إليه كل جمهور كورة الجدريين أن يذهب عنهم، لأنه إعتراهم خوف عظيم !!... ).



+ لعل غرض الشياطين من إغراق الخنازير كان أن يهيجوا كل أهل الكورة علي السيد المسيح، إذ لم يحتملوا الخسارة المادية التي لحقت بهم، فطردوا رب المجد من كورتهم، وكما يقول القديس يوحنا ذهبي الفم ( إن اللذين سقطا تحت سلطان الأرواح الشريرة أمكن خلاصهما منها بسهولة، أما الطامعون فلم يقدروا أن يحتملوا السيد، وصاروا أكثر منهما مرارة !! ).
+ والعجيب أنهم خافوا ( مر5 : 15 ، لو 8 : 35 ) بل إعتراهم خوف عظيم ( لو 8 : 37 ) !! خافوا من الذي يخلص الناس من الشياطين !! وكان عليهم أن يوازنوا بين أمرين : بين الشيطان وهلاكه من جهة، وبين السيد المسيح وخلاصه مع الخسارة المادية من الجهة الأخري.. ألفا خنزير مقابل خلاص النفس البشرية ! لقد وجدوا الثمن غالياً جداً، لأن ( قلبهم ذاهب وراء كسبهم - حز 33 : 31 )، فطلبوا من السيد أن يذهب عنهم ( لو 8 : 37 )، وأن ينصرف عن تخومهم ( مت 8 : 34 ).



+ ولعل هؤلاء الرعاة يمثلون الذين يهتمون بـ ( العمل الجماعي ) في الخدمة ويحتقرون ( العمل الفردي )، مع أن السيد المسيح أظهر في المعجزة قيمة النفس البشرية الواحدة، أيا كانت هذه النفس. ويري القديس أمبروسيوس ( أنهم يمثلون معلمي الفلسفة ورؤساء المجمع اليهودي، إذ كانت نفوسهم ضعيفة، لا تحتمل كلمة الله ).
+ {فدخل السفينة ورجع - لو 8 : 37 ) أنظر أيضاً ( مر 5 : 18 )، لم يقاومهم السيد المسيح بل تركهم ودخل السفينة، لأنه لا يفرض محبته علي الناس، إذ أعطاهم حرية الإرادة أن يقبلوه أو يرفضوه ( هأنذا واقف علي الباب وأقرع، إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشي معه، وهو معي - رؤ 3 : 20 )، ( كم مرة أردت... ولم تريدوا - مت 23 : 37 ، لو 13 : 34 ).



 إن كان رعاة الخنازير يرمزون لشعب اليهود وقادته - الذين رفضوا عمل السيد المسيح في وسطهم - فقد تركهم السيد ودخل السفينة ( الكنيسة )، ليحل وسط كنيسة العهد الجديد.
+ {طلب إليه الذي كان مجنوناً أن يكون معه، فلم يدعه يسوع بل قال له : إذهب إلي بيتك وإلي أهلك، وأخبرهم كم صنع الرب بك ورحمك. فمضي وإبتدأ ينادي في العشر المدن كم صنع به يسوع، فتعجب الجميع - مر 5 : 18 - 20 ) أنظر أيضاً ( لو 8 : 38، 39 ). لقد سبق أن إستجاب السيد المسيح لطلب الشياطين بالدخول في الخنازير، وإستجاب أيضاً لطلب أهل كورة الجدريين وإنصرف عنهم، ولكنه لم يستجب لطلب الرجل الذي شفاه ليكون معه. لعل السيد أراد منه أن يبدأ أولاً بالكرازة في دائرة ضيقة هي دائرة البيت والأهل، فإن وجده أميناً في القليل ( وتكونون لي شهوداً في أورشليم )،


 أقامه علي الكثير ( وفي كل اليهودية والسامرة وإلي أقصي الأرض - أع 1 : 8 ) أنظر ( مت 25 : 21 ، لو 16 : 10، 19 : 17 ). ومع ذلك نجد الرجل الذي شفي قد مضي وإبتدأ ينادي في العشر المدن ( مر 5 : 20 )، وفي المدينة كلها ( لو 8 : 39 ) بكم صنع به السيد، حتي تعجب الجميع !
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهام بنت المسيحية
مرشح للاشراف
مرشح للاشراف
الهام بنت المسيحية


عدد المساهمات : 1793
نقاط : 7050
السٌّمعَة : 12
تاريخ التسجيل : 10/04/2013
العمر : 30

معجزات ربنا يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: معجزات ربنا يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة    معجزات ربنا يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 21, 2015 11:14 am

روح نجس أخرس أصم من الولد المصروع،
ب- إخراج روح نجس أخرس أصم من الولد المصروع، لم يقدر التلاميذ أن يخرجوه. ( مت 17 : 14 - 21 ، مر 9 : 14 - 29 ، لو 9 : 37 - 43 ).
+ لقد وردت هذه المعجزة في الأناجيل الثلاثة الأولي بعد حادثة التجلي، وبالتحديد في اليوم التالي إذ نزلوا من الجبل ( لو 9 : 37 ) : فوق الجبل تجلي السيد المسيح بقوة ومجد عظيم، وأسفل الجبل كان الشيطان يستعرض قوته ! فوق الجبل تجلي السيد بنور بهي ( مت 17 : 2 ، مر 9 : 2، 3 ، لو 9 : 29 )، وأسفل الجبل - رغم نور النهار - كان الموقف مظلماً : روح نجس أخرس أصم يمزق الولد ويصرعه، والأب متألم ومعذب من أجل إبنه، والتلاميذ لم يقدروا علي إخراج الروح النجس، وجمع كثير حولهم، وكتبة يحاورونهم ( مر 9 : 14 ) !!



+ {  وللوقت كل الجمع لما رآوه تحيروا وركضوا وسلموا عليه. فسأل الكتبة : بماذا تحاورونهم ؟ - مر 9 : 15، 16 ). لعل جمع كثير ( لو 9 : 37 ) أحاط بالتلاميذ لينظروا : هل يقدر التلاميذ التسعة أن يخرجوا الشيطان ويشفوا الولد مثل معلمهم ؟ لقد تأزم الموقف بعد فشل التلاميذ في إخراج الروح النجس. ويبدو أن الكتبة إستغلوا الفرصة، وبدأوا يحاورون التلاميذ البسطاء لإحراجهم بأسئلة قد لا يستطيعون الإجابة عليها - في غياب معلمهم - مما زاد الموقف حرجاً ! وبمجئ السيد المسيح إلي تلاميذه، خلصهم من أسئلة الكتبة، إذ رآهم مثل حملان بين ذئاب ( لو 10 : 3 ).


+ { تقدم إليه رجل جاثياً له وقائلاً : يا سيد إرحم إبني، فإنه يصرع ويتألم شديداً، ويقع كثيراً في النار وكثيراً في الماء - مت 17 : 14، 15 )، {يا معلم قد قدمت إليك إبني به روح أخرس، وحيثما أدركه يمزقه، فيزبد ويصر بأسنانه وييبس.. وكثيراً ما ألقاه في النار وفي الماء ليهلكه.. - مر 9 : 17، 18، 22 )، ( وإذا رجل من الجمع صرخ قائلاً : يا معلم، أطلب إليك، أنظر إلي إبني، فإنه وحيد لي، وها روح يأخذه فيصرخ بغتة، فيصرعه مزبداً، وبالجهد يفارقه مرضضاً إياه - لو 9 : 38، 39 ).



+ لقد أوضح الأب للسيد المسيح مدي الحالة التي وصل إليها إبنه، وطلب منه أن يرحم إبنه ( مت 17 : 15 ) بل أن ينظر إليه ( لو 9 : 38 )، كما أعلن له أنه إبنه الوحيد ( لو 9 : 38 ).
+ وكم أذل الشيطان الإنسان ! فجعله أخرساً وأصماً ( مر 9 : 17، 25 )، لا يسمع صوت الله ولا يتحدث إليه، كما أفقده الصورة الإلهية التي أرادها له الله حين خلقه ( تك 1 : 26 )، وصار يصرع ويتألم، وأفقده سلامه الداخلي، وأتعب روحه ونفسه وجسده، بل وصيره مسلوب الإرادة ! ( وكثيراً ما ألقاه في النار وفي الماء ليهلكه.. - مر 9 : 22 ) أنظر أيضاً ( مت 17 : 15 ) :


 وهكذا يحاربنا الشيطان حتي بالمتناقضات ( النار والماء )، إذ لا مبدأ له ولا هدف سوي هلاك الإنسان، ويستعمل في ذلك كل الوسائل والحيل ! تارة يحارب الإنسان بالكبرياء والمجد الباطل ( ضربة يمين ) وتارة أخري يحاربه باليأس وقطع الرجاء ( ضربة يسار )، فالغاية عنده تبرر الوسيلة !!
+ {  وأحضرته إلي تلاميذك، فلم يقدروا أن يشفوه. فأجاب يسوع وقال : أيها الجيل غير المؤمن الملتوي، إلي متي أكون معكم ؟! إلي متي أحتملكم ؟! قدموه إلي ههنا - مت 17 : 16، 17 ) أنظر أيضاً ( مر 9 : 18، 19 ، لو 9 : 40، 41 ). ويقول القديس أغسطينوس ( لقد وبخ ربنا يسوع المسيح حتي الذين هم تلاميذه.. لكنه - برحمته - لم يستخف بهم بل سندهم، وجعلهم كاملين ).


+ {  فقدموه إليه. فلما رآه للوقت صرعه الروح، فوقع علي الأرض يتمرغ ويزبد. فسأل أباه : كم من الزمان منذ أصابه هذا ؟ فقال : منذ صباه.. لكن إن كنت تستطيع شيئاً فتحنن علينا وأعنا. فقال له يسوع : إن كنت تستطيع أن تؤمن، كل شئ مستطاع للمؤمن. فللوقت صرخ أبو الولد بدموع وقال : أؤمن يا سيد، فأعن عدم إيماني - مر 9 : 20 - 24 )، أنظر أيضاً ( لو 9 : 42 ).
+ ولكن لماذا سمح السيد المسيح للشيطان أن يصرع الولد بعد أن أمر بتقديمه إليه ؟
1- إن المخلص لا يحتمل أن يري إنساناً يتعذب، لكن كما يقول القديس يوحنا ذهبي الفم ( لقد سمح لهذا المسكين أن يتألم إلي حين، لكي يدفع أباه للإيمان ).



2- ولعل السيد قد سمح أيضاً بذلك لكي يكشف عن قساوة إبليس، فيقول الأب ثيؤفلاكتيوس ( سمح للإبن أن يهيج، لكي نعرف شرإبليس الذي يود قتله، لو لم ينقذه الرب ). ولذات السبب سأل السيد والد الصبي ( كم من الزمان منذ أصابه هذا ؟ فقال : منذ صباه - مر 9 : 21 )، ليظهر لنا، وللجمع الذي حوله، مقدار العذاب الذي يعانيه الصبي.
+ { ... إن كنت تستطيع شيئاً، فتحنن علينا وأعنا ! - مر 9 : 22 ) : هي كلمات قالها والد الصبي في ضعف إيمان، لكن السيد - ( الذي يستطيع كل شئ.. - أي 42 : 2 ) - أجابه بنفس الكلمات {إن كنت تستطيع أن تؤمن، كل شئ مستطاع للمؤمن - مر 9 : 23 ).


 فليست المشكلة في قدرة الله، ولا هي في قوة الشيطان، لكنها تكمن في إيمان والد الصبي. لهذا صحح له السيد المسيح فكرته عنه مستخدماً نفس كلماته ( إن كنت تستطيع ) !.
+ {  فللوقت صرخ أبو الولد بدموع وقال : أؤمن يا سيد، فأعن عدم إيماني - مر 9 : 24 ) : وهكذا نجح السيد المسيح في أن ينقل والد الصبي إلي درجة أعلي في الإيمان، جعلته يصرخ وبدموع، طالباً الشفاء لإبنه.
+ الشفاء تم بالأمر ( فلما رأي يسوع أن الجمع يتراكضون، إنتهر الروح النجس قائلاً له : أيها الروح الأخرس الأصم، أنا آمرك، أخرج منه، ولا تدخله أيضاً. فصرخ وصرعه شديداً وخرج.. - مر 9 : 25، 26 ). {وشفي الصبي وسلمه إلي ابيه - لو 9 : 42 )، ( فخرج منه الشيطان، فشفي الغلام من تلك الساعة - مت 17 : 18 ). لعل عبارة ( سلمه إلي أبيه - لو 9 : 42 ) تذكرنا بعبارة شبيهة لها هي ( دفعه إلي أمه -



 لو 7 : 15 ) في معجزة إقامة إبن أرملة نايين. وهكذا نجد السيد المسيح يخلص الإنسان من سلطان الشيطان عليه، ليرده إلي حضن الآب السماوي - من خلال أمه التي هي الكنيسة - {ولست أقول لكم إني أنا أسأل الآب من أجلكم، لأن الآب نفسه يحبكم - يو 16 : 26، 27 )، {وعلي هذه الصخرة أبني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوي عليها - مت 16 : 18 ).
+ {فصار كميت حتي قال كثيرون، إنه مات ! فأمسكه يسوع بيده، وأقامه فقام - مر 9 : 26، 27 ) : وفي ذلك يقول القديس غريغوريوس الثيؤلوغوس ( من يتحرر من سلطان الروح الشرير يحسبه العالم كميت، لأنه كان خاضعاً للشهوات الجسدية، والآن يميت في داخله هذه الحياة الجسدانية، ويظهر للعالم كميت. وهكذا الذين لا يعرفون كيف يعيشون حسب الروح، يظنون أن من لا يسلك بالشهوات الجسدية ميت تماماً !! ).



+ وكان رد فعل المعجزة ( فبهت الجميع من عظمة الله،.. كان الجميع يتعجبون من كل ما فعل يسوع - لو 9 : 43 ).
+ سؤال التلاميذ ( ثم تقدم التلاميذ إلي يسوع علي إنفراد وقالوا : لماذا لم نقدر نحن أن نخرجه ؟ فقال لهم يسوع : لعدم إيمانكم.. وأما هذا الجنس، فلا يخرج إلا بالصلاة والصوم - مت 17 : 19 - 21 ) أنظر أيضاً ( مر 9 : 28، 29 ). يقول القديس يوحنا ذهبي الفم ( لقد خشوا لئلا يكونوا قد فقدوا العطية التي وهبت لهم، إذ كانوا قد نالوا سلطاناً علي الأرواح النجسة ) أنظر ( مت 10 : 1، 8 ، مر 6 : 7، 13 ).. بل إننا - بعد هذه المعجزة - نجده قد أعطي هذا السلطان أيضاً لسبعين آخرين : أنظر ( لو 10 : 1، 17 - 20 )، وللمؤمنين بإسمه ( مر 16 : 17 ).


