لوقا
الباب الثالث : الإنجيل لمعلمنا القديس لوقا البشير
كاتب الإنجيل
+ هو القديس لوقا الطبيب ، وهو نفسه كاتب سفر أعمال الرسل . ورد إسم لوقا في رسائل بولس الرسول . فهو في رسالته إلي فليمون يذكر إسم ( لوقا ) ضمن ( العاملين معه ) فيقول " يسلم عليك أبفراس المأسور معي في المسيح يسوع ، ومرقس وارسترخس وديماس ولوقا ، العاملون معي ( فل 23 ، 24 ) . ويذكره أيضاً في رسالته إلي كولوسي فيقول " يسلم عليكم لوقا الطبيب الحبيب وديماس " ( كو 4 : 14 ) . وهذا يعني أنه كان مع بولس الرسول في رومية . لأن هاتين الرسالتين : إلي فليمون وإلي كولوسي ، كتبهما الرسول من رومية حين كان في أسره . وكان مع القديس بولس في رحلاته . بل وصف هذه الرحلات في سفر أعمال الرسل كشاهد عيان فيقول مثلاً بعد الرؤيا التي دعي فيها بولس الرسول لتبشير مقدونية " طلبنا أن نخرج إلي مقدونية ، متحققين أن الرب دعانا لنبشرهم ... فأقلعنا من ترواس و... ومن هناك إلي فيلبي ... " ( أع 16 : 10 - 12 ) .. لاحظ أسلوب المتكلم الجمع ... وفي الذهاب إلي ترواس يقول " .. هؤلاء سبقوا وإنتظرونا في ترواس . وأما نحن فسافرنا في البحر بعد أيام الفطير من فيلبي ، ووافيناهم في خمسة أيام إلي ترواس ... وأقلعنا إلي أسوس ... ثم سافرنا من هناك في البحر ... وصلنا إلي ساموس . وأقمنا في ترجيليون . ثم في اليوم التالي جئنا إلي ميليتس " ( أع 20 : 5 ، 6 ، 13 - 15 ) . ويشرح ذهابه مع بولس الرسول إلي رومية في ( أع 28 - 16 ) . وبقي مع بولس الرسول إلي وقت إستشهاده . ففي رسالة بولس الرسول الثانية إلي تلميذه تيموثاوس ، التي يقول فيها " إني الآن أسكب سكيباً ، ووقت إنحلالي قد حضر " ( 2 تي 4 : 6 ) يقول أيضاً " بادر أن تجئ إلي سريعاً ... لوقا وحده معي . خذ مرقس وأحضره معك ، لأنه نافع لي للخدمة " ( 2 تي 4 : 9 ، 11 ) . أما زملاء لوقا في العمل مع القديس بولس : فواضح أنهم مرقس الرسول ، وارسترخس ، وتيموثاوس ، وتيطس ، وأبفراس ، وتيخيكس ، وآخرون ، وديماس قبل أن يحب العالم الحاضر . هذه هي مدرسة الخدمة التي تربي فيها لوقا الطبيب . والمعروف أن لوقا كان أممياً ، ليس من أهل الختان . ففي رسالة بولس الرسول ، ذكر العاملين معه " الذين من الختان " ( كو 4 : 11) وهم تيخيكس ، وأنسيموس ، وارسترخس ، ومرقس ، ويسطس . ثم بعد ذلك تكلم عن الذين ليسوا من الختان ومنهم " لوقا الطبيب الحبيب وديماس " ...( كو 4 : 14 ) . المعروف إنه يوناني درس في جامعة طرسوس . حيث درس أيضاً أبولس وشاول ( بولس ) . ثم إنضم إلي بولس في الخدمة . وغالباً نال الإيمان علي يد بولس الرسول ، ولو أن البعض يظن أنه أحد تلميذي عمواس ( لو 14 : 13 - 35 ) وأنه كان من السبعين رسولاً . ولوقا كتب إنجيله إلي اليونان . ويقال إنه كتبه ما بين 63 - 67م ، وأرسله إلي صديق له من النبلاء ، إسمه ثاوفيلس وكلمة ( العزيز ) لقب يدل علي الفخامة ، مثل لقب صاحب العزة ، أو ( عزتلو ) . ويقال إن القديس لوقا إستشهد ، وكان عمره 84 سنة . ويوجد تشابه بين مقدمة إنجيله ، ومقدمة سفر أعمال الرسل ، الذي كتب لنفس الشخص ويعتبر تكملة للإنجيل وواضح من أسلوبه ، إنه
كتب للأمم
كتب للأمم ويبدو إهتمامة بهم من خلال :
+ من أول الإنجيل يذكر في تسبحة سمعان الشيخ
+ سلسلة الأنساب أوصلها إلي آدم
+ ذكر تفضيل الأمم في العهد القديم
فهو يهتم في إنجيله بالأمم
+ من أول الإنجيل يذكر في تسبحة سمعان الشيخ " لأن عيني قد أبصرتا خلاصك ، الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب . نور إعلان للأمم ، ومجداً لشعبك إسرائيل " ( لو 2 : 30 - 32 ) . ونلاحظ هنا أنه ذكر الأمم أولاً ، والخلاص لجميع الشعوب . وفي تسبحة الملائكة ، قالوا بصفة عامة " وبالناس المسرة ، وعلي الأرض السلام " ( لو 2 : 14 ) بدون تخصيص لليهود . وفي كرازة المعمدان ، ذكر أنه ورد في نبوءة إشعياء " ويبصر كل بشر خلاص الله " ( لو 3 : 6 ) . وفي وصية السيد المسيح لتلاميذه قبل صعوده ، ذكر أنه " يُكرز بإسمه للتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدأ من أورشليم " ( لو 24 : 47 ) .