 ويقول القديس أغسطينوس عن التلاميذ ( لقد شعروا بضعفهم، إذ قالوا في موضع آخر : زد إيماننا - لو 17 : 5، وكان لمعرفتهم نقصهم نفعاً عظيماً.. توجهوا بقلوبهم إلي الينبوع - قارعين ليفتح لهم - فيمتلئون.. لنصل، ولنتكل علي الله فنحيا.. لندعوه كما دعاه التلاميذ قائلين له : زد إيماننا ).
+ إن ضرورة الصلاة والصوم بالنسبة للمؤمن، كضرورة الجناحين للطائر، يسندان إيمانه وأعماله : فبالصلاة يثبت في الله، وبالصوم مع الإتضاع ينسحق قلبه وجسده، فلا يقوي عليه الشيطان.
+ ولكي تبرز الكنيسة المقدسة لأولادها أهمية الصلاة والصوم، خصصت لذلك صلوات وتسابيح كثيرة لخدمة هذا الغرض. نذكر منها، علي سبيل المثال وليس الحصر :



 صلاة القسمة التي تقال في القداس الإلهي في الصوم الأربعيني المقدس، وإبصالية واطس تقال أيضاً في الصوم الأربعيني المقدس، وبعض ذكصولوجيات الصوم الكبير...
+ وعن فاعلية الصلاة، يقول القديس يوحنا سابا ( مفاتيح الخزائن موضوعة في أيديكم، لكي تأخذوا وتعطوا، حتي تحيوا آخرين أيضاً ). ويتحدث عن الصوم بإعتدال قائلاً ( لا تملأ بطنك كثيراً لئلا يعذبك الزنا، ولا تضعف جسدك لئلا يفرح بك مبغضوك. إمسك طقس الإعتدال، وها أنت تسلك في الطريق الملوكي، وبغير خوف يكون مسيرك ).
+ {فالحق أقول لكم : لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل، لكنتم تقولون لهذا الجبل، إنتقل من هنا إلي هناك فينتقل، ولا يكون شئ غير ممكن لديكم - مت 17 : 20 ). أنظر لو 17 : 6 {لكنتم تقولون لهذه الجميزة إنقلعي وإنغرسي في البحر، فتطيعكم )،
 أنظر أيضاً معجزة لعن التينة غير المثمرة {بل إن قلتم لهذا الجبل إنتقل وإنطرح في البحر فيكون - مت 21 : 21 ، مر 11 : 23 ).







3معجزات أخري تكرر ذكر كل منها مرتين،
2أ- إخراج روح نجس في مجمع كفرناحوم ( مر 1 : 21 - 28 ، لو 4 : 31 - 37 ).
ب- شفاء إبنة المرأة الكنعانية ( الفينيقية ) ( مت 15 : 21 - 28 ) ، مر 7 : 24 - 30 )
2جـ- إخراج سبعة شياطين من مريم المجدلية ( مر 16 : 9 ، لو 8 : 3 ).







- إخراج روح نجس في مجمع كفرناحوم
2أ- إخراج روح نجس في مجمع كفرناحوم ( مر 1 : 21 - 28 ، لو 4 : 31 - 37 ).
+ {  ثم دخلوا كفرناحوم، وللوقت دخل المجمع في السبت، وصار يعلم، فبهتوا من تعليمه، لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة - مر 1 : 21، 22 ) أنظر أيضاً ( لو 4 : 31، 32 ).
+ من جهة المكان : كفرناحوم تعني ( كفر النياح أو الراحة )، ومن جهة الزمان : كان يوم السبت ( يوم الراحة ) ؛ فإن غاية السيد المسيح هو أن نستريح في شخصه، وكما يقول القديس يوحنا سابا ( أيها المتعب والثقيل الأحمال، ضع رأسك علي ركبتي ربك وإسترح، إتكئ علي صدره وإستنشق رائحة الحياة.. إتكئ عليه إذ هو مائدتك، ومنه تتغذي..


 إجعل هذا في قلبك، فتشعر أن الله حي فيك، لأنك أنت صورة الله يا إنسان ).
+ كان الكتبة يفسرون الناموس للشعب في المجمع كل سبت، لكن تعليمهم لم يمس قلوب سامعيهم. أما السيد المسيح، فكلمته ( حية وفعالة، وأمضي من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلي مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومميزة أفكار القلب ونياته - عب 4 : 12 ). لذلك بهت الناس من تعليمه ( لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة - مر 1 : 22 )، ( لأن كلامه كان بسلطان - لو 4 : 32 ). يقول القديس كيرلس الكبير ( رأوا أمامهم معلماً لا يخاطبهم كنبي فحسب، بل كإله عظيم، تجثوا له الروح قبل الجسد، رب الناموس ). كما يقول العلامة ترتليانوس ( حديثه الإلهي قدم سلطاناً ونعمة، بالحري كان يبني جوهر الناموس والأنبياء ولا يهدمه ).



+ {  وكان في المجمع رجل به روح شيطان نجس، فصرخ بصوت عظيم قائلاً : آه، مالنا ولك يا يسوع الناصري ؟ أتيت لتهلكنا ؟! أنا أعرف من أنت : قدوس الله ! - لو 4 : 33، 34 ) أنظر أيضاً ( مر 1 : 23، 24 ). لعل صراخ الشيطان هنا يذكرنا بصراخه في حادثة شفاء مجنوني كورة الجرجسيين : ( مالنا ولك يا يسوع إبن الله ؟ أجئت إلي هنا - قبل الوقت - لتعذبنا ؟! - مت 8 : 29 ) أنظر أيضاً ( مر 5 : 7 ، لو 8 : 28 ). وكما ذكرنا قبل ذلك، لقد إعتبر الشيطان أن طرده من الإنسان عذاباً له، بعد أن وجد راحته في عذاب الإنسان ! ( إرجع إلي قول القديس جيروم والقديس يوحنا ذهبي الفم - في هذه النقطة بالذات - في حادثة شفاء مجنون كورة الجدريين ).



+ هنا نجد الشيطان يدخل حتي أماكن العبادة ( كان في مجمعهم رجل به روح نجس - مر 1 : 23 ، لو 4 : 33 ) ! وهذا ليس أمراً غريباً عليه، فعندما تجرأ وأراد أن يجرب السيد المسيح ( أوقفه علي جناح الهيكل.. - مت 4 : 5، 6 ، لو 4 : 9 - 11 ) !.
+ {  مالنا ولك ؟ ) بمعني : أية شركة أو إتفاق بيننا وبينك ؟ { لأنه أية خلطة للبر والإثم ؟ أية شركة للنور مع الظلمة ؟ وأي إتفاق للمسيح مع بليعال ؟ - 2 كو 6 : 14، 15 ).
+ {  أتيت لتهلكنا ) وهذه هي عادة الشيطان أن يظهر للناس أنصاف الحقائق ! كما لو كان السيد المسيح قد أتي فقط ليهلك !! لكنه جاء أيضاً - كقوله - ( لكي يطلب ويخلص ما قد هلك - لو 19 : 10 ).


+ وهذه هي المرة الأولي التي نسمع فيها عن السيد المسيح أنه شفي إنساناً في يوم السبت ( دخل المجمع في السبت.. وكان في مجمعهم رجل به روح نجس - مر 1 : 21، 23 ) أنظر أيضاً ( لو 4 : 31، 33 ).. وهكذا أراد السيد المسيح - منذ بدء خدمته بالجسد علي الأرض - أن يصحح لليهود فهمهم ليوم السبت بهذه المعجزة. فقد قال لهم في مواضع أخري ( السبت إنما جعل لأجل الإنسان، لا الإنسان لأجل السبت - مر 2 : 27 )، وأيضاً ( إبن الإنسان هو رب السبت أيضاً - مت 12 : 8 ، مر 2 : 28 ، لو 6 : 5 ).
يقول القديس أمبروسيوس { كان هذا ليعلن أن الخليقة الجديدة تبدأ حيث تنتهي القديمة، ولكي يشير منذ البداية أنه هو رب الناموس، جاء لا لينقضه بل ليكمله..


وبدأ الرب بالعمل في السبت، ليظهر أنه الخالق، يربط بين الأعمال ويكمل العمل الذي بدأه بنفسه، كالعامل الذي يستعد لإصلاح البيت، فيبدأ بالأجزاء المتآكلة، يبدأ بالصغير ليصل إلي الكبير..).
+ {  أنا أعرف من أنت، قدوس الله ! ) لقد سبق أن شهد له الملاك - عن بشارته للعذراء - بقوله { القدوس المولود منك يدعي إبن الله - لو 1 : 35 )، كما شهد له بطرس الرسول في عظته يوم الخمسين ( لأنك لن تترك نفسي في الهاوية، ولا تدع قدوسك يري فساداً - أع 2 : 27، مز 16 : 10 )، وشهد له أيضاً بولس الرسول قائلاً ( لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر ولا دنس، قد إنفصل عن الخطاة، وصار أعلي من السموات - عب 7 : 26 ).


 أما هنا، فالذي يشهد للسيد المسيح هو الشيطان ! ولكن السيد لم يقبل شهادته كما سنري فيما بعد.
+ لقد عرفه الشيطان من أول الأمر وإعترف به، أما الفريسيون فقالوا عنه ( هذا لا يخرج الشياطين إلا ببعلزبول رئيس الشياطين ! - مت 12 : 24 )، وهذا ما قاله عنه الكتبة ( مر 3 : 22 )، وأيضاً قوم من اليهود ( لو 11 : 15 ).
+ لقد تعرف الروح النجس علي السيد المسيح بكونه ( قدوس الله ) الذي ظهر في الجسد، وأدرك أن إتضاع السيد في تجسده يغلب كبرياءه، فحسب أن الوقت قد حان لإدانته. وفي ذلك يقول العلامة ترتليانوس ( لقد عرف تماماً أن يسوع هو إبن الله، الذي يدين وينتقم، وليس مجرد شخص صالح ).



+ ويقول الأب ثيؤفلاكتيوس ( حسب الشيطان خروجه من الإنسان هلاكاً له، فإن الشياطين لا ترحم ! تحسب نفسها أنها تعاني شراً، إذا لم تتعب البشر ! )
+ ويعلق القديس أغسطينوس قائلاً ( لقد عرفته الشياطين بالقدر الذي سمح الله لهم به أن يعرفوه. لكنهم لم يعرفوه كما يعرفه الملائكة القديسون، الذين ينعمون بشركة أبدية معه، بكونه كلمة الله... ويليق أن يوجد فارق بين إيماننا وإيمان الشياطين : فإن إيماننا ينقي القلب، أما إيمانهم فيجعلهم يخطئون ويصنعون الشر، إذ يقولون : مالنا ولك ؟! ).
+ وربما ظن الروح النجس أن السيد المسيح لن ينتهره أو يأمره بالخروج إذا إعترف به أنه ( قدوس الله ) !! لكن السيد لا يخدع بمثل هذا المكر والدهاء، فهو الذي قال عن نفسه { أنا الرب.. مبطل آيات المخادعين.. - إش 44 : 24، 25 )، ( لأن مكرهم باطل - مز 119 : 118 ).


 ويقول القديس كيرلس الكبير ( لقد إعترف الروح الشرير بأن المسيح هو قدوس الله، ظناً منه أن السيد يكف عن إنتهاره وتأديبه ! نعم، فإن الشيطان كثير المكر والدهاء، ولكنه واقع بلاشك فريسة خداعه، لأن الله لا يخدع أبداً، لذلك أخرسه المسيح وأمره ألا ينطق ).
+ {  فإنتهره يسوع قائلاً : إخرس وإخرج منه، فصرعه الروح النجس، وصاح بصوت عظيم، وخرج منه - مر 1 : 25، 26 )، { ولم يضره شيئاً - لو 4 : 35 )، ولكن لماذا رفض السيد شهادة الشيطان له ؟
1- لأن السيد المسيح نفسه كشف خداعه قائلاً { ذاك كان قتالاً للناس من البدء، ولم يثبت في الحق، لأنه ليس فيه حق، متي تكلم بالكذب، فإنما يتكلم مما له، لأنه كذاب وأبو الكذاب - يو 8 : 44 ).


 وهذا ما فعله بولس الرسول في مدينة فيلبي ( وحدث بينما كنا ذاهبين إلي الصلاة، أن جارية بها روح عرافة إستقبلتنا. وكانت تكسب مواليها مكسباً كثيراً بعرافتها. هذه إتبعت بولس وإيانا وصرخت قائلة : هؤلاء الناس هم عبيد الله العلي، الذين ينادون لكم بطريق الخلاص ! وكانت تفعل هذا أياماً كثيرة. فضجر بولس، وإلتفت إلي الروح، وقال : أنا آمرك بإسم يسوع المسيح أن تخرج منها. فخرج في تلك الساعة - أع 16 : 16 - 18 ).
2- لأن الروح النجس قد عرفه معرفة خالية من الحب، مثل هذه المعرفة لا فائدة منها لخلاص الإنسان ( أنت تؤمن أن الله واحد، حسناً تفعل. والشياطين يؤمنون ويقشعرون -



 يع 2 : 19 )، فيقول القديس أغسطينوس ( لقد إعترفت الشياطين بالمسيح، وكان إعترافهم نابعاً عن إيمان بلا حب.. والسبب في هذا أنهم كانوا يرتعبون من عقوبتهم بواسطته، ولا يحبون بره.. فلا تفتخر بالإيمان، إن كان علي مستوي الشياطين ).
3- لأن إيمان الشيطان به خال من أية أعمال صالحة ( لأنه كما أن الجسد بدون روح ميت، هكذا الإيمان أيضاً بدون أعمال ميت - يع 2 : 26 ) أنظر أيضاً ( يع 2 : 17، 20 ). ولذلك نجد السيد المسيح ( لم يدع الشياطين يتكلمون، لأنهم عرفوه - مر 1 : 34 ). وما فائدة معرفتهم ؟ هم عرفوه ولم يستفيدوا..



4- لأن السيد المسيح لا يحتاج إلي شهادة الشياطين له : يقول القديس يوحنا ذهبي الفم ( الحق لا يحتاج إلي شهادة أرواح نجسة... ليتنا لا نصدق الشياطين، حتي إن أعلنوا الحق )، لأن النور لا يكشف بمساعدة الظلام.
5- لأن الشيطان نطق بإسم الله باطلاً، وهكذا خالف الوصية ( لا تنطق بإسم الرب إلهك بطلاً، لأن الرب لا يبرئ من نطق بإسمه باطلاً - خر 20 : 7 ، تث 5 : 11 ). وفي ذلك يقول القديس يوحنا ذهبي الفم ( حتي الشياطين تنطق بإسم الله ! ومع ذلك فهم شياطين.. فكان ينتهرهم ويخرجهم، لهذا أسألكم أن تتنقوا من هذا الخطأ : النطق بإسم الله باطلاً ).



+ وكانت نتيجة المعجزة ( فتحيروا كلهم، حتي سأل بعضهم بعضاً قائلين : ما هذا ؟! ما هو هذا التعليم الجديد ؟! لأنه بسلطان يأمر حتي الأرواح النجسة، فتطيعه ! فخرج خبره للوقت، في كل الكورة المحيطة بالجليل - مر 1 : 27، 28 )، ( فوقعت دهشة علي الجميع، وكانوا يخاطبون بعضهم بعضاً قائلين : ما هذه الكلمة ؟ لأنه بسلطان وقوة يأمر الأرواح النجسة فتخرج ! وخرج صيت عنه إلي كل موضع في الكورة المحيطة - لو 4 : 36، 37 ) يقول القديس كيرلس الكبير ( لا غرابة بعد ذلك إن دهش الجمع، لأن المسيح يقوم بصنع المعجزات من غير أن يطلب بالصلاة قوة من الأعالي، لأنه هو الله نفسه، هو كلمة الله الآب، الذي به كون كل شئ، وبواسطته حطمت شوكة الشيطان، وخرست ألسنة الأرواح النجسة ).







- شفاء إبنة المرأة الكنعانية ( الفينيقية
2ب- شفاء إبنة المرأة الكنعانية ( الفينيقية ) ( مت 15 : 21 - 28 ) ، مر 7 : 24 - 30 )
 لاحظ هنا أن الشفاء تم عن بعد..
+ {  ثم خرج يسوع من هناك، وإنصرف إلي نواحي صور وصيداء - مت 15 : 21 )، {ودخل بيتاً وهو يريد أن لا يعلم أحد، فلم يقدر أن يختفي - مر 7 : 24 ).
+ {  خرج يسوع من هناك ) : أي ترك الجليل، وذهب إلي نواحي ( تخوم ) صور وصيداء. وكان ذلك بعد الحوار الذي دار بين السيد المسيح، وبين كتبة وفريسيين جاءوا من أورشليم ( مت 15 : 1 ، مر 7 : 1 ) يعتبون عليه قائلين ( لماذا يتعدي تلاميذك تقليد الشيوخ ؟ فإنهم لا يغسلون أيديهم حينما يأكلون خبزاً ! - مت 15 : 2 )


 أنظر أيضاً ( مر 7 : 5 )، فأظهر لهم تمسكهم بحرفية الوصية دون روحها قائلاً لهم ( حسناً تنبأ إشعياء عنكم أنتم المرائين، كما هو مكتوب : هذا الشعب يكرمني بشفتيه، وأما قلبه فمبتعد عني بعيداً، وباطلاً يعبدونني، وهم يعلمون تعاليم هي وصايا الناس - مر 7 : 6، 7 )، أنظر أيضاً ( مت 15 : 7 - 9 ، إش 29 : 13 ).
+ {  وإنصرف إلي نواحي صور وصيداء ) : فبينما إنهمك اليهود ( الكتبة والفريسيون ) في حرفية الناموس وشكليات التقليد بغير روح، إذ بالسيد المسيح يتجه نحو الأمم ( تخوم صور وصيداء )، وكأنه يعلن رفض خاصته له، بينما ينتفع منه الغرباء خلال شعورهم بالحاجة إليه ( إلي خاصته جاء، وخاصته لم تقبله - يو 1 : 11 ).



+ وقد سبق السيد أن وصف صور وصيداء بعدم التوبة، عندما إبتدأ يوبخ المدن التي صنعت فيها أكثر قواته لأنها لم تتب ( مت 11 : 20 )، فقال ( ويل لك يا كورزين، ويل لك يا بيت صيدا. لأنه لو صنعت في صور وصيداء القوات المصنوعة فيكما، لتابتا قديماً في المسوح والرماد - مت 11 : 21 ، لو 10 : 13 ).
+ فما الذي جعله يذهب الآن إلي نواحي تلك البلاد الأممية غير التائبة، إلا إشفاقه علي إبنة المرأة الكنعانية وأمها ؟! ( لأن عيني الرب تجولان في كل الأرض، ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه.. - 2 أي 16 : 9 ). ربما كان عسيراً علي المرأة الكنعانية أن تذهب إلي أورشليم وتدخل الهيكل ( 1 مل 8 : 41 - 43 )، فيأتي إليها رب الهيكل بنفسه، إلي حيث يمكنها أن تلتقي به وتنال منه ما تريد !! 



+ إن السيد المسيح يهتم بالفرد رغم خدمته وسط الجموع : فكما إحتمل تعب السفر لكي يربح المرأة السامرية ( يو 4 : 6 )، هكذا سافر إلي تخوم صور وصيداء لكي يلتقي بالمرأة الكنعانية !
+ {  ودخل بيتاً وهو يريد أن لا يعلم أحد ) : ربما لأنه لم يأت بعد وقت الكرازة بين الأمم، وأيضاً لكي لا يعثر اليهود بذهابه علناً إلي الأمم، ويري بعض الدارسين أن السيد وقد رأي الكتبة والفريسيين يلومون تلاميذه لأنهم يأكلون خبزاً بأيد غير مغسولة ( مر 7 : 2 )، فكم بالأكثر إذا رأوه يخاطب إمرأة سامرية {لأن اليهود لا يعاملون السامريين - يو 4 : 9 )، وكم يكون الأمر عظيماً إذا وجدوا المعلم نفسه يذهب إلي الأمم، ويلتقي بإمرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم ( مت 15 : 22 )، من نسل ملعون وهو كنعان ( تك 9 : 25 ) !!


 فقد كان الكنعانيون من ضمن الشعوب الذين أوصي الرب عنهم عبده موسي قئلاً {لا تقطع لهم عهداً، ولا تشفق عليهم - تث 7 : 1، 2 ).
+ {  وإذا إمرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم.. - مت 15 : 22 )، ( وكانت الإمرأة أممية، وفي جنسها فينيقية سورية.. - مر 7 : 26 ) : فهي بحكم جنسها ( فينيقية سورية )، وبحكم إنتمائها ونسبها ( أممية من نسل كنعان ).
+ {فلم يقدر أن يختفي، لأن إمرأة كان بإبنتها روح نجس سمعت به، فأتت وخرت عند قدميه - مر 7 : 24، 25 ). لقد حرمت زمانها كله من سماع كلمة الله - خلال الناموس والأنبياء - بل عاشت حياتها في عبادة الأوثان، وصار السيد المسيح مرفوضاً من اليهود رغم علمهم بالنبوات، ورغم كل ما عمله بينهم من أعمال صالحة. أما الكنعانية : فلما سمعت به، لم تدخل معه في مناقشات ومجادلات - مثلما كان يفعل الكتبة والفريسيون - إنما أتت وخرت عند قدميه، وطلبت الشفاء لإبنتها.



+ {فسألته أن يخرج الشيطان من إبنتها - مر 7 : 26 )، ( صرخت إليه قائلة : إرحمني يا سيد يا إبن داود، إبنتي مجنونة جداً - مت 15 : 22 ). لقد وصفت له حال إبنتها : أن بها شيطان وأنها مجنونة جداً، كما صرخت إليه وطلبت الرحمة، وسألته أن يخرج الشيطان من إبنتها. وقد إهتم معلمنا متي بذكر عبارة ( إبن داود )، إذ هو يكتب لليهود، بينما أغفل معلمنا مرقس هذه العبارة، إذ يكتب للرومان. لعل المرأة ظنت أنها - إذا دعته ( إبن داود ) - يتحنن عليها، رغم كونها أممية وهو من اليهود، وربما أنها كانت تسمع عن كثيرين من المرضي أو أقاربهم يتضرعون إليه بهذا الإسم، لكي ينظر إليهم ويشفي مرضاهم، فإعتقدت - ببساطة قلب - أن هذا هو الأسلوب الذي ينبغي أن تخاطبه به.



+ {  فلم يجبها بكلمة.. - مت 15 : 23 ).. لعل هذه هي المرة الوحيدة في معجزات السيد المسيح التي ذكر فيها عنه أنه لم يجب محادثته بكلمة، ولو حتي بكلمة توبيخ ! ومع ذلك نجد أنه - بعد إلحاح التلاميذ - دخل في حوار معها، بل وإنتهي الأمر بأن إمتدح إيمانها ( يا إمرأة عظيم إيمانك ! - مت 15 : 28 ). فلماذا إذاً لم يجبها بكلمة في بادئ الأمر ؟
1- هل لأنه لا يهمه أمرها، لكونها إمرأة كنعانية من نسل ملعون ( تك 9 : 25 ) ؟ كيف لا يهمه أمرها، وهو الذي سافر خصيصاً إلي تخوم تلك البلاد لكي يلتقي بها ويشفي إبنتها ؟! بل إننا لا نسمع أنه عمل هناك عملاً آخر - في زيارته هذه - سوي إتمام الشفاء بعد هذا اللقاء ! أنظر ( مت 15 : 29 ، مر 7 : 31 )



2- عدم إجابته لها - في البداية - إنما هو إعلان عن عمله الخلاصي : فقد جاء وسط بني إسرائيل وليس الأمم، وركز غالبية عماله وقواته علي هذا الشعب ( الذي تمتع بالوعود والنبوات والشرائع )، فقد إستؤمنوا علي أقوال الله ( رو 3 : 2 ) ولهم التبني والمجد والعهود والإشتراع والعبادة والمواعيد ولهم الآباء ومنهم المسيح حسب الجسد... - ( رو 9 : 4، 5 ) لقد ركز علي الشعب اليهودي في البداية ليكون الخميرة المقدسة لتخمير العجين كله خلال الكرازة والتبشير.
3- لم يجبها بكلمة حتي يثير التلاميذ لكي يتقدموا ويطلبوا من أجلها.. لقد أراد أن يكشف لهم رسالتهم أن يهتموا بالعالم الوثني المتألم والفاقد وعيه الروحي وخلاصه.



4- أراد بصمته لا أن يتجاهلها وإنما بالحري أن يزكيها أمام الجميع.. لقد كان صامتاً في الظاهر، ولكن عيناه كانت ترقبان بفرح إتضاعها الفائق. يقول القديس أغسطينوس ( إذ كانت تطلب الحصول علي الرحمة، صرخت وبجسارة قرعت، فظهر كأنه لم يسمعها ! لم ترفضها الرحمة إلي النهاية، إنما ما حدث كان لكي يلهب رغبتها ويظهر إتضاعها. صرخت وكأن المسيح لا يسمعها، مع أنه كان يدبر الأمر بهدوء ).
+ {فتقدم تلاميذه وطلبوا إليه قائلين : إصرفها لأنها تصيح وراءنا - مت 15 : 23 ). ربما طلب منه التلاميذ ذلك لا شفقة منهم عليها أو علي إبنتها، وإنما ( لأنها تصيح وراءنا ) ! مثلما قيل في مثل صديق نصف الليل ( أقول لكم وإن كان لا يقوم ويعطيه لكونه صديقه، فإنه من أجل لجاجته يقوم ويعطيه قدر ما يحتاج - لو 11 : 8 ).



+ {  فأجاب وقال : لم أرسل إلا إلي خراف بيت إسرائيل الضالة - مت 15 : 24 ). كيف لم يرسل إلا إلي خراف بيت إسرائيل الضالة، وهو القائل لنيقوديموس : ( لأنه هكذا أحب الله العالم حتي بذل إبنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية - يو 3 : 16 ) ؟! يجيب القديس أغسطينوس ( إننا نفهم من هذا أنه لاق به أن يعلن عن حضوره بالجسد وعمل معجزاته وقوة قيامته وسط هذا الشعب، فإنه هكذا قد دبر الأمر منذ البداية.. كما تحقق ما قاله داود النبي :.. شعب لم أعرفه يتعبد لي - مز 18 : 43. أنظر كيف أوضحت النبوة الأمر كيف تحقق ؟! تحدثت بوضوح " شعب لم أعرفه "، كيف ؟ يكمل قائلاً : من سماع الأذن يسمعون لي - مز 18 : 44، أي يؤمنون لا خلال النظر بل خلال السمع، لهذا نالت الأمم مديحاً عظيماً. فإن اليهود رأوه فرفضوه، أما الأمم فقد سمعوا عنه وآمنوا به ).



+ {  فأتت وسجدت له قائلة : يا سيد أعني - مت 15 : 25 ). إن سجود المرأة الأممية للسيد المسيح وطلبها المعونة منه دليلاً وبرهاناً علي عمق إيمانها به، وعلي لجاجتها في طلب الشفاء لإبنتها المعذبة، بالرغم من أنه :
1- لم يجبها بكلمة ( في بادئ الأمر ) !!
2- قال لها ( لم أرسل إلا إلي خراف بيت إسرائيل الضالة ) !!
+ {  وأما يسوع فقال لها : دعي البنين أولاً يشبعون. لأنه ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب - مر 7 : 27 ) أنظر أيضاً ( مت 15 : 26 )، هنا، ويتساءل الكثيرون : كيف ينطق السيد المسيح له المجد بهذه العبارة ؟! هل كان يحتقر الأمم فيدعوهم كلاباً ؟! وللإجابة علي السؤال نقول :



1- بلا شك لا يحتقر السيد خليقته التي خلقها علي صورته ومثاله ( تك 1 : 26، 27 )، ولكنه قال هذا مردداً ما كان يردده اليهود عن الأمم ويصفونهم بالكلاب، لكي يمتدح - بعد قليل - من ظنهم اليهود كلاباً، وليعلن كيف أنهم صاروا أعظم إيماناً من البنين أنفسهم !!
2- ربما قصد السيد المسيح أن يكشف عن فعل الخطيئة فينا : فإن الأمم - بإنكارهم الإيمان بالله وصنعهم الشرور الكثيرة - فعلوا ما لم تفعله الكائنات غير العاقلة، فقد أجاز الكثيرون منهم أطفالهم في النار ( 2 مل 16 : 3، 17 : 17 )، بل وقدموا بنيهم ذبائح للأصنام !!