سلسلة الأنساب أوصلها إلي آدم
+ فقال في نسب السيد المسيح " إبن أنوش بن شيث بن آدم إبن الله " ( لو 3 : 38 ) ، بينما القديس متي الذي كتب إنجيله لليهود قال في بدء إنجيله " كتاب ميلاد يسوع المسيح إبن داود إبن إبراهيم " ( مت 1 : 1 ) وبدأ في تسلسل الأنساب من إبراهيم . وطبعاً هذا لا يناسب الأمم …
ذكر تفضيل الأمم في العهد القديم
+ فأورد قول السيد المسيح " إن أرامل كثيرات كن في إسرائيل في أيام إيليا حين أغلقت السماء مدة ثلاث سنين وستة أشهر ، لما كان جوع عظيم في الأرض كلها . ولم يرسل إيليا إلي واحدة منهن ، إلا إلي إمرأة أرملة إلي صرفة صيدا . وبرص كثيرون كانوا في زمن أليشع النبي . ولم يطهر واحد منهم إلا نعمان السرياني " ( لو 4 : 25 - 27 ) . وطبعاً نعمان السرياني كان أممياً ، كما أن أرملة صرفة صيدا كانت أممية . لذلك نجد أن هذا الكلام لم يعجب اليهود . فورد بعده " إنه إمتلأ غضباً جميع الذين في المجمع حين سمعوا هذا .. " وأرادوا طرحه من علي الجبل ( لو 4 : 28 ) .
4- واضح إهتمامه بالسامريين الذين يكرههم اليهود .
إهتمام لوقا بالأمم
فهو الوحيد الذي إنفرد بمثل السامري الصالح . وشرح كيف أنه كان أفضل من الكاهن ومن اللاوي ( لو 10 : 30 - 37 ) . وأيضاً إنتهر التلميذين اللذين طلبا أن تنزل نار من السماء وتحرق القرية السامرية التي رفضته ( لو 9 : 51 - 56 ) . كذلك إنفرد إنجيل لوقا بذكر شفاء العشرة البرص ، الذين لم يرجع منهم للشكر سوي واحد وكان سامرياً ... وقال السيد " ألم يوجد من يرجع ليعطي مجداً لله غير هذا الغريب الجنس ؟! " ( لو 17 : 11 - 18 ) .
5- وهذا الإهتمام يظهر في ذكر إرسالية التلاميذ .
وفي إرسالية السبعين التي وردت في ( لو 10 ) لم ترد العبارات الخاصة باليهود والأمم والسامريين التي وردت في ( متي 10 ) مثل " إلي طريق أمم لا تمضوا ، وإلي مدينة للسامريين لا تدخلوا . بل إذهبوا بالحري إلي خراف بيت إسرائيل الضالة " ( مت 10 : 5 ، 6 ) .
كتب لليونان
وهناك أمور عديدة تدل علي هذا منها :
+ شرحه لبعض البلاد والجهات اليهودية
+ شرحه لعيد الفطير والفصح
+ قليلة هي إشاراته إلي الناموس والأنبياء
+ لا يستخدم العبارات الأرامية والعبرانية
شرحه لبعض البلاد والجهات اليهودية
+ هذا لا يمكن أن يحدث إن كان يكتب لليهود الذين يعرفون هذه البلاد جيداً ، ولا يحتاجون إلي تحديد مكانها . مثال ذلك شرحه لكفرناحوم إنها " مدينة من الجليل " ( 4: 31 ) وشرحه لكورة الجدريين إنها " في مقابل الجليل " ( 8 : 26 ) وقوله عن يوسف الرامي " وهو من الرامة ، مدينة لليهود " ( 23 : 51 ) . كذلك شرح مدينة عمواس أنها " قرية بعيدة عن أورشليم ستين غلوة " ( 24 : 13 ) .
شرحه لعيد الفطير والفصح
+ قوله " وقرب عيد الفطير الذي يقال له الفصح " ( 22 : 1 ) . وكل اليهود يعرفون أن الفصح هو بدء أيام عيد الفطير ( خر 12 : 15 ) .
قليلة هي إشاراته إلي الناموس والأنبياء
+ ذلك إذا قورنت طبعاً بما ورد منها في إنجيل متي . لأن اليونانيين طبعاً لا تهمهم في شئ تلك النبوات .
لا يستخدم العبارات الأرامية والعبرانية
+ مثل قربان ، والمسيا ، وهوشعنا ، وعمانوئيل ، وإفثا ، وبوانرجس وأمثالها مما وردت في الأناجيل الأخري . حتي في الأسماء والتعبيرات يستخدم الأسلوب اليوناني بالأكثر .