+ {  فقالت : نعم يا سيد، والكلاب أيضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها - مت 15 : 27 )، {والكلاب أيضاً تحت المائدة تأكل من فتات البنين - مر 7 : 28 ).
1- لقد كشفت إجابة المرأة الكنعانية عن إتضاعها الكبير وحكمتها. فإنها لم تهاجم دعوة الأمم بالكلاب، وإنما في حكمة قالت بأنه وإن حسبت هكذا، فهي تطمع في التمتع بالفتات الساقط من مائدة أربابها !! يقول القديس أغسطينوس ( إنها لم تثر ولا غضبت لأجل دعوتها ككلب عندما طلبت البركة وسألت الرحمة، بل قالت : " نعم يا سيد ". لقد دعوتني كلباً وبالحق أنا هكذا، فإنني أعرف لقبي  إنك تنطق بالحق، لكن ينبغي ألا أحرم من البركة بسبب هذا.. فإن الكلاب أيضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها، ما أرغبه هو البركة بقدر معتدل، فإنني لا أزحم المائدة إنما أبحث فقط عن الفتات , أنظروا أيها الأخوة عظمة الإتضاع الذي أمامنا !!... )



2- لقد أظهر إتضاع المرأة ( الأممية ) أن إيمانها أعظم من إيمان كثير من ( اليهود ) : ( إلي خاصته جاء وخاصته لم تقبله - يو 1 : 11 ). فعندما قال السيد المسيح لليهود ذات مرة ( أنا هو خبز الحياة. من يقبل إلي فلا يجوع ومن يؤمن بي فلا يعطش أبداً. ولكني قلت لكم إنكم قد رأيتموني ولستم تؤمنون - يو 6 : 35، 36 )، كان رد الفعل عندهم أنهم كانوا ( يتذمرون عليه لأنه قال : أنا هو الخبز الذي نزل من السماء - يو 6 : 41 ). وهكذا رفض ( البنين ) أي ( اليهود ) أن يتغذوا بالسيد المسيح ( خبز الحياة )، بينما إرتضت إمرأة من ( الأمم ) - الذين كان يصفهم اليهود بـ ( الكلاب ) - أن تأكل من ( الفتات ) الذي يسقط من ( مائدة أربابها ).



3- بخصوص كلمة ( البنين ) التي إستخدمها السيد المسيح في كل من ( مت 15 : 26 ، مر 7 : 27 )، فإنها تختلف - في كل من اللغتين اليونانية والقبطية - عن كلمة ( البنين ) التي إستخدمتها المرأة في ( مر 7 : 28 ) : فقد إستخدم السيد المسيح تعبير ( تكنيا Teknia  ) في اليونانية 0( في صيغة التصغير )، وفي القبطية تعني ( أبناء العائلة الشرعيين ). بينما إستخدمت المرأة تعبير ( بيذيا Paidia  ) في اليونانية ( في صيغة التصغير )، وفي القبطية تعني ( كل الأولاد الموجودين في البيت، بما فيهم أولاد الخدم )، مما يظهر عظم إتضاع المرأة !!
+ {  حينئذ أجاب يسوع وقال لها : يا إمرأة عظيم إيمانك، ليكن لك كما تريدين. فشفيت إبنتها من تلك الساعة - مت 15 : 28 )، ( فقال لها : لأجل هذه الكلمة إذهبي، قد خرج الشيطان من إبنتك. فذهبت إلي بيتها , ووجدت الشيطان قد خرج، والإبنة مطروحة علي الفراش - مر 7 : 29، 30 ).


 وهكذا نجد أن المعجزة هنا تمت عن بعد، وبدون إنتهار السيد المسيح للشيطان وإنما بكلمة منه (... ليكن لك كما تريدين. إذهبي، قد خرج الشيطان من إبنتك ) !! يقول القديس أغسطينوس ( لقد قلت عن نفسك إنك " كلباً " لكنني أعرفك إنك " إنسانة ".. لقد سألت وطلبت وقرعت، فيعطي لك وتجدين ويفتح لك. أنظروا أيها الأخوة كيف صارت هذه المرأة الكنعانية مثالاً ورمزاً لكنيسة الأمم !! لقد قدمت أمامنا عطية الإتضاع بدرجة فائقة ! ). وهكذا نري أن ما حرم منه ( اليهود ) - أصحاب الوعود - بسبب كبريائهم، نالته ( الأمم ) - المحرومة من المعرفة - خلال الإتضاع، الذين ظنوا في أنفسهم أنهم ( أبناء ) حرموا أنفسهم من مائدة الملكوت خلال جحودهم، بينما الذين كانوا في شرهم ودنسهم ( كالكلاب ) - في نظر اليهود - صاروا بالحق أبناء يتمتعون بوليمة أبيهم السماوي !! لقد حققت هذه المرأة - الخارجة من تخوم صور -


 ما سبق فأعلنه المزمورعنها ( وبنت صور أغني الشعوب تترضي وجهك بهدية - مز 45 : 12 ). أية هدية تقدمها بنت صور هذه إلا إعلان إيمانها الفائق رغم صمت السيد المسيح وتظاهره بعدم العطاء في البداية !! لقد وهبها الفرصة لتقديم أعظم هدية يشتهيها وهي ( إيمانها به ). لقد فتحت - بهذ الهدية - كنوز السيد المسيح لتنال كل ما تريد، بينما أغلق قادة اليهود أبواب مراحم الله أمام أنفسهم !! قبل هديتها القلبية، ورد لها الهدية بما هو أعظم : بأن مدحها أمام الجميع، فاتحاً أبواب محبته أمامها، ومقيماً إياها ( رمزاً لكنيسة الأمم في العهد الجديد ). لم يكن سهلاً علي اليهود قبول الكرازة بين الأمم، ولكن السيد المسيح هنا يفتح الباب لهذه الكرازة، حتي إضطر بولس وبرنابا - في أنطاكية بيسيدية - أن يوبخا اليهود قائلين ( كان يجب أن تكلموا أنتم أولاً بكلمة الله، ولكن إذ دفعتموها عنكم وحكمتم أنكم غير مستحقين للحياة الأبدية، هوذا نتوجه إلي الأمم - أع 13 : 46 ).



 ومرة أخري، إذ كان اليهود - في كورنثوس - يقاومون بولس الرسول ويجدفون ( نفض ثيابه وقال لهم : دمكم علي رؤوسكم، أنا برئ، من الآن أذهب إلي الأمم - أع 18 : 6 ).
+ وهكذا نجد أن السيد المسيح تدرج مع المرأة ليختبرها - ولكي يصل إلي تزكية إيمانها وإتضاعها - بالخطوات التالية :
1- لم يجبها بكلمة.    
2- لم أرسل إلا إلي خراف بيت إسرئيل الضالة.                                                                                
3- دعي البنين أولاً يشبعون، لأنه ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب.







إخراج سبعة شياطين من مريم المجدلية
2جـ- إخراج سبعة شياطين من مريم المجدلية ( مر 16 : 9 ، لو 8 : 3 ).
+ {كان يسير في مدينة وقرية يكرز ويبشر بملكوت الله ومعه الإثنا عشر، وبعض النساء كن قد شفين من أرواح شريرة وأمراض : مريم التي تدعي المجدلية التي خرج منها سبعة شياطين.. وأخر كثيرات كن يخدمنه من أموالهن - لو 8 : 1 - 3 )، { ظهر أولاً لمريم المجدلية التي كان قد أخرج منها سبعة شياطين - مر 16 : 9 ).
+ يكاد الإنجيل لمعلمنا لوقا أن يكون أكثر الأناجيل حديثاً عن المرأة ( كما سبق أن ذكرنا في دراستنا لمقدمة هذا الإنجيل ). وقد ذكر هنا أسماء بعض النساء اللاتي تبعن السيد المسيح مثل ( المجدلية ويونا وسوسنه ).


+ أما عن مريم المجدلية، فقد تبعت السيد بعد أن أخرج منها سبعة شياطين. وحيث أن رقم 7 دائماً يرمز إلي الكمال، نستطيع أن نستنتج مدي العذاب الذي عانته المجدلية قبل شفائها من هذه الأرواح الشريرة !!.
+ ونتيجة هذا الشفاء، أن المجدلية أحبت مخلصها فتبعته مع نساء أخر كثيرات ذقن محبته وعطفه عليهن مثلها.
+ لم تكن تبعيتها له تبعية مؤقتة، فقد ثبت إلي النهاية :
1- فكانت ضمن الواقفات عند الصليب ( يو 19 : 25 )، كما ذكرت ضمن نساء كثيرات كن ينظرن من بعيد ( مت 27 : 55، 56 ، مر 15 : 40، 41 ، لو 23 : 49 ).
2- وتبعته أضاً عند دفنه في القبر ( مت 47 : 61 ، مر 15 : 47 ، لو 23 : 55، 56 ).



3- وكانت من أوائل اللواتي أتين إلي القبر فجر الأحد والظلام باق ( يو 20 : 1 ) أنظر أيضاً ( مت 28 : 1 ، مر 16 : 1، 2 ، لو 24 : 1، 2 بالمقارنة مع لو 23 : 55، 56 ).
4- بل كانت أول من يظهر لها السيد المسيح بعد القيامة ( مر 16 : 9 ) ويكلفها بالتبشير بالقيامة للرسل ( مت 28 : 9، 10 ، يو 20 : 14 - 17 )، وهكذا شرفها السيد بحديثه معها بعد قيامته.
5- وأخيراً صارت المجدلية مبشرة بالقيامة ( مر 16 : 10، 11 ، لو 24 : 10، 11 ، يو 20 : 18 ). نقول أن تبعية المجدلية للسيد المسيح إستمرت إلي النهاية في الوقت الذي تخلي عنه معظم التلاميذ بسبب الخوف من اليهود، وهو نفسه قد سبق وأخبرهم بهذا قائلاً :


1- ( كلكم تشكون فيَّ في هذه الليلة.. - مت 26 : 31 ، مر 14 : 27 ).
2- ( سمعان سمعان : هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة. ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفني إيمانك.. - لو 22 : 31، 32 ).
3- ( هوذا تأتي ساعة - وقد أتت الآن - تتفرقون فيها كل واحد إلي خاصته وتتركونني وحدي... - يو 16 : 32 ). وحول ظهور السيد المسيح للمجدلية بعد القيامة، بعد أن كان قد أخرج منها سبعة شياطين ( مر 16 : 9 ) يقول القديس أمبروسيوس : ( إن أردتم أن تجدوه، فالشمس قد أشرقت الآن. تعالوا مثل هؤلاء النسوة، بمعني : ليته لا يكون في قلوبكم ظلام الشر، لأن شهوات الجسد والأعمال الشريرة هي ظلام. من كان في قلبه ظلام من هذا النوع، لا يعاين النور ولا يدرك المسيح، لأن المسيح هو نور. إنزعوا الظلام منكم يا أخوة.. وليكن لكم الطيب الحلو - أي الصلاة بغيرة - قائلين مع المرتل : لتستقم صلاتي كالبخور قدامك.. مز 141 : 2 ).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهام بنت المسيحية
مرشح للاشراف
مرشح للاشراف
الهام بنت المسيحية


عدد المساهمات : 1793
نقاط : 7050
السٌّمعَة : 12
تاريخ التسجيل : 10/04/2013
العمر : 30

معجزات ربنا يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: معجزات ربنا يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة    معجزات ربنا يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 21, 2015 11:44 am

4 معجزات أخري لم تتكرر
أ- إخراج شيطان من إنسان أخرس مجنون ( مت 9 : 32 - 34 ).
3ب- إبراء مجنون أعمي وأخرس. ( مت 12 : 22 - 30 ).
3جـ-إخراج شيطان أخرس. ( لو 11 : 14 - 26 ). أنظر أيضاً ( مر 3 : 22 - 27 ).
3د- شفاء المرأة المنحنية. ( لو 13 : 10 - 17 ).







أ- إخراج شيطان من إنسان أخرس مجنون
3أ- إخراج شيطان من إنسان أخرس مجنون ( مت 9 : 32 - 34 ).
+ { إنسان أخرس مجنون قدموه إليه. فلما أخرج الشيطان، تكلم الأخرس. فتعجب الجموع قائلين : لم يظهر قط مثل هذا في إسرائيل. أما الفريسيون فقالوا : برئيس الشياطين يخرج الشياطين - مت 9 : 32 - 34 ).
+ لعل هذا الإنسان الأخرس المجنون يشير إلي البشرية التي ظلت صامتة زماناً هذا مقداره، لا يمكنها أن تتحدث مع خالقها ولا أن تسبحه داخلياً وتشكره.



 حتي وإن سبحته بالفم واللسان، فقد صمت اللسان الداخلي عن الحديث السري الخفي مع الخالق، بسبب العداوة التي نشأت كثمرة طبيعية للخطية، فصارت كمن يسكنها شيطان أخرس !! لهذا جاء السيد المسيح طارداً روح الشر والخطية، فينطق لسانها الداخلي بالحمد والتسبيح، وتصير طبيعتها شاكرة، عوض الجحود القديم !!
+ أما عن الأخرس، فكانت علة مرضه هي الروح الشرير الذي يسكنه، وقد أخرج السيد المسيح الشيطان - بسلطان - فتكلم الأخرس !!
+ والخرس يمكن أن يكون بسبب بعض الأمراض، أو بفعل الشيطان ( كما في هذه الحالة )، وأيضاً كعقوبة مؤقتة من الله بسبب عدم الإيمان ( كما حدث مع القديس زكريا الكاهن أبي يوحنا المعمدان ) إذ يقول الكتاب ( فأجاب الملاك وقال له :



 أنا جبرائيل الواقف قدام الله، أرسلت لأكلمك وأبشرك بهذا. وها أنت تكون صامتاً ولا تقدر أن تتكلم، إلي اليوم الذي يكون فيه هذا، لأنك لم تصدق كلامي الذي سيتم في وقته - لو 1 : 19، 20 ).
+ لذلك، إن كان ( الشيطان ) يسبب ( الخرس )، فالسيد المسيح يزيله، إذ قيل عنه في موضع آخر { إنه عمل كل شئ حسناً، جعل الصم يسمعون والخرس يتكلمون - مر 7 : 37 ). وإن كان ( عدم الإيمان ) يبكم الإنسان، فإن ( الإيمان ) يطلق اللسان، إذ يقول الكتاب { آمنت لذلك تكلمت. نحن أيضاً نؤمن، ولذلك نتكلم أيضاً - 2 كو 4 : 13 ) أنظر أيضاً ( مز 116 : 10 ).
+ {  فتعجب الجموع قائلين : لم يظهر قط مثل هذا في إسرائيل ! أما الفريسيون فقالوا : برئيس الشياطين يخرج الشياطين } ( مت 9 : 33، 34 ) !!


 لقد أدركت الجموع البسيطة عمل السيد المسيح كمخلص، بينما تعثر الفريسيون - أصحاب المعرفة النظرية - بسبب كبرياء قلبهم وتعبدهم لذواتهم، فقالوا عنه أنه يعمل بقوة رئيس الشياطين لا كمخلص من الشياطين !!
+ أما سر عمي بصيرة الفريسيين، فهو إنهم تركوا عملهم الرعوي ليرعوا كرامتهم وبطونهم وخزائنهم، عوض رعايتهم لشعب الله. فحلت ( الأنا ) عوض ( الله ) نفسه، وعن مثل هؤلاء يقول بولس الرسول { يطلبون ما هو لأنفسهم، لا ما هو ليسوع المسيح } ( في 2 : 21 ). وأمثال هؤلاء الرعاة يعاتبهم الله بمرارة قائلاً { ويل لرعاة إسرائيل الذين كانوا يرعون أنفسهم، ألا يرعي الرعاة الغنم ؟! تأكلون الشحم، وتلبسون الصوف، وتذبحون السمين، ولا ترعون الغنم !! المريض لم تقووه، والمجروح لم تعصبوه، والمكسور لم تجبروه، والمطرود لم تستردوه، والضال لم تطلبوه، بل بشدة وبعنف تسلطتم عليهم !!



 فتشتتت بلا راع، وصارت مأكلاً لجميع وحوش الحقل.. ضلت غنمي في كل الجبال... ولم يكن من يسأل أو يفتش !! فلذلك أيها الرعاة إسمعوا كلام الرب :.. إذ لم يكن راع، ولا سأل رعاتي عن غنمي، ورعي الرعاة أنفسهم ولم يرعوا غنمي،.. هأنذا علي الرعاة، وأطلب غنمي من يدهم، وأكفهم عن رعي الغنم، ولا يرعي الرعاة أنفسهم بعد، فأخلص غنمي من أفواههم.. هأنذا أسأل عن غنمي وأفتقدها - حز 34 : 2 - 11 ).
+ لقد تعجب الجموع لأن الذي أخرج الشيطان هو ( عمانوئيل ) الذي تفسيره الله معنا ( مت 1 : 23 ) أنظر أيضاً ( أش 7 : 14 )، وإن كان الله معنا، فمن علينا ( رو 8 : 31 ). لقد بهت الجمع من قوة سلطانه في إخراج الشيطان حتي تكلم الأخرس، لذلك قالوا { لم يظهر قط مثل هذا في إسرائيل } ( مت 9 : 33 ) !!







إبراء مجنون أعمي وأخرس
3ب- إبراء مجنون أعمي وأخرس. ( مت 12 : 22 - 30 ).
وهي تشبه - إلي حد كبير - المعجزة التالية ( من حيث الحوار الذي دار بعد صنع السيد المسيح للمعجزة ).







إخراج شيطان أخرس
3جـ-إخراج شيطان أخرس. ( لو 11 : 14 } ( 26 ). أنظر أيضاً ( مر 3 : 22 - 27 ).
+ {  حينئذ أحضر إليه مجنون أعمي وأخرس، فشفاه حتي إن الأعمي الأخرس تكلم وأبصر } ( مت 12 : 22 ) أنظر أيضاً ( لو 11 : 14 ). هذا ما فعله الشيطان بالإنسان : أفقده عقله وبصره ونطقه !! وفي ذلك إشارة إلي ما يمكن أن تفعله أيضاً الخطية بالإنسان : فتفقده فكره السليم ( عقله )، وتعمي بصيرته الروحية عن التطلع إلي السماويات ( بصره )، وتخرس لسانه فلا ينطق بتسبيح الله ( نطقه ) !! في ( لو 11 : 14 ) تكلم عن ( شيطان أخرس )، وفي ( مت 9 : 32، 33 ) - أي في المعجزة السابقة ( 3أ ) - تكلم عن { إنسان أخرس مجنون به شيطان }. أما في ( مت 12 : 22، 24 )، فالحالة أصعب، إذ قد أضيف إليه ( العمي ) : ( مجنون أعمي وأخرس به شيطان ).



+ { فتعجب الجموع } ( لو 11 : 14 )، { فبهت كل الجموع وقالوا : ألعل هذا هو إبن داود ؟! } ( مت 12 : 23 ). لقد تعجب الجموع وبهتوا إذ رأوا سلطان السيد المسيح وقد شفي المجنون الذي كان به شيطان - بدون صلاة أو حتي وضع يديه عليه - حتي أن الأعمي الأخرس تكلم وأبصر !! ( ألعل هذا هو إبن داود ؟! ) : إهتم معلمنا متي بذكر عبارة ( إبن داود ) إذ هو يكتب لليهود.. فقد بدأ الناس يتسألون : ألعله المسيا المنتظر الآتي من نسل داود ؟! ألعله هو الذي أشارت إليه كلمات المزمور 132 ( أقسم الرب لداود بالحق، لا يرجع عنه. من ثمرة بطنك أجعل علي كرسيك، إن حفظ بنوك عهدي.. فبنوهم أيضاً - إلي الأبد - يجلسون علي كرسيك - مز 132 : 11، 12 ). وأيضاً المزمور 89 { حلفت لداود عبدي : إلي الدهر أثبت نسلك، وابني إلي دور فدور كرسيك.. وأجعل إلي الأبد نسله، وكرسيه مثل أيام السموات.. نسله إلي الدهر يكون..




 يثبت إلي الدهر.. - مز 89 : 3، 4، 29، 36، 37 ). وكما قال الرب لناثان النبي { إذهب وقل لعبدي داود : هكذا قال الرب... أقيم بعدك نسلك الذي يخرج من أحشائك.. وأنا أثبت كرسي مملكته إلي الأبد.. كرسيك يكون ثابتاً إلي الأبد } ( 2 صم 7 : 5، 12، 13، 16 ). وقد تحققت وعود الله في العهد الجديد، فعلي سبيل المثال :
1- في سلسلة الأنساب { كتاب ميلاد يسوع المسيح إبن داود.. } ( مت 1 : 1 ) أنظر أيضاً ( لو 3 : 31 ).
2- في بشارة الملاك جبرائيل للسيدة العذراء ( وها أنت ستحبلين وتلدين إبناً، وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيماً وإبن  العلي يدعي، ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه، ويملك علي بيت يعقوب إلي الأبد، ولا يكون لملكه نهاية { لو 1 : 31 - 33 ).



3- في عظة بطرس الرسول - يوم الخمسين - عن رئيس الأباء داود } فإذ كان نبياً، وعلم أن الله حلف له بقسم، إنه من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد، ليجلس علي كرسيه } ( أع 2 : 30 ).
{  أما الفريسيون، فلما سمعوا قالوا : هذا لا يخرج الشياطين إلا ببعلزبول رئيس الشياطين } ( مت 12 : 24 )، { وأما الكتبة الذين نزلوا من أورشليم فقالوا : إن معه بعلزبول، وإنه برئيس الشياطين يخرج الشياطين } ( مر 3 : 22 )، ( وأما قوم منهم فقالوا : ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين - لو 11 : 15 ) !!
1- لقد سبق أن إتهمه الفريسيون بنفس الإتهام، بعد إخراجه شيطاناً من إنسان أخرس مجنون مت 9 : 34 ).



2- وعندما أرسل تلاميذه الإثني عشر، علمهم قائلاً ( ليس التلميذ أفضل من المعلم، ولا العبد أفضل من سيده.. إن كانوا قد لقبوا رب البيت " بعلزبول "، فكم بالحري أهل بيته ؟! فلا تخافوهم.. - مت 10 : 24 - 26 ).
3- لقد أثارت المعجزة دهشة الجموع وإعجابهم، الأمر الذي أثار قوماً منهم ( لو 11 : 15 ) من الكتبة ( مر 3 : 22 ) والفريسيين ( مت 12 : 24 ) !! إذ إمتلأوا حقداً وحسداً، لم يقدروا علي التشكيك في المعجزة ذاتها أو إنكارها، فبدأوا يشككون في مصدر القوة التي نفذتها !! ففي المعجزة السابقة قالوا ( برئيس الشياطين يخرج الشياطين - مت 9 : 34 )، والآن يكررون نفس القول، مما يدل علي أن ما قالوه أولاً لم يكن مجرد { زلة لسان )، إنما قصدوا ما قالوه وكشفوا عن كراهيتهم له !!



4- لعلهم - في حكمهم الظالم علي المخلص - صاروا يشبهون ذلك ( المجنون الأعمي والأخرس وقد سكنه الشيطان } ! قطعاً كان ( الشيطان ) هو الذي يحركهم، وصار حكمهم الظالم علي مصدر الشفاء لوناً من ( الجنون )، وإذ ( أعمي ) الشيطان عيون قلوبهم ليؤمنوا بالمخلص، أصابهم ( الخرس ) الروحي، فلم يسبحوا الله علي أعماله، بل نطقوا بكلام الضلال والتشكيك !!
5- أما عن ( الكتبة ) فيقول الكتاب { نزلوا من أورشليم.. - مر 3 : 22 ). ونزولهم من أورشليم فه إشارة إلي تركهم الحياة المقدسة السماوية، ففسد فكرهم وإظلمت بصيرتهم الروحية، وحكموا عليه أن ( معه بعلزبول، وأنه برئيس الشياطين يخرج الشياطين - مر 3 : 22 ) !! وقد دعيت ( أورشليم ) بأسماء ( مقدسة ) في الكتاب المقدس، منها : المدينة المقدسة ( مت 4 : 5، 27 : 53 )، مدينة الملك العظيم ( مت 5 : 35 ، مز 48 : 2 )،



 مدينة الله ومدينة إلهنا ( مز 46 : 4، 48 : 1، 8، 87 : 3 )، مدينة رب الجنود ( مز 48 : 8 )، مدينة الرب ( مز 101 : 8 ، إش 60 : 14 )، مدينة العدل ( إش 1 : 26 )، مدينة الحق ( زك 8 : 3 )، كما دعي ( الهيكل ) الموجود بأورشليم ( هيكل الله - مت 21 : 12 ).
6- من هو ( بعلزبول ) ؟ كان إسمه ( بعل زبوب ) إله ( عقرون ) كما ورد في ( 2 مل 1 : 2، 3، 6، 16 ). و ( عقرون ) هي إحدي مدن الفلسطينيين الخمسة ( يش 13 : 3 ، 1 صم 6 : 16، 17 ). بعل زبوب هو الإله الذي أرسل ( أخزيا ) ملك بني إسرائيل يستشيره إن كان يبرأ من المرض ( 2 مل 1 : 2 ) !! وكانت ( عقرون ) من جملة المدن التي هددها الأنبياء، وحملوا إليها غضب الرب ( إر 25 : 15 - 20 ، عا 1 : 8 ، صف 2 : 4 ، زك 9 : 5، 7 ).


 ( بعل زبوب ) معناه ( إله الذباب )، وقد غير اليهود إسمه إلي ( بعلزبول ) ومعناه ( بعل الأقذار ) لأنهم كانوا يحتقرون آلهة الوثنيين، ويعتبرونهم شياطين، وكما يقول بولس الرسول ( إن ما يذبحه الأمم، فإنما يذبحونه للشياطين لا لله.. - 1 كو 10 : 20 ). ولعله أكبر جميع آلهتهم، لذلك دعي ( رئيس الشياطين ) كما ورد في ( مت 12 : 24 ، مر 3 : 22 ، لو 11 : 15 ).
+ {  وأخرون طلبوا منه آية من السماء يجربونه - لو 11 : 16 ). كان نتيجة ما سبق أن تشكك البعض في أمره، فطلبوا منه آية من السماء، يتأكدوا أن ما يفعله هو بقوة سماوية إلهية وليس بقوة الشيطان !! فكانوا يتوقعون مثلاً أن ينزل ناراً من السماء كما فعل إيليا ( 1 مل 18 : 36 - 38 )، ولم يدركوا أن الذي يحدثونه هو الإله الذي - بتنازله - حل في وسطهم كواحد منهم { أخلي نفسه آخذاً صورة عبد، صائراً في شبه الناس - في 2 : 7 ).


 لكنه لم يستجب لطلبهم، فيرسل ناراً من السماء لإفنائهم إذ كانوا يجربونه، وإنما - في طول أناة - علم أفكارهم وإحتملهم، وإبتدأ يعلمهم ليردهم إلي الحق. وفي ذلك يقول القديس يوحنا ذهبي الفم ( إحتمل كل هذه الأمور، لكي نسلك علي أثر خطواته ونحتمل هذه السخريات ).
+ {  فعلم يسوع أفكارهم، وقال لهم : كل مملكة منقسمة علي ذاتها تخرب، وكل مدينة أوبيت منقسم علي ذاته لا يثبت. فإن كان الشيطان يخرج الشيطان، فقد إنقسم علي ذاته، فكيف تثبت مملكته ؟! - مت 12 : 25، 26 ) أنظر أيضاً ( مر 3 : 23 - 26 ، لو 11 : 17، 18 ) :
1- جاءت إجابة السيد المسيح لمقاوميه - كعادته - ليست دفاعاً عن نفسه، بقدر ما هي لبنيان نفوسهم وإصلاح حياتهم، وتصحيح كثير من المفاهيم الخاطئة التي علقت بأذهانهم !



2- فضرب لهم مثالاً من واقع الحياة العملية اليومية : فإذا حدث إنقسام علي مستوي المملكة، أو حتي علي مستوي المدينة أوالبيت، فمصيره الخراب والتفكك.
3- كما كشف السيد المسيح - في حديثه - أن الشيطان له مملكة منظمة : فإذا أخرج الشيطان شيطاناً، فقد إنقسم علي ذاته، فكيف تثبت مملكته ؟! وبالتالي ( ثبات مملكته ) يتوقف علي ( وحدة العمل والرأي ) في هذه المملكة، وكما يقولون ( في الإتحاد قوة )..
4- فإن كانت هناك ( وحدة العمل والفكر ) في مملكة الشيطان، فكم وكم تكون هذه الوحدة مطلوبة في بيوتنا المسيحية لكي تثبت ؟! وما هو الفكر الواحد الذي يثبتنا إلا ( طاعة السيد المسيح ووصاياه ) كما يقول الكتاب { مستأسرين كل فكر إلي طاعة المسيح - 2 كو 10 : 5 ). وعن ( الفكر الواحد ) يقول 0.. أطلب إليكم أيها الأخوة - بإسم ربنا يسوع المسيح - أن تقولوا جميعكم قولاً واحداً، ولا يكون بينكم إنشقاقات، بل كونوا كاملين في فكر واحد ورأي واحد - 1 كو 1 : 10 ) أنظر أيضاً ( أف 4 : 3 - 6 ، في 2 : 2 - 5 ، 4 : 2 ).



5- وعن ( الهراطقة والإنقسام ) يقول القديس أغسطينوس ( إن كنيسة المسيح تمثل مملكة الله غير المنقسمة، فهي كنيسة جامعة، أما الهراطقة الذين يحملون إسم المسيح - وهم منشقون عن الكنيسة - فلا ينتمون لمملكة الله، ولا يعني وجودهم أن إنقساماً قد حدث في جسد المسيح، فإن لهم مجرد الإسم دون العضوية. حقاً إن كل إنقسام - سواء علي مستوي الكنيسة المحلية أو كنيسة البيت أو حتي داخل قلب المؤمن - إنما هو غريب عن روح المسيح..إنه من عمل الشيطان!!).
+ {  وإن كنت أنا ببعلزبول أخرج الشياطين، فأبناؤكم بمن يخرجون ؟ لذلك هم يكونون قضاتكم - مت 12 : 27 ) أنظر أيضاً ( لو 11 : 19 ).



1- من هم أبناؤهم الذين يخرجون الشياطين ويكونون قضاة عليهم، إلا جماعة التلاميذ البسطاء الذين هم من الأمة اليهودية، يعيشون ببساطة قلب بينهم، ويخرجون الشياطين بقوة وسلطان، فيدينون بهذا كل إتهام يوجهه الفريسيون والكتبة ضد سلطان السيد المسيح.
2- لقد سبق أن أعطي السيد المسيح تلاميذه الإثني عشر سلطاناً علي الأرواح النجسة لكي يخرجوها ( مت 10 : 1، 8 ، مر 6 : 7، 13 )، بل نجده قد أعطي هذا السلطان أيضاً لسبعين آخرين ( لو 10 : 1، 17 - 20 )، وللمؤمنين بإسمه ( مر 16 : 17 ).



3- يقول القديس كيرلس الكبير ( كان التلاميذ الطوباويون يهوداً، وأبناء لليهود حسب الجسد، وقد نالوا سلطاناً من المسيح بإستدعاء هذه الكلمات : " بإسم يسوع المسيح ". فإن بولس أيضاً مرة أمر الروح النجس بسلطان رسولي : " أنا آمرك بإسم يسوع المسيح أن تخرج منها - أع 16 : 18 ". فإن كان أبناؤكم - كما يقول - بإسمي يطأون علي بعلزبول بإنتهارهم أتباعه " شياطينه "، وإخراجهم من الساكنين فيهم، أفليس واضحاً أنه تجديف بجهل عظيم أن تتهموني بأني أحمل سلطان بعلزبول ؟! أنتم الآن متهمون خلال إيمان أبنائكم ! )
4- وقد مارس التلاميذ أيضاً هذا السلطان، بعد صعود السيد المسيح وحلول الروح القدس عليهم يوم الخمسين، إذ يقول الكتاب ( وجرت علي أيدي الرسل آيات وعجائب كثيرة في الشعب.. وإجتمع جمهور المدن المحيطة إلي أورشليم حاملين مرضي ومعذبين من أرواح نجسة، وكانوا يبرأون جميعهم - أع 5 : 12، 16 ).




5- وهكذا حول السيد المسيح أنظار الفريسيين والكتبة، من المناقشات والتشكيك - الذي كانوا يثيرونه خلال حقدهم وحسدهم - إلي التطلع نحو السلطان الجديد الذي وهبه لتلاميذه القديسين !!
6- ويقول القديس أغسطينوس في تفسيره مت 12 : 27 ، لو 11 : 19 { بلاشك يقصد بهم تلاميذه، هؤلاء الذين هم من أبناء هذا الشعب. فمن المؤكد تماماً أنهم لم يتلقنوا شيئاً من الفنون الشيطانية من سيدهم الصالح، حتي يمكنهم التسلط علي الشياطين !! لذلك قال لهم : " هم يكونون قضاتكم ". إنهم أوفياء، من أقل الطبقات، لا يعرفون الحقد بل يتسمون ببساطة قوتي المقدسة. إنهم شهود لي وقضاة عليكم.. يخرجون الشياطين ببساطة القداسة وليس بقوة بعلزبول ) !!
+ {  ولكن إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين، فقد أقبل عليكم ملكوت الله - مت 12 : 28 )، ( ولكن إن كنت بإصبع الله أخرج الشياطين، فقد أقبل عليكم ملكوت الله - لو 11 : 20 ).



1- ( إن كنت أنا بروح الله " بأصبع الله " أخرج الشياطين : هنا يعلن السيد المسيح فاعلية الروح القدس - الذي هو واحد معه في اللاهوت - إذ هو يعمل بقوة روحه القدوس، ويدعوه ( إصبع الله ). وقد دعا السيد المسيح الروح القدس " أصبع الله " : قارن ( مت 12 : 28 مع لو 11 : 20 )، ربما لأن الإنسان صاحب السلطان حين يشير بإصبعه يتحقق كل ما يريده، وكأن الآب والإبن يعملان بروحهما القدوس كما بالإصبع. يقول القديس كيرلس الكبير ( يدعي الروح القدس أصبع الله لهذا السبب : فكما أن الآب يعمل كل شئ بالإبن، ولما كان الإصبع غير منفصل عن اليد، - هكذا - مع الفارق - الروح القدس متحد جوهرياً مع الإبن، وخلاله يعمل الإبن كل شئ ).
2- وقد قال السيد المسيح عن علاقته بالروح القدس { المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب.. - يو 15 : 26 ) وأيضاً ( ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم - يو 16 : 14 ).



3- والأصابع - مع إختلاف مواضعها وأحجامها وأطوالها - تعمل معاً بلا إنقسام، فتشير إلي تنوع الخدمات والمواهب التي يعطيها الروح الواحد : ( فأنواع مواهب موجودة، ولكن الروح واحد. وأنواع خدم موجودة، ولكن الرب واحد. وأنواع أعمال موجودة، ولكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل. ولكنه لكل واحد يعطي إظهار الروح للمنفعة - 1 كو 12 : 4 - 7 ). يقول القديس أغسطينوس ( يدعي الروح القدس أصبع الله بسبب توزيع المواهب، فيه ينال كل واحد موهبته، سواء البشر أو الملائكة ) وكما يقول القديس أمبروسيوس ( إن لقب الأصبع يشير إلي الوحدة ).
4- إن ما يفعله السيد المسيح ليس إستعراضاً لقوته الإلهية، إنما لكي يملك علي قلوبنا، ويصبح ملكوته داخلنا ( ولما سأله الفريسيون : متي يأتي ملكوت الله ؟ أجابهم وقال : لا يأتي ملكوت الله بمراقبة، ولا يقولون : هوذا ههنا أو هوذا هناك، لأن ها ملكوت الله داخلكم - لو 17 : 20، 21 ).



5- ( فقد أقبل عليكم ملكوت الله ) : كأن السيد المسيح يود أن يقول لهم بصيغة أخري : عوض أن تتهموني بأني أعمل الآيات بقوة بعلزبول، تمتعوا بسلطاني الذي يحطم بعلزبول، ويطرد الأرواح الشريرة من النفوس والأجساد المحطمة !
6- يقول القديس كيرلس الكبير ( حسناً قال : " قد أقبل عليكم ملكوت الله "، بمعني أنني إذ صرت إنساناً مثلكم وأخرج الشياطين بروح الله، بهذا أقبل علي البشرية ملكوت الله، إذ نالت الطبيعة البشرية مجداً بطرد الشياطين وإنتهار الأرواح الشريرة ). ويقول القديس أمبروسيوس ( لقد أظهر بذلك وجود سلطان ملوكي للروح القدس " أصبع الله "، ونحن أيضاً - إذ يسكن الروح القدس فينا - نصير مسكناً ملوكياً، لذلك ففي موضع آخر يقول : " ها ملكوت الله داخلكم " - لو 17 : 21 ).


+ {  أم كيف يستطيع أحد أن يدخل بيت القوي وينهب أمتعته، إن لم يربط القوي أولاً، وحينئذ ينهب بيته - مت 12 : 29 ، مر 3 : 27 )، ( حينما يحفظ القوي داره متسلحاً، تكون أمواله في أمان. ولكن متي جاء من هو أقوي منه، فإنه يغلبه وينزع سلاحه الكامل الذي إتكل عليه، ويوزع غنائمه - لو 11 : 21، 22 ).
1- إحتل الشيطان الإنسان وحسبه بيته، ونهب كل طاقاته وإمكانياته ومواهبه لتعمل لحساب مملكة الشر. هذا العدو ( القوي ) لا يخرج ولا تنسحب منه أمتعته التي إغتصبها ما لم يربط أولاً.
2- جاء السيد المسيح ( الأقوي ) لكي يحطم من ظن نفسه قوياً، إذ قيل في الكتاب أن { ملكوت الله قد أتي بقوة - مر 9 : 1 )، وأيضاً ( فوقعت دهشة علي الجميع.. لأنه بسلطان وقوة يأمر الأرواح النجسة فتخرج - لو 4 : 36 )، ( والمعذبون من أرواح نجسة... وكل الجمع طلبوا أن يلمسوه، لأن قوة كانت تخرج منه وتشفي الجميع - لو 6 : 18، 19 ).



3- وقد أعطي تلاميذه أيضاً هذه القوة علي إخراج الشياطين : ( ودعا تلاميذه الإثني عشر، وأعطاهم قوة وسلطاناً علي جميع الشياطين.. - لو 9 : 1 ). بل أنه أعطي هذه القوة أيضاً لبولس الرسول - الذي لم يكن من الإثني عشر ولاحتي من السبعين - إذ يقول الكتاب ( وكان الله يصنع علي يدي بولس قوات غير المعتادة، حتي كان يؤتي عن جسده بمناديل أو مآزر إلي المرضي، فتزول عنهم الأمراض، وتخرج الأرواح الشريرة منهم - أع 19 : 11، 12 ).
4- يقول القديس يوحنا ذهبي الفم ( دعي الشيطان قوياً ليس لأنه بالطبيعة هو هكذا، إنما بالإشارة إلي سلطانه القديم، الذي صار له بسبب ضعفنا ).



5- لقد تملك الشيطان علي القلب والعالم كدارٍ له { والعالم كله وضع في الشرير - 1 يو 5 : 19 )، أسلحته الخبث والدهاء. لكن جاء المسيا الأقوي ليحطم الباطل بالحق، والخبث بالحب، والظلمة بالنور. فيطرد من إستعمر القلب وملك علي العالم، ساحباً منه الغنائم.
6- وفي ذلك يقول القديس كيرلس الكبير ( من هو القوي إلا الشيطان، وما هو بيته إلا مملكته علي الأرض. أما أمتعته فهي أولئك الناس الذين يتشبهون بإبليس أبيهم في شئونهم وأعمالهم. وكما أننا ندعو القديسين " أواني مقدسة " و " أمتعة مكرسة "، كذلك يمكن تسمية الأشرار " أمتعة إبليس وآنيته "، لأنهم يشتركون معه في الخبث والشر. دخل المسيح الكلمة وحده بيت إبليس - هذا العالم الأرضي - وربط الشيطان، وفي " سلاسل الظلام " طرحه - 2 بط 2 : 4 ). ويقول أيضاً : ( هذا هو مصير عدونا العام - الشيطان الخبيث - مبتدع الشر. فإنه - قبل مجئ المخلص -



 كان في قوة عظيمة، يسوق القطعان التي ليست له إلي حظيرته ويغلق عليها، هذه التي هي قطعان الله، فكان كلص مفترس ومتصلف للغاية. لكن، إذ هاجمه كلمة الله الذي هو فوق الكل، واهب كل قوة ورب القوات - بكونه قد صار إنساناً - فنهب منه أمتعته، ووزع غنائمه. فإن أولئك الذين كانوا قبلاً قد أسروا بواسطته في الخطأ والجحود، دعاهم الرسل القديسون إلي معرفة الحق، والإقتراب إلي الله الآب خلال الإيمان بالإبن ).
+ {  من ليس معي فهو عليَّ، ومن لا يجمع معي فهو يفرق - مت 12 : 30 ، لو 11 : 23 ).
1- هناك حرب بين المملكتين : ( مملكة الله ) و ( مملكة الشيطان )، وأصبح الحياد بينهما مستحيلاً. هنا يبرز السيد المسيح ( خطورة الحياة السلبية ) التي يكون الإنسان فيها كمن يقف في ( منتصف الطريق ) أو في ( مفترق الطرق ) !!



2- فالسيد المسيح يقدم طريقين لا ثالث لهما : النور أو الظلمة، مملكة المسيح أو مملكة الشيطان. وقد قال الكتاب { لأنه أية خلطة للبر والإثم ؟! وأية شركة للنور مع الظلمة ؟! وأي إتفاق للمسيح مع بليعال ؟! - 2 كو 6 : 14، 15 ).
3- بل وفي العهد القديم أيضاً ( تقدم إيليا النبي إلي جميع الشعب وقال : حتي متي تعرجون بين الفرقتين ؟! إن كان الرب هو الله فإتبعوه، وإن كان البعل فإتبعوه - 1 مل 18 : 21 ).
4- وكأن السيد المسيح يطالبنا بمراجعة أنفسنا وتحديد موقفنا من دعوته : هل نجمع معه أم نفرق ضده ؟! ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم علي لسان السيد المسيح ( إن كان الذي لا يعمل معي يكون خصماً لي، فكم بالأكثر من يقاومني ؟!. يبدو أن المخلص قد أشار بهذا المثل إلي اليهود، الذين ثاروا ضده بواسطة الشيطان، إذ كانوا يعملون ضده، ويشتتون من يجمعهم هو ) !! 



5- ويقول القديس كيرلس الكبير ( إنه يقول : جئت لأخلص الناس من يد الشيطان، لأنقذهم من خبثه الذي إصطادهم به، لأحرر المأسورين وأشرق نوراً علي الذين في الظلمة، لأقيم الساقطين وأشفي منكسري القلوب، وأجمع أبناء الله المشتتين. وأما الشيطان فهو ليس معي، بل - علي العكس - هو ضدي، إذ يتجاسر ليشتت الذين أجمعهم وأخلصهم)!!
+ {  متي خرج الروح النجس من الإنسان، يجتاز في أماكن ليس فيها ماء يطلب راحة. وإذ لا يجد يقول : أرجع إلي بيتي الذي خرجت منه، فيأتي ويجده مكنوساً مزيناً. ثم يذهب ويأخذ سبعة أرواح أشر منه، فتدخل وتسكن هناك. فتصير أواخر ذلك الإنسان أشر من أوائله - لو 11 : 24 - 26 ، مت 12 : 43 - 45 ).
1- بهذا المثل يحذرنا المخلص لئلا نبدأ الطريق ولا نكمله. نحن - في المعمودية المقدسة - نجحد الشيطان بمعني أننا نرفضه، ونعلن تبعيتنا للسيد المسيح مخلصنا. ولكن، إن تهاونا وتركنا القلب للعدو مرة أخري خلال تراخينا، يرجع بصورة أكثر شراسة حتي يحتل ما قد فقد منه !!



2- وكما نري عملياً، حينما يرتد المؤمن عن الحياة القدسة، يصير في شره أبشع مما كان عليه قبل الإيمان أو التوبة !! مثل أهل غلاطية الذين وبخهم بولس الرسول قائلاً ( أهكذا أنتم أغبياء ؟! أبعد ما إبتدأتم بالروح، تكملون الآن بالجسد ؟! - غل 3 : 3 )، ومثل الذين صاروا أعداء صليب المسيح ( لأن كثيرين يسيرون ممن كنت أذكرهم لكم مراراً، والآن أذكرهم أيضاً باكياً، وهم أعداء صليب المسيح - في 3 : 18 )، ومثل ديماس - أحد معاوني بولس الرسول - الذي قال عنه { ديماس قد تركني، إذ أحب العالم الحاضر.. - 2 تي 4 : 10 ).
3- يعود إبليس ليجد قلوبهم مسكناً له مكنوساً ومزيناً لإستقباله ! ويري القديس يوحنا كليماكوس أن هذا القول ينطبق - بصورة واضحة - علي من ينجح في ترك شهوات الجسد والحياة المترفة، ولكن - بعد دخوله في الحياة الروحية - يسقط بسبب تهاونه داخل ميناء الأمان !! فيقول ( ياله من منظر يرثي له، إذ نري الذين - بعدما عاشوا في مخاطر البحر - يعانون من تحطيم السفينة داخل الميناء ) !!



4- يري الآباء أيضاً أن هذا المثل ينطبق علي ( حال اليهود ) الذين سبقوا ( الأمم ) في ( معرفة الله )، لكنهم إذ جحدوا الرب صاروا أشر مما كانوا عليه قبل الإيمان، بل وأشر من الأمم !! فيقول القديس أمبروسيوس ( بإنسان واحد يرمز لكل الشعب اليهودي، فالروح النجس خرج بالناموس، ولما لم يجد راحة في الأمم إذ قبلوا الإيمان المسيحي الذي يحرق الروح النجس.. رجع الروح النجس إلي الشعب اليهودي، ومعه 7 أرواح أشر منه، ورقم 7 هنا يشير إلي كمال العدد).
5- وبنفس المعني يقول القديس كيرلس الكبير { إذ خلص اليهود - بواسطة موسي - خلال رحمة الله وتقبلوا الشريعة.. ودعوا إلي نور معرفة الله الحقيقية، طرد منهم الروح النجس الفاسد. ولكنهم، إذ لم يؤمنوا بالمسيح بل جحدوا المخلص، هاجمهم الروح النجس من جديد، فوجد قلبهم فارغاً - خالياً من مخافة الله - كما لو كان مكنوساً، فسكن فيهم. وكما أن الروح القدس، إذ يجد القلب متحرراً من كل دنس - طاهراً -



 يأتي ويسكن فيه ويستريح هناك، هكذا الروح الشرير إعتاد علي السكني في قلوب الأشرار، لأنهم خالون من كل فضيلة، وليس فيهم خوف الله. بهذا صارت أواخر الإسرائيليين أشر من أوائلهم ) !!
6- وهكذا أقبل علي اليهود ملكوت الله، لكنهم إنصرفوا عنه، فإبتدأ السيد المسيح يعلن ( عمومية ملكوته ) وأن ملكوته ودعوته للجميع وليس لشعب اليهود فقط :
أ- ( لأن من صنع مشيئة أبي الذي في السموات، هو أخي وأختي وأمي - مت 12 : 50 ) أنظر أيضاً ( مر 3 : 35 )
ب- { طوبي للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه - لو 11 : 28 ).
جـ ـ أمثال الملكوت ( مت 13 )، وخاصة مثل ( الشبكة المطروحة في البحر، والجامعة من كل نوع ـ مت 13 : 47 ).
+ الخاتمة : يقول الكتاب أنه ( لما جاء إلي وطنه.. كانوا يعثرون به.. ولم يصنع هناك قوات كثيرة لعدم إيمانهم.. مت 13 : 54 - 58 ) !!







شفاء المرأة المنحنية.
3د- شفاء المرأة المنحنية. ( لو 13 : 10 - 17 ).
+ لقد إنفرد معلمنا لوقا البشير بذكر هذه المعجزة، التي حدثت مباشرة بعد ذكره مثل ( شجرة التين غير المثمرة - لو 13 : 6 - 9 )، التي ظل الكرام ثلاث سنين يأتي ويطلب ثمراً في هذه التينة، ولم يجد ( لو 13 : 7 ) !!
+ {  وكان يعلم في أحد المجامع في السبت - لو 13 : 10 ). يقول القديس يوحنا ذهبي الفم ( كان يعلم في المجامع بهدوء ليعلن أنه لم يأت ليقاوم الناموس، وإنما ليكمله. أما تعليمه في السبت، فلأن اليهود كاوا ينشغلون فيه بسماع لناموس ).
+ {  وإذا إمرأة كان بها روح ضعف ثماني عشرة سنة، وكانت منحنية، ولم تقدر أن تنصب البتة - لو 13 : 11 ).



+ إمرأة كان بها روح ضعف : إن كانت المرأة - بحسب الطبيعة - هي الإناء الأضعف ( 1 بط 3 : 7 )، فكم وكم يكون حالها وبها ( روح ضعف ) ؟!
+ ثماني عشرة سنة :
1- لقد تكرر ذكر هذا الرقم 3 مرات في هذا الإصحاح ( في الأعداد 4، 11، 16 ). ففي عدد 4، ذكر الثمانية عشر الذين سقط عليهم البرج في سلوام وقتلهم، وفي عدد 11 و 16 أوضح أن الشيطان ربط المرأة بروح الضعف لمدة 18 سنة حتي جعلها منحنية لم تقدر أن تنتصب البتة !!
2-تري إلي أي شئ تشير هذه الثماني عشرة سنة ؟
أ- إن رقم ( 18 ) هو حاصل ضرب ( 6 × 3 ).. فكما أن رقم ( 6 ) يشير إلي ( كمال العمل ) بالنسبة إلي الله أو البشر أو حتي الحيوان والزمن والأرض ( علي أننا نكتفي هنا بالمعني العام بدون ذكر التفاصيل لضيق المجال )، هكذا فإن رقم ( 3 ) -



 هنا - يشير إلي الثلاث سنين التي ظلت فيها شجرة التين غير مثمرة، والتي ترمز لثلاثة مراحل - مرت بها البشرية ككل - قبل مجئ السيد المسيح بالجسد، وهي :
- مرحلة الإنسان في الفردوس : وقد خرج منه حاملاً ثقل الخطية وبذار الموت والفساد.
- مرحلة الإنسان قبل الناموس : وقد بقيت معظم البشرية في فسادها تعبد الأصنام.
- مرحلة الناموس إلي ما قبل مجئ السيد المسيح : وقد أساء الإنسان فهمه للناموس روحياً، ولم يستطع أن يكمله، بل سقط تحت اللعنة بكسره لوصايا الناموس !! وهكذا، تكون الـ ( 18 سنة ) إشارة إلي ( كمال تعب المرأة ) التي جعلها الشيطان ( منحنية ) وبلا ثمر أو عطاء في الحياة، مثل ( شجرة التين غير المثمرة - لو 13 : 7 ). ويقول القديس أغسطينوس ( إن هذه المرأة التي كان بها روح ضعف، هي بعينها شجرة التين العقيمة التي بقيت ثلاث سنين لا تثمر، إشارة إلي الأمة اليهودية التي لم تثمر خلال المراحل الثلاث. فإن الثماني عشرة سنة تشير إلي الثلاث مراحل أيضاً، كل مرحلة تضم ست سنوات، إشارة إلي عمل الله في الخلقة حتي اليوم السادس...


 وكأن هذه الأمة قد رفضت - في كل مرحلة - أعمال الله معها. الله يريد أن يجدد خليقته، لكن الإنسان هو الرافض للعمل الإلهي ! هكذا إنقضت المراحل الثلاث، ليأتي رب المجد نفسه - كما في اليوم السابع - " يوم راحته " - ليعلن تمام راحته بتجديد خلقتنا وإستقامة ظهرنا، الذي أحنته الخطية عبر التاريخ كله !! ). كما أن رقم ( 3 ) يشير إلي ما فعله الشيطان بكل كيان المرأة : ( روحها ) التي قيدها ( 18 ) سنة، ( نفسها ) المتعبة : إذ كيف تكون نفسها ونفسيتها سليمة وهي منحنية - تنظر إلي أسفل - طوال هذه السنين ؟!، ( جسدها ) الذي أخذ وضعاً ثابتاً، إذ ( لم تقدر أن تنتصب البتة ) طيلة ( 18 ) سنة !! وأيضاً، يمكن أن يفهم رقم ( 3 ) علي أنه إشارة إلي ما يمكن أن يعمله الشيطان في مختلف مراحل العمر الثلاث : الطفولة والنضوج والشيخوخة.




ب- أيضاً رقم ( 18 ) هو حاصل جمع ( 10 ، 8 ).. يقول القديس أمبروسيوس ( إن كان رقم 10 يشير إلي الناموس الموسوي، رقم 8 يشير إلي القيامة حيث قام السيد المسيح في اليوم الأول من الأسبوع الجديد أو اليوم الثامن بالنسبة للأسبوع السابق، فإن هذه المرأة تشير إلي الكنيسة التي إتحدت بالسيد المسيح متمم الناموس وواهب القيامة، لتعيش الكنيسة بعريسها غير كاسرة للناموس بل مكملة إياه بقوة القيامة التي لعريسها ).
جـ- كما أن رقم ( 18 ) يكتب - في اللغة اليونانية والقبطية - بالحرفين الأولين لإسم ( إيسوس = يسوع ) وهما (IH) : فحرف اليوتا  I )) هو رقم ( 10 )، وحرف الإيتا ( H ) هو رقم ( 8 ).. وكأن إسم ( إيسوس ) أي ( يسوع ) هو سر شفاء كل نفس منحنية بالخطية، إن قبلته بالإيمان ودفنت معه في مياه المعمودية، لتقوم أيضاً معه وتمارس كل يوم قوة قيامته العاملة فيها.



+ { وكانت منحنية ولم تقدر أن تنتصب البتة ) : يقول القديس باسيليوس الكبير ( إن عمل الحية - أي الشيطان - هو إفساد طبيعتنا، فلا ننظر إلي فوق بل ننحني - كالحيوانات - نحو التراب نطلب الأرضيات. لأن رأس البهائم تتطلع نحو الأرض، أما رأس الإنسان فقد خلقت لتنظر نحو السماء، وعيناه تتجهان إلي فوق. لهذا يليق بنا أن نطلب ما هو فوق، وببصيرتنا نخترق الأرضيات ).
+ ويقول القديس جيروم ( إذ كان بها روح ضعف، كانت عاجزة عن رفع رأسها.. هكذا تحني الخطايا رقابنا، وفي نفس الوقت تقيد أقدامنا.. وتجعل الإنسان متطلعاً إلي الأرض، لا يقدر أن يتطلع إلي السماء ). ما أكثر أسباب إنحناء البشر : قد يكون المرض، أو الشيطان ( كما في هذه الحالة )، وقد يكون الغم في القلب ( الغم في قلب الرجل يحنيه، والكلمة الطيبة تفرحه - أم 12 : 25 )، أو بعض ضيقات وتجارب ومضايقات العدو ( يا إلهي، نفسي منحنية في.. أقول لله صخرتي :.


. لماذا أذهب حزيناً من مضايقة العدو ؟.. عيرني مضايقي.. لماذا أنت منحنية يا نفسي، ولماذا تئنين في ؟.. - مز 42 : 6 - 11 ). غير ان أعظم مسبب لإنحناء النفس هو ( الخطية )، فهي العار الذي يلحق بالأفراد أو الشعوب ( البر يرفع شأن الأمة، وعار الشعوب الخطية - أم 14 : 34 ).
+ {  فلما رآها يسوع دعاها وقال لها : يا إمرأة، إنك محلولة من ضعفك ووضع عليها يديه، ففي الحال إستقامت ومجدت الله - لو 13 : 12، 13 ).
+ لاحظ هنا أن السيد المسيح لم يسأله أحد من أجل المرأة، ولا هي طلبت لأجل نفسها، لكنه هو االذي رآها ودعاها وتكلم معها، فشفاها واضعاً يديه عليها.
+ إن دعوته لها تذكرنا بقوله ( تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم - مت 11 : 28 ). لاحظ أيضاً أنه شفاها بكلمة منه، وبوضع يديه عليها -
 بدون صلاة - مظهراً عطفه عليها، وأيضاً مظهراً السلطان الإلهي الذي تحمله هاتان اليدان.


+ يقول القديس كيرلس الكبير ( إن هذ المنحنية كانت تعاني من هذا الإنحناء بسبب قسوة الشيطان.. الآن تجسد الكلمة لينزع الحسد الذي بثته الحية القديمة ضدنا، هذه التي كانت العلة الأولي للشر.. وبإرادته الملوكية نزع المرض، ووضع يديه عليها، وفي الحال قيل إنها إستقامت.. أسألك أن تلاحظ هنا أن المسيح مخلص الكل لم يقدم صلاة - عند إبراء المرأة - وإنما تمم الشفاء بسلطانه، شافياً إياها بكلمته وبلمسة يده. بكونه الرب الإله، أعلن عن جسده أنه يحمل ذات قوته لخلاص البشر من أمراضهم.. فجسده المقدس يحمل السلطان الإلهي والقوة الإلهية ).
+ ويقول القديس جيروم ( الله نفسه - بسلطان - يهب راحة للمربوطين بالخطية بواسطة الشيطان، كما حل المرأة التي في الإنجيل، هذه التي ربطها الشيطان ثماني عشرة سنة.. ).



+ {  فأجاب رئيس المجمع وهو مغتاظ، لأن يسوع أبرأ في السبت، وقال للجمع : هي ستة أيام ينبغي فيها العمل، ففي هذه إئتوا وإستشفوا، وليس في يوم السبت - لو 13 : 14 ) !!
+ واضح أن سبب إعتراض رئيس المجمع هو أن الشفاء تم يوم السبت. لكنه لم يجسر أن يواجه السيد المسيح بهذا الإعتراض مباشرة - وجهاً لوجه - لذلك وجه كلامه للجمع وهو مغتاظ !! كان المفروض أن يفرح ( رئيس المجمع ) ويسبح الله بسبب هذه المعجزة، لكنه - بكل أسف - صب غيظه علي الجموع التي ليس لها يد في الأمر، فكان بمثابة أداة في يد الشيطان ( المغتاظ ) لأن واحدة من فرائسه إنحلت ربطها وتحررت منه !!
+ ويقول القديس جيروم ( الله حلو بطبيعته... وهو لايغير طبيعته، لكن الخطاة هم الذين يجدون فيه مرارتهم ) !!



+ لقد إستراح الله - في اليوم السابع - من ( عمل الخلق )، ليبدأ ( عمل الرعاية )، وليس ليكف عن العمل مطلقاً !! يقول القديس أمبروسيوس ( أجري الرب هذا العمل في السبت ليشير إلي ما سيتم، وهو أن الإنسان يكمل الناموس متمتعاً بالنعمة " 10 ، 8 "، فيستطيع - برحمة المسيح - أن يدخل في السبت، أي في الراحة.. لذلك إستراح الرب في اليوم السابع من عمل الخلقة وليس من كل أعماله، لأن عمله مستمر بغير إنقطاع، كقول الإبن : ".. أبي يعمل حتي الآن، وأنا أعمل - يو 5 : 17 ".. لم يفهم رئيس المجمع هذه الحقيقة، لذلك لم يقبل إتمام الشفاء في السبت، مع أن السبت يشير إلي الراحة القادمة، فلا نبطل الأعمال الصالحة بل الشريرة. إنه يوصينا ألا نحمل نير الخطية، لكن لا نتوقف عن العمل الصالح، حتي نجظي بالسبت القادم بعد رقادنا ).



+ ويقول القديس كيرلس الكبير ( إذ كان رئيس المجمع شخصاً فهيماً، كان يليق به أن يدرك من هو المخلص، وما هو قدر عظمته خلال معجزة عجيبة كهذه، لا أن يتفوه بجهل كالعامة، ولا أن يتهم من نالوا الشفاء بكسر الناموس.. واضح أن الشفاء هو عمل، فهل عندما يظهر الله محبته في السبت، يكون بهذا كاسراً السبت ؟! ولمن صدر الأمر بالكف عن العمل ؟ هل لله نفسه أم لك أنت ؟! فلو كان الله يتوقف عن العمل، لتوقفت عنايته الإلهية بنا في السبت، وتوقفت الشمس عن عملها، وإمتنعت الأمطار عن السقوط، وجفت ينابيع المياة، وتوقفت مجاري الأنهار، وصمتت الرياح !! لكن إن كان قد أمرك بالراحة، فلم تلم الله إن أظهر سلطان رحمته في السبت ؟! ). ويقول أيضاً :



+ {  لماذا أمر الله الناس أن يكفوا عن العمل في السبت ؟ لكي يستريح عبدك وثورك وحصانك وكل قطيعك.. فإن أعطي هو راحة للبشر بتحررهم من أمراضهم وأنت تمنع ذلك، فأنت الذي تكسر شريعة السبت إذ لا تسمح بالراحة للمتألمين من الأمراض والأوجاع، هؤلاء الذين ربطهم الشيطان !! )
+ ويكمل القديس كيرلس الكبير فيقول ( إذ رأي رئيس المجمع الجاحد المرأة - وقد إنحني جسمها حتي الأرض - تتقبل رحمة من السيد المسيح، فصارت مستقيمة تماماً بمجرد لمسة يده، تسير بخطوات مستقيمة مع ذلك الذي صار إنساناً، وتمجد الله علي خلاصها، إغتاظ وإلتهب غضباً وإرتبك بالحسد مقاوماً عمل الرب !! ).



+ {  فأجابه الرب وقال : يا مرائي، ألا يحل كل واحد منكم - في السبت - ثوره أو حماره من المزود، ويمضي به ويسقيه ؟! - لو 13 : 15 ). فرغم أن رئيس المجمع وجه إعتراضه للجمع - الذي ليس له يد في الأمر - إلا أن السيد المسيح هو الذي أجاب عليه وليس الجمع !!
+ {  يا مرائي ) : لقد أوضح السيد المسيح خطية ( رئيس المجمع ) وهي الرياء : { لأنهم يقولون ولا يفعلون - مت 23 : 3 ) ! والرياء هو من الكبرياء ( وكل أعمالهم يعملونها لكي تنظرهم الناس.. - مت 23 : 5 )، ويؤدي في النهاية إلي عصيان أوامر الله { ربيت بنين ونشأتهم، أما هم فعصوا علي - إش 1 : 2 ).



+ ولعل ( الثور والحمار ) - اللذين ذكرهما السيد المسيح - يذكراننا بما ورد في إشعياء 1 ( الثور يعرف قانيه، والحمار معلف صاحبه. أما إسرائيل فلا يعرف، شعبي لا يفهم - إش 1 : 3 ) !! وهكذا لعل السيد المسيح - بإستخدامه ( الثور والحمار ) كمثال - أراد أن يذكر ( رئيس المجمع ) و ( الأمة اليهودية ) بما سبق وقاله عنهم في مقدمة سفر إشعياء ( إش 1 : 2، 3 ) عندما فضل الثور والحمار عليهم !!
+ أيضاً يذكرنا ( رياء ) رئيس المجمع بشجرة التين ( غير المثمرة ) التي وردت في نفس الإصحاح : لقد كان له المظهر الخارجي ( رئيساً للمجمع ) دون الثمر ( لم يشفق علي المرأة المنحنية، ولا فرح لشفائها )، وكما يقول الكتاب ( لهم صورة التقوي، ولكنهم منكرون قوتها.. - 2 تي 3 : 5 ).



+ وعن رياء رئيس المجمع، يقول القديس يوحنا ذهبي الفم ( حسناً دعي رئيس المجمع مرائياً، لأنه حمل مظهر حافظ الناموس، وأما قلبه فكان مخادعاً وحاسداً !! فما أربكه ليس كسر السبت بل مجد المسيح !! ).
+ وفي توبيخ السيد المسيح لرئيس المجمع، يقول القديس كيرلس الكبير ( أخبرني يا من أنت هو عبد للحسد : أي نوع من العمل تمنعه الشريعة عندما تحرم كل عمل يدوي في السبت ؟ هل تمنع عمل الفم والكلام ؟! إذاً، فلتمتنع أنت عن الأكل والشرب وعن الحوار والترنم بالمزامير في السبت !! فإن كنت تمتنع عن هذه الأمور ولا تقرأ حتي الشريعة، فأي نفع للسبت ؟! لكن حددت الإمتناع بالعمل اليدوي، فهل تحسب شفاء المرأة بكلمة عملاً يدوياً ؟! فإن حسبته عملاً، لأن المرأة بالفعل قد شفيت، فإنك أنت أيضاً تمارس عملاً - بتوبيخك علي الشفاء - لأنك تكلمت كما تكلم السيد المسيح !! ).


 ويقول أيضاً :
+ {  لقد قال لها : " إنك محلولة من ضعفك - لو 13 : 12 "، وقد صارت محلولة. حسناً ! أما تحل أنت أيضاً منطقتك في السبت ؟! أما تحل حذاءك، وتهئ سريرك، وتغسل يديك عندما تتسخان قبلما تأكل ؟! فلماذا إذاً أنت غاضب علي كلمة واحدة نطق بها الرب " محلولة " ؟! أي عمل مارسته المرأة بعد نطق هذه الكلمة ؟! هل بدأت - في نفس اليوم - تنسج أو تعمل بنول ؟! هل مجرد الشفاء يحسب عملاً ؟!!... إنك لست غاضباً بسبب السبت، وإنما لأنك رأيت المسيح مكرماً.. فإغتظت وضربت بالحسد. لقد خبأت في قلبك شيئاً، وأظهرت أمراً آخر !! ).
+ {  وهذه - وهي إبنة إبراهيم - قد ربطها الشيطان ثماني عشرة سنة !! أما كان ينبغي أن تحل من هذا الرباط في يوم السبت ؟! - لو 13 : 16 ).
+ {  إبنة إبراهيم ) : لعل السيد المسيح أراد - بهذه العبارة - أن يوبخ اليهود الذين يفتخرون بأنهم ( أولاد إبراهيم ) بكلامهم، ولكنهم ينكرونه بأفعالهم !! فقد قالوا للسيد المسيح ذات مرة { أبونا هو إبراهيم. فقال لهم يسوع " لو كنتم أولاد إبراهيم، لكنتم تعملون أعمال إبراهيم.. أنتم من أب هو إبليس، وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا... - يو 8 : 39، 44 ) !!



 لقد أراد السيد أن يظهر - أمام الجمع - ( إيمان المرأة )، وليس فقط المعني الظاهري ( أنها يهودية من سلالة أبينا إبراهيم وذريته ). فيقول الكتاب { الذين هم من الإيمان، أولئك هم بنو إبراهيم.. يتباركون مع إبراهيم المؤمن - غل 3 : 7، 9 ). وفي مرة أخري، ذكر السيد المسيح عن بيت زكا أنه ( إبن إبراهيم ) بقوله { اليوم حصل خلاص لهذا البيت، إذ هو أيضاً إبن إبراهيم - لو 19 : 9 ). وهكذا سيظل ( الإيمان ) هو باب الرحمة المفتوح أمام الإنسان، ليؤمن فيعتمد ويصير عضواً في جسد المسيح أي الكنيسة، كما سيظل ( الرياء ) هو أوسع طريق يؤدي إلي الهلاك، وقد سار فيه الملايين في كل العصور ولا يزالون...
+ يقول القديس كيرلس الكبير ( إنك تعجب لأني حللت إبنة إبراهيم، بينما أنت تعطي راحة لثورك أو حمارك، وتحلهما من أتعابهما وتقودهما ليشربا !! وعندما تعاني إنسانة من المرض وتشفي بطريقة معجزية، ويظهر الله رحمته عليها، تلومهما كعاصيين : الواحد لأنه شفي، والأخري لأنها خلصت من مرضها ؟! إنني أسأل رئيس المجمع :



 هل الإنسان أقل من الحيوان في عينيه ؟!.. لقد فضل رئيس المجمع للمرأة التي إستقامت لو أنها بقيت منحنية - علي مثال الحيوان ذي الأربعة أرجل - عن أن تشفي وتعود إلي ما يليق بها كإنسانة !! ).
+ {  وإذ قال هذا، أخجل جميع الذين كانوا يعاندونه، وفرح كل الجمع بجميع الأعمال المجيدة الكائنة منه - لو 13 : 17 ). وفي ذلك يقول القديس كيرلس الكبير ( حل الخجل بالذين نطقوا بهذه الآراء الفاسدة، الذين تعثروا في حجر الزاوية الرئيسي فتحطموا، هؤلاء الذين قاوموا الطبيب، وإصطدموا مع الخزاف الحكيم الذي كان منهمكاً في إصلاح الأواني المهشمة، فلم يجدوا ما يجيبون به وما ينطقون به... أما الجموع التي تمتعت بمنافع المعجزات، فقد إبتهجت ) !!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابن الرجاء
مشرف
مشرف
ابن الرجاء


عدد المساهمات : 2330
نقاط : 8667
السٌّمعَة : 61
تاريخ التسجيل : 06/02/2013
العمر : 34
الدولة : مصر

معجزات ربنا يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: معجزات ربنا يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة    معجزات ربنا يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة  I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 15, 2015 3:28 pm

شكرا اختنا الغالية ربنا يبارك حياتك


فعلا معلومات قيمة للجميع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
معجزات ربنا يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» عيد صعود ربنا يسوع المسيح
» لمسة يسوع المسيح
»  تسبحة يا ربنا يسوع المسيح بالصور
» ماذا تظن في يسوع المسيح ؟
» عيد صعود ربنا يسوع المسيح كل عام و إنتم طيبين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى نور الحياة  :: المنتديات المسيحية العامة - Christian public forums :: معلومات دينية-
انتقل الى